المحرر موضوع: إلغاء البطاقة التموينية..مؤامرة لتركيع الشعب العراقي  (زيارة 815 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل محمد علي محيي الدين

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 637
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
إلغاء البطاقة التموينية..مؤامرة لتركيع الشعب العراقي


محمد علي محيي الدين

 من المفارقات التي لم أقرئها في كتب التاريخ أو الجغرافيا أو في تاريخ العراق السياسي أتفاق قادة الشعب العراقي على أمر سواء،ولعل أكثر الخلافات بروزا على السطح ما حدث بعد انهيار الحكم الدكتاتوري السابق وما خلف من آثار قاتلة في التفكير الشعبي العراقي،فقد رأينا كيف أن الكتل - التي نطلق عليها خطأ – سياسية كيف تتصارع على أمور ما أنزل الله بها من سلطان وكيف تختلف على أكثر الأمور توافقا بين الشعوب الأخرى وتضع العراقيل بوجه  التشريعات الهادفة والمهمة في رفع المستوى ألمعاشي للمواطن أو تصب في المصلحة العليا للبلاد،لا لأن لها وجهة نظر معينة في الأمر ولكن لمجرد المناكدة والمخالفة للآخرين حتى أذا كانوا على حق،ولكن المثير للعجب أن جميع الكتل البرلمانية وغير البرلمانية اتفقت على أمر واحد وأجمعت على رأي واحد،ذلك هو تركيع الشعب العراقي وتجويعه لغايات في نفس يعقوب،فلم نجد من الجميع وقوفا جديا لعدم تمرير الكثير من القوانين المهلكة للعراقيين،مثل قانون التقاعد الموحد الذي مرره وزير المالية رغم أنف الجميع وأساء به إلى أكثر من مليون عائلة من عوائل المتقاعدين العسكريين،ذلك أن القانون المذكور مرر دون أن يعرف السادة النواب الموافقين عليه ما هي أضراره المستقبلية،فأصحاب الرتب الدنيا من العسكريين بعد أن كانت تزيد كثيرا على رواتب الموظفين المدنين بسبب طبيعة الحياة العسكرية الخشنة والخدمة المتواصلة طيلة 24 ساعة في اليوم الواحد والبعد عن العائلة،والحياة الاستثنائية التي تختلف عن حياة الموظف المدني أصبحت رواتبهم بفضل القانون الثوري للحكومة العراقية تساوي راتب الرعاية الاجتماعية الذي يمنح لمن لم يخدم يوما واحدا،والأمر الثاني الذي اتفقت عليه الكتل بالإجماع هو البطاقة التموينية وتقليصها إلى النصف تمهيدا لإلغائها نهائيا تحت حجج واهية لا تصمد أمام المنطق والعقل،فما يخصص من مليارات للمناصب العليا في الدولة من الرئاسات الثلاث والوزراء والنواب وموظفي الدرجات العليا الذين لا يتجاوزون الآلاف يعادل أن لم يزيد على ما يخصص ل(30) مليون مواطن من العراقيين البائسين،ولكن أبواب وزارة المالية المشرعة للطبقة الممسكة بزمام السلطة تقفل أمام المواطنين البائسين الفقراء.
  أن ما يجري في وزارة التجارة باعتراف السيد الوزير نفسه من فساد أداري وأخلاقي هو وراء المعانات التي يعانيها العراقيون،فمنذ أكثر من ثلاث سنوات لم تتمكن الوزارة الجليلة من تأمين المواد التموينية بشكل كامل،ولم تتمكن من مكافحة الفساد المستشري في مفاصلها باعتراف الوزير نفسه الذي قال أنه غير قادر على مكافحته وهو على استعداد لتقديم الاستقالة،متحججا بقلة الموظفين وارتفاع أسعار النقل،وأسعار المواد في المناشيء،ناسيا أو متناسيا أن السبب في ذلك الفشل هو ضعف الإدارة ،وفشل كادر الوزارة لأنهم اختيروا على أسس بعيدة عن الكفاءة ولا يمتلكون الحد الأدنى من النزاهة وشرف المهنة،والدليل أن مواد البطاقة التموينية تبدل في المخازن ببضاعة رديئة أو تالفة،وتباع البضاعة الأصلية في الأسواق التجارية من قبل مافيات معروفة تمتلك الخبرة في هذا المجال في زمن النظام السابق،وزادها الضعف الفني والإداري للقيادة الجديدة على التمادي في أعمالها ففي العام الماضي كشف مجلس محافظة بابل وجود آلاف الأطنان من الرز التالف في مخازن الوزارة ولكن  القضية سويت دون اتخاذ أي أجراء قانوني بحق الفاسدين،وفي هذا العام عثر على آلاف الأطنان من مادة الشاي المسرطن الذي وزع على المواطنين  بعد أن سرب الشاي المستورد من قبل الوزارة إلى الأسواق المحلية،ليقوم تجار الشرف الجديد بشرائه من المواطنين بأبخس الأثمان وبيع الشاي الأصلي بأسعار تزيد عشرات الأضعاف على سعر الشاي الموزع من خلال الوزارة،وتم تسوية القضية لوجود كفاآت استثنائية متورطة فيها،وجميع العراقيون يعلمون أن المؤسسة العامة للمواد الغذائية فاسدة من الرأس إلى القدم،وهي وراء الفساد ولكن من أمن العقاب فعل العجب العجاب،ولنا أن نتساءل كيف للحكومة العراقية أن تمنح الدول المجاورة إعانات مالية وتجري صفقات نفطية بأسعار بخسة ،في الوقت الذي يعيش شعبها تحت خط الفقر،هل أنتخب المواطن ممثليه ليكونوا وبالا عليه،ويشرعون ما يتعارض ومصالحه،هل يبقى العراق دائما رهنا بحاكمه ليغني على أشلائه(أبيتنه ونلعب بيه وشلها غرض بينه الناس) أليس من حق العراقي أن يكون له حاكمه الذي يشعر بمعاناته أم نبقى بانتظار الموت لنسعد في الآخرة التي يقول الوعاظ أنها للفقراء من عباده الصالحين،وهل نرى من أماتونا أحياء في جهنم،أم أنهم سيجدون الطريق المفضي إلى الجنة بما يمتلكون من قدرات خارقة على اللعب بعواطف المواطنين.
 والسوآل الذي يفرض نفسه كان على النواب الوطنيين الذين يشعرون بمسئوليتهم اتجاه شعبهم الاحتجاج على هذا التعسف ومغادرة قبة البرلمان أعلانا عن معارضتهم،لا أن يقاطعون المجلس لأن النائب الفلاني أمسك بالجرم المشهود،أو أن الكتلة الفلانية اتهمت بالفساد أو الإرهاب،أو احتجاجا على أمور لا تصب في مصلحة البلاد في الوقت الذي يطبلون لكل قرار له أضراره الخطيرة على الشعب العراقي،وكان الأمل بالأحزاب الوطنية الشريفة أن تعلن معارضتها للقرارات المجحفة الغير مدروسة حتى نستطيع أن نقول لقد أوفى هؤلاء بتعهداتهم للشعب،ولكن يبدو أن (أموافج) لا زالت قائمة رغم تغير الظروف والأوضاع،وكان الله في عون العراقيين.