المحرر موضوع: أيها العراقيون .. انتخبوا من تشاؤون  (زيارة 1455 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سمير خوراني

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 58
    • مشاهدة الملف الشخصي
أيها العراقيون .. انتخبوا من تشاؤون

سمير خوراني
S_khorani@hotmail.com
samirkhorani@yahoo.com

لن أقوم بالدعاية لصالح أية قائمةٍ انتخابية، فانا مثقف ومن واجبي كمثقف أن أدافع عن قيم العدالة والحق والمساواة والديمقراطية والحريات والإنسانية وأدفع بالسبل الكفيلة لتحقيق كل ما من شأنه الحفاظ على كرامة الأنسان وكينونته، أما الدعاية فسأتركها لأصحابها الذين يقومون بها على خير ما يرام.
ولكني ومن هذا المنطلق أدعو الناس جميعاً من الذين يحق لهم التصويت، كي يشاركوا في الإنتخابات بالطريقة التي يرونها مناسبة، لأن هذا حقٌ منحته لهم الشرائع والأديان والقوانين الوضعية، وعليهم أن يمارسوا هذا الحق كما ينبغي.
الحديث عن الإنتخابات حديث ذو شجون، فالناس في هرجٍ ومرج، وحيص بيص، والأحزاب بين ذاهبٍ وآيب منشغلة من رأسها حتى أخمص قدميها بالدعاية لمرشحيها كي يفوزوا دون غيرهم بالإنخابات النيابية التي ستجري بعد أيام قلائل، وهذا حق طبيعي ومشروع على أية حال.
ولكن هوس الإنتخابات هذه المرة قد وصل ذروته، واتخذت الدعاية لها أشكالاً وألواناً لم تكن معروفةً من قبل، فهناك ما يمكن تسميته مجازاً بـ (حرب الإنتخابات)، وإن كان هذا المجاز يتحول أحياناً إلى حقيقة.
فالأحزاب ولاسيما الكبيرة التي لها ثقلها ووزنها في المسرح السياسي العراقي في حالة طواريء وانذار، وتحاول بالسبل شتى تجيير كل شيء من أجل الدعاية لقائمتها باسلوب الترغيب أحايين كثيرة والترهيب النفسي أحياناً، فهي تنثر الوعود المعسولة والعرقوبية هنا وهناك معتمدة مبدأ الغاية تبرر الوسيلة.
ولكن المثير للأنتباه هو تدخل بعض رجال الدين في الأمر وتحولهم إلى دعاة لقوائم بعينها، واتصور أن هذا غير مقبول وغير طبيعي وخصوصاً بعدما كثرت الدعوات التي تنادي إلى إبعاد الدين عن السياسة، وإبعاد السياسة عن الدين، ولا أدري إلى متى سيمتطي بعض رجال الدين صهوة السياسة ويسرحوا ويمرحوا في ميادينها دون هوادة ودون رادع مع أنهم يدعون رعيتهم في مناسبات أخرى إلى عدم الإقتراب من تخوم السياسة!!
ولكن بالمقابل هناك رجال دين أبوا أن يقتحموا هذا الميدان، فتركوا السياسة للسياسيين ونأوا بأنفسهم عن مزالقها ومخاطرها التي لا تتناسب مع التوجه الروحي والأخلاقي لرجل الدين، ولم يشأوا أن يؤيدوا قائمةً دون أخرى، وتركوا الخيار للناخبين كي يختاروا من يشاؤون. وهذا أمر يدعوا إلى التنويه والتقدير.
بعض المناطق في العراق شهدت فيها الدعايات الإنتخابية صدامات مسلحة وحوادث قتل وحرق للمباني وإتلاف الصور والملصقات واللافتات الدعائية وتهديدات بالإغتيال وحرب كلامية وإعلامية مما ينذر بعواقب وخيمة. وهنا من حق المواطن العراقي أن يسأل ما جدوى الإنتخابات إذا كانت تتسبب في كل هذه المصائب وتنذر بوقوع حرب طائفية تأتي على الحرث والنسل؟!
