المحرر موضوع: لا فيدرالية دون التطبيقات الديمقراطية الضرورية......  (زيارة 1243 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل rashid karma

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 499
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
لا  فيدرالية دون التطبيقات الديمقراطية الضرورية......
رشيد كَرمة
                         
في الجزء الأخير من موضوعة الفيدرالية ,لابد من القول ان كل شئ يصبح بالأمكان تحقيقه في ظل الديمقراطية, ومنها حقوق الفرد والجماعة في حرية التعبير والنشر وإبداء الرأي الآخر , وصيانة الجو العام للثقافة والتعليم  ومهمة المثقفين إشاعة المعلومة النقية وتسليط الضوء , فالفدرالية مفهوما يكاد يكون غامضا ً عند الكثيرين ويرادف عند البعض أحيانا على انه حالة انفصال وتجزئة وتقسيم وهذا مايلوح به الإسلاميون والقوميون والمتزمتون والذين يقحموا منجزات حضارية على القران والحديث دونما معايير وضوابط .
فكما هو معروف ان مصطلحات مثل الديمقراطية وحكم الشعب والحكم الذاتي والفدرالية لم تتضمنها مفردات القرآن ولا السنة النبوية ولا خطب أئمة المسلمين , ومع هذا يجري التلاعب بالألفاظ وكما ورد في ديباجة الدستور وتصريحات الاسلاميين كنوع متمم للديكور ليس الا .
 وقبل ان ننظر الى تجارب الدول التي أخذت بالنظام الفيدرالي , يحسن بنا ان نقول ان 25دولة بالعالم وبما يقرب من 45%من سكان العالم تعيش في ظل نظام فيدرالي ,  ولعلنا نأخذ من التأريخ الحديث التجربة السويسرية , حيث كانت البداية الحقيقية في القرن الثالث عشر حين تشكل أول تنظيم إتحادي بين ثلاث محافظات , إنضمت اليها فيما بعد خمس أخري وذلك في عام 1291, وهناك بعض الدراسات تشير الى ان السويسريين عرفوا ومنذ الألف الميلادي الأول  المجالس البرلمانية في جميع المقاطعات السويسرية ,حيث ثمة برلمان لكل كانتون , له السلطة العليا ,وحق إتخاذ قرارات الحرب والــــــسلم.
ومع هذا يجنح الكثير من المؤرخين الى إعتبار الثاني عشر من شهر أيلول عام 1848البداية الحقيقية للنظام الفيدرالي بعد إتحاد ثلاثة وعشرين كانتونا , إشتركوا في صياغة الدستور الجديد , الذي حدد صلاحيات السلطات الإتحادية ( السياسة الخارجية , الدفاع , الحريات الفردية , العدل , المالية , الإقتصاد العام )
والكانتون يتألف من عدة كومونات .
عدد الكومونات في سويسرا ثلاثة آلاف وأثنين وعشرين وعدد السكان لكل كومون يتراوح بين 250 ألف نسمة الى 300 ألف نسمة ,
وبفضل الوعي وإبعاد الدين عن المسرح السياسي نجحت التجربة السويسرية وأصبحت مثالا يحتذى به من قبل بعض الشعوب , ويذكر ( الكاتب علاء اللامي ) ان بلجيكا أوفدت سنة 1988وفدا كبيرا من البرلمانيين ورجال الدولة الى سويسرا ليدرس عن قرب هذه التجربة الفريدة والخصبة ويأخذ مايفيد المجتمع البلجيكي الذي يعاني اصلا صراع بين المكونين المجتمعيين له ( قومية الفلامون والفالون )
 اهم المرتكزات لهذه الفيدرالية ::
1_حرية الدين والمعتقد
2_التسامح الديني
_منع الترويج لمذهب طائفي ضد مذهب آخر  3
_منع فرض لغة على أخرى بالإكراه 4
5_إعتماد المواطنة في التعامل واعتبارها مُثل عليا تؤهل ممن يلتزم بها  للعمل في هيئات الدولة والسلطات الثلا ث
6_لايجوز الإعلان عن الهوية الدينية او القومية او اللغوية لأي إتحاد فيدرالي..   
والتجربة الماثلة للعيان هي التجربة الأمريكية للفيدرالية  , وأستعير هنا ما تناوله الكاتب والباحث لطفي حاتم في بحثه المنشور في الحوار المتمدن والموسوم بــ,,بناء الدولة العراقية وتنازع بنيتها الدستورية حيث يذكر ان
الفدرالية الأمريكية التي نشأت بعد اتحاد اثنا عشر ولاية عام 1787 وتطورت بعد الحرب الأهلية الأمريكية المندلعة في أعوام 1861 ـ 1864.
لقد تميزت هذه التجربة التاريخية بخصوصيات كثيرة أهمها: إن القوى الاجتماعية القائدة المتمثلة بمختلف شرائح الطبقة البرجوازية توصلت عبر التوافق السياسي إلى صيغة سياسية لتقاسم السلطة بهدف مد وحماية مصالحها الطبقية على عموم القارة الأمريكية.وبهذا المسار جرى بناء الدولة الأمريكية على أسس قانونية تجسدت في مفاهيم دستورية عامة منها: ـ
ـ وحدة السيادة الوطنية .
ـ وحدة الدفاع والسياسة الخارجية.
ـ وحدة السوق الوطنية، والعملة الوطنية.
ـ أخيراً ارتكاز البناء الفدرالي على منظومة الشرعية الديمقراطية التي أفرزتها البرجوازية الأمريكية.
خلاصة التجربة الفدرالية الأمريكية إذن المصالح الاقتصادية والهيمنة السياسية.
ولربما يعتقد البعض إن لنفس الأسباب أعلاه نشأت الجمهوريات الفيدرالية الروسية, والحقيقة ان مبعث الجمهوريات الفيدرالية  الخمسة عشر والتي شكلت بمجموعها الإتحاد السوفيتي هى مصالح طبقية عمالية أدت الى نشوء تكتلات إجتماعية قادت المنطقة والعالم الى آفاق رحبة لولا مركزية الديمقراطية التي فتكت بالمجتمع ككل والتي أدت في نهاية المطاف الى بيروقراطية كان من الصعب محاججتها ونقدها , وبالتالي إحتاج الأمر الى هدم ,  وهذا ما حصل مع الأسف الشديد ؟؟
وعسى ان تفيق الطبقة العاملة بكل فئاتها ,وتبدع في صناعة معاول جديدة تهدم بنيان العولمة ذو القطب الواحد والتي كان من ابرز أخطائها ومخاطرها تفشي الإرهاب على مستوى العالم .واقصد الإرهاب الديني ( الإسلامي ) الذي صنعته الفيدرالية الأمريكية في أفغانستان , لمواجهة الفيدرالية الطبقية  ليمتد فيما بعد الى أنحاء متفرقة من العالم , ومنها العراق,, وإذا ما تلكأت الولايات المتحدة الأمريكية  من كبح جماح القادم من إيران  , فانها ستضاعف من مخاطر جمة قد تعصف بما بنته في مئات السنين , ولعل ذكرى 11 أيلول وماحدث في نيويورك وواشنطن  مؤشرا على خطر الأسلام السياسي , ولا فرق بين مذهب وآخر , فالمفاتيح  كثيرة ومتعددة لـــ{جنةٍ واحدةٍ } مزعومة , ولايهم من تزهق روحه .
الخيار الفيدرالي لكردستان

