اكون فيما مضى
زهير بهنام بردى
هذا ما كنت أظن انه / سيحصل لي يوما ما حقا / ودون رتوش أو انزياح ظلام طفيف/ يسحبني من وراء مقعد معزول / يرفض باستمرار حركة العالم الى الخلف / هذا ما أنا أراه بشكل واضح / مما يشك اني اذكر اسم الله وتفاحة حواء / لا أخدع نفسي أبدا /
ولا أنحني كي أتفادى الشمس / اجل بالصدفة مرقت من قلب الليل /انا الاّن وكما اكون فيما مضى / امرّ ويعبّني في غليونه جواد سليم /واذكر وقتها وكنت نشيطا في السياسة / انني هربت من الاربعين حرامي / لائذا مع صعلوك اخير اسمه جان في حانة كهرمانة /
سكرنا من خشية ان يلمح المخبر الكلام يقود بغداد الى البدء/ كان ذلك يوم الخميس /وكنت بعد ان رفعت راس المتسول البصير بالله ينطيك / وركلت علبة روثمان بقدمي حسرة /اتامل نفسي تحت قامة نصب الحرية / أي انني ابدو احلى حين اتارجح بين ما تضفيه ساحة التحرير علىّ من فرح دائم / وما تمنحه لي يد دورية الشرطة من رعب كيد قابلة الخطيئة الاولى / اعبث بكل ما املك من حس و كلام بليغ / وبلا خلاعة تذكر كنت اتعرى من هول ما يصيبني من خذلان ونشاط لاذع وانهيار يصعد بي / اثقل ما يتناثر فوقي من مشهد بالغ الجمال / اخبئه عشاء امراة ترغب ان تستحم كل ليلة على فراش كلام لم تسمعه جيدا على كرسي كاهن / اسرده من رعشة يدي وهي تلهو بظل شيء يثيرها باستمرار / من قمة اسفل النصب الى حافة اعاليه / اسجد افكّ بحفنة برسيم واصابع خضراء من العشق / قضبانا تتشابك في الفة على كف تدق حوافر حصان لا يتوانى في انطلاقته ابدا / لا يمل منذ امد بعيد في اشباع طموحهاالحيواني في فلّ السواد عن الافق / اباهي اني حين راّني الحصان اطلق صهيله
يصعد فم العالم / كنت يوما اتحدث الى فنان قال لي ارغب ان اشبع مرة في فتنة المحها ابدا فيه / وحين يكرر ذلك يجد نفسه يدور كطاحونة /ومثلي هو ايضا صار يوما يبتكر شيئا/ قال انه يرتقي الى اصحاح يشري على اعلان انبثاق ملحمة الحب الفخمة كحضارة الشرق البهية / اتارجح ثم كما كنت اتناوب واناوب اصابعي على التحمل والصبر /كما يصبر عالم جواد البهي الذي يتجول كله في فضاء التحرير / كقرد اتعلق من كافة جهاتي / من احد القضبان يختارني لسبق اصراري ان امضي هكذا في توضيح مدى ودي / سيان ان قلت من مسلة بغداد او صراخ نبي في برية /اتنقل من قصة سرد الى ما يروى من شيق رؤيا / ومن فرط غرابة منحنيات اصابع جواد /ومهابة هذا المكون الجميل / ورصاصه الفاتن وهيبة قامة بغداد وصدرها الكثيف النخل / اعرج الى مطعم من درجة الفقر المقبول / اشم رائحة كبة الموصل في قدر صفيح ساخن في البتاويين / وباجة الشيخ عمر / اجتازهما لانني اعرف اني اشتري البنطال والقميص بجيب واحد وهو والحمد للبشر فارغ /اعرض الى مطعم شعبي في الميدان / اتمدد في مقهى شعبي فرعي من تخمة الباميا والتمن الفوكاه /قميص صدري افتحه / تعتليني فكرة ان امارس انسانيتي وافكر قليلا يجسدي/ ينتبه قواد قريب يترصد ما تصدره الاجساد من اعلان رغبة /يقترح فكرة ان اسبح اليوم افهم قصده / نغيب في درابين الميدان الغريبة التصميم / وباب المعظم المفتوح لكافة الاحتمالات /تاخذني فتاة الى غرفة غير مرئية فيها سرير عتيق يصر حتى من حركة الهواء /في الطابق الثاني من درج تجتازة كقافز سباق الساحة والميدان / اتسلق سطحها ببلاهة /ومن غير تفكير وكما نائم بعد نصف الليل / لا ترغب ان ازيل ملابسي جميعها / كما ارتعبت من كثافة الشعر في صدري/ هكذا كحصان ابله / اتعلق من شفتي وحتى اخمص قدمي /وعلى ظهري غبار وما تركه السطح الاسود واصابعنا من دبق / للغاية انا سخيف ورخيص / هذا ما بدا لي / وانا ابصق في الكاس الاول/ من حانة الحمراء على نهر دجلة اعتذرت لدخول جان معي لقذارة ملابسه ولم تفحص قذارة جسدي الحمد على ذلك قلت/ ويا للمفارقة لا فرق بينه وبين الفتاة اياها قال النادل / رائحة القذارة مقرفة تفوح منه كرائحة طين خاوة لفتاة الطابق الثاني من البيت السري في الميدان /وحين اوضحت انه رائد النثر الحديث / علق قائلا ليوفر حديثه الفارغ المستعجل القميء لدفاتره واوراقه / اقفل قبل الفجر اسدل اللحاف على جواد الذي اراد ان يتعلم الجميع منه الصراخ فاطلق في الفجر وكما كل فجر سراح تماثيله ونام / ثم اكسر قنينة الخمر فوق راس جان وافك القضبان كما يفعل الفنان المتعب لتتسرب الكائنات الى بيوتها قبل الفجر واطلق للحصان الكلام /واذهب الى الطيبة كالجبن فيكي في كمب الارمن وهي تسمعني فيروز / ليتكدس الليلك في دروب بغداد ويغطي اكف العمال في مسطر الامة جنب الاورفلية بالضبط وامام كنيسة الارمن تحديدا فيما مضى.