لقد أحدثت هذه الإنتخابات انقسامات كبيرة بين شرائح ومكونات المجتمع العراقي، وبات سعي كل قائمة أن تفوز بأكبر عدد ممكن من المقاعد، وليس كما تدَّعي خدمة المواطن العراقي او العمل من أجل إنقاذ العراق وإخراجه من المأزق الذي يواجهه والنفق المظلم الذي وجد نفسه فيه، وأصبح المواطن في خضم هذه الإنتخابات لايدري أين يولِّي وجهه؟ فيتمنى اليوم الذي تزول فيه غمامة الإنتخابات ويهدأ باله ويرتاح.
أكثر ما يدهشني في هذه المسألة هو بعض الناس الذين( يخبصون) أنفسهم مع أنه لاناقة لهم ولا جمل في الموضوع فيكونون مَلَكِيين أكثر من المَلِك، ويقومون بالدعاية لقائمةٍ ما بكل ما أوتوا من إمكانيات ووسائل، فيصفقون ويرقصون ويهتفون ويصرخون وو...
وأكثر ما يحزنني إن ابناء شعبنا قد تفرقوا شذَر مذَر كعادتهم، فمنهم من كوَّن لنفسه قائمةً خاصة به، ومنهم من ائتلف مع غيره في قائمة ولكنها ناقصة، ومنهم من انضمَّ مفرداً إلى قوائم أخرى غير خاصة بشعبنا. وكان الأَولى بهم أن يتوحدوا في قائمةٍ واحدة حتى لو عرفوا أنهم لا يحصلون على أي مقعد. يكفي أنهم توحدوا.
وهل هناك مطلب أفضل من هذا، خاصةً بعدما ثبت أسمنا في الدستور؟ فما جدوى وجود مقاعد لنا في الجمعية الوطنية أو مجلس النواب دون ان يكون لشاغليها( ليس كلهم بطبيعة الحال) دور مؤثر وايجابي في خدمة ابناء شعبنا؟ ألم يكن لنا ممثلون في الجمعية الوطنية ولجنة صياغة الدستور ومع هذا خرجوا علينا بدستور ولا دستور القرون الوسطى؟!
ثم أين هي أهمية مجلس النواب أو الجمعية الوطنية ما دامت القرارات الحاسمة والمهمة قد صدرت في غرف وحجرات داخلية سرية أدارتها الأحزاب المتنفذة في الجمعية، ولم يكن من أعضاء الجمعية سوى القبول ورفع الأيدي؟! ما نفع هكذا برلمان؟
إننا كمواطنين لا نملك غير هذا الصوت الذي يعني كلمتنا ووجودنا وكرامتنا، إنه صوتنا ملكنا وليس ملكاً لأحد، عليه نحن نفعل به ما نريد، نصوِّت لمن نشاء، وقد لا نصوِّت لأي أحد إذا لم نكن مقتنعين به، فعلامَ الضجيج؟
ثمة صورة أخرى للأنتخابات تتمثل في ( التخوين) الذي تمارسه بعض الأحزاب أو بعض السياسيين على مستوى شخصي على من لا يصوِّتون لها، وكأنَّ التصويت يجب ان يكون لهم ـ حصرياً ـ لا لغيرهم، على رأي المثل( تريد أرنب أخذ أرنب تريد غزال أخذ أرنب).
وقد اطّلع القراء في (عنكاوا كوم) مؤخراً على تصريحٍ أدلى به الدكتور سعدي البرزنجي عضو الجمعية الوطنية، إتهم فيه الكلدان في عنكاوا بمنح أصواتهم لقائمة أياد علاوي لا للتحالف الكوردستاني، واعتبر ذلك أمراً (معيباً).
يا للدهشة! أن تمنح صوتك بمحض إرادتك لمن تشاء يعد أمراً معيباً. هذه هي ديمقراطية العراق ((الجديد الحر)).
