الاخبار و الاحداث > الاخبار العالمية

الرصيف الأميركي يفقد مصر ورقة معبر رفح

(1/1)

Janan Kawaja:
الرصيف الأميركي يفقد مصر ورقة معبر رفح
مصر تشجّع وجود الرصيف الذي يزيد تدفق المساعدات إلى غزة، لكنها لن تسمح بأن يكون ملجأ أو منفذا لطرد سكان القطاع أو تهجيرهم إلى قبرص.
العرب

مصدر قلق مصري
القاهرة – ثبتت الولايات المتحدة الخميس مراسي لربط رصيف عائم مؤقت بشاطئ قطاع غزة في إطار مهمة لتوصيل المساعدات الإنسانية، في خطوة تهدد الدور المحوري لمعبر رفح وتفقد مصر ورقة مهمة للعب دور في مرحلة ما بعد الحرب.

ورغم أن المصريين يقولون إن رصيفا مؤقتا لا يمكن أن يحد من دور معبر دائم ونافذة تفرضها الجغرافيا بين مصر والقطاع، إلا أن ذلك لا يمكن أن يغطّي على وجود قلق مصري من تهميش المعبر، وما يوحي به من رغبة في تهميش دور القاهرة في ملف تعتبره ملعبها الخاص، وأن وساطتها فيه لا تقبل أيّ شكوك من أيّ جهة.

ومردّ القلق المصري هو تعمد إسرائيل، بين الفينة والأخرى، اتهام القاهرة بأنها تغلق معبر رفح أمام المساعدات الإنسانية، وآخر الاتهامات كان على لسان وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس.

سمير غطاس: الرصيف يخدم مخططا إسرائيليا لتقليص إشراف مصر على معبر رفح
ويريد الإسرائيليون إحراج الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وإرباك علاقته بالفلسطينيين وحركة حماس بإظهاره كما لو أنه طرف في الحصار على غزة، في حين تتعامل القاهرة بحذر شديد مع معادلة حساسة تريد أن تبدو فيها في موقف الحياد التام فلا تغضب إسرائيل ولا الفلسطينيين وتكون وسيطا مقبولا من الجميع. لكن هذا الحياد أثّر على دور معبر رفح وقدرته على تسهيل عبور منتظم ومكثف للمساعدات، وهو ما قد يكون السبب المباشر لتشييد الرصيف الأميركي.

وساهم الهجوم الإسرائيلي على رفح والسيطرة على المعبر واضطرار مصر إلى مجاراة الوضع في تعطيل المعبر وجعل الرصيف الأميركي حاجة عاجلة لتسهيل عبور المساعدات.

وقال رئيس منتدى الشرق الأوسط بالقاهرة سمير غطاس إنه بقطع النظر عن الوضعية الأخيرة لمعبر رفح بعد سيطرة إسرائيل عليه من الجانب الفلسطيني ورفض مصر التنسيق معها لإدخال المساعدات فإن الرصيف البحري في غزة “سوف يهمش دور المعبر كموقع أو ممر وحيد لربط قطاع غزة بالعالم الخارجي، وإن إسرائيل والولايات المتحدة لديهما بعض الأهداف الخفية تقف وراء عملية الإسراع في تشغيله حاليا”.

وذكر في تصريح لـ”العرب” أن المعبر البحري يؤسس لوجود أميركي كطرف رئيسي في الصراع الدائر في قطاع غزة، ويلبّي مطالب إسرائيلية سابقة بأن تشرف على حركة الدخول والخروج من غزة وتحكم السيطرة عليها عبر جهات ومنظمات دولية مختلفة.

وأشار غطاس إلى أن رصيف غزة يخدم مخططا إسرائيليا لتقليص دور مصر في الإشراف على معبر رفح، إلى جانب أن السفن الأميركية التي ستأتي محملة بالغذاء إلى سكان قطاع غزة لن تعود فارغة وسوف تفتح المجال لمغادرة مئات الآلاف من الفلسطينيين ممن لا يتمكنون من مغادرة غزة عبر معبر رفح من جهة مصر، بما يفتح المجال واسعا أمام التهجير طوعيا بعد أن تحوّل القطاع إلى مكان لا يصلح للحياة.

