كيف تصبح بطلاً بقوندره ..!
مارسيل فيليب
marcelphillip@yahoo.com.au
بالأمس تسيدت القوندرة ( الديمقراطية ) كتابات بعض مثقفينا ولم يخلو موقع على الأنترنيت إلا وفيه مقالة عن القوندره ، حتى تخالهم يريدون بها تتويج مفهوم الحريات والديمقراطية والتضحية والرجولة ... تتدافعوا في نشر رأيهم بديمقراطية ورجولة " القندرة " كمثل الذي يقول .. ( ترى اللي يثكَلُ ياكُلهَا ) .
لكن من ناحية أخرى ، كلنا يتذكر كيف أبتدأ المثل في زمن عراقنا " الديمقراطي الزاهر " عندما أطلق رئيس برلماننا العتيد المشهداني الورع مقولته الشهيرة (أي قانون لا يتوافق مع الإسلام نتعامل معه بالقندره ) ... وخوفي أن تستمر سلسلة مبتكرات القوندرة دستورياً و فكرياً من خلال عملية ومسيرة تربوية مستقبلاً ، أو لتطويرها شعرياً بتفعيلة أو بدونها .
في زمن البعث المقبور ، أبتدعت أفكار وأساليب مخابراتية حركت مشاعر الفرح لدى شرائح واسعة من العراقيين ، هدفاً لأمتصاص مشاعر النقمة على النظام وممارساته التي كانت بالضد من مصالح الوطن والشعب مثل ، ( عِكْسِية المصارع عدنان القيسي وشخصية أبو طبر الأجرامية الخارقة ) ، وبعد أن تشبع الكل بنشوة الرجولة العراقية التي مثلتها تلك الضربة " العِكْسِيّة " والتصدي الشعبي الجمعي لأبو طبر .... انطلقت المظاهرات لاحقاً بشعار ( صدام أسمك هز أمريكا ) ، ثم اختنقنا جميعاً بعدها بهواء البعث الفاسد ، والذي تقرحت به صدورنا لأكثر من ثلاث عقود سوداء .
لست بموقف المدافع عن القوات الأمريكية أو سياسات البنتاغون أو بقاء الأحتلال أو حكومة تبتدع نموذج نظام جديد ( بديمقراطية متأسلمة ) ، ولا أدعو أيضاً لأقامة تمثال للرئيس الأمريكي بوش مكان تمثال الجنرال مود وسط بغداد ، لكن بوجهة نظر شخصية ، أرصد ومنذ فترة محاولات كثيرة لطمس وتغطية جرائم النظام المقبور ، عبر اعلام وتوجه يتناول سلبيات وكوارث ماجرته علينا الحرب والأحتلال ، بأسلوب ونهج أعلامي مشابه لتلك الصورة التي يتذكرها الجميع ( صورة ومشهد الفحولة المطلقة ... بعكسية عدنان واسطورة ابو طبر ذو القدرة الخارقة ) والذي شكلت الفرق الشعبية في مناطق بغداد لتناوب الحراسات الليلية فيها تجنباً لشره .. والمصيبة أن التوجه الحالي يصدر من اقلام ومستويات ثقافية وفكرية متباينة نكن للكثير منها كل الأحترام .
عزيزي القارئ .. جرت العادة أن يتباهى العراقي بطيبة أهل بلده ، بأسبقيتهم في حمل مشاعل الفكر والقيم السامية ، قيم البسالة والتضحية واحترام الأخر .. قيم مقارعة الحجة بالحجة والمنطق بالمنطق ، هذا إذا ماكنا ومازلنا نؤمن بمفهوم الديمقراطية كنظام وممارسة نؤسس للألتزام بها عبر المعايير القانونية والأجتماعية .
لكن بكل أسف ، أقول لكل الذي تغنى بما أجترحته قوندرة الزيدي من بطولة .... إن ماحدث لم يكن أكثر من مشهد لحفلة زار قام بها درويش متدرب ، وأن أفترضتها بأطار أكثر تفاؤلاً ، فهي لا تتجاوز مشاهد زفة بسيطة لعملية " طهور " قام بها حلاق شعبي ثمل " بمُوسَى " عمياء .. مع أحترامي لرأي المختلف !