المحرر موضوع: قلق وحزن سياسي في سورية  (زيارة 1008 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Sleman Yousif

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 203
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
قلق وحزن سياسي في سورية
« في: 01:24 12/01/2006 »
قلق وحزن سياسي في سورية 



سليمان يوسف
مع احتفال شعوب العالم بتوديع عام مضى وباستقبال عام جديد ودع نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام النظام البعثي القائم في سورية من منفاه الباريسي الاختياري عبر »العربية« مساء يوم الجمعة 30/12/2005 بكلمات نارية وتصريحات مدوية بدأ يسمع صداها في كل قرية سورية.اهمية ما اعلنه خدام ل¯ »العربية«, لا تأتي فقط من المحتوى والمستوى السياسي لحديثه, ومن الموقع القيادي المهم الذي كان يشغله خدام في السلطة والحزب على مدى اكثر من ثلاثة عقود,وانما ايضا من دقة المرحلة التي جاءت فيها هذه التصريحات التي هزت الجميع في المنطقة,حيث سورية تمر في اصعب ظروفها والنظام في اشد ازماته.وبالرغم من ان حديث نائب الرئيس للعربية لم يحمل اي جديد حول الفساد السياسي والمالي والاداري المستشري في البلاد,لكن ثمة تساؤلات كبيرة وكثيرة وسجالات حادة تركها خدام في الشارع السوري باعترافاته وتصريحاته النارية هذه وبانقلابه على شركائه في الحكم.ابرز هذه الاسئلة: هل استبق خدام احداث وتطورات سياسية محتملة في الساحة السورية وبالتالي اراد صك غفران من الشعب السوري, تجنبا للمساءلة والمحاسبة القانونية عن الفساد والازمات التي تحدث عنها باعتباره احد اركان النظام القائم وجزءا من المرحلة السياسية السابقة?. ام ان تصريحات خدام ليست اكثر من سلوك انتقامي من النظام بعد اقصائه من مسؤولياته وابعاده عن مركز السلطة والقرار في سورية من قبل الحرس الجديد المقرب من الرئيس?ام ان تحرك خدام مقدمة لسيناريو التغير في سورية كي يعود خدام فاتحا الى دمشق بالتنسيق مع قوى اقليمية ودولية..? .بعيدا عن كل هذه الاسئلة والتكهنات, وبغض النظر عن مدى مصداقية خدام وصحة المعلومات التي ادلى بها للعربية, سيكون لتصريحاته وانشقاقه عن النظام القائم تبعات وتأثيرات سياسية كبيرة ومهمة على الحياة السياسية السورية وعلى مستقبل النظام وحزب البعث الحاكم ولو بعد حين.فاللافت في حديث خدام انه اظهر موقفا ايجابيا من حركة (الاخوان المسلمين) ودعا الى اشراكهم في الحياة السياسية الى جانب بقية قوى المعارضة الوطنية في سورية, ومن جهتها رحبت المعارضة السورية باعترافات خدام,وان بتحفظ شديد, على لسان الناطق باسم التجمع الوطني الديمقراطي المعارض حسن عبد العظيم الذي قال لجريدة (البيان): ((ان حديث نائب الرئيس مهم من حيث المضمون وخطير من جهة التوقيت.واضاف ان باب المعارضة (اعلان دمشق) مفتوح لاهل النظام ولاهل الحزب الحاكم ممن لديه رؤية للتغير الديمقراطي..)).طبعا, وخلافا لتوقعات البعض يستبعد, في ظل امساك النظام الحالي بزمام الامور وتشديد القبضة الامنية على المجتمع السياسي, ان يحدث, انقلاب خدام وانشقاقه عن النظام ,اية اصطفافات سياسية جديدة وفورية داخل الحزب الحاكم او قرب حدوث تصدعات في مؤسسة السلطة.و بلا ريب, ان تصريحات خدام التي كشف فيها عن تعرض رئيس وزراء لبنان الاسبق رفيق الحريري الى ضغوط قوية وتهديدات خطيرة من قبل جهات وشخصيات قيادية في لبنان و سورية قبيل اغتياله منها الرئيس ستؤثر على مجريات التحقيق في قضية اغتيال الحريري, وستزيد الموقف السوري ضعفا وارتباكا امام المجتمع الدولي في هذه القضية.فبعد تصريحات خدام سارعت لجنة التحقيق الدولية الى تقديم طلب الى السلطات السورية من اجل اللقاء مع الرئيس بشار الاسد ومع وزير الخارجية فاروق الشرع.
