المحرر موضوع: هل ما زال المؤتمر الوطني العراقي حياً لكي يعزي الميتين؟  (زيارة 950 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عباس النوري

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 25
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
هل ما زال المؤتمر الوطني العراقي حياً لكي يعزي الميتين؟

المؤتمر الوطني العراقي لا هو حزب سياسي ولا تيار ولا منظمة. وحقيقة المؤتمر الوطني العراقي نتج بعد اتفاق الأحزاب المعارضة لتكوين تشكيلة يرئسها الدكتور أحمد الجلبي ونائبها السيد مسعود البرزاني رئيس أقليم كردستان. فجمعت بين أكثر الأحزاب المعارضة. وبعد التغيير، التحرير، الاحتلال…!
عمل المؤتمر الوطني العراقي بقيادة الدكتور أحمد عبد الهادي الجلبي من نادي الصيد كجهة سياسية قديرة ويحسب لها ألف حساب. وكانت وفود العراقيين تأتي لنادي الصيد للقاء بالدكتور الجلبي وبيان ولائهم له. وحاول البعض تطوير المؤتمر بتغيير الاسم أو عرض طلب على الأحزاب التي شاركت في إنشاء المؤتمر الوطني كجهة موحدة معارضة قبل سقوط الصنم، لعلها توافق من التنازل عن العنوان ويستخدمها الدكتور الجلبي وكوادره لتشكيل حزب بنفس المسمى. ومع شديد الأسف بعد النقاش واللقاءات الجانية والمؤتمرة، أتضح بأن الدكتور لا يوافق من تشكيل حزب مبني على أسس ديمقراطية…وثبتت مقولة كان البعض يتناقلها ( المؤتمر الوطني العراقي – شركة مساهمة يمتلكها أربعة أشخاص لا خامس لهم) غير أن الجلبي هو المدبر المالي في حين سحب الأمريكان ثقتهم من المؤتمر وبالتالي توقف المعونات المالية والتي كانت تقدر بأكثر من 350ألف دولار شهرياً.
كان لتنظيم المؤتمر الوطني مساحة واسعة داخل العراق وخارجه، حيث كانت الواجهة الحقيقية للمعتدلين العراقيين، ذو الفكر المتجانس بين الليبرالية والإسلام الوسطي المسالم. مع أنه كانت هناك قوة عسكرية حلها الدكتور قبل أي حزب آخر. وتضرر المئات من ذلك الأمر. وكان الكثيرون ينظرون للدكتور أحمد الجلبي ليس فقط أنه منقذ العراق بإقناع الأمريكان لإسقاط الصنم، بل أن الدكتور أحمد سيكون رجل منطقة الشرق أوسط. هناك عدة أمور جعلت من الخلل البسيط والأخطاء التي كان من الممكن تجنبها وإصلاح الكثير منها، تحولت بين ليلة وضحاها لكارثة شملت جميع أعضاء المؤتمر الوطني. وأهم هذه الأمور، ومع شديد السف يتكرر هذا في تاريخ الشخصيات الوطنية المخلصة …وهو الكوادر المقربة من نفعيين ووصوليين وجواسيس القوى المعادية. وهذا كان أيضاً نصيب الدكتور أحمد، حيث أنه من ناحية قرب أناس ليس له معرفة سابقة بهم، وأبعد المخلصين له…ومن جانب آخر الخلاف الحاد بينه وبين قريبه الدكتور أياد علاوي. والتحول السريع من رجل وطني إلى طائفي في نظر الكثيرين من خلال تبنيه تشكيل وتأسيس المجلس السياسي الشيعي. مع أن الدكتور ليس طائفياً بالبت…ولكنه سياسي ماهر. قرأ الوضع العراقي وبانت صورة المجتمع العراقي له شيعياً قوياً فتصور هذا اللجوء سيعطيه مكانة خاصة بعد خسارته مع الأمريكان على الأقل في هذه المرحلة. وأمر آخر مهم تورطه…أو توريطه بشكل وآخر بالتفاعلات الإيرانية العراقية…وهذا التصور الخاطئ بأن لإيران نفوذ قوي داخل العراق سيعوض الدكتور كبديل للحالة الأمريكية. ولحد الآن لم يعرف أحد مدى مصداقية ما نقل حول نقل معلومات مهمة أمريكية للطرف الإيراني…وهذا ليس بالأمر الوحيد حيث كان وقد يكون ما يزال بين المقربين للدكتور الجلبي أشخاص لهم ولائات متعددة ومتنوعة غرضهم الأول والأخير الوصول لمبتغياتهم الشخصية. والعجيب ما في الأمر أن المؤتمر الوطني مازال يتحدث وكأنه قوى سياسية يحسب لها حساب ونتائج الانتخابات الماضية أثبتت عدم قدرتها، حيث لم يحصل على مقعد واحد في البرلمان بينما حصل مثال الآلوسي والذي كان يعمل مع المؤتمر الوطني على مقعد برلماني. الحشود الكبيرة من العراقيين الذين كانت لهم مكاتب تمثل المؤتمر الوطني العراقي في جميع المحافظات ذهبت أدراج الرياح، دون معرفة السبب. وقد يكون السبب الوحيد سحب الدعم الأمريكي من المؤتمر. وهناك الكثير من السلبيات التي لم يعالجها المؤتمر بل تركها تتطاير مع رماد الفوضى العارمة في العراق. حتى أبسط الحقوق التي كان من المفروض الالتفات لها ولو بإشارة بسيطة تناست. وبقى أصحابها في عجز مستمر للمطالبة. ولا أريد الحديث عن التفاصيل. لأنني أكن كل الاحترام لشخصية الدكتور الجلبي وبعض من رفاقه…الذي أبعدوا وهمش دورهم القيادي.
فحتى شهداء المؤتمر الوطني لم يذكرون بخير…ولا كل الذين تضرروا من جراء تقريب البعيد وإبعاد المخلص القريب. والدكتور وأكثر الأعضاء يعرفون جيداً ما أقصده. لكنني أنتظر الرد من المؤتمر الوطني للإجابة عن بعض التساؤلات التي يطرحها دائما أعضاء مخلصين للدكتور ولفكرة المؤتمر وينتظرون الجواب. هل سيشكل المؤتمر حزبا ديمقراطياً، أم يبقى المؤتمر شركة مساهمة لأصاحبها الخمسة أو الثلاثة الباقين. وهل سيذكر حقوق من عمل وأخلص لكي ترجع المياه لمجاريها وعسى أن يكون للمؤتمر دوراً وطنياً بعيداً عن التطرف والمتاجرة بدماء الشهداء.
أتمنى من المؤتمر الوطني وخصوصاً الدكتور أحمد الجلبي توضيح الملابسات وبصراحة تامة، ولو لمرة ليكشف للعيان حقيقة وجود المؤتمر وإلى أين. مع أنني تطرقت في مقالة سابقة بعنوان أين منقذ العراق الأول أم جالب المحتل! والذي وردني من رد….الدكتور أحمد الجلبي ليس طائفي…ويقول الكاتب للرد: وأنت تعرف (أي يقصدني أنا) قبل غيرك بأنه ليس طائفي، بل وجد مذهب الحق فألتجئ إليه…
أقول لصاحبي، صاحب الرد، أنا عراقي مسلم وأنتمي للمذهب الشيعي، لكنني أضع مصلحة الوطن قبل كل شيء. وهذا هو مبدأ المذهب الشيعي المتسامح ليس مع بقيت المذاهب بل متسامح مع الأديان، والإنسانية…بأن المصلحة الوطنية فوق جميع المصالح. فللعلم، لم يكن هذا قصدي، بل الذي أردته من الدكتور الجلبي أن يوضح موقفه الوطني الشامل كما كنا نتطلع إليه…وكما كان ينتظره كثير من الشعب العراقي. هل ما زال ذلك القائد الذي يريد لم شمل جميع العراقيين ووضع خطة سياسية تخلص الإنسان العراقي من الكوارث، أم يستمر للمراوحة في ذات المكان الذي يراوح فيه كثير من السياسيين لحلمٍ ينتظرونه، ولطعة سحرية تقلب الموازين الدولية، ولشراكه هشة لا تبنى وإلا وتهدم قبل رمش الطرف. أم أنه يعد العدة بعد أن تحترق جميع الأوراق وينفرد في الساحة السياسية…وكيف يكون له ذلك والقاعدة الجماهيرية التي يجب أن يستند عليها قد تفتت وبعضهم ذهب للطرف المقابل.

