المحرر موضوع: << حدثَ و يحدث في وطن >> مواقف و أبناء ... و بضع أوراق متناثرة  (زيارة 1244 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Adib Isho

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 9
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
                                                << حدث و يحدث في وطن >>
                                               مواقف و أبناء ...و بضع أوراق متناثرة


أديب إيشو




حدث و مع ولادة هذا الوطن ان تفتحت عيون البشرية جمعاء على حكاية قد لا تتكرر مجدداً لروعتها ..و قد لا يتقبلها العقل لعظمتها .
حدث ان حاول الكثير العبث بها و لا يزال .. حدث ان سقط البعض من أبناء هذا الوطن مع الغرباء في مستنقع واحد .. مستنقع العبث بالوطن ...العبث بالحقيقة وبالتاريخ .
في لحظة يأس لنفوسنا المتعبة من كل هذا الزيف الذي يغتالنا ، يحق لنا ان نتساءل : 
هل هي خطيئة وطن انه ولد كبيراً لأبناء يرفضون إلا ان يكونوا صغاراً ، أم هي خطيئة أبناء ولدوا صغاراً لوطن يرفض إلا ان يكون كبيراً ؟
 

* * *


نعترف بأننا خذلناك و قتلناك آلاف المرات !   

قليلة هي اللحظات التي تُؤرخ في سجل الخالدين ، و قليلون هم أولئك الذين يسطرون اسمائهم بمواقف أعظم .
من رحم العاصفة و المعاناة و الألم خرج رجل وهب نفسه لخدمة رمز ، و ارتضى ان يكون عبداً و خادماً أميناً . شاهد و عاصر و تحمل . أرهقته سنوات العمل ، لكنه لم يتذمر و بقي يقابل التحديات بابتسامة الواثقين و بإدراك العارفين و بصلاة أنقياء القلوب .. القلوب المؤمنة و الكبيرة .
و في إحدى الليالي اضطرب قلبه و تعب ، فانهار جاثياً على ركبتيه يردد :
الهي لماذا تركتني ؟
يومها عاتب الله ، قال كلاماً كثيراً و صلى مطولاً و تأمل عميقاً في كلماته و صلواته .. لكنه صمت فجأة، توقف عن كل شيء فكان ان توقف الزمن . وقف على قدميه مجدداً فكان ان خُلد المكان .
اعتذر لكل الملائكة و الرسل و الأنبياء الذين حضروا المكان ، اعتذر مرتين ، الأولى لأنه قاطعهم في وعظاتهم ، و الثانية لأنه طلب مغادرتهم المكان .
في النهاية اعتذر حتى من نفسه و كيف ينسى انه نذر نفسه عبداً !
خرج من مخدعه حاملاً الايمان و الحكمة و التضحية و الشجاعة . خرج مبتسماً وواثقاً . لم يرى أحد دمعته فقد خبأها في قلبه الجريح . لم يلحظ أحد انه كان ينزف لأنه كابر على الجرح .
الجميع كان مهتماً بما سيقول ؟ و الجميع كان خائفاً من المجهول .. من العبودية .

هدّأ الجميع و أدهشهم قائلاً  :
لقد عهد الي بأمر شعبي و هو كثير العدد فهل استطيع ان اخون الامانة في سبيل انقاذ شخص واحد و ان كان اخي. 

بعد هذه السنوات كلها ، لا بد ان نعترف إننا لم نفهم بعد معنى كلامك و عمق آلامك و تضحياتك أيها الرمز ،  فنحن الآن منهمكين بما هو أهم ، منهمكين كيف نصل إلى القمة سريعاً ؟ كيف نصبح جميعنا سادة ؟! و في هذا السباق يؤسفنا ان نخبرك إننا ندوس بأقدامنا على الرمز الذي كنت عبداً له ، و إننا نسلم بعضنا البعض و بأبخس الأسعار .
و يؤسفنا ان نخبرك إننا الآن مجرد عبيد نُباع و نُشترى و ان أسعارنا باتت رخيصة جداً ، أكثر مما تتصور يا شهيد الأمة الآشورية ، يا من خذلناك و قتلناك آلاف المرات .

* * * * * * * * * * * *
مؤتمر و رسالة و سلة قمامة

تصدرت أخبار ذلك المؤتمر جميع وسائل الاعلام ، و بات حديث الناس و شاغلهم ، فهو المؤتمر الذي تم التحضير له مبكراً .
جميع الأحزاب ـ وعلى غير العادة ـ أصرت على الحضور ، وذلك لأن رفض الدعوة كان سيعتبر بمثابة خطوة انهزامية و جميع الأحزاب ـ و جرياً على العادة ـ كانت تعتبر نفسها أحزاب تقدمية ! .

