المحرر موضوع: الأنتخابات بين "الدين والدنيا" وحراب المليشيات  (زيارة 1034 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Taqi Alwazzan

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 50
    • مشاهدة الملف الشخصي
الأنتخابات بين "الدين والدنيا" وحراب المليشيات
تقي الوزان
Wz_1950@yahoo.com

منذ الانتخابات الاولى ولغاية الانتخابات الثانية التي ستجري في الخامس عشر من كانون الاول القادم يكون قد مضى ما يقارب السنة . وفي هذه الفترة القصيرة جرت مياه كثيرة وسريعة . وروافد عدة نرجو لها ان تستمر في تواصلها وصبها في النهر الديمقراطي العراقي . الذي سيوصلنا حتماً لبناء العراق الحر المعاصر . ونرجو ان يكون هذا التواصل بالشكل الصحيح ولا تسرق مياه الروافد لهذه الجهة أو تلك , أو تحرف مجاريها لهذه الدولة او تلك .                                 
مثلما هو معروف فقد جرت الانتخابات الاولى بشكل سريع . ولنخب سياسية لم تشارك في اسقاط النظام بشكل مباشر . فإسقاط النظام تم على يد قوات الاحتلال,  وبمساعدة الجيش العراقي الذي تخلى عن صدام وتسرب منتسبوه الى مدنهم وعوائلهم .   
جرت الانتخابات في ظل بروز السيد علي السيستاني كسلطة روحية بديلة عن السلطة الغاشمة . توجه وتقود أغلب العراقيين في الوسط  والجنوب . والذين خرجوا لتوهم من جبروت النظام المقبور , ووجدوا في الاندفاع المذهبي تعبيراً عن حريتهم وخلاصهم , ليلحقوا بالاخوة الاكراد الذين سبقوهم بحريتهم القومية . وتمكن السيد السيستاني من توحيد قائمة الائتلاف , وإنهاء , أو تجميد التناقضات بين مكوناتها من جهة ، ومن جهة أخرى أستطاع القضاء على محاولات الجماعات السلفية من التكفيريين السنة وعصابات البعث المقبور لإشعال نيران الحرب الاهلية .                     
الأنتخابات الاولى التي أصر السيد علي السيستاني على أجرائها مبكراً , يمكن أن نسميها أنتخابات السيستاني . وهذا ليس تقليلاً من شأنها . . بالعكس , فقد كانت الخطوة الاولى في المسيرة الجماهيرية رغم كل النواقص التي رافقتها . وبمباركة السيد السيستاني توجهت أعداد كبيره من الناخبين مخاطرين بحياتهم لتمنح أصواتها للنخب الجديدة , وتعطيها الشرعية.

