المحرر موضوع: مقدمة من الذاكرة  (زيارة 772 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل محمد علي محيي الدين

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 637
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
مقدمة من الذاكرة
« في: 08:47 07/04/2008 »
مقدمة من الذاكرة



  كثيرون مروا في طريق النضال الطويل،وسطروا صفحات بيضاء في تاريخ الحزب والوطن،ومضات المسيرة حافلة بمئات الأسماء التي تستحق أن يكون لها مكانها في هذا السفر الطويل،فقد أفنوا زهرة شبابهم في دروب النضال الوطني لا طمعا بمكسب أو جاه،ولا رجاء لمنفعة أو ربح أو مديح،بل أيمان راسخ بسموا المبادئ التي آمنوا بها وضحوا في سبيلها،فاستحقوا الحمد والثناء على جميل ما أدوا وقدموا لشعبهم وحزبهم المجيد،وحق لهم أن تخلد أسمائهم في استذكار لمواقفهم،وإشارة لمحطات حياتهم الحافلة بالمآثر والأمجاد.
 والحلة بامتدادها الجغرافي زاخرة بالعديد من الرجال الذين اعتلوا صهوات المجد،وناضلوا بثبات وتضحية ونكران ذات،وتصدروا النضال الوطني لعقود،وقادوا كفاح شعبهم دون أن ترهبهم سياط البغي وزنزانات الطغاة،أو إرهاب السلطات الدكتاتورية المتعاقبة،فكانوا مثالا يحتذي للأجيال اللاحقة،يترسمون خطاهم،ويتابعون أثارهم،لإكمال المسيرة،وبناء العراق،ولا زال الكثيرون منهم،رغم تقدم السن،ومشاغل الحياة،والأمراض التي تناهشتهم،يؤدون دورهم على أحسن ما يكون الأداء،ويسهمون بشكل فاعل في التوجيه والإرشاد،والمشاركة الدءوبة في الكثير من الفعاليات والنشاطات النضالية،رغم تغير العهود والأزمان.
  لذلك رأيت من الواجب،والعرفان بالجميل،أن أتناول في عجالة شذرات مضيئة وومضات لامعة،من هذا السفر النضالي المجيد،وأذكر بعضا مما لا زال حيا في ذاكرة من عاصرهم أو عمل معهم من رفاق الدرب،أسهاما في كتابة تاريخ الحزب الشيوعي العراقي،الذي يحتاج إلى الكثير من التحقيق والتنقيب،بسبب الظروف الشاذة التي عصفت بالعراق،وفقد خلالها الكثير من الوثائق التي تؤرخ تلك الفترة،ورحيل الكثيرين ممن أسهموا في تسطير التاريخ الشيوعي الناصع،وكان على قيادة الحزب الاستفادة من الرعيل الأول وقدامى المناضلين الذين واكبوا مسيرة الحزب وأسهموا في النضال الوطني،لوضع أرشيف متكامل للأحداث العاصفة ومراحل المسيرة الشيوعية،الا أنهم ولأسباب ذاتية وموضوعية تجاهلوا هذا الجانب،فذهب الكثير مع ذهاب هؤلاء،وأصبح من العسير الإلمام بالجوانب المضيئة للسفر الشيوعي،ورغم أن الحزب الشيوعي شكل لجان عدة من داخل اللجنة المركزية لجمع الوثائق وأعداد مسودة تطرح للمناقشة من قبل الباحثين إلا أن الموضوع تلكأ بسبب اعتماد الحزب على عناصر غير مؤهلة أساسا للقيام بمثل هذا العمل الخطير رغم توفر الظروف الميسرة لانجازه ،وتوفر الإمكانية لإكماله بسبب الظروف السابقة المعروفة وما كان للحزب من إمكانيات خارجية تجعل هذا الأمر على أسهل ما يكون،وبسبب البيروقراطية التي عليها الرفاق المكلفين بهذا الأمر فقد ذهبت تلك الجهود هباء وفقدت آلاف الوثائق بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ،والتي كانت محفوظة على ما قيل في مبنى مجلة  الوقت،وكذلك ما ذكر عدة مرات عن تشكيل لجنة لكتابي سجل الشهداء ،حيث أخرجت اللجنة النائمة كتيبا صغيرا جمعت فيه ما نشر عن بعض الشهداء مما كتبه رفاق من خارج اللجنة،أما اللجنة المحترمة فلا تزال نائمة تغط بالشخير رغم أن الرفيق جاسم هداد قد أخذ على نفسه العهد بإنجاز هذه المهمة،ولكنه ذهب بسبات عميق لن يفيق منه إلا في اليوم الموعود!!، وكان الجهد المشكور للرفيق عزيز سباهي في كتابة تاريخ الحزب الشيوعي ما يستحق الإشادة رغم ما أعتوره من نقص لأسباب بعيدة عن عمل المؤلف الفاضل ،والتي ظهرت ملاحظات عنها فيما كتبه الرفيق جاسم الحلوائي،وقد تناول التاريخ العام للحزب فيما تيسر له من وثائق دون الدخول في التفاصيل الثانوية التي نحاول استجلائها فيما نكتب  عن رفاق كانت لهم بصمات واضحة في مسيرة الحزب،وفيما يكتبه بعض الرفاق من ذكريات أو مذكرات عن دورهم في نضال الحزب ،فجاءت ذكرياتهم ومذكراتهم إكمال للكمال فقد حوت الكثير من التفاصيل عن دقائق المسيرة الشيوعية الظافرة ،وهذه قد تعين مستقبلا في استكمال التاريخ الشيوعي بجزئياته المختلفة ومحطاته الكثير
  والمفيد في هذه   الكتابات أنها تسجل مراحل مهمة من النضال الفردي الذي هو الأساس في النضال الجمعي للحزب ،فلا قيادة بدون قواعد وكوادر تتحمل أعباء العمل ،ويقع على عاتقها الجزء الأكبر من العمل الميداني المشوب بالكثير من المشاكل والصعاب والأخطار التي تحيط بالعمل السري وما يتطلب من قدرات ومناورات وقابليات،وتستلهم منها الأجيال القادمة أساليب  النضال والكفاح،ويكون درسا مفيدا للعاملين في الأوساط الجماهيرية،يستمدون منه العبرة والفائدة،ويحفظ أسناء كانت لها أثارها الواضحة في تاريخ الحزب،مما يشكل دفعا للآخرين ليحذوا حذوهم،ويسيروا على هديهم،بالاستفادة من تجاربهم وخبراتهم العملية في النضال،ويكونوا مثالا للآتين في عظيم تضحيتهم وما أبدوا من ضروب البسالة والأقدام .
 ولا أدعي الإحاطة بكل ما يستحق التسجيل والتنويه،ولكنها شذرات تتبعها صفحات أخرى لازالت قيد الدرس والأعداد،قد تجد طريقها للنشر بعد أن تستكمل مادتها،وتتوفر المعلومات الكاملة عنها.
 ولا يسعني في الختام إلا إزجاء الشكر لجميع الرفاق والأصدقاء الذين قدموا المساعدة في أعداد هذا الكتاب،وزودوني بالمعلومات المهمة والنافعة التي أعانتني في رسم الصورة الكاملة للشهداء والمضحين ورجال العمل الشيوعي الأبطال،الذين قدموا دروسا رائعة تستهدي بها الأجيال القادمة ليكونوا منارا في طريقها النضالي الطويل.
 
محمد علي محيي الدين
28/3/2008