المحرر موضوع: الى الأثرياء من أبناء الامة الكلدانية  (زيارة 1001 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل كوركيس مردو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 563
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
                        الى الأثريــــــــاء من أبنــــاء الامّــــــــة الكلدانيـــــــة


         لا شك أن الامة الكلدانية كانت في سباتٍ عميق منذ أمدٍ سحيق ، من حيث النضال السياسي لإثبات وجودها القومي الأصيل في بلادها ( ما بين النهرين ) عراق اليوم ، وكان لهذا السُبات مبرّراته ، إذ قبل قيام الحكم الوطني في العراق عام 1921 م ، كان الشعب العراقي كبقية أقطار الشرق الأوسط رازحاً تحت النفوذ السُلطاني للدولة العثمانية لِما يقرُب من أربعة قرون أو يزيد ، وكان حكماً متخلّفاً واستبدادياً ، لم يكن يُعطي للشعوب المُبتلاة به مُتنَفّساً للمطالبة بحقوقها الوطنية والقومية المسلوبة منها ، ممّا جعل المشاعر القومية لمختلف تلك الشعوب خامدةً ، وبعد قيام الحكم الوطني في العراق ، لم يتقيّد تماماً بتوصيات عصبة الامم التي دعت الى الاعتراف بوجود
وحقوق كافة القوميات التي يتألّف منها الشعب العراقي ، حيث تمّ تجاهل مُعظمها ومن بينها القومية الكلدانية الممثّلة للشعب المسيحي في العراق بكل تسمياته الكلدانية والسريانية والآثورية ، واقتُصر على القوميتين العربية والكُردية ، ولكن الهيمنة الحقيقية كانت لأبناء القومية العربية ، وبالرغم من ذلك ومن مُنطلق الشعور بالمسؤولية وفرطِ حب الكلدان وإخلاصهم  لوطنهم العراق الذي كان لأسلافهم الفضل الأكبر في بناء حضارته منذ القِدَم ، لم يتأخّر أحفاد الكلدان المعاصرون عن المساهمة بدور فعّال في إرساء قواعد الحكم الوطني
بالانخراط في مؤسسات الدولة الفتية سياسياً وإدارياً واجتماعياً ، فانتُخِبَ منهم عينٌ في مجلس الآعيان ومثّلهم نوّاب في مجلس النوّاب واستوزِرَ منهم وزير ورًقّيَ الكثير منهم الى وظيفة مدير عام ، ونُسّبَ بعضُهم لتولّي مناصب قضائية وما الى ذلك من مهام اخرى .


أما في العهد الجمهوري الذي بدأ في الرابع عشر من تموز لعام 1958 م ، فقد تغيّر الوضع في العراق ودبّ الخلاف في صفوف العسكر الذين تولّوا السلطة بعد الاطاحة بالنظام الملكي ، وطفت على السطح ميول واتجاهات  متباينة  ساهمت في بروزها تأثيرات خارجية عربية ودولية ، مما أدّى الى إشغال السلطة الجديدة للتصدّي لها ، فانحسر اهتمامها بالوضع الداخلي لايجاد اسسٍ ديمقراطية لبناء وطن حُرّ تتساوى العدالة بين أطياف شعبه المتعدّدة ، وبدأت المؤامرات تُحاك واحدةً تِلوَ الاخرى حتى انتهى الامر أخيراً باغتصاب السلطة من قبل حزب البعث العربي في السابع عشر من تموز لعام 1968 م ، وباشر فوراً بحصر السلطة في كوادره وإقصاء الأطراف الحزبية الاخرى ، وبعد عقدٍ من استيلائه على السلطة استفردت بها جماعة قوّية من كوادره بقيادة صدام حسين ، الذي تسلّم رئاسة الدولة عنوةً
وبدأ عهده الدموي بتصفية خصومه جُملةً وأفراداً ، وارتكب أخطاءً جسيمة بحق الشعب العراقي ، من حيث زجّ خيرة أبنائه في أتّون حروبٍ خاسرة إرضاءً لنزعاته وتهوّراته ، وحرمهم من أبسط حقوقهم الانسانية والوطنية ، واضطرّ الملايين منهم لطرق أبواب الهجرة الى البلاد القريبة والبعيدة ، وطِبقاً للقاعدة المعروفة أن لا بدّ لنهايةٍ لكل ظالم ، فقد انتهت سلطة هذا الظالم الذي قلّ أن عرف التاريخ مثيلاً له في التاسع من شهر نيسان لعام 2003 ، ولاح فجر الحريّة للعراقيين .


