المحرر موضوع: العراق وصولا إلى الرقم (5) وما بعده  (زيارة 1000 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Abdullah Hirmiz JAJO

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 604
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
العراق وصولا إلى الرقم (5) وما بعده
!!![/color]

بصورة أكيدة فإن مقالتي لا تتناول مسألة الأرقام كون الارقام عالم خاص به فيه من الأمور المضحكة والمسلية والعلمية الشيء الكثير، لكن بلدنا بأحداثه التي شهدها ماضيا وحاضرا وربما مستقبلا كانت فيها لغة الأرقام ملازمة لها.
فحرب نسميها بحرب ( 8 ) سنوات، ومدة حكم حزب نسميها (35) سنة واليوم نحن أزاء الرقم(5) الذي مضى على سقوط بغداد الحبيبة بيد محتليها وأصبحت أرضها وأرض كل العراق مستباحة تحت أقدام جنود متعددة الجنسيات، تلك الجيوش التي قدمت تحت شعارات رنانة وبراقة سال لها لعاب الكثيرين، لأن الهدف هو تحرير العراق وإسقاط الديكتاتورية والقضاء على ترسانة ضخمة من أسلحة الدمار الشامل وأيقاف سياسة تهديد الجيران و و ...
وأليست هذه مفارقة أن يأتي أجنبي ويحرر أبناء البلد من ابناء بلدهم ويسمي ذلك تحريرا!!! رغم كل الملاحظات المدونة والتي أصبحت من التاريخ حول حال البلد آنذاك، لكن يبقى الأجنبي هو أجنبي ووجوده هو احتلال لا جدال حوله، وإن كان العراقي رازح تحت حكم ابن البلد الديكتاتوري فإنه اليوم رازح تحت احتلال وممنوع عليه حتى التجوال بحرية إذا مر الأجنبي في ذات الوقت والمكان معه في الشارع!!! نسوق ذلك لأنهم وَعَدُونا بأن بلدنا سيكون مثال في الديمقراطية الأول في المنطقة بل أكثر من هذا أن دولا وأنظمة في المنطقة ستتغير بتأثير من شعوبها إن لم تحذو حذو العراق الجديد وتجربته.
كان هذا قبل أن يبدأ العد العكسي للرقم (5) الذي نتجاوزه هذه الأيام لندخل بالذي يليه (6) وربما سيزيد أكثر وإلى ما شاء الله أو إلى أن يعجز القادمون ويعترفون بفشلهم ليلملموا متاعهم ويرحلون غير مأسوف عليهم.
وبين هذا وذاك يبقى العراقي هو الذي يدفع الفاتورة من: دمه .. عمره .. أعصابه .. سكونه وهدوئه .. ماله ... ومن كافة مفاصل حياته، لأنه أصلا كان له خبرة  سابقة بالأحداث الجسام التي تُخرجه من نفق مظلم ليدخل آخر أكثر منه ظلاماً، توقف نزيف حربٍ ليدخل غيرها وهذا نصف قرن من الزمان مضى وهو شاهدَ كم من الوقت مضى هدرا في كل شيء قضاه العراقيون منهمكون في حروب أو بلعقون الجروح عندما تضع الحرب أوزارها تمهيدا لالتقاط الأنفاس والبدء من جديد، بحيث كانت الخدمة العسكرية سيفا مسلطا على رقاب الشباب حتى أن ترتيب أوراق الشاب أو عائلته وعملهم نحو تطوير المستقبل انطلاقا من اليوم نحو المستقبل أصبح أمرا صعبا لان كل الخطط تتبعثر عند حدوث دعوة لخدمةْ عسكرية لا أحد يعلم سوى الله كم ستطول!!! وحتى لو كانت مدتها شهرين كما أصبحت الحالة عليه في القترة الأخيرة، قبل دخولنا نفق ما يسمى بسقوط بغداد.
وأيضا بين هذا وذاك فقد تاه العراقي حدّ الضياع فمن وجود أمن إلى جانب الحروب بحيث تكون العائلة بمأمن على أفرادها وأموالها ومقتنياتها مع القلق المستمر على أبنائها ومصيرهم، إلى فقدان الأمن مع وجود مشاكل أشد وأقسى من الحروب حتى وصلنا إلى معادلة أصعب من سابقتها بأن ما يفتقد إليه المواطن العراقي اليوم هو أكبر وأقسى من حيث النوعية لما كان يعاني منه قبل التغيير، لأن اليوم نعيش حالة فقدان الأمن وأن الأسرة غير مطمئنة على أمنها ولقمة عيشها مع وجود رب الأسرة إلى جانبها إلى درجة أن من يتواجد في البيت لا يضمن حياته وماله و ... والشوارع ملأى بالحواجز والسيطرات تَضاعَفَ عددها داخل المدن والأسوار الكونكريتية أحاطت بالأحياء السكنية وأغلقت منافذ أحياء كثيرة ولم يبقى سوى منفذ واحد للخروج وللدخور في الكثير من الأحياء وبغداد شاهد على ذلك، أمور أصبحت عجيبة وغريبة في ذات الوقت، كل هذه السيطرات والحواجز لكننا نشهد اقتراف جرائم قتل وفي وضح النهار، تفجيرات وعبوات ناسفة وخطف وقتل وبأعداد كبيرة، أفلا يحق لنا التساؤل: لو لم يكن كل هذه الحواجز والسيطرات كيف كان حال العراقيون اليوم؟
سؤال يبقى ربما إلى حين دون جواب طالما توجد بيننا أكثر من عشرون نوعا من الميليشيات التي تربط نفسها بهذا الحزب أو ذاك التكتل لتصبح هذه في بعض الحالات عصابات للقتل والاجرام طالما أن ما يحدث أو سيحدث لا يرضيها أو حزبها أو كتلتها، وكاننا على قول غوار الطوشي (حارة كل من أيدو ألو) وهذه مصيبة ونحن نعرفها ولكن تبقى أعظم المصائب لأنني لا أعتقد يوجد من يجهلها، لنبقى أسرى أرقام لا تسرنا ونحمُل الحسرات في قلوبنا لأننا من لا نملك الميليشيات لكي تحدث التغيير بقوتها ذلك التغيير الذي نطمح إليه في عقولنا سنبقى متمسكين بأضعف الإيمان ولو أننا نكلف ألقلم الذي بين أصابعنا لكي يسطر بعضا من هذه الهموم علنا نسلط الضوء على الحالة فربما يوجد من يغيثنا فنحن إلى أن يأتي المغيث سنبقى نستنجد، وأملنا مصوب نحو رب العلا فهو ملجأنا وبه نستجير.

عبدالله النوفلي
8 نيسان 2008