الــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوداع

[الطائر الحر]

الوداع

درر تساقطت
من عيون حبيبتي
اللوزية البنية الجميلة
عندما قررتُ السفر
صامتة
خائفة
من المجهول
وفي داخلها تقول
تريث يا حبيبي
لا تتعجل
بالسفر
دعنا نقاوم
نصمد
إلى أن تُحل

تتحرك الشفاه
والفم يعجز عن الكلام
تحاول منعي بيديها الناعمات
وبحسراتها الدافئة
تحاول
وتحاول
منعي من الرحيل

لقد نويتَ على الرحيل إذاً
نويت من غير رجعة
نعم .. يا حبيبتي
ستتركنا ؟
وكم سنبقى هنا ؟
ومتى تلم شملنا ؟
سؤال أصعب من الأخر
وليس لي جواب

لملمت كل أوراقي
وجواز السفر
دفنتهم في حقيبة اليد الصغيرة
تظاهرت بالقوة
وأنا في داخلي ضعيف
قمة الضعف أنا

تعمدت ألاّ انظر إليها
خوفاً من أن ترى عيوني الدامعات
فتهبط ما تبقى لي من.. معنويات
وأخذت أفتش بين الحاجيات
وأعيد ترتيب حقيبة السفر
أفرغها تارة
وأعيدها تارة أخرى
وهكذا أفعل

حبيبتي
هل وضعت أدوات الحلاقة ؟
ومرآتي الصغيرة
قارورة عطري
ولم تنسي رداء النوم
وخفي الجديد
و .. و ..
كطفل فًرِحٌ بملابس العيد

آه يا حبيبتي
قدرٌ لابد منه
يا أم البنين
سأترك كل شيء ورائي
أهرب بعيداً
إلى المجهول
رغم حسرتي
ورغم الألم
سأترك
وجهك الصبوح
مع
فنجان القهوة
والسيكارة
هدوء حنانك
بسماتك البريئة
الدفء الوفير
خوفك وحرصك علينا
أطباقك اللذيذة
يا شمعة الدار
متألقة دائماً
أجمل وأرق حبيبة
وأوفى صديقة
يا روح الروح

عانقيني
أسندي ضعفي
لا تتركيني
عانقيني من جديد
قويّ إرادتي
إطبعي قبلة الحياة على شفاهي
وادفعيني
على الرحيل

نعم
سأرحل !
لكن
لا توقظي الأولاد
دعيهم نائمين
في أسرتهم الدافئة
يحلمون بسلام
مع صغار الملائكة
لا يعرفون إلاّ يومهم
وليس للغد حساب

لا أريد وداعهم
لا أريد قبلة الوداع
لأنها تقتلني
لا أريد أن أكون ضعيفا
أمامهم
أمامهم بالذات
فهم يعرفون قوتي
قسوتي
عطفي عليهم
حبي
حناني
صداقتي لهم
كل ما هو جميل
لا أريد لصورتي
أن تهز
بالله عليك
دعيهم نائمين
يأكلون العسل
مع الملائكة
لأني لم أجلبه يوماً
وعندما يفيقون

قولي لهم
ذهب أبانا
ليبحث لنا عن وطن
عن بيت جديد
عن تراب
لا نشم منه
رائحة الدم
عن مياه صافية
لم تخضب بالهموم
عن كنائس
لا تخاف.. عند قرع أجراسها
و مدارس
و لغة ليست أمكم
عن أهل وأقارب
بين أصقاع الأرض
منفيين
مهمشين
قد يجدهم هناك؟
أو لا يجد
يبحث عن الأفضل
يا رجال البيت
هذا هو عهده فيكم
أن تكونوا
الرجال

سننتظر
و ننتظر
الفرج
دون كلل أو ملل
سيأتي الفرج
في يوم قريب
ونودع
الألم
والقسوة
والمرارة
نتركها وراء ظهورنا
سنودعها


باهر شكوري[/b]