المعروف عن الإنتخابات أنها صفقة تعقد بين المواطنين وبين الأحزاب المرشحة التي يصوِّتون لها، فإذا ما كانت البرامج الإنتخابية لهذه الأحزاب تدعو إلى تحسين أحوال المواطنين وتوفر لهم كل ما يريدونه من خدمات وضرائب مخفضة ورواتب مجزية وقوانين للتأمين الصحي والتعليم والضمان الإجتماعي وغيرها من الخدمات الضرورية، فإن المواطن يمنح صوته لها ـ فيما إذا طبقت برنامجها الإنتخابي الذي إدَّعت به قبل الإنتخابات ـ ولكن إذا ما نكثت هذه الأحزاب بعد فوزها في الإنتخابات بهذه الوعود وخانت المواطن الذي منحها ثقته، فخرج من المولد بلا حمّص كما يقولون، لن يمنح صوته لها مرة اخرى، لإنها بذلك تكون قد فقدت مصداقيتها. ولا أتصور أن أحداً يختلف معي في هذه الحقيقة إلاّ إذا كان يغالط نفسه.
ما يمكن ملاحظته على هذه الإنتخابات هو عدم وضوح البرامج الإنتخابية على الأصعدة الأجتماعية والصحية والتعليمية والتربوية والتنموية ، فكل ما في الأمر إنهم يدعون المواطن إلى التصويت لهم كي لا يقع العراق بين فكي الإرهابيين كما يصرِّحون، وانهم سيوفرون لهم الأمن والحماية، مع انّ توفير الأمان من أولى واجبات أي حكومة تتولى الحكم، وإلاّ لماذا هي حكومة؟ فلتترك الأمر لغيرها إذا لم تكن قادرة على ذلك.
وقد لا نستغرب أن يأتي يوم وتفرض ضرائب على المواطنين تحت عنوان (إستقطاعات أمنية) على غرار الكهرباء والماء.
صورة أخرى لهذه الإنتخابات تمثلت في النفاق الذي يمارسه بعض الناس( وما أكثرهم)، فتراهم يعلنون على الملأ أنهم سيصوِّتون لقائمة (س) تماشياً مع الجو العام، ومن باب التقرب زلفى لها ولمن يقودها، ولكنهم يمنحون أصواتهم للقائمة (ص) أو (ع). أليس هذا نفاقاً؟!
ولكن في المقابل هناك صورة أخرى أكثر إشراقاً وايجابيةً تدعو إلى الإحترام، تتمثل في أناس يصرِّحون بأنهم سيصوِّتون للقائمة التي يختارون ـ مع انها قد لا تكون ذات نفوذ ولا تتماشى مع التوجه العام ـ وهم يعنون ذلك، ولكنهم يقابلون بالرفض والإنكار والويل والثبور من المتنفذين، ويدخلون قائمة المغضوب عليهم وغير المرغوب فيهم أو المتمردين أو حتى المؤيدين للزرقاوي النتن. يبدو إن الإنتخابات تعلِّم الناس النفاق دون أن يعوا ذلك، وهذا مرض اجتماعي خطير يتربص بالمجتمع العراقي.
بعض الناس ـ وهذا حقهم الطبيعي والشرعي والديمقراطي ـ يمتنعون عن التصويت لعدم قناعتهم بالأمر، ولكنهم يوصمون بالخيانة و العداء ((للتجربة الديمقراطية)).
كمثقف أدعو العراقيين جميعاً أن يسهموا في العملية الإنتخابية، وبالطريقة التي يرغبون، وبالشكل الذي يرتؤون. فأن تمنح صوتك لـ (س) ديمقراطية، وأن تمنحه لـ (ص) ديمقراطية، وأن تمتنع عن التصويت هو الآخر ديمقراطية، أما من ( يتعاقل) علينا ( نحن المثقفين)، ويعلمنا كيف تكون الديمقراطية، بالمقاسات التي رسمها هو، فنقول له: تنحَّ جانباً، ودع ما للمثقفين للمثقفين، كما نحن نترك ما للسياسة للسياسيين.
ومن ثم أقول علِّموا الشعب العراقي الديمقراطية الصحيحة القائمة على احترام الآخر، واحترام آرائه وقناعاته، واحترام اختلافه، واتركوا إلى الأبد قاعدة( من ليس معنا فهو ضدنا).

آخر الكلام:أن لاتكون لنا ديمقراطية أفضل من أن تكون لنا ديمقراطية مشوَّهة مشلولة ناقصة.[/b][/size][/font]