كانت قاعة المؤتمر قبل انعقاده بساعة هادئة ، تماماً كذلك الهدوء الذي يسبق العاصفة .
ها قد دنت الساعة و بدأ الجميع بالتوافد إلى قاعة المؤتمر تسبقهم الحقائب و الملفات و الوثائق .
بدأت الجلسة ـ كما قيل ـ بدقيقة صمت على أرواح الشهداء ، تخللتها دقائق من لغة العيون فيما كانت الأوراق و المجلدات و الأقلام تتزاحم على الطاولة .

بعد ساعة من النقاش و الجدال و المداخلات ، حدث ما كان الجميع قد استعد له مسبقاً ـ بحكم العادة ـ فقد حدث ان اختلف ممثلي الأحزاب الذين يمثلون أمة عمرها آلاف السنين ؟ و على ماذا ؟!
اختلفوا في كيفية ايجاد اجندة مشتركة تكون المحور الأساسي للمشروع القومي المنتظر !

و سرعان ما علا الصياح ، تلاه بعض الاحتجاج ، فكان ان هدد البعض بالمقاطعة ! البعض الآخر اختصر الوقت و انسحب مباشرة .
و ما هي إلا دقائق حتى عادت القاعة إلى هدوئها السابق ، فكان الهدوء الذي يسبق العاصفة ! .

في المساء دخل عامل التنظيفات تلك الصالة و جمع كل الأوراق و الملفات التي خلفها ممثلي [ أمة بلا أجندة ] من على الطاولة و ألقى بها في سلة القمامة قائلاً و متذمراً : يا لهذه الفوضى  .

في صباح اليوم التالي ، كانت جميع الأحزاب التي حضرت المؤتمر قد انهت بياناتها النارية و التقدمية و القومية بعبارة : " و الخلود لرسالتنا "! .


* * * * * * * * * * * *   



مقالة و شاهد على الدمار !


امسك القلم مجدداً ( ياللمصيبة ) و قرر ان يكتب مقالاً جديداً ، فهو يعتبر نفسه من أصحاب الكلمة الحرة و الحرة من كل شيء .
شعر في قرارة نفسه ان صوتاً بعيداً يناديه : أين صوتك .. أين قلمك ... و في الحال و على طريقة دونكيشوت ، بدأ يلوح بقلمه يميناً و يساراً ، فوقاً و تحتاً يحارب طواحين الهواء ! هي تدور و هو يصرخ ها أنذا .. ! موعظة تلو الأخرى ، الأنبياء اصطفوا رتلاً بانتظار ان يحشوهم في المقالة ، لكن هيهات ان يحدث ذلك قبل ثناء الأحياء ، فهم الاولى و الأقرباء أولى بالمعروف ، و في البدء كان سعادته و في النهاية كان سعادته و سعادته  لم يسترح حتى في يوم الراحة ! .

أخيراً و قبل ان يسقط فارسنا من شدة التعب ، تذكر انه نسي حشو ترنيمته المفضلة و تذكر انه قد يُعاتب في محفله على هكذا هفوة ! فعاد و كتب :
( بعد ان تم القضاء على الأمبراطورية الآشورية قضاءاً مبرماً )
فبحث لها عن مكان مناسب و ألصقها و توتة توتة خلصت الحتوتة ! و من ثم عاد إلى سباته بانتظار من يوقظه و يذكّرنا بمصيبتنا .

لهذا الشاهد نقول :

ليت قُضي علينا يومها قضاءاً مبرماً ، و لا وصلنا إلى هكذا يوم أسود حيث يغمس فيه البعض برؤوسهم في ذكريات أليمة و من ثم ليعودوا مغردين و فرحين : هه هه لقد قُضي علينا ! .
ليت قُضي علينا يومها قضاءاً مبرماً ، و لكن هذا لم يحدث فها أنت تتكلم و نحن نبتلي ، و الأبن الضال مسألة قد لا تكون لها علاقة لابالوالدين و لا بالتربية و لا بالبيئة ، هي في كثير من الأحيان مسألة غير مفهومة ! تماماً كالهذيان الذي يسمى أحياناً مقالة ! .