أن هدفي مما تقدّم سردُه ، هو أن اطلق نداءً قومياً ووطنياً الى أبناء امتي الكلدانية العريقة ولا سيما الميسورين منهم ، بأن العراق ومنذ تحرّره من رِبقةِ حكم الطغيان ، عوّل المخلصون من أبنائه الذين تولّوا شؤونه الى جعله بلداً حُراً ديمقراطياً تعدّدياً تظلّله خيمة العدالة الاجتماعية ، وها إننا قد رأينا الأقوال تُتَرجمُ الى الآفعال ، حيث عادت الأحزاب المحظورة أيام عهد الاستبداد والطغيان الى النضال العلني بعد نضالها السري ، وتأسّست أحزاب وطنية اخرى كثيرة ومنها الآحزاب والمنظمات الكلدانية في الوطن الام وفروعها في بُلدان المهجر
وبالرغم من حداثة عهدها في السياسة فقد برهنت على قدرتها الإبداعية ووعيها ، وبذلت جهوداً مدروسة تفوق جهود تلك التي سبقتها بأشواط زمنية ، حيث استطاعت نيل الاعتراف بقوميتها الكلدانية دستورياً ، ونجحت بتوحيد خطابها القومي وأسّست هيئةً عليا تُشرف على أنشطتها هي ( الهيئة العليا لاتحاد القِوى الكلدانية ) كما فتحت لها فروعاً في أغلب بُلدان المهجر التي يتواجد فيها أبناء الامة الكلدانية ، وهي الآن في طريقها الى ايجاد قائمة انتخابية موحّدة لخوض الانتخابات القادمة التي ستجري في الشهر الأخير من العام الحالي 2005 م ، والقائمة الموحّدة ستكون مفتوحةً أمام إخوتنا السريان والآثوريين للانضواء تحت مظلّتها بكل تَرحاب  لكسب أكبر عددٍ من الأصوات الانتخابية التي من خلالها يدخل عدد من أبناء الامة الى قبة البرلمان المُرتقب ، وهنا يجب أن لا تفوتني الاشارة الى الجهود الكبيرة والفاعلة لرئاستنا الروحية المتمثلة بغبطة أبينا البطريرك مار عمانوئيل الثالث دلي وإخوته أساقفة الكنيسة الكلدانية ، حيث أعطت لقياديي أحزابنا ومنظماتنا دعماً معنوياً كبيراً لتحقيق ما حقّقوه ، وهم على عهدهم في مواصلة هذا الدعم والارشاد  ! ، إذاً أيها الاخوة الكلدان فقد حقّقت الآحزاب والمنظمات الكلدانية مكاسب وانجازات عظيمة لامتنا في مدةٍ تُعتبَرُ قياسية بالنسبة للآخرين ولا زال أمامها تحقيق المزيد ، ولكي نحافظ على ما تحقّق وما نصبو الى تحقيقه حاضراً ومستقبلاً ، علينا أن نكون أسخياء في دعم إخوتنا المدافعين عن حقوقنا في الوطن الام العراق ، إنهم يُجازفون بكل غالي ورخيص لرفع شأن امتنا لكي يتمتّع أبناؤها بكل انتمآتهم في أمان واستقرار وعيشٍ سعيد ، وهذا الامر يتطلّب إسناداً مادياً كبيراً ليس بمقدور القائمين به توفيره ، ولذلك فإن أنظارهم تتّجه إلينا ، ولهم كل الحق في ذلك ، لأننا إخوتهم  ومساعدتهم مادياً ومعنوياً هي اشتراك منا في جهودهم ، وتحفيزٌ لاندفاعهم في تحقيق أهداف وآمال أمتنا المجيدة .


