المحرر موضوع: محاكمة صدام من زاوية الاستفتاء  (زيارة 882 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عبدالمنعم الاعسم

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 788
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
محاكمة صدام من زاوية الاستفتاء

عبدالمنعم الاعسم
aalassam@hotmail.com 

   ثمة علاقة وطيدة بين الاستفتاء على الدستور وبين محاكمة صدام حسين، ليس من زاوية القرابة الزمنية، كونهما يتحققان في منسوب تاريخي واحد، بل في ما هو موصول بين اللادستور والدستور، او بين حكم مغلق على هواء فاسد وبين خيار مفتوح على هواء طلق..انها العلاقة بين حقبة الاستفتاءات البغيضة التي تنتهي دائما بارقام صماء عن ملايين صّوتت بـ(نعم) بما يتحدى طبائع الحياة، وحقبة استفتاءات اخرى تنشطر اوراق التصويت خلالها بين (نعم) و(لا) انشطار طبائع الحياة.

 وإذ يدخل صدام حسين قفص الاتهام بسجل طويل ومتصل لضحايا عراقيين من ادنى الدجيل الى اقصى حلبجة، ومن الانفال الى المقابر الجماعية، ومن النساء والرجال الذين انتزع حياتهم في اقبية التعذيب وزنزانات الاعدام الى المياه التي جففها والنخل الذي جز اعناقه ، فان الاستفتاء على الدستور بجميع اوراق اللا والنعم، من دون استثناء، هو المدعي العام الذي لن تغمض عيناه قبل ان يقتص من الجلاد المعلقة برقبته مليونا مشنقة عن مليوني ضحية محفوظة اسماؤهم في ذاكرة العراقيين، ومودعة قضيتهم لدى كل ذي ضمير وموقف.

وحتى نتعرف الى دلالة هذه اللحظة المشحونة بالمعاني والتوتر والصخب الاعلامي..لحظة وقوف طاغية العصر، في قفص الاتهام.. مسؤولا عن إزهاق ارواح عراقية بريئة تُعدّ بالملايين، يتعيّن ان نستعيد تقاويم المرحلة السوداء  لحكم الدكتاتورية يوم لم يكن، حتى اكثر المعارضين رومانسية لها، ليتصور بان صدام حسين سيقف يوما ليجيب عن سؤال القاضي: لماذا قتلت كل هذا العدد الكبير من الضحايا؟ بل ولم يكن احد ليتصور بانه سيبقى حيا الى اليوم الذي سيشاهد فيه صدام حسين، صاغرا، في قفص الاتهام.

 وحتى نضع هذا الحدث المتلازم بين الاستفتاء على مشروع الدستور ومحاكة صدام حسين في مكانه التاريخي المناسب فاننا لن نغفل الحقيقة المدوية التالية: ان محاكة صدام تطرح نفسها كاول مساءلة قانونية لحاكم عربي عما اقترف من جرائم، وهي بذلك محاكمة للنظام العربي في اكثر مراحله انحطاطا، كما لا ينبغي ان نغفل بان الاستفتاء على مشروع الدستور يسجل نفسه كخطوة عراقية غير مسبوقة في المنطقة لجهة صناعة الوعي الدستوري خارج ارادة الحاكم.

 وسواء قال صدام حسين انه برئ مما نسب اليه، او اعترف علنا بالتهم الموجهة اليه فان وجوده داخل قفص القضاء وقيد الحكم عليه بجريرة ارتكاب مذابح مروعة تأنف عنها الذئاب الكاسرة يجسد قصة الانسان في انتقاله من عصر الغابة الى عصر النور..الانسان الذي كسر قيوده واعاد حكامه المتحدرون من المزابل الى براميل القمامة.
ــــــــــــــــــــــ
..وكلام مفيد
ـــــــــــــــــــــ
"ترْك الحقوق مذلة".

جعفر الصادق[/b][/size][/font]