المحرر موضوع: رسام الكلب ونباح المتطرفين  (زيارة 1069 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل رزاق عبود

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 390
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رسام الكلب ونباح المتطرفين

منذ الصيف الماضي، وربما قبل ذلك انتشرت في السويد ظاهرة ما يسمى بكلاب الدوار (الفيلكة حسب اللهجة العراقية). حيث يوضع تشكيل ما لكلب في الدوار. قد يثير، او لايثير الاهتمام ذلك يتبع غرابة او طرافة الرسم، او التشكيل الخشبي في الغالب. وبعضها لا ينتبه لها الناس لصغر حجمها. وتفنن الكثيرون في كلابهم. كما اختلف الناس، والنقاد، والمعلقين على الظاهرة بين مؤيد ومعارض، وباحث يريد ان يعرف مصدرها، ومغزاها. ولكنها كاي "تقليعة" فرضت نفسها. والكلب في اوربا، وخاصة في السويد، جزء اساسي، وعضو عزيز في العائلة. قيمته، ومكانته اغلى بكثير من قيمة، ومكانة الانسان في نظر اجهزة الامن، والسلطات في الكثير من الدول العربية والاسلامية. وكثيرا ما تحمل الكلاب، او القطط البيتية اسماء لشخصيات ثقافية، او فنية، اورياضية، او سياسية اعتزازا بهم. و يفتخر، ويعتز الاحياء من تلك الشخصيات بذلك. فهناك كلاب تحمل اسماء نابليون، وبالمة، وصوفيا لورين، ونوبل، وانشتاين، وبيتهوفن، ومادونا، وجاكسون، وتايسون، والقائمة طويلة. ويعرف من تفضل عليه القدر، وتعسف سلطاته من ابناء الشرق انه يوجد في بلاد الكفر قوانين لحماية الحيوان تمنع ضربها، او تعذيبها، او نقلها بشكل مؤذي مثلا. اما الانسان في بلداننا فله الله. يحميه من ضرب، وتعذيب، وتهجير حكامنا المسلمين المؤمنين.
 
الفن، والادب، والصحافة في بلد مثل السويد ليس لها علاقة بدوائر الدولة، ولا سياسات الحكومات، او برامج الاحزاب، بما فيها الاذاعات، والتلفزيونات الرسمية. أي الممولة من الدولة، لكنها مستقلة، وحرة تماما في ما تطرحه، وتقدمه من برامج، ومواضيع. والسلطات هي التي تتودد لها، وليس العكس. ليسوا جوقة متملقين، ومداحين كما في "اذاعاتنا" الرسمية. ورسام الكاريكاتير، او المصور الصحفي هنا لايسلم منه احد.  نتذكر ديغول يوم رسموا انفه على شكل قضيب ذكر. او بوش حاليا، وهو يرسم باشكال مختلفة، او توضع صورته على جسد حمار، او خنزير، او شيطان، او هتلر، وهكذا فعلوا مع بلير، او الرئيس الفرنسي الجديد، او هلموت كول المستشار الالماني الاسبق، وتاتشر، وغيرهم الكثير. في السويد رسموا الملك على شكل راقصة، او حيوانات برية، ووضعوا صور وجوه بناته على اجساد عارية. رسموا صورة يوران بيرسون رئيس الوزراء السابق على شكل بقره، وخنزير. ونفس الشئ مع رئيس الوزراء الذي سبقه انجفار كارلسون رسموا وجهه على شكل قبقاب. صفحات الجرائد السويدية تمتلأ يوميا بصور مضحكة لشخصيات عالمية من بابا الفاتيكان، الى رئيس زيمبابوي، والرئيس الايراني. حتى السيد المسيح لم يسلم منهم، ولا رؤساء وزراء اسرائيل. معارض تشكيلية كاملة اظهرت المسيح بين الشاذين جنسيا. بعضها اقيمت في قاعات تابعة لكنائس مسيحية. ولم يتظاهر سوى مجموعات قليلة من المسيحيين الشرقيين سرعان ما اقتنعوا ان عليهم ان يتاقلموا مع جو الحريات الديمقراطية. خاصة حرية الراي، والتعبير في بلدهم المضيف، او يدخلوا في تعارض مع شعبهم ووطنهم الجديدان.
 
