المحرر موضوع: رموزنا الدينية ، واحزابنا السياسية ، السبب الرئيسي في ضياع حقوقنا  (زيارة 1121 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل منصور سناطي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 896
    • مشاهدة الملف الشخصي
رموزنا الدينية ، واحزابنا السياسية ، السبب الرئيسي في ضياع حقوقنا


   التاريخ هو احداث وحضارات وصراع شعوب وثقافة تراكمية ، تبنى التجارب الحالية إستنادا للتجارب الغنية للشعوب والحضارات السالفة ، فالتقدم الكمي والنوعي في شتى المجالات المعرفية ليست وليدة اليوم ، بل آتية لنا من الآبعاد السحيقة .
  ولا يخفى ما للدين من تأثير على مجريات الأحداث ، حيث كانت الكنيسة في العصور الوسطى لها اليد الطولى في سياسة الدولة ، وقد جلبت الكثير من المآسي والويلات لشعوبها كمحصلة لذلك التدخل الذي ليس من إختصاصها ، بل
من إختصاص السياسيين ، لذلك فتلك الدول حزمت وحسمت أمرها وفصلت الدين عن السياسة ، ولذلك نراها اليوم
متبوئة سلم الرقي والتقدم والإنعتاق .
  وحري بنا الآن ونحن في العقد الأول من القرن الواحد والعشرين الركون إلى تلك التجربة والتي جرت قبل عدة قرون ، وفصل الدين عن السياسة ، وليس هناك من مبرر مهما كان ، أن يسمح رجل الدين لنفسه التدخل بالسياسة ،
للأسباب التالية :
- السياسة علم وفن الممكن ، وهي  معرفة بعدة علوم مجتمعة ليكون الشخص السياسي ناجحاً بمنظور السياسة :
أن يدرس علم الإجتماع وعلم النفس والتمثيل والقانون والسياسة ، بالإضافة إلى التدريب الحزبي من قبل الكوادر
المتقدمة ، والإلمام بالعلوم الأخرى مثلا ...وهذا يفتقر إليه رجل الدين بالمطلق .
- إهتمامات رجال الدين هي القضايا الروحية الميتافيزيقية ( غير المرئية ) ما وراء الطبيعة ، وعلى رجل الدين أن يكون مثال الإستقامة والنزاهة والأمانة والصدق ، وهذه الأسباب وغيرها ، تجعل من رجل الدين شخصا غير مؤهل
في المكان غير المناسب ، لأن السياسي وحسب ظروف المرحلة عليه المراوغة وإظهار عكس ما يضمر ، أي الكذب
والنفاق والرياء ووووو ، وعليه فإن المكان المناسب لرجل الدين هو مكان إقامة الصلاة ، لكافة الأديان السماوية والأرضية ، وإذا اراد أن يكون سياسياً فعليه الإستقالة كرجل دين حسب المنطق وأن يلم بالإمور السياسية دراسة وممارسة .
    وقد أثبتت تجارب الشعوب أن الأحزاب الدينية التي تسلمت مقاليد الحكم في بعض الدول في العهد القريب ، مثلا
لم تقدر تقديم الحلول الناجعة لمشاكل شعوبها ، وشعوبها تعاني من فقدان الحرية والديمقراطية ، وهي حكومات دكتاتورية بكل المقاييس ، نذكر منها : الحكومة الإيرانية والسودانية والسعودية وحكومة طالبان السابقة ، على سبيل المثال لا الحصر، وشعوبها تعاني الأمرين من سياستها التعسفية ، من فقر وجهل ومرض على كافة الصعد.
   وما يهمنا من هذه المقدمة الطويلة هي دراسة مقارنة مع ممارسات رموزنا الدينية من سنة وشيعة ومسيحيين، من تدخل في السياسة ، ونركز هنا في هذه العجالة  على رجال الدين المسيحي فقط ونرى الآتي :
بعد الإجتماع التاريخي في مؤتمر عنكاوة في آذار 2007 ، والذي حضره أكثر من الف شخصية سياسية ومستقلة من مثقفي شعبنا ، وخرجوا بتسمية مركبة وأسسوا مجلسا شعبيا هو المجلس الكلداني السرياني الآشوري وإنضمت إليه معظم تنظيماتنا السياسية عدا تنظيمين ، وأتفق المجتمعون على إننا شعبا واحداً وإن إختلفت التسميات تجمعنا روابط
اللغة والعادات والتاريخ والدين ، ودمائنا مختلطة مع بعضها ، مع إحترامنا لخصوصية أي تسمية ، ولكن إذا كان لدينا
وعياً سياسيا ، ونفهم ما يجري حولنا من تعقيدات وإعتداءات وهضم وتهميش للمكونات قليلة العدد ، لرأينا من الحكمة والصواب للحفاظ على كياناتنا من ألإقصاء والتهجير وهضم الحقوق أن نتوحد مهما كانت لنا وجهات نظر مختلفة على التفاصيل ، ولكن يجب أن تكون أهدافنا تخدم مصلحة شعبنا ، والكف عن المهاترات غير المجدية والتي لا نخدم أحداً . وبناء عليه فإن تدخل رموزنا الدينية في قضايانا المصيرية ، يدق إسفينا ً في جهود شعبنا السياسية ونورد أمثلة على هذا التدخل :
- سيادة  الكاردينال عمانوئيل دلي يقول : نحن مع مطاليب شعبنا ولا نتدخل في السياسة .