كنت ٌ قد أشرت في مقدمة البحث هذا شيئا من التأريخ العراقي وتحديدا عن اليسار ومبدأيتهم أزاء الكورد والتركمان وبقية المكونات العراقية , ولم تفتر عزيمة الوطنيين العراقيين أزاء القضايا التي نجدها عائقا امام التطبيقات الديمقراطية , واليوم اذ نجد انفسنا وجها لوجه امام المسؤولية ,علينا واجب وطني مشترك وهو حل القضية الكردية بعيدا ً عن المناورات واللعب السياسية ,
فلقد اثبتت الوقائع ان الكثير من الأحزاب  القومية العربية والأسلامية لا تؤمن بخيارات الشعب الكردي سواء كان حكم ذاتيا ً او فيدرالية أو حق تقرير المصير الذي تؤمنه كل المواثيق الدولية , والتي يجب ان يلتزم بها من جاء بواسطتها !!
والحق ان التجمع الديمقراطي العراقي قد اعلن من على جريدته الغد الديمقراطي  في شباط 1992:::          ((إن الكثير من قوى المعارضة العراقية _حينها _  ولنكن صريحين في ذلك لا تؤمن بضرورة الإستجابة الى الحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي أو انها تتهرب من الإقرار بها علنا ًوتكتفي بالصيغ الفضفاضة والغامضة ......واننا نرى ان الحل الجذري للمسالة الكردية في عراق اليوم يكمن في الإعتراف الكامل بالحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي وبالديمقراطية الكاملة  للعراق. إذ لا يمكن الشروع في حل كل الشبكة المعقدة من المعضلات في البلاد إلا بالآقرار للشعب العراقي بعربه وكرده واقلياته القومية بحقه الذي لا نزاع فيه في تقرير المصير في ظل جكم ديمقراطي لا يُستفتى فيه على الديمقراطية كأسلوب في الحكم , ومن هنا فان على الحركة الكردية ان تأخذ في الإعتبار الى جانب مصلحة الشعب الكردي المشروعة مصالح الشعب العراقي العامة والمشروعة أيضا في وحدة العراق الأقليمية والسياسية ))
ومعلوم ان السلطة البعثية كانت قد اندحرت وسحبت بذلة كل مرافقها من غالبية كردستان عقب انتفاضة آذار وما اعقبها من تهديد همجي للشعب الكردي , حيث وضعت الإدارة الدولية متمثلة في هيئة الأمم المتحدة بعض التدابير..مناطق آمنة .. للحيلولة دون مواصلة سلطة صدام حرب الإبادة الجماعية المباشرة ضد الجماهير الكردستانية , والتي سارعت الى سد الفراغ الحاصل ومنحت الثقة لحكومة اقليمية مؤقتة , اصدرت قرارا يوضح العلاقة مع الحكومة المركزية : حيث جاء في نص القرار:-
إستنادا لاحكام الفقرة 2 من القانون رقم 1 لسنة 1992قرر المجلس الوطني لكردستان العراق :
تحديد العلاقة القانونية مع السلطة المركزية وإختيار المركز السياسي لأقليم كردستان العراق وشعبه إنطلاقا ًمن حقه المشروع في تقرير مصيره . على أساس الإتحاد الفيدرالي ضمن عراق ديمقراطي برلماني يؤمن بتعدد الأحزاب ويخدم حقوق الأنسان المعترف بها في العهود والمواثيق الدولية.

رشيد كرمة   
السويد /29 اكتوبر 2005[/b][/size][/font]