المحرر موضوع: اعداء الارض مسرح ام واقع:  (زيارة 1043 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل د.عامـر ملوكا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 206
    • مشاهدة الملف الشخصي
اعداء الارض مسرح ام واقع:


اعداء الارض عنوان لمسرحية وعنوان لولادة مسرح جاد وملتزم واحترافي لمجموعة من ابناء شعبنا في بلاد الاغتراب الدانمارك.
لم يكن جديدا على مبدعي شعبنا ان يقدموا ابداعاتهم وهم في ضروف اقل مايقال عنها بانها استثنائية ولكن الابداع يظل ابداعا والتميز يظل تميزا حتى وان قست الظروف وان الخلية الحية تابى ان تموت حتى في احلك الظروف.
حقيقة ان العمل المسرحي بشكل خاص والفنون بشكل عام هي مراة عاكسة لمدى تطور الشعوب على الرغم من ان الاغلبية من مجتمعاتنا الشرقية المتائرة بالثقافات القبلية والاثنية والعرقية والاخلاقية والعقائدية والتي تنظر للموروث بعين التقديس والتبجيل ، من خلال الاصرار على جعل العجلة تتقدم الى الخلف وذلك من خلال التمسك بها تارة وتارة اخرى محاولة شرعنتها بشتى الطرق والاساليب. ، فبغض النظر عن كونها لازالت تنظر للفن والمسرح بانها من الحاجات الثانوية وتدخل ضمن خانة اللهو ومضيعة الوقت والمتعة  والسبب في ذلك يعود الى الموروث والثقافات الشائعة والتي دائما تنظر بعين الاحترام والتقدير لكل مايتعلق باشباع الغرائز الجسدية وبعكسه النظر الى الفنون والعلوم التي تتعلق بالروح والارتقاء بها الى فضاءات انسانية عالية نظرة سطحية ودونية . فمجتمعاتنا لازالت بعيدة عن هذا المفهوم وقد يعود ذلك في جزء كبير منه الى ان الجائع والمحروم والمضطهد قد لايجد وقتا للتفكير بالجانب الروحي اذا كان الجسد وغرائزه تعاني الحرمان والتعطيل. وانطلاقا من هذا المنظور المتطور للمسرح واهميته للارتقاء بالمجتمع المدني وطرح قضاياه من خلال خشبة المسرح المقدسة التي تؤمن بمشروعية الحياة الحرة الكريمة للانسان والعدالة الاجتماعية والمساواة وحرية الفكر والمعتقد والابتعاد عن الانا من خلال اشاعة الحريات الفكرية وقبول الاخر لانه يختلف معنا وليس لانه يتشابه معنا  وكل ذلك يصب في صالح الارتقاء بالمجتمع المدني داعما للثقافة والمثقف ضد التعسف والجهل . وعادة مالعب المسرح دورا مهما في انطلاق شرارة التغيير, وقد كان عند الاغريق تعبيرا عن مظاهر دينية وعند الرومان متعة رخيصة, وكانت الكنيسة تعتبره شرا لابد من استئصاله مالثبت ان عادت بعد قرون لتحتضن المسرح من خلال مسرحيات الاسرار والمعجزات. وهناك من يصف الفن كمرافق للبناء الحضاري"حضارة بلