المحرر موضوع: مقاومة ام ارهاب . . ؟ 2 من 2  (زيارة 960 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل مهند البراك

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 521
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
مقاومة ام ارهاب . . ؟ 2 من 2
« في: 23:54 30/11/2005 »
مقاومة ام ارهاب  .  .  ؟
2 من 2
د. مهند البراك

ويرى عدد من المتخصصين والباحثين، ان وجهة عدد من متنفذي الأدارة الأميركية باحتواء الأزمات الوطنية ودعم بناء دولة المؤسسات، قد يتسبب باستمرار تغرب المواطن عن الدولة و استمرار الصراعات الحادة، ان لم يجر اعتماد المعايير الوطنية في فرز الضحية عن الجلاد، او ان جرى خلط اوراق مسببي الأزمات الوطنية بضحاياها .  .  وبالتالي ان لم تجرِ معاقبة المجرمين وانصاف وتعويض الضحايا، حيث ان ماجرى بحق الشعب العراقي بكل اطيافه طيلة حكم الدكتاتورية والذي جرّ الى مضاعفات اكبر، كان امراً غاية في الترويع.   
ان مؤتمر القاهرة للوفاق الوطني الذي دعت اليه الجامعة العربية، وسط موجة قلق لفّت اوساطاً عراقية واسعة، جراّء المحاولات المحمومة الرامية الى اعادة اعتبار عدد من كبار مجرمي الدكتاتورية، الأمر الذي وجد صداه في مواقف العدد الأبرز من قادة البلاد الحاليين .  . 
ان المؤتمر ورغم ماحقق من لقاء بين ممثلي العملية السياسية وممثلي معارضيها المتنوعين، وما طرح من مشاكل وحاول التوصل الى حلول لحل مشكلة الأمن والعنف والأرهاب، للسير بالعملية السياسية الى جلاء القوات الأجنبية، وتوصّل الى ايحاءات عن قبول عدد من المجاميع المسلحة المشاركة في العملية السياسية وترك العنف، واحتمالات مبادرة او تعهد قسم منها للعب دور وطني في المشاركة في انهاء مجاميع الأرهاب الدخيل.
لايزال النقاش يجري حاداً حول (اعتبار الأرهاب الدموي مقاومة وطنية للمحتلين)، في الوقت الذي هاجم فيه قطبا الأرهاب البارزان المدّعيان بالمقاومة؛ الزرقاوي وبقايا صدام، هاجما ذلك المؤتمر ودعيا الى مقاطعته وعدم التمسك بما يتمخض عنه .  .  وفي وقت يرى كثيرون فيه، ان ذلك النقاش العقيم ماهو الاّ ستاراً لعودة كبار مجرمي الدكتاتورية كقطب في حياة البلاد اولاً، ثم كطريق للعودة الى السلطة ثانياً بعد ان مهّد الأرهاب الشنيع الذي يقومان به او يوجهانه ويمولانه، الظروف لذلك  بآلية جهاز حنين(1) ذاتها، وبشكل علني اعقد واخطر واوسع من السابق.
ان قطبي الأرهاب آنفي الذكر يحاولان تسويق انفسهما كمقاومة وطنية باشكال واستار ومسميات متنوعة مستغلين الدين الحنيف والهاب وتصعيد الطائفية المقيتة، ويستمران على عمليات قتل المدنيين العزّل بلارحمة، في الوقت الذي لايقدمان فيه بديلاً او ايّ برنامج عملي يوضحّ اهدافهما وطريقهما لحل مشاكل البلاد ونزيفها وازماتها.
وان كان الأرهابي الزرقاوي واضحاً في رفضه المجتمع القائم ككل وفي دعوته الى لقاء حور العين وحوريات الجنة بـ ( تصفية الكافرين و تصفية المنافقين من الشيعة!). فان بقايا اجهزة صدام ومجرمي حزب البعث (2) الذي فقد الحكم، تواصل اعمال القتل الأرهابية الجماعية، وحبك الفتن والدسائس واشاعة الطائفية المقيتة، بامكاناتها الفنية وخبراء ارهاب صدام وبامواله الكبيرة، وعناصره المدربة، كما سبق الأشارة التي تشكّل الجزء الأساس الفاعل للأرهاب في البلاد، الذي يرمي الى استمرار حالة فقدان الأمن وعدم الأستقرار، وشلّ المجتمع وفئات الشعب بل وزيادة الوضع تدهوراً، مستفيداً من دعم وسكوت وانتظار وخطط قوى دولية ومنطقية لأهداف تعنيها  .  .  انتظاراً للأعتراف بها كـ (مقاومة وطنية مسلحة تدافع عن حق عادل) كي تمهّد لعودة صدام واجهزته، بشكل يناسب المرحلة اياًّ كان .
   ويرى عديد من المتخصصين ووفق وثائق متنوعة اعلن قسم منها، ان دولة صدام الدكتاتورية واجهزتها المتخصصة المتمرسة ذات الأخطبوط الأقليمي والدولي القائم على اساس المصالح وتحقيق اعلى الأرباح، كانت قد درست ـ مع الأجنحة الدولية المستفيدة منها والداعمة لها ـ ما جرى بعد انهيار الأنظمة الشمولية في شرق اوروبا، وتوصّلت الى ان انهيار دول الأنظمة الشمولية ـ رغم فوارق الآليات ـ يتسبب بفراغ  هائل للسلطة وبفقدان للسيطرة على الحياة اليومية .  . 
الأمر الذي دفع كل مراكز القوى المتعطشة للربح والأثراء السريع وفي طليعتها مجاميع اللصوص الكبار والمافيات وعصابات الجرائم الى استخدام ابشع الوسائل بهدف : شلّ ارادة الناس من جهة، واطلاق يدها هي لتحقيق اعلى السرقات والنهب بفترة قياسية ولضمان السيطرة السريعة على مفاصل السوق الأساسية، سواء كانت سوداء كانت ام مغسولة ام بيضاء، وبالتالي ضمان مواقع في الحكم الجديد .  .  في وقت اشغلت فيه البدائل الجديدة بعواقب ونتائج اشاعة انواع  الخوف غير المألوف والبلبلة وعدم الثقة والتخبط وانعدام الرؤية، وعلى ارضية من هيمنة انعدام وضعف الخبرة في صنع القرار لدى اوساط غير قليلة من اطراف الحكم الجديد، بعد ان أُقصيت وغيّبت عن المشاركة في صنعه طويلاً . 
الأمر الذي من جانب آخر، اطلق المافيات القديمة وانعشها وساعد على تزاوج جديد لها مع نشاط فوق وطني ودولي، وانشأ عصابات ومافيات جديدة متعطشة لتعويض مافاتها بعد ان سقط ما الجمته به عصابات النظام الشمولي الذي تساقط، اضافة الى النأثيرات المحلية لنشاط مجاميع مجرمي المحلات الذي يشغل الأوساط الدنيا ان صحّ التعبير( جرائم المحرومين)، كما حصل في جمهوريات الأتحاد السوفيتي السابق التي انفرطت، وما حصل في رومانيا وفي دول البلقان التي لاتزال تشتعل .
ويشير متخصصون ومسؤولون سابقون الى ان استعدادات صدام لمواجهة انهاء حكمه بالحرب كانت تمتد الى فترة طويلة من بدء اعلان الحرب، على اساس عدم الأنجرار الى حرب جبهوية وانما على اساس استدراج العدو للداخل الذي سيهيّج المنطقة المهتاجة اصلاً(3)، والتي كان يستعد لها من بدئه بتشكيل حزب النواة الجديد كـ (نواة للجديد)، قبل سقوطه .  .  وبدلالة الزيارات والحركات الكثيفة للأرهابيين الدوليين له ونتائجها وما تم التصريح عنها، كجيرينوفسكي، ابونضال، فرسان كوبونات النفط او المشهورين بعلاقاتهم بتلك الأوساط كهايدر، وغير المعلنة التي تسرّبت حينها عن زيارة الظواهري والزرقاوي، بغطاء حضور مؤتمر اسلامي في بغداد اعدّه الدكتاتور المسلم ؟! الذي يحاول الآن التحصّن  بالمصحف الشريف، ليكون مرجعاً تكفيرياً جديداً كما يتوقع عدد من المحللين !!   
ان العراقيين يتساءلون وبما عرف عنهم من معارف وخبر في مواجهة العنف وفي مفاهيم الكفاح المسلح العادل وخوضه لمواجهة العنف الدموي العدواني، وبعيداً عن الطلاسم  التي تحاول تجيير امور كثيرة الى علم الغيب .  .  هل كان اطلاق آلاف القتلة من سجون الأحكام الثقيلة صدفة و رحمة ؟ ام كان اطلاقاً منظّماً في خطة لتنفيذ مخطط صدام للمقاومة الشريفة ؟ في خطة استفادت من (سهو ونسيان؟) ترك الآف اطنان قطع السلاح والمتفجرات في مجمع القعقاع وعشرات غيره.  على اساس تكوين شباب جديد لـ ( المقاومة والثورة ) بعد ان شاب وعجّز ونفق عناصر جهاز حنين .  . اين الآلاف من افراد (فدائيو صدام) والأجهزة الأرهابية التي اعتمد عليها سواء كانوا عراقيين ام من مجاهدي خلق الأيرانية ام من عدد من المجموعات الفلسطينية ومن هو فعلاً الزرقاوي ؟
كيف تنتشر فرق التكفير الغريبة عن البلد ومن اين لها تلك المعارف السريعة بمفاصله وبزوايا مولدات الكهرباء والماء وعقد انابيب النفط، والنقاط البشرية التي امكنهم ان يرتكزوا عليها وينطلقوا منها، وكيف عرفوا نقاط قوة وضعف البلاد ولغاتها ولهجاتها وعاداتها ودواخلها بل وحتى نساءها في اماكن مغلقة اجتماعياً من البلاد؟ وكيف يصلون الى اكداس الأسلحة المخبئة التي دام بناؤها سنيناً طويلة وقتل واضعو خرائطها لصيانة اسرارها ؟ .  .  وفيما يرى البعض فيها انها بسبب رفض حالة الأحتلال، ترى الغالبية ان حالة الأحتلال ان سببت صدمة ورفضاً مشروعاً، الاّ ان ذلك لايستطيع ان يخضّر وينتج بتلك السرعة فرقاً دموية تقتل المدنيين العراقيين، لاقوات الأحتلال، وتذبحهم بذلك الشكل الجماعي وبذلك الشكل المتواصل.
ويذهب آخرون الى ان ذلك يُخطط ويجري من دوائر اقليمية عليمة جيداً بالمنطقة وبدواخلها، دوائر تنافق الأحتلال او لاتواجهه برفضها له، الاّ انها تسعى لخلق واقع اجتماعي جديد بالحديد والنار والأرهاب، واقع يحفظ ثرواتها ونفوذها، لأعادة ترتيب صفقاتها المربحة معه على اساس الواقع الجديد وبوجودها في موقع القرار، بعيداً عن دولة المؤسسات والدستور وبمحاولة افراغها من محتواها .  . غير مبالية بحياة ومصير مئات آلاف ضحايا العراقيين المستمرين على العذاب والتساقط.   
وفيما يسعى الأرهاب لتكثيف وتنويع براقعه وغطاءاته السياسية، وعلى اساس عدم ادانة النظام السابق وممارساته، فان احلام العودة الى السلطة بالأرهاب، قد لاتؤدي الاّ الى تصاعد مضادات للأرهاب تشبهه  في الأسلوب .  . فالعنف يولد العنف المضاد والأرهاب يولد الأرهاب المضاد، من جهة. ويكشف تناقض ونفاق التباكي ومحاولات اشاعة الخوف على البلاد من خطر الأنقسام، في الوقت الذي يدفع الأرهاب فيه الى تقسيم البلاد لا الى تحريرها !! الأمر الذي تكشفه الأختلافات وواقع اقاليم ومناطق البلاد ووتائر تطورها، الأمر الذي قد يؤثّر تأثيراً خطيراً على وجهة آمال كلّ منها.
في الوقت الذي تبذل فيه جهود متنوعة حثيثة مخلصة، للسير بسفينة البلاد رغم انواع العواصف نحو مواقع اكثر امناً واستقراراً، من خلال التهيؤ للأنتخابات القادمة، ومن اجل ازدهار العراق ومن اجل ان يلعب دوره كوسيط سلام  وعامل استقرار في المنطقة .  . (انتهى)

29 / 11 / 2005 ، مهند البراك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1.   جهاز حنين، الجهاز الخاص المكوّن من القتلة والمجرمين العاديين، الذي ترأسه صدام، ولعب الدور الأساسي في استلام حزب البعث للسلطة ثانية في 17 ـ 30 /تموز / 1968 . 
2.   ليس المقصود هنا كل من كان عضوأ في الحزب المذكور، وانما المقصود الأعضاء الذين اجرموا بحق الشعب والوطن .
3.   راجع " الحقائق الممنوعة " ، جون شارل بريزارت/ كيوم داس كويي ، 2002  فصل: الأرهابي بن لادن ومشكلة استمرار بقاء القوات الأجنبية في الجزيرة. بالألمانية عن الفرنسية .[/b][/size][/font]