مع أنني تضررت بقدر ما قدمت للمؤتمر، ولم يكن عملي من أجل شخص أقدسه، فكانت أول كلمة كتبتها لكي يلقيها ممثل الدكتور أحمد الجلبي في الأيام الأولى بعد سقوط الصنم.( إن زمن عبادة الأشخاص والأحزاب ولى وبلا رجعة). وقد مثلت المؤتمر الوطني في محافل كثيرة وفي مناطق لم يتجرأ أحد الوصول إليها…وزرعت المحبة بين العراقيين بأن المؤتمر الوطني وبرئاسة الدكتور أحمد الجلبي لجميع العراقيين دون تطرف ودون تمييز. وكان معنا الكردي والأزيدي والصابئي والمسلم الشيعي والسني والأشوري والشبك…كان معنا من الأنبار والفلوجة والموصل والجنوب برمته وفرات الأوسط بدون استثناء…رجل الدين والعامي…المثقف المتطور والعامل البسيط…تشكيلاتنا كانت حقاً تمثل العراق وجميع أطيافه…أين المؤتمر الوطني …هل هو حي لكي يعزي الأموات.
لكنني أعزي جميع عوائل الشهداء دون استثناء…وأعزي المحبين للمؤتمر الوطني العراقي، لفقداننا ذلك العمل الجاد…ذلك التوجه المخلص لبناء عراق المستقبل عراق الغد المشرق…وأعتذر لكل من أعطيته الأمل وأصبح ضحية ذلك الأمر…فأشعر بالقصور، ولعل الزمان يتغير فأصلح ما أفسده الآخرين.

المخلص
عباس النوري
‏19‏/‏11‏/‏07
abbasalnori@gmail.com