مما لا شك فيه أن جاليتنا الكلدانية المتواجدة في الولايات المتحدة الأمريكية ولا سيما التي في ولاية مشيكَن هي الآكبر عدداً والأكثر ثراءً من مثيلاتها في الولايات الاخرى ، ولذلك فإنها الأقدر على إبداء المساعدة المادية للهيئة العليا لاتحاد القوى الكلدانية ، أليس جديراً بأبناء الجالية الذين ساهموا ببناء أروع وأكبر صرحٍ حضاري كلداني ( نادي شنندوا ) أن يفكّروا جدياً بايجاد وسيلة وإقامة هيئة تُلقى على عاتقها مهمة جمع مبالغ من أثرياء الجالية ، لدعم جهود أحزابنا وتنظيماتنا السياسية والاجتماعية والثقافية في الوطن الام ؟ متى يستيقظ شعورنا القومي من سُباته ؟ وهل ستسنح فرصةً ذهبية أفضل من الحاصلة اليوم لإثبات وجودنا وتحقيق حقوقنا وطموحاتنا ؟
إن قطار الزمن سريعٌ وعلينا الاستعداد له لئلاّ يفوتنا ، إنه نداء مخلص يا إخوتي ، وعليكم دراسته بعناية وإخلاص ، وبذلك سيتجلّى اعتزازكم بقوميتكم وتضيفوا مأثرة الى مآثر أبائكم وأجدادكم الكلدان العظام ، وأنتم بالتأكيد أهلٌ لذلك . انظروا الى الطائفة الصُغرى من شعبنا المُنفصلة عن امتها الكلدانية والمُنتحلة لتسميةٍ غريبة لا تَمُتّ إليها بصلة هي ( التسمية الآشورية ) كم إنها متفانيةً لجعلِها من فرضيّةٍ خيالية الى حقيقة ! ساعيةً بكل طاقتها لاقناع العالم بصحتها ، باذلةً في سبيل ذلك أقصى ما لديها من المال والجهد ، والأنكى من كل ذلك ، هي محاولة بعض غُلاة متعصّبيها العُتاة انتهاج شتّى السُبُل المُلتوية من تشويه وتحريف وتزوير لتاريخ الامة الكلدانية بل تعدّى بهم الامر الى إنكار وجودها كشعبٍ وقوميةٍ وامة ! يَشدّ أزرهم في ذلك بعض الجاحدين لأصلهم الكلداني الذين أطلقنا عليهم لفظة ( المتأشورين ) الذين برهنوا على كونهم أشدّ ضراوةً في عِدائهم للامة الكلدانية من أسيادهم مًنتحلي الآشورية المزيّفة ! حيث طبّقوا على أنفسهم المثل القائل ( إنهم ملكيون أكثر من الملك ) وبكل صلفٍ يُطالبون بفرض التسمية الزائفة على الامة الكلدانية ! يا للمُصيبة بل يا للمهزلة ! وإزاء هذا الموقف المُقرف ! كم بالأحرى ينبغي علينا أن نتحدّى هؤلاء المغرورين والمُغَرّرِ بهم ، ونزيد من تباهينا بامتنا الكلدانية العريقة ، ونحافظ على تُراثها ونعتزّ بحضارتها التي كانت مَنهلاً للحضارة العالمية المُعاصرة ، إن الأمل معقود عليكم أيها الاخوة الكلدان الذين أفاض الله عليكم من خيره العميم ، أن تقفوا سنداً منيعاً وراء مؤسّساتكم القومية لتمضي قُدُماً في الدفاع عن حقوق امتكم وإعلاء شأنها ، وسدّ الأفواه المُنتقصة من عزّتها وكرامتها .


الشماس كوركيس مردو
في 21 / 10 / 2005