* * * * * * * * * * * *



دردشة براغماتية بين فلاح و أكاديمي     

ـ لما أنت مستعجل أيها الشيخ ؟
التفت أبو نينوس فرأى جاره الملقب بأخيقار " ذلك لكثرة السنين التي قضاها في مجال التحصيل العلمي و لكثرة الشهادات التي كان يحملها "
ـ من ! أخيقارنا الحكيم ، أهلاً و سهلاً . مر زمن طويل لم أراك فيه .
ـ رأيتك تمر من أمام البيت ، فأردت أن أعطيك دعوة لحضور المحاضرة التي سألقيها في الاسبوع المقبل . الدعوة مفتوحة و يهمني ان يحضر ابنك الشاب ، فنحن بحاجة لهذا الجيل و هو مسؤوليتنا و يجب علينا تحضيره ايديولوجياً لتحديات المستقبل .
ـ يهمك ابني ! جميل ان اسمع هذا الكلام ، لكن دعني أسألك أولاً :
أين تقف الآن ؟ و اعذرني لهذا السؤال و لا تنسى ان ابني هو كل ما يهمني في هذه الدنيا .
ـ لم أفهم ما تقصد ؟!
ـ اعذرني فأنا أخاف من طبقة المثقفين كثيراً ، فهم غالباً ما يبدلون ألوانهم بسرعة و ببراعة  . أعرف الكثير ممن يتباكون على قبر لينين صباحاً و ينشدون الأناشيد القومية ظهراً و ينشدون المسيح مخلصاً قبل النوم ! . و قد كثرت هذه الظاهرة بشكل مخيف ، بعكسنا نحن الذين لم نكمل تعليمنا فالذي توارثناه ، أبقانا أنقياء من كل هذا التلوث الموجود من حولنا .
ـ " ضاحكاً " أيها الشيخ العجوز ! منذ سنين و بسبب ظروف العمل و الدراسة  لم يتسنى لنا ان نتحاور ، و هذه دعوة للحوار .
ـ " و قد بدأ يتصفح البطاقة " و ما هي إلا ثوان حتى بادر بالسؤال و الإيضاح : ماذا تعني بالدعوة إلى شعبنا المسيحي ؟
ـ ببساطة ، الدعوة موجهة إلى شعبنا المسيحي .
ـ و لكن من تقصد بشعبنا المسيحي ؟
ـ أقصد أنا و أنت و أهل القرية و جميع ..
ـ"مقاطعاً " كل هؤلاء الذين ذكرتهم ينتمون إلى أمة واحدة و هم شعب واحد . هلا تفضلت و قلت لي اسم هذا الشعب ؟
ـ يا أبو نينوس ، آن لنا ان نكون براغماتيين ..
ـ "مقاطعاً مرة أخرى " ياللكارثة ! هل هذه تسمية جديدة ؟!
ـ " محاولاً إخفاء ضحكته " لا لا يا أيها الفلاح الطيب ! إنما هو مصطلح معقد بعض الشيء و لا أعرف كيف أشرحه لك بشكل مبسط .
ـ حسناً ، تريد ان تقول بأن شعبنا و بعد آلاف السنين ، أصبح اسمه الشعب المسيحي ؟
ـ و لما لا ، دعني أشرح لك وجهة نظري ..
ـ عفواً ، قبل ان تشرح ، لماذا لا تدعو مسيحيي بريطانيا و روسيا و فرنسا ، فهؤلاء و حسب معلوماتي و حسب نظريتك هم أيضاً من أبناء شعبنا المسيحي ! . ما بك يا حكيم ؟! لما هذا التنكر للهوية و كأني بك تخجل من هذه الهوية ، أو ربما أصبحت من تلك الجماعات الدينية و التي لا هدف لها سوى لعن الاسم الآشوري و تحقيره ؟!
ـ ما عاذ الله ان أفعل ذلك ، لكن لماذا يجب علينا إقحام الأسم الآشوري بمناسبة و بغير مناسبة ، بإمكاننا العيش و التواصل بدون أسماء .. بكلام آخر ..
ـ " و قد بدت عليه علامات الأسف و الغضب "
لم يعد لدي وقت لسماع كلام آخر ! فأنا مستعجل ، أتعرف لماذا ؟
هناك كوكب قارب على المغيب اسمه / الشمس / و يجب علي أن أذهب إلى مكان اسمه / الحظيرة /  أتعرف لماذا ؟
لكي أطعم حيوان اسمه / البقرة /  أتعرف لماذا ؟
لكي تنتج لنا في المقابل منتوجاً اسمه / الحليب / أتعرف لماذا ؟
لكي نصنع منه منتوجات اسمها / اللبن / و / الجبن /  أتعرف لماذا ؟
لأننا نحتاج إلى غذاء صحي و بالأخص الجزء الذي يسمى / الدماغ / أتعرف لماذا ؟
لأن زينة الانسان نعمة  اسمها / العقل / !
أترى يا حكيم ، لكل شيء اسمه ! إلا في محاضراتك و قاموسك ، لا شيء لا شيء ...
هل فهمت الآن ماذا قصدت عندما سألتك ، أين تقف الآن ؟ و هل تعرف بأنك تقف في الطريق الخطأ ! و هل تعرف بأنك تضع العصي في العجلات ! و هل تعرف من اخترع العجلات ؟! أم انك تريد إخبار إبني بأن المسيحيين هم الذين اخترعوا العجلات يا .... براغماتي ! .


