المحرر موضوع: الآشوريون بين الحقيقة و التزوير ؟  (زيارة 1161 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل نضال كابريال

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 177
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
                                        الآشوريون  بين الحقيقة و التزوير  ؟


سلسلة من الأبحاث التاريخية المستندة إلى أكبر المصادر العالمية ، ومبنية على أحدث مناهج  البحث التاريخي ،
تثبت الحقيقة التاريخية للشعب الآشوري الذي وصف بالدموي والهمجي طيلة القرون السابقة ، تلك الصفات المجحفة بحق شعب خدم الإنسانية منذ آلاف السنين ، وما زال يخدمها إلى الآن .   

البحث الأول : الجانب الإنساني من الحضارة الآشورية

                                      1 -   مكتبة آشور بانيبال !

 تعتبر المكتبة التي أنشأها هذا الملك العظيم أهم مكتبة في الشرق الأوسط ، تلك التي أسسها بكل عناية ، وتولى الحكم الآشوري خلال عام 669-627 ق.م . وتم اكتشاف هذه المكتبة بين عامين 1845-1851 م من قبل الدبلوماسي الإنكليزي أ.ه .لايرد في تل كيونجيك بالقرب من الموصل ، حيث تم  اكتشاف بقايا العاصمة الآشورية نينوىوفي عام 1850م اكتشف لايرد البلاط الملكي للملك سنحاريب 705-681م ووجد فيه ( غرفة السجلات ) .
وقد تابع عمله بعد ذلك ه.راسم خلال (1852-1854) و (1877-1881 )،واكتشف بقايا قصر الملك الآشوري
آشور بانيبال و مكتبته التي تحتوي على أكثر من عشرين ألف رقم طيني .
لقد أثارت قراءة تلك الرقم ،التي انتقلت إلى المتحف البريطاني في لندن ، ضجة كبيرة سواء في وسط الخبراء
في ذلك الوقت أو في وسط المهتمين بالثقافات القديمة للشرق الأوسط وخاصة الآشورية منها.
وتم كشف الحقيقة التاريخية للشعب الآشوري الذي ألصقت به الكثير من المظالم والصفات الوحشية (1) عبر القرون السابقة ، في أغلب أبحاث مؤرخي العالم ، فعرف الجميع مثلا بأن الملك آشور بانيبال لم يكن دمويا كما كان معروف عنه في السابق ، بل كان عالم وأديبا مثقفا و قائدا عسكريا حكيما، وكان ملم بجميع العلوم  ، والذي سيوضح هذه الصورة ما ذكرته الرقم المكتشفة في مكتبته، وكان هذا الملك هو أول من توصل إلى الفكرة بأن يجمع في مكان واحد كل ما أبدعه الآشوريون و غير هم في حقل الأدب و المعرفة ، وهي البادرة التي لا مثيل لها في التاريخ . إن الرقم التي اكتشفت في المكتبة تروي بنفسها كيف تم إنجاز هذه المبادرة . فمن خلال هذه الرقم أصبحنا نعرف كيف أن جيشا كاملا من الكتاب قد كلف بأمر ملكي بأن ينسخ عدة مرات كل نص قديم يتم الحصول عليه . وقد كان الكتاب يسجلون بفخر أصل وقدم الأصلي : << نص منسوخ من بلاد آشور التي هي مصدر النص الأصلي>>، أو << حسب أحد الرقم البابلية الآشورية ... >> إلخ . وهكذا إن هذه الإشارات و غيرها تكشف عن الجهد و التنظيم الذي تم بهما نسخ النصوص القديمة لمكتبة آشور بانيبال . و بالإضافة إلى هذا فقد تم ببساطة نقل الكثير من الرقم من المدن الأخرى للإمبراطورية الآشورية إلى هذه المكتبة . فمن هذه الرقم نفسها نعرف الآن أنه تم نقل مكتبة خاصة من كلاح إلى نينوى . (2)
لقد كان الملك آشور بانيبال يهتم بنفسه على أن يتم نسخ كل الرقم الآشورية من كل المراحل السابقة له ، ولقد ساهمت تلك الأوامر المباشرة منه لمتابعة المسؤولين المتعلمين في القصر الملكي – والمصححون ( من الأدباء الآشوريين وعلماء اللغة الآشورية ) ، والمصنفون ، والعاملون الذين كانوا يشوون بعناية الرقم الطينية وأولئك الذين كانوا يرتبون الرقم على الرفوف ، بالإضافة إلى الكثيرين أيضا ، لقد ساهمت تعليمات وخطط الملك آشور بانيبال في إنشاء أكبر مكتبة في الشرق القديم . وفي الواقع كانت هذه المكتبة هي النموذج الأولى للمكتبة .
واستطاع الآشوريون أن يرتبوا الرقم الطينية وطريقة تصنيفها لكي يسهل التوصل إلى الرقم المطلوبة ( أي ترتيب الرقم حسب التاريخ أو حسب المواضيع 00 ) وكان لكل رقم يحدد موضعه في أية مجموعة ، بينما كان في وسع المهتمين أن يحددوا بواسطة الفهرس موضع كل رقم .
وكان كل رقم ما يشير إلى مضمونه و إلى ناسخه وما شابه ذلك . وفي نهاية كل رقم نص منقوش بواسطة قالب أو خاتم : رقم رَقَم .... في صف .... قصر آشور بانيبال ، ملك العالم ، ملك بلاد الآشوريين .
وكانت هذه المكتبة شبه عامة أي يدخلها أغلب الآشوريين من عامة الشعب ويدل على ذلك وجود المعاجم اللغوية المتعددة و كتب القواعد و ما شابه ذلك من الكتب . (3)
ولقب مدير المكتبة باسم ( رب جرجيناكي ) ، بينما كانت المكتبة ذاتها تسمى ( جير جيناكي ) وذلك نسبة إلى الخوابي الطينية التي كانت تحفظ فيها بعض الرقم الطينية . و بالإضافة إلى ذلك نعرف أنه في هذه المكتبة كان يطبق نظام تصنيفي وعلى هذا الأساس كانت توزع الرقم في رفوف المكتبة .
وظلت هذه المكتبة وتداولها الناس حتى بعد موت الملك آشور بانيبال إلى سقوط العاصمة الآشورية  نينوى عام 612 ق.م ، والذي ساعد على بقاء قسم كبير من مقتنياتها هو عدم تجديد تلك المدينة العظيمة منذ تاريخ سقوطها السياسي .

مصادر البحث :

1-G.smith ,babylonian and Assyrian libraries ,north british revew , 120( 1870) , p.305-324
2 –B. meissner  wie  hat  assurbanibal  siene  bibliothik zausmengebracht                   
aufsatze fritz mikau  gewidmet ,lajpcig 1920,p.244-248
3 – C . bezold , bibliotheks-und Schriftwesen in alten  Ninive , zeitschrift zur bibliothekswesen ,21(1904) , p.257-277


نضال زيا كابريال