وليس ادل على حالة الارتباك والقلق السياسي لدى النظام في سورية, التي سببتها تصريحات خدام للعربية, من اسراع مجلس الشعب السوري الى عقد جلسة خاصة وصاخبة لادانة وشجب تصريحات خدام والطريقة البدائية والانفعالية في مقاربة النواب لهذه الازمة, فبدلا من ان يناقش النواب وبروح من المسؤولية الوطنية وبشكل ديمقراطي تصريحات نائب الرئيس للوصول الى رؤية موضوعية وعقلانية تبنى عليها الخطوات السياسية اللاحقة لاحتواء الموقف وتجنيب سورية المزيد من الازمات والتصدعات.نجدهم اكتفوا باتهام خدام مع افراد اسرته بالفساد, وانتقدوا دوره في لبنان عندما كان مكلفا بالملف اللبناني وحملوه مسؤولية الاخطاء السورية في لبنان,والطلب من وزير العدل بالشروع في تحريك الدعوة العامة لمحاكمة خدام بجرم (الخيانة العظمى).فمشهد النواب تحت قبة البرلمان, اثار شفقة السوريين عليهم من جهة كما انه اشاع نوعا من الحزن السياسي في الشارع السوري من جهة اخرى,وهم يتسابقون لكيل اشد التهم وباقسى تعابير التكفير والتخوين الوطني لخدام والمثبتة في قاموسهم الخطابي الجاهز دوما لالقائه في وجه كل من ينتقد السلطة وممارساتها الخاطئة. هذه هي السياسة في الدول التي تختزل الوطن باشخاص السلطة وينظر له بدلالات النظام وتعبيراته ووفقا لمصالحه. فبالامس كان عبد الحليم خدام نائبا للرئيس وشخصية وطنية وقومية بارزة ومحترمة,مخلصة لقضايا الوطن والامة,واليوم صار عميلا كبيرا متأمرا متهما بجرم الخيانة الوطنية الكبرى, بعد ان اعلن انشقاقه عن النظام القائم, وكأن العمالة والخيانة الوطنية لشخص تاتي بين ليلة واخرى.قطعا ليس دفاعا عن خدام, ويخطئ بحق الوطن والشعب السوري كل من يدافع عن خدام وعن امثاله, فهو احد المسؤولين الكبار عما وصلت اليه البلاد من مفاسد ومظالم وانتهاكات لحقوق الانسان, وخدام الذي تحدث للعربية عن غياب الحريات السياسية والديمقراطية في سورية, كان اول من وقف في وجه منتديات ربيع دمشق وتسبب في اعتقال ناشطيها.لكن الا يرى مجلس الشعب بانه يدين نفسه بعرض فضائح الفساد الكبيرة لنائب الرئيس واولاده, وابرزها تهريب النفايات النووية ودفنها في صحراء تدمر?.واذا كان من حق النواب التشكيك في نوايا واهداف تصريحات خدام في هذا التوقيت..?. يبقى من حق المواطن السوري ان يتساءل ايضا: لماذا سكت السادة النواب على فضائح خدام واولاده طيلة هذه المدة, طالما لديهم كل هذه القرائن والادلة على خدام وغيره من رموز الفساد?ولماذا انتظر النواب حتى يخرج خدام من البلاد ويهرب امواله وينشق عن النظام..?.كان حريا بالنواب,ان يطالبوا, ومنذ ان اكتشفوا امر خدام كاحد رموز الفساد, بمحكمة وطنية مستقلة ومحايدة وعلنية للتحقيق معه ومع جميع شركاء خدام واولاده في الفساد, ممن هم في السلطة وخارج السلطة, طالما هم تحت اعين النواب, ام ان ملفات المفسدين والفاسدين لا تفتح الا عندما يتمردون على النظام وينقلبون عليه, امام هذه السابقة الخطيرة في الحياة السياسية السورية المتمثلة بالتستر الفاضح لمجلس الشعب على احد رموز الفساد في البلاد وتقصيره في ملاحقة ومحاسبة المفسدين, يتوجب حل مجلس الشعب الحالي واحالة المتسترين ومنهم خدام وغيره من رموز الفساد الى القضاء, واجراء انتخابات نيابية حرة وديمقراطية, تشترك فيها جميع القوى الوطنية,بما فيها قوى المعارضة العربية والاشورية والكردية.

* كاتب سوري ¯ عضو المكتب السياسي في المنظمة الاشورية الديمقراطية
shosin@scs-net.org