 * * * * * * * * * * *     



حقولنا القرمزية .. و الخضراء

و هي طفلة بدأت أناملها الرقيقة تنساب بنعومة على آلة البيانو . احبت الموسيقى و أدركت و هي طفلة ان الموسيقى هي غذاء الروح ، ففاضت روحها و هامت كسحابة مطر بريئة و نقية تبحث عن عن أرض عطشى لترويها .. عن أناس فقدوا الأمل لتحييه ... أمطرت برهافة حس .. غنت و رقصت برشاقة على الجليد و عندما كبرت وجدت نفسها في أرض بعيدة جداً و غريبة .

بدأت تكتب حكايا الناس .. أحزانهم و أفراحهم ..آهاتهم و بسماتهم . لامست بأناملها ما تعانيه هواجس الروح المتعبة و بذات الأنامل راحت تعزف الموسيقى باعثة الأمل و الحياة في نفوس الناس الذين عرفوها و لم يعرفوها ... تأملت في وجوههم فأدركت ما في أعماقهم ..أفرحها ذلك فتقمصت أدوارهم و أتقنتها فأعجبها ذلك ! احترفت اللعبة و بدأت تنتقل من شخصية إلى أخرى و في عالم كبير اسمه هوليود اصبحت لها اسم مثل الكبار و اصبحت ممثلة .

وصلت إلى كل ما يطمح إليه الانسان ، هذا المخلوق الذي يدّعي و يتملق و يجامل و يتجاهل و الذي غالباً ما ينسى حتى اسمه . و عندما أتى دورها لكي تمارس لعبة النسيان ، تذكرت الجليد الذي رقصت عليه و حكايا الجليد التي أودعتها في ذاكرتها و وجدانها و كيف انها اخفت تحت ذلك الجليد جمرة نار قرمزية أدفئتها في حلها و ترحالها .

عادت إلى ذلك الجليد مجدداً .. رقصت بحزن و بكبرياء ... غاصت في ذكريات الماضي و آلامه ... لم تنتبه لدموعها و ربما لم تكترث ... لم تحزن على الجليد الذي تكسر و ربما اعتقدت انه لم يتكسر ... امسكت بجمرة النار و كتبت كيف أنسى حقولنا و أسّمتها قرمزية .

كتبت حكاية شعب قُتل و ذُبح و شُرد و هُجر . مارست احساس الفنان الملتزم الذي لا ينسى تراثه و ماضيه .

نعم هكذا أرادت روزي مالك يونان ان تقول للعالم :
مهلاً أيها العالم المتحضر ! لماذا تجاهلتم دماء أولئك الأبرياء ؟
و هكذا أرادت ان تقول لأبناء شعبها الآشوري :
حقولنا كانت قرمزية و لا زالت ! فما بالكم تتقاتلون و على ماذا ؟!
و هكذا أرادت ان توجه رسالة إلى الأجيال القادمة :
في سطرها الأول و المقروء  : " هذه هي مأساة شعب فإياكم و النسيان !
في سطرها الثاني و الغير مقروء :" هذه هي قصة انسانة اجتهدت فإياكم و اليأس !

فتحية لك أيتها الوردة الآشورية و شكراً لك . كم كنا بحاجة إليك في هذا الزمن الرديء ، فقد كدنا ننسى ان علينا ان نداوي جروحنا و نطهرها قبل ان نتعارك فيما بيننا على من يدخل حدائقنا المعلقة أولاً ! هذه الجنائن التي يلفها الشوك من كل حدب و صوب و يكاد يقتلها و يقتلنا .


* * * * * * * * * * * *



مثل بقية خلق الله ... و كلمة الختام

في مقابلة جرت مؤخراً مع الفنانة المتألقة جوليانا جندو ، سفيرة الأغنية الآشورية و المتمكنة من لهجاتها الجميلة ، سُئلت عن أمنيتها ؟ فأجابت و بشجاعة قلما نجدها لدى العاملين في الشأن السياسي :
[ أحلم ان يكون لنا وطن مثل بقية خلق الله ]

مشكلتنا يا عزيزتي جوليانا ان هناك الكثير من أبناء هذا الوطن لا يريدون ان يكونوا مثل بقية خلق الله ! و لذلك تحتار معنا بقية شعوب الله السامية منها و غير السامية ، و لذات السبب احتار معنا حتى الله نفسه و أغلب الظن انه هجرنا بعد أصابه التعب و اليأس و الملل من هكذا وطن و هكذا أبناء و لعله يتساءل :
كيف يحدث هذا ؟!