ولفت إلى وجود بعد اقتصادي خفي يكمن في تدشين الممر البحري يتعلق بالخطط الإسرائيلية للتنقيب عن الغاز الطبيعي والنفط في هذه المنطقة الغنية بهذين الموردين، ومن المتوقع أن تكون هناك اكتشافات جديدة تعود بالنفع على إسرائيل وتحرم الفلسطينيين منها في المستقبل.

وأخرجت السيطرة الإسرائيلية على المعبر المصريين من حيادهم البارد، وبدأوا بتوجيه اتهامات لإسرائيل بأنها تسببت في تعطيله وحصار الفلسطينيين.
وقال الرئيس المصري أمام القمة العربية بالعاصمة البحرينية المنامة إن إسرائيل تستخدم الجانب الفلسطيني من معبر رفح الحدودي “لإحكام الحصار على القطاع”.

وأضاف السيسي “وجدنا إسرائيل مستمرة في التهرب من مسؤولياتها والمراوغة حول الجهود المبذولة لوقف إطلاق النار”. وتابع “أؤكد أنه واهم من يتصور أن الحلول الأمنية والعسكرية قادرة على تأمين المصالح أو تحقيق الأمن”.

ويقلّل محللون عسكريون وسياسيون مصريون من تأثيرات الرصيف الأميركي على بلادهم، ويعتبرون أن هناك مبالغات في الحديث عن تراجع دور بلادهم كبوابة على غزة.

وأكد الخبير العسكري اللواء سمير فرج صعوبة تهميش دور مصر لمجرد وجود رصيف عائم في غزة يهدف إلى تقديم مساعدات إنسانية، لأن القاهرة كانت وستظل لها كلمة قوية في الملف الفلسطيني لأنه جزء من أمنها القومي، والحديث عن عزلها إنسانيا أو سياسيا عن القطاع ينطوي على مبالغة، لأن قوّتها ليست نابعة من معبر رفح فقط ومرور المساعدات، فلديها من الأدوات ما يجعلها عنصرا مركزيا في التفاعلات الإقليمية وفي القلب منها غزة والقضية الفلسطينية برمّتها.

اللواء سمير فرج: لا يمكن الحديث عن تهميش مصر لمجرد وجود رصيف عائم
وأضاف لـ “العرب” أن مصر تشجّع وجود رصيف عائم يزيد تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة، لكنها “لن تسمح تحت أيّ ظرف بأن يكون هذا الرصيف ملجأ أو منفذا لطرد سكان القطاع أو تهجيرهم إلى قبرص، ومنها إلى دول أخرى في أوروبا أو غيرها، وتملك القاهرة الكثير من الخيارات التي تمكّنها من غلق تلك الثغرة مستقبلا”.

وعندما سألته “العرب” عن طبيعة الخيارات المطروحة أمام مصر قال “لا حديث عن طبيعة الخيارات التي تمتلكها مصر لوقف استغلال الرصيف الأميركي بشكل غير مشروع، لكنها بالفعل قادرة على إجهاض أيّ مخطط يستهدف التهجير القسري من معبر رفح أو غيره”.

وأعلنت القيادة المركزية الأميركية في بيان الخميس تثبيت مراسٍ تربط الرصيف العائم المؤقت بشاطئ قطاع غزة وتتوقع أن تبدأ الشاحنات التي تحمل المساعدات الإنسانية في التحرك من الشاطئ في الأيام المقبلة. لكن وكالات الإغاثة تقول إنه لا تزال هناك تحديات يتعيّن حلها.

وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن عن إنشاء الرصيف في مارس في الوقت الذي ناشد فيه مسؤولون في مجال الإغاثة إسرائيل تحسين عملية توصيل إمدادات المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة عبر الطرق البرية.

وتأمل الولايات المتحدة بذلك في مكافحة الأزمة الإنسانية التي تُعرض مئات الآلاف لخطر المجاعة من خلال فتح طريق لتوصيل المساعدات بحرا. لكن المشروع مكلف ويمضي بوتيرة بطيئة.

وأدى سوء الأحوال الجوية إلى تأخير بناء الرصيف الذي تقدر كلفته بنحو 320 مليون دولار ويشارك فيه ألف جندي أميركي. وتصر الأمم المتحدة على أن التوصيل البحري ليس بديلا عن إيصال المساعدات برا وهو السبيل الذي يجب أن يظل تركيز عمليات الإغاثة في قطاع غزة منصبا عليه.

تصفح

[0] فهرس الرسائل

الذهاب الى النسخة الكاملة