أمام هذه اللوحة جرى إختزال الوحدة الوطنية - بالتناغم مع رغبات قوات الاحتلال - الى مكونات ثلاث [ السنة والشيعة والاكراد] . السنة قاطعوا الانتخابات للاسباب المعروفة . فظهر فوز القائمتين الكبيرتين على التوالي الشيعية والكردية. ولم تتمكن القوى العلمانية واليسارية والليبرالية في وقتها من توحيد صفوفها , مما شتت اصواتها .                         
لقد تأخر تشكيل الحكومة بين القائمتين الفائزتين الشيعية والكردية لأكثر من ثلاثة أشهر . وعكس هذا التأخير بشكل مبكر حقيقة التناقض بين القائمتين . وتجلى ذلك واضحاً في الفشل الكبير الذي رافق أداء حكومة الدكتور ابراهيم الجعفري طيلة الفترة السابقة .
ليس بتدهور الأمن والحالة المعيشية والخدمات فقط ،  بل بتقاسم النفوذ والسلطة بين مليشيات الاحزاب المكونة للحكومة . والتي رفضت أن تحل نفسها حسب الاتفاق السابق . وهذه النقطة هي الاخطر على مسيرة الديمقراطية في العراق .
خاصة إذا علمنا إن بعض هذه المليشيات مخترق من قبل المخابرات الايرانية . ويجري تسيير هذا البعض وفق مصلحة حكومة ولاية  الفقيه الايرانية.                                                                     
اليوم وقد أنجز الدستور , وتمت الموافقة عليه . وبإنتظار الأنتخابات القادمة التي سنودع فيها المرحلة الانتقالية وننتقل لمرحلة الثبات وإكمال البنى القانونية للدستور . ومع كل تطور وإنجاز يصاحب عملية بناء المؤسسة السياسية العراقية ترتفع درجة الصراع مع القوى المتضررة من بقايا النظام المقبور , والتي تحاول إيقاف عملية التطور بأي ثمن . وكذلك الصراع القائم بين مكونات الحركة الوطنية التي دخلت العملية السياسية السلمية .                                           
ومن أهم المياه التي جرت ونحن على أبواب الانتخابات الثانية هو سحب تأييد السيد علي السيستاني والمرجعية في النجف لأي قائمة أو جهة أو حزب يدخل الانتخابات . في خطوة موفقة لترك الناس بإختيار ممثليهم وعدم مصادرة حريتهم. كان ذلك من خلال بيان السيد السيستاني الذي حث الشعب فيه على انتخاب من يمثله في [دينه ودنياه] .[ دينه ودنياه ] ستؤل على أنها إشارة وتحبيذ لقائمة الطائفة الشيعية "الأئتلاف".
وعليه يرجى إلحاقها بفتوى أو بيان آخر أوضح يؤكد عدم إنحياز المرجعية لأي جهة سياسية . وحتى لايبقى الناخب الشيعي في حيرة من أمره أولاً , وثانياً أن لا تستغل المرجعية مرةً اخرى من قبل دعاة قائمة الائتلاف التي أحبطت آمال المرجعية في إدائها الحكومي الفاشل , بعد إنحياز المرجعية لها في الانتخابات الاولى .                                                                                             
يندهش الكثيرون كيف تمكنت قائمة "الائتلاف" بالدخول مرة ثانية الى الانتخابات رغم كل التناقضات التي بين مكوناتها. والتي وصل الصراع بين بعض أطرافها الى لغة السلاح. ويرجع أحد الاخوة الكتاب الى امكانية السيد عبد العزيز الحكيم السياسية في لم شمل القائمة .
وما من شك أن السيد عبد العزيز الحكيم فاشل بكل معنى الكلمة من الناحية السياسية . وحتى لا يؤول الكلام بشكل سلبي. نعرف ان السيد عبد العزيز الحكيم هو شخص عالي المبدئية .
والصلابة المبدئية هي عكس المرونة السياسية. ومبدئية السيد الحكيم في انتمائه المذهبي ليست بحاجة الى دليل. وكلنا نذكر رئاسته في الدورة الشهرية لمجلس الحكم المنحل. وأبرز ممارستين له .
الاولى مطالبته بتعويض إيران بمائة مليار دولار. والثانية إصدار القرار 137 الذي يحرم المرأة من حقوقها التي حصلت عليها إبان ثورة تموز قبل ما يقرب النصف قرن .         
يقول البعض الاخر أن إستمرار قائمة الائتلاف يعود الى جهة اخرى لها إمكانية السيطرة والتوجيه أكثر من امكانية الأفراد. 
وما دامت الاتجاهات غير معروفة النتائج كما جرى في الانتخابات الاولى . فسيكون للمليشيات التي رفضت حل نفسها , والتي تعمل تحت ظل الحكومة ، اليد الطولى في تحديد وجهة الناخب . ولن تستطع المفوضية العليا للانتخابات , ومراقبي الامم المتحدة والهيئات الدولية , وممثلي الكيانات السياسية العراقية أن تفرض شروط النزاهة على الانتخابات , طالما تبغي هذه المليشيات الحصول على النسبة الاكبر للاصوات . سواء بتخويف الناس أو بالتزوير أو إستخدام السلاح اذا إقتضت الضرورة . ولابد من إيجاد صيغه تمنع وجود هذه المليشيات في المراكز الانتخابية .
وحبذا لو أصدرت المفوضية العليا للانتخابات قانون يسقط  مجموع الاصوات التي تحصل عليها أية قائمة تستخدم مليشياتها في المنطقة المحددة لهذا الاستخدام . والا سيطعن في شرعيتها ليس لكونها تجري تحت سلطات الاحتلال . بل تحت حراب المليشيات .  [/b] [/size] [/font]