المحرر موضوع: "سيفو" و رسائل أجدادنا التي لم تصل!  (زيارة 1434 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل henri bedros kifa

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 653
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
"سيفو" و رسائل أجدادنا التي لم تصل!

أقامت دول أوروبا حفلات عديدة بمناسة ذكرى إنتهاء الحرب الكونية
( الأولى) . جرت العادة أن يشارك قدامى المحاربين الذين خاضوا تلك
الحرب التي كانت من أشرس و أضر الحروب في بداية القرن العشرين .
هذه السنة شارك ثلاث من قدامى الجنود الإنكليز و جندي أميركي هم
آخر  أربع جنود لا يزالون على قيد الحياة و أعمارهم اليوم بين 108 و 112 سنة .


 أولا - رسائل من الجبهة

  إن الدول المتمدنة تكرم هؤلاء المحاربين القدامى و من خلالهم كل
الشهداء و ضحايا تلك الحرب . لقد خسرت إنكلترا  أكثر من 400 ألف
جندي في فرنسا كما خسر الفرنسين ملايين القتلى . و تكاد لا تخلو
كل عائلة فرنسية من شهيد أو جريح . لا شك لقد إشتهرت هذه الحرب
بسبب الحقد الفرنسي ضد الألمان بسبب ضم مقاطعات الألزاس و اللورين إلى الإمبراطورية الألمانية سنة 1871 م .
  لقد لاحظنا في السنوات الأخيرة قيام عدة دور للنشر في البحث
و تشجيع أحفاد هؤلاء الشهداء على نشر الرسائل التي كان قد كتبها
هؤلاء الجنود لزوجاتهم أو لأهاليهم . هذه الرسائل تعتبر من أهم الوثائق
لمعرفة معنويات الجنود و آرائهم حول الحرب . يمكن مشاهدة بعض
الأفلام الوثائقية التي يبثها قنال France2 على هذا الرابط

  أم  قنال TF1 الفرنسي  فقد عرض سلسلة من التحقيقات حول رسائل
قدامى الجنود المنشورة و غير المنشورة . لقد أعجبتني رسائل الجندي

 " يجب أن تفكري بطفلنا و أن تفكري فيني لأنني أحبك ، أغرفي من
هذين الحبين قوة الأمل ، وداعا  وإلى اللقاء إذا إستطعت ". هذا الجندي
سوف يستشهد بعد أشهر عديدة . و لكنه ترك لزوجته و لأهله أكثر من

أن يشاهد هذا الفيلم على هذا الرابط


ثانيا - وضع المسيحيين في الجيش العثماني
 بعدما إستولت الجيوش العربية على مناطق أجدادنا التاريخية  عمدت
إلى منع المسيحيين إلى الإنضمام الى الجيش المسلم مما أجبر القبائل
العربية المسيحية الى دخول الإسلام و الإستفادة من الفتوحات التي وصلت الى الهند شرقا و أبواب أوروبا غربا .
     لقد ظل المسيحيون من يونانيين و أرمن و أقباط و سريان آراميين
لا يخدمون في الجيش الإسلامي إلى سنة 1908 حيث نجح حزب الإتحاد
و الترقي من إستلام السلطة و سعى إلى سياسة " تتريك " المسيحيين
و الأكراد  و أصبح على المسيحي أن يخدم في الجيش العثماني . من
المؤسف نحن لا نملك وثا ئق كتابية عن المعاملات السيئة التي كان
يتلقاها المسيحيون من العثمانيين المسلمين . كان العثمانيون ينتقمون
من المسيحيين معتبرينهم السبب الرئيسي لتدخلات الدول الأوروبية
في السلطنة العثمانية . قبل الخدمة العسكرية كان العثمانيون يطلقون
تسمية " غاور " أي كافر على كل مسيحي و لكن بعد الخدمة العسكرية
و خاصة بعد خسارة السلطنة العثمانية لحرب البلقان سنة 1912 ،
صار العثمانيون يعتبرون المسيحيين " خائنيين" للسلطنة  و عملاء
للدول الأوربية .
   ملاحظة صغيرة : لقد كانت معاملة العثمانيين سيئة جدا للمسيحيين
و لكن أجدادنا كانوا " بعيدين" عن مراكز السلطة خاصة الذين كانوا
يعيشون في مناطق مسيحية . قبل الخدمة كان الشاب السرياني الآرامي
يعيش في ضيعته و لا يتعرض مباشرة للإهانات أو لسوء المعاملة و لكن
مع الخدمة العسكرية فإنه أصبح عرضة لكل أنواع  المعاملات السيئة ،
لأن المسيحي كان كالخروف بين الذئاب !

ثالثا - هل ترك لنا أجدادنا السريان رسائل تخبرنا عن أحوالهم ؟
 
 هنالك دراسات عديدة حول حرب الإبادة الجماعية GENOCIDE
التي إرتكبتها الحكومة العثمانية بحق الشعب الأرمني و الشعب السريناني
الآرامي . و لكننا نفتقر الى المصادر و المراجع العلمية حول عدد
الشباب السرياني الآرامي الذي إلتحق بالجيش العثماني ، كذلك لا نملك
إحصائيات دقيقة حول " عدد " الشباب السريان الذين رجعوا من
الخدمة العسكرية ( الذين نجوا من موت محتم ).
     نلاحظ من خلال كتاب القصارى في نكبات النصارى لصاحبه
الأب إسحق أرملة أن العثمانيين قد عمدوا الى تشكيل فرق من المسيحيين
الأرمن أو من السريان و كانت و ظيفتهم فتح الطرقات أو حفر الخنادق
و كانت فرق المسيحيين معزولة من السلاح.
   السؤال الذي يطرح : لما لم يترك لنا أجدادنا بعضا من الرسائل
التي تخبرنا عن معاناتهم ؟ ما هي الأسباب الحقيقية التي منعتهم من
الكتابة ؟
 - هل كان أجدادنا أميين لا يجيدون الكتابة ؟
-  هل كان أجدادنا " يتخوفون " من التعبير في رسائلهم عن المعاملة
  السيئة التي يتعرضون لها يوميا ؟
- هل كان العثمانيون يمنعون أجدادنا من الكتابة ؟
- أو هل كان العثمانيون يراقبون رسائل أجدادنا خوفا من نقل المعلومات؟
- هل كانت خدمة أجدادنا السريان الآراميين في الجيش العثماني قصيرة
جدا ؟ لأن العثمانيون قتلوهم مثلما قضوا على فرق المجندين الأرمن ؟

 ما هي الأسباب الحقيقية التي أدت الى عدم وجود رسائل من المجندين
المسيحييين إلى ذويهم ؟ هل يستطيع إخوتنا السريان الذين يجيدون اللغة
التركية في البحث في الأرشيف التركي ؟
     لا يحق لنا اليوم أن ننسى أو لا سمح الله أن نساوم على دماء شهدائنا
الأبرار . لا يحق لأي سرياني أن يسامح  جرائم العثمانيين قبل الكشف
عن كيفية إبادة الشعب الأرمني و شعبنا السرياني الآرامي .

 هنري بدروس كيفا