بعد تجربة ما يسمى في اوربا "رسوم محمد" التي نشرتها احدى الصحف المغمورة في الدنمارك لفنان مغمور اصبحا بفضل مظاهرات الاسلاميين، وتصرفات الغوغاء، والمدعين، والمنافقين الذين بدل ان يهاجموا اسرائيل هاجموا الجبنة الدنماركية. نعم بفضل هؤلاء اصبحا مشهورين في كل انحاء العالم. تماما كما خدمت فتوى الخميني سلمان رشدي. لم نسمع احد يحتج لدى امريكا،  واسرائيل حيث تصدر الصحف يوميا وهي مليئة بالشتائم، والسباب، والكاريكاتير المخزي بحق الاسلام ورموزه، وعلى راسهم النبي محمد. لارس فيلكس الرسام السويدي المشاكس، الذي يعشق الاضواء، والاثارة، وبعد فترة من خفوت صوته، وبهوت بريق رسومه حاول ان يعود الى الاضواء من جديد. لقد سبق له ان اقام  نصب خشبي في بارك وطني بدون اجازة، او موافقة. ليس فيه أي دلالة فنية او ذوق تشكيلي. مجرد محاولة بهلوانية للخروج عن المالوف، والاثارة، وكسب الشهرة. واقام نصب اخر من الخشب على انقاض كنيسة محترقة ازيل في نفس اليوم الذي كانت فيه مظاهرات خجولة ضد رسومه امام مقرالصحيفة التي نشرتها. لقد سبق لاكثر من قاعة عرض، وجاليري، ومهرجان، وصحيفة، ومجلة ان رفض مشاركة فيلكس برسومه غير اللائقة عن النبي محمد. (لم تشد المنظمات الاسلامية في السويد، التي تاخذ مساعداتها من الدولة السويدة بهذه المبادرات. كما لمم يفعل الاسلاميون في العالم ذلك، ولم يذكروه بالخير للمؤسسات السويدية المحايدة). لكن صحيفة محلية مغمورة في مدينة صغيرة  نشرت الرسوم . وقد التقت وفود اسلامية كثيرة من المدينة وغيرها رئيس تحرير الصحيفة الذي اوضح انه لم يقصد اثارة مشاعر المسلمين، ولا الاساءة لنبيهم، وانما حاول استخدام حقه في حرية النشر، والتعبير. وان القضاء هو الذي يحل الخلاف، وليس التهديد، او المقاطعة، او المظاهرات. وكان هذا نفس رد الفنان التشكيلي السويدي، الذي اعترف ايضا انه حاول الاستفزاز لمعرفة ردة الفعل. اثبت له الاسلاميون، جزاهم الله خيرا، ان الاسلام ليس فيه نفس ديمقراطي. وقدم له المتطرفون خدمة لم يحلم بها(ربما خطط لها) فصارضيفا على كثير من الصحف، والاذاعات، والتلفزيونات المحلية، والعالمية هو ورئيس تحرير الصحيفة المغمورة التي نشرت تخطيطاته. وقدم الاسلاميون خدمة مهمة اخرى، ومجانية للدول الاسلامية الديكتاتورية التي تحارب الاسلاميين في بلادهم، وتعتقلهم، وتصفيهم، وتسميهم بالارهابيين. فجاة صار السفير الافغاني، والباكستاني، والجزائري، والايراني في صف واحد مع المتطرفين الاسلاميين محاولين اعادة اوربا الى عصر ظلامهم. واحرقت الاعلام السويدية وصور فيلكس، واستخدم الارهابيون في كل مكان هذه الجموع الهائجة الجاهلة لتنفيذ سياساتهم البغيضة. في نفس الوقت الذي يصطف فيه الاف الملتحين، ذوي الدشاديش القصيرة، والمحجبات على ابواب السفارت السويدية في الخارج، ودوائر هجرتها في الداخل طالبين اللجوء، والحماية من تعسف، وظلم نفس الحكومات التي راح سفرائها، واعلامها الموجه يتحدثون باسم الاسلام. وجاءت فرصة اخرى للقاعدة لتحاول اثارة الفتنه بين جماهير المسلمين الذين تحتضنهم الدول التي تسميها دعايات القاعدة، والاسلاميين بدول الكفر والفساد. ويوجهون التهديدات لشخصيات ومصالح السويد والدول الاسكندنافية الاخرى. انكم ترهبونهم فعلا!  انكم تخيفونهم فعلا! مثلما ارهب، واخاف المغول، والتتار، والبرابرة، والقراصنة الشعوب، والدول، والحضارات، والسفن المسالمة الامنة. هذه ليست شجاعة، ولا بطولة، ولا غزوات جديدة. هذه مجرد جولات دون كيشوتية يستخدمها الارهابيون، والمتطرفون، والحكام المعزولون عن شعوبهم وسيلة لحرف انظار شعوبهم عما تعانيه من قهر، وحرمان، وتعسف، وتخلف.
 
ترى هل تتوقف الدول الاسلامية عن استيراد سيارات الفولفو، وتستعيض عنها بالجمال؟ ام تتوقف عن استيراد تلفونات اريكسون لتستخدم حمام الزاجل؟ او تعود للقصب، والخيام، وتطرد الشركات الاوربية العملاقة التي تبني الابراج، والعمارات التي يتباهون بها ليل نهار؟ هذه الزوبعة ينطبق عيها المثل السويدي الذي يصف مثل هذه التصرفات  بمن يحارب البعوض بالمدافع. جعجعة فارغة، وعواصف فنجانية. ودعاية ديبلوماسية فارغة. ففي نفس اليوم، الذي قابل فيه السفير المصري مع عشرين اخرين من زملائه رئيس وزراء السويد كانت شرطة نظامه السرية تعتقل اسلاميين بالعشرات في القاهرة رغم حصانتهم البرلمانية. ويسقط يوميا مئات المسلمين العراقيين بسبب جرائم الاسلاميين المنافقين. محمد الذي عفا عمن هجاه وشتمه وحاول قتله برئ منكم!!