- سيادة المطران وردوني عند لقائه مع المالكي والطالباني يقول : لا نريد حكماً ذاتيا ولا نريد أن يوضع شعبنا في قفص ، ثم يقول في تصريح أخر : نؤيد الحكم الذاتي على أن يرتبط بالمركز .
- سيادة البطريرك مار دنخا الرابع وبعد إنعقاد مؤتمر السنهاديقي في دهوك ، طالب بحقوق الشعب الآشوري ولم يأتي على ذكر الكلدان السريان ، خلافا لما إتفق عليه للتسمية المركبة ( الكلدان السريان الآشوريين )
- سيادة المطران سرهد جمو وسيادة المطران إبراهيم إبراهيم يطالبان بحقوق شعبنا الكلداني ، خلافا لما أتفق عليه أيضاً .
أما أحزابنا السياسية ، فنرى للأسف الشديد المصالح الحزبية الضيقة والشخصية ، فيختزلوا حقوق شعبنا على حساب
مصالحهم الضيقة ، وقد يختزلوا أحزابهم بتصرفات أقل ما يقال عنا إنها غير ديمقراطية ، وتفتقر إلى الوعي السياسي
ناهيك إلى التقلبات والتلونات والتناقضات في تصريحاتهم وأفعالهم .
- هناك حقيقة ثابتة ، حيث لا يمكن لأي جهة الإدعاء بتملكها الحقيقة كلها ، أو هي الممثل الشرعي لشعبنا ، فهي تملك
 جزءاً من الحقية ، وهي غير مخولة لتمثيل كل شعبنا إذا لم تتوحد مع البقية .
    ما تقدم هو غيض من فيض مما إبتلى به أبناء شعبنا من تدخل رموزنا الدينية في قضايانا السياسية المصيرية ، وتشرذم أحزابنا السياسية في تشتت مواقفها ، وعدم الإتفاق على القواسم المشتركة على الأقل فيما يخص مصيرنا
بما في ذلك الحكم الذاتي ، الذي ثبت مؤخرا في دستور الأقليم ونأمل أن يثبت في الدستور المركزي ، ومن ثمّ تطبيقه
بالصورة التي تخدم شعبنا ليكون سيد نفسه غير تابع لأحد، وحسب الإستفتاء النزيه من قبل شعبنا في الوطن الأم .
   لذلك نطالب رموزنا الدينية الكف نهائياً بالتدخل في السياسة ، والإكتفاء بالوعظ والصلاة ، وأن يتركوا السياسة
للسياسيين .
   أما أحزابنا السياسية ، فنقولها بصريح العبارة ، إذا لا تقدروا الأتفاق على القواسم المشتركة لطموحات شعبنا ، فما
عليكم إلا الإستقالة وفسح المجال لغيركم للقيام بالمهمة ، وشعبنا رغمّ الظروف التاريخية التي جعلته أقلية عدديا لكنّه
غني ثقافيا وعلميا وسياسياً ، فهل تفعلوا ذلك ؟ من أجل شهداء شعبنا وأرامله وأيتامه نناشدكم يا من بيدكم زمام الأمور
في القمم والسفوح ، أن ترآبوا الصدع وترمموا الشرخ الذي أصاب شعبنا في صميم مصيره ومستقبله المظلم إذا سار
على هذا المنوال لا سامح الله ، وهجرة ما يقارب نصف شعبنا إلى الخارج هربا من الظلم والقهر والتعسف ، نتيجة
القتل وفرض الجزية والإغتصاب والتهجير القسري في مناطق العراق المختلفة ، في البصرة وبغداد والموصل ، وقتل رموزنا الدينية ، وتفجير كنائسنا  ، فماذا تنتظروا أيها الأخوة والأخوات بعد كل هذه الويلات ؟ ، وكذلك إلغاء
المادة 50 وإختزال الحد الأدنى من حقوقنا من قبل المكونات الكبيرة في مجلس النواب ، سيكون حافزنا للإتحاد ، فهل
نفعلها ؟ لا نريد اقوالاً فقد شبعنا منها حد التخمة ، بل نريد افعالاً ملموسة ينتظرها شعبنا بفارغ الصبر ، رغم نفاذ صبره ، والله من وراء القصد .

  منصور سناطي
mansoorsanaty@yahoo.ca