المحرر موضوع: أديبنا الصائغ "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان" (مهداة للأديب الدكتور عبد الاله الصائغ)  (زيارة 1352 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل ميخائيل مـمـو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 696
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

أديبنا الصائغ  "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان"
[/size]
(مهداة للأديب الدكتور عبد الاله الصائغ)




بقلم : ميخائيل ممو
رئيس تحرير مجلة حويودو الآشورية

 
وأخيراً استجاب القدر لمشيئة الإنسان الذي ضحى بحياته من أجل إحياء الحرف وشروق الكلمة الحرة لتتلألأ في سماء واجواء بلد النهرين الخالدين لتساير مسارهما ولتكون امتداداً للخلود الكلكامشي على مسار الزمن.. ذلك الإنسان الذي عصفت به الرياح العاتية وهو في ذروة عطاءه الفكري بين اهله وخلانه وأبناء جلدته ليتجاوز حدود الأرض التي ترعرع عليها بأن يَـقـْدم على احتضان معالم الغربة بطرق أبواب الأوطان التي لم يحلم بها يوماً ، متنقلاً بين بلد وآخر ، متأملاً مستقبله في محطات عديدة ، مستضيفة أياه بغية أن يتنفس الصعداء ، ويستنشق نسائم الحرية والراحة النفسية ، تثميناً لما اغترف من مناهل العلوم والمعارف ، وبما جسده يراعه في كافة الحقول الأدبية وعلى مدى نصف قرن.

أجل.. استجاب القدر لأرادة الإنسان المثقف ، لعزيمة الأديب الثر ، لصيحات الشاعر الفذ ، ولألحان وألوان الفنان المعطاء.. امتزجت اصداء الكلمات بالألوان والألحان وشكلت شعلة من نور لتلفت انظار من هم في غفلة من رواد وبناة الحضارة والمدنية لبلدهم الأم وأينما تواجدوا وبالتالي للأنسانية جمعاء.

بالأمس القريب ويوم أن فاجأنا من ينتمي للتشكيلة النخبوية لمنظمة " أدباء بلا حدود العالمية " والأمين العام السابق لها وأحد النوادر من المبدعين العراقيين في مجال الشعر والأدب والنقد والمخزون الثقافي والفكري العراقي والعربي والعالمي بحكم تدريسه في العديد من الجامعات البروفسور عبد الاله الصادق دق نواقيس الخطر منذراً بإطلاق صرخته من على فراش الرحيل الأبدي مستنجداً ومستغيثاً من حالة داء الشلل الذي داهمه وشل اصابعه التي خطت ملايين الأسطر وعشرات الكتب التراثية والنقدية والشعرية والمعرفية وغيرها من المشارب الأدبية التي يدوي صداها على رفوف المكتبات العامة والخاصة والرسمية.
!
نقولها هنا بكل جرأة وصراحة: ان صرخة الصائغ واستغاثته للضمائر الخامدة بإسعافه مادياً لنجدة واسعاف حياته من معاناة يتسنى للأختصاصيين تبديدها لم تكن خوفاً من شبح الموت ــ طالما كل نفس ذائقة للموت ــ وإنما توجسه هو من ان يخمد عقله ويضيع ذلك المخزون من منهله الفكري الذي ما فتأ ينضح بما يثري الأجيال القادمة ، اضافة لأسفه على وداع اصحاب واصدقاء وزملاء له بمعاشرتهم لهم يومياً من القريبين منه والبعيدين عنه والذين لم يكونوا على معرفة به فعاشروه وجاملوه وتعرفوا عليه فوضعهم في اعماق قلبه بفضل الأستحداث التكنولوجي وبشكل خاص من خلال غرفة " الأدباء والكتاب العراقيين " وغرفة " الأدباء والفنانين العراقيين " في البالتولك التي لاصقته واصبحت مقهاه ومنتداه وملاذه الدائم الزيارة ليمطرنا بأحاديثه الشيقة ونوادره الظريفة وتعليقاته النقدية ومداخلاته المجدية وكل جديد يستنبطه من تجاربه القيمة ، واكبر دليل على ذلك النداء الذي وجهه لعدد من رواد الغرفتين الى جانب العديد من اصحابه القدامى من العراقيين بمذاهبهم المختلفة والعرب ايضاً.

