المحرر موضوع: المسلم الوحيد في الصف كان مسيحيا  (زيارة 1896 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل رزاق عبود

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 390
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
المسلم الوحيد في الصف كان مسيحيا
رزاق عبود
 
ـ الان صدقتك، واصبحت متأكدة، وفاهمة لما تردده من ان العراقيين لهم خصوصيتهم، وانهم يختلفون عن الاخرين، بطباعهم، وتصرفاتهم، وتعاملهم مع بعضهم.
 
استغربت من كلام زميلتي المعلمة التي فاجأتني بزيارتها في غرفة عملي، وهي لم تبد، يوما ما، اي نوع من التجاوب، او التفاعل مع ما كنت اردده على مسامع زملائي، وزميلاتي في مدرسة تعليم الكبارعن اننا شعب التسامح، واننا كنا نعيش سوية دون نزاعات، او احقاد، وان الاحترام كان متبادلا بين اتباع الديانات، وكان من العيب ان تسال الانسان عن دينه، اومذهبه، او قوميته. وهذا لم يكن ناتجا عن قمع، او خوف، او اوامر فوقية. بل هي تربية بيتيه، وثقافة قبول الاخر،كما هو الحال في اي ميناء اخر في العالم. انني اتحدث في الاقل عن بصرتي الجميله وفسيفسائها الرائع، وتعايش المسلمين مع المسيحيين، وغيرهم من الاديان، وكنت افتخر ان العراق مهد اقدم ديانه موحده: المندائيه. كنت اتحدث عن ضعف الاحتقان الديني، او الطائفي، او القومي،او العنصري. وان بلادنا لم تشهد حربا دينيه، او طائفية غير ضغط السلطة السياسي.
 
كانت زميلتي السويدية هذه ترفض كل هذا، وتنظر بعين الشك لكل ما اقوله، وتعتبره ادعاءات مختلقة. وتصرعلى سيادة النزاعات، والضغوط، واحتقار المرأة، و..و..و كل ما تركه العثمانيون من صورة سيئة  عن العرب، والمسلمين، والشرق بصورة عامة، في اذهان الاوربيين. كاناس غلاض، فظي التعامل، خشني المعشر، يقتلون، ويسرقون بعضهم، جلاف الطبع و.. و.. الكثير من الضغائن، والاحكام المسبقة. كانت تسخر، وتعلق باسلوب استفزازي، وتهكمي يحرج الزملاء الاخرين الذين ما تعودوا على هذه الردود الخشنه من انسان سويدي.
 
وقفت مشدوها لا افقه شيئآ، كمن يواجه لغزا محيرآ، فاستدركت لتريحني من حيرتي، وتعجبي، لهذا التغير المفاجئ الذي ظننته اول الامر مزحة ثقيلة، او استهزاء فض. اضافت:
 
ـ اليوم فقط صدقتك، وامنت بما تقول عن التسامح، والتعايش في العراق. فاليوم كنت اتحدث كعادتي عما اتصوره عن حياتكم، وتحدثت عن احتقاركم للمراة، وقتل المسيحيين في الشوارع، وعن فرض الحجاب وعدم وجود جامعات، وان البنات لا تذهب الى المدرسة. فتصدى لي احدهم، ورد على كل ما قلته، واكد ان هذا ليس صحيحا، وقال اننا كعراقيين نتعايش، وتنزاور، ونتزاوج، ونحتفل بالاعياد سوية.و..و.. وظل يتحدث مثلك.
ـ ولماذا صدقتيه ولم تصدقيني؟
ـ احزر من يكون؟ ثم ذكرت اسمه.
ـ ولكنه مسيحي عراقي، انه اشوري، او كلداني
ـ نعم دافع عن الاسلام بشكل عجيب. في حين سكت جميع المسلمين في الصف، وكلهم مؤمنين، ومؤمنات. يبدو انهم لم يقتنعوا بعد، انني هنا لا امثل سلطة. وفي الواقع انا كنت اشك باهمية دروسك عن تعدد الثقافات، والاندماج، ولكني اقتنعت الان باهميتها، وارجو ان تحضر الى صفي لتحدثهم عن مشاكل الاختلافات الثقافية كما تفعل مع بقية الصفوف.
 
شعرت بفخر كبير، واعتزاز، لا يصدق، وكدت اطير من الفرح، والزهو.فهذا عهدي ببناة حضارة وادي الرافدين. استفسرت منها ان كانت قد سالته عن سبب دفاعه، وبقية المسلمين صامتين. اجابت انه رد عليها بانك تسيئين الى ابناء، وطني، وتشوهين سمعة شعبي. نحن لنا عادات، وتقاليد، واخلاق، وقيم مشتركة انتم تسموها اسلامية، ونحن نقول عراقية. انها هويتنا الوطنية فكيف لا ادافع عنها؟! ثم انصرفت جدلة كمن اكتشف كنزا، او ازاحت عن ضميرها ذنبا.
 
بعدها تقاطر علي تلاميذها افرادا، وجماعات، وكلهم مسلمين، وتحدثوا بفخر، واعتزازعن زميلهم المسيحي، وكيف القم المعلمة "الحاقدة" الف حجر. وتجددت حيرتي فسالتهم، ولماذا جائوا الي، فردوا بصوت واحد لانها صرخت في الصف الان صدقت رزاق. سموها "الصديقه" اذن! علقت مازحا. وضحكنا بزهو جميعا.
 
صدق فؤاد سالم وهو يغني: "ما نلگه مثل عراقنا عراق"
 
آه متى تعود يا عراقنا؟؟؟
 
رزاق عبود[/b][/size][/font]