المحرر موضوع: طلاق الجلبي .. قرار أم أضطرار !  (زيارة 828 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Mohammed mahboub

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 13
    • مشاهدة الملف الشخصي
طلاق الجلبي .. قرار أم أضطرار !
محمد محبوب

لم يكن خبر طلاق الدكتور أحمد الجلبي من الإتلاف العراقي الموحد ( تحالف إسلامي شيعي ) مفاجئا بالنسبة لنا كمراقبين ومتابعيين لحالة التشكل السياسي التي تمر بها النخب السياسية العراقية والشيعية بصورة خاصة , بل إن زواج المتعة الذي ربطهما معا ماكان ينبغي ان يحصل أصلا حيث أضاع الدكتور الجلبي وقته وجهده كما أضاع آمالا واسعة وكبيرة لمؤيديه في الرهان على الحصان الخاطيء.

الدكتور الجلبي خانته حنكته السياسية كثيرا في إندفاعه مع أحزاب وتيارات دينية متشددة تحمل مشروع أقامة دولة إسلامية شيعية في العراق أو على الأقل في وسط وجنوب العراق , وهو مشروع لايتفق مع ليبرالية الجلبي الذي يعمل من أجل بناء دولة مدنية حديثة تقوم على مبادئ الديمقراطية والعلمانية.

وفي الوقت الذي كان العلمانيون والليبراليون والمستقلون والنخب المثقفة في الأوساط الشيعية يفتقدون بروز كتلة علمانية متنورة بعيدة عن الشبهات تستجيب لتطلعاتهم وميولهم الفكرية والسياسية وتنقذهم من هيمنة وضجيج الأحزاب الدينية , وكان الدكتور الجلبي لإعتبارات كثيرة مرشحا لقيادة مثل هذه الكتلة , غير انه خذل الجميع وأندفع وراء زعماء دينيين لاتربطهم به ثمة رابطة , كانوا يتحينون الفرصة للتخلص منه في الوقت المناسب وكنا نتوقع ذلك  وان طال الزمن وهو ماحدث فعلا قبيل إقفال باب تسجيل الكيانات السياسية بدقائق معدودات.

وكان من المؤمل ان يهتم الجلبي بتوسيع قاعدته الجماهيرية والتوجه نحو القوى الديمقراطية من الليبراليين والعلمانيين والنخب المثقفه المستقلة من مكونات الشعب العراقي كافة ,  وفي أوساط المثقفين من الشيعة الذين يمكن ان يمثلوا قاعدة حقيقية له , ان أحسن مخاطبتهم والتعامل معهم , غير انه للاسف أدار ظهره للجميع  ولم يعطي هذا الأمر الأهتمام المطلوب , ولم تحسن مكاتب المؤتمر الوطني في محافطات الوسط والجنوب أستقطاب الناس هناك بأتجاه توسيع القاعدة الجماهيرية للمؤتمر الوطني.

ويبدو ان الدكتور الجلبي كان وضع كل بيضه في سلة مرجعية السيد السستاني بأعتباره الشخص الكفيل الضامن لإلتزام الأحزاب الدينية بالقواعد التي قام عليها الإتلاف العراقي الموحد , وهو ماأكده الدكتور مضر شوكت القيادي البارز في المؤتمر الوطني في أحد أحاديثه التلفزيونية , ولا أدري كيف غاب عن  الجلبي وهو السياسي المحنك والعقل المتوثب , ان اللعبة السياسية لا تحتمل وجود ضمانات ولا مباديء , حتى ولو كان الطرف الآخر من الأحزاب الدينية.

ولم تكتف هذه الأحزاب والجماعات الدينية بإبعاد الجلبي عن قائمة الإتلاف العراقي الموحد بالرغم من انه كان عرابها وأحد أقطابها البارزين , بل سعت وعن تدبير مسبق لحرمان الجلبي من الوقت اللازم لإجراء إتصالات بالقوى والشخصيات السياسية بهدف تشكيل تحالف قوي قادر على خوض الإنتخابات القادمة بنجاح وإقتدار , لهذا جاء تحالفه مع الملكيين متسرعا ومفاجئا , وهي خطوة لم تلقى ترحيبا حتى من أنصار الجلبي ومؤيديه.

ان الدكتور أياد علاوي وبرغم ماضيه البعثي وترحمه على ميشيل عفلق وعلاقاته المثيره للجدل مع أطراف مشبوهة ,  يهتم كثيرا بتوسيع قاعدته الجماهيرية ويحرص على مد جسور التواصل مع الجميع داخل العراق وخارجه ولا سيما مع المنظمات والمثقفين , وأعد لكتلته منذ وقت مبكر وعمل على أستقطاب أحزاب وشخصيات فاعلة , ولا أذيع سرا إذا قلت ان الأصوات التي حصل عليها والبالغة أكثر من مليون ومائتي ألف , قد جاءت من أوساط شيعية , حيث لم يجد هؤلاء من يمنحونه صوتهم بعيدا عن قائمة الإتلاف العراقي الموحد .. قائمة الأحزاب الدينية التي تحمل مشروع دولة دينية في العراق .. سوى أياد علاوي.

وعلى أية حال يستطيع الدكتورأحمد الجلبي ـ إن كان راغبا بالخروج من عزلته عن الناس التي فرضها على نفسه ـ وبرغم قصر الفترة التي تفصلنا عن الإنتخابات أن يمد جسوره مع الناس ولا سيما في أوساط المثقفين من العلمانيين والليبراليين وفي أوساط النساء لبناء قاعدة جماهيرية مفقودة , ولا يغيب عن الجلبي ومستشاريه , ان الناس في وسط وجنوب العراق ممتعضون من ممارسات الأحزاب الدينية , ويتطلعون الى من يستحق صوتهم في الإنتخابات القادمة.

كاتب وأعلامي أكاديمي ومدير المركز العراقي الألماني
mahbob04@maktoob.com[/b][/size][/font]