ان مضمون النداء بما يحتويه من نصوص مثيرة للأستغراب من أديب وكاتب وناقد له مكانته في سماء الأدب تنم عن مصداقيته لكشف استمرارية واقع الحال المتردي الذي يعيشه المثقف العراقي المبدع سواء في الوطن أو في الغربة بعد زوال قيود سلطة تحديد الأفق الثقافي. فكانت لعباراته صدىً بدويّ لا مثيل له بين اوساط الادباء والشعراء والمثقفين متمثلة بسراج من نور يبدد الظلمة عن طريق الذين تلبدت ابصارهم بالقصر الثقافي، وعن الذين يشهروا سلاح وأد دور المثقف الواعي والاديب المبدع والفنان البارع في عصر تجلت فيه الحضارة والمدنية وبلغت اسمى ادوارها التطورية.
بهذا فلا عجب إذا اتسمت عباراته بالحصافة وعمق المغزى ، وامتزجت بأوجاع الندب والبكاء ، وكأنه يقول لنا: ان لم تـُـقيمني بوردة تكريم في حياتي ، فلا داع لأكاليل الورود على قبري في مماتي .. هذا ما تضمنته فحوىعبارته القائلة: ( رفاق الكلمة ... انني اموت ... الصائغ يقول لكم ابكوني حياً ، فإذا مت فتوقفوا عن البكاء ، لأن لعنة الصائغ حين يموت هواناً سوف تلاحق كل من يبكيه بعد أن تخلى عنه ، وبعد أن رأى علامة الخطر التي نشرها الصائغ أمام الجميع ). وفي مكان أخر في خاتمة النداء ما أجمله حين يقول: ( الصائغ ابن أثرى بلد في العالم يموت فقيراً لأنه غير قادر على دفع تكاليف العملية! ).

بهذا الصوت الحزين الكليم الأليم ، وبأصوات من هز مشاعرهم من المثقفين والأدباء ، وبوحدة الكلمة والرأي انطلقت الأصوات تنادي بإسمه من على الفضائيات ووسائل الأعلام ، وراحت الأصابع تعصر مداد الأقلام لتنطق وتدبج هي الأخرى قائلة : اسعفوا من هو حياً ، قبل أن تأسفوا عليه ، ودعوا صاحب الكنوز الدفينة يكشف عن الدر المكنون ووو...
وعلى أثر هذه الأصداء المدوية في عباب السماء ، لم يستجب القدر هذه المرة ، وإنما استجاب صوت الحق ، صوت الشعور بالمسؤولية ، صوت الذهب الأسود ، صوت حفيف النخيل ، صوت خرير النهرين ، صوت الثقافة الأنسانية وصوت العراق الحر بشكل عام من خلال النداء الهاتفي من لدن رئيس مجلس الوزراء العراقي الدكتور ابراهيم الجعفري بمكالمته المباشرة مع الصائغ ومفاج! ئته بتحمل كافة نفقات العملية الجراحية وما يتبعها من شؤون أخرى. كما أصدر السيد رئيس الوزراء توجيهاته بمتابعة وضعه الصحي وموافاته بآخر التطورات فور وصوله. وقد عين لجنة خاصة لمتابعة هذا الموضوع تعمل على مدار الساعة في بغداد والولايات المتحدة الأميركية، اضافة لتعليماته بتشكيل فريق طبي لمتابعة حالته الصحية في الم! ستشفى الذي ستجرى به العملية، سائلاً المولى عز وجل أن يمن عليه بالصحة والعافية والعودة الى وطنه.
كما وأن السيد جلال الطالباني رئيس الجمهورية، وصندوق التنمية الثقافية أبانا بأنهما سيتكفلان بقضية علاجه، وسيتم الاتصال به لغرض ايصال المساعد! ة المقدمة من قبل رئيس الجمهورية ، ومساهمة صندوق التنمية الثقافية، وعلى شكل عاجل.

في خاتمة المطاف ما اود ذكره! واستشهد به ما قاله يسوع المسيح للشيطان حينما طلب منه الشيطان ان يخاطب الحجر بتحويله الى الخبز. فرد عليه يسوع قائلاً : " ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان ، بل بكل كلمة من الله ". أجد هنا بأن الداء الذي داهم الصائغ قد تقمص روح الشيطان وراح يخاطبه بأن يجعل من الفكر الثقافي الذي آمن به سبيلاً للنجاة من مرضه ، فأصر الصائغ وأعلن نداءه لتستجيب له الهة الثقافة العراقيين من الكتاب والشعراء والفنانين، وعبر هؤلاء الرسل ، رسل المحبة والإخاء استجابت السلطة العراقية متمثلة بشخصية رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء بتلبية نداء الصائغ بمد يد المساعدة لإنقاذه من محنته ومعضلته. أملين للأخ الصائغ الشفاء العاجل.

[17-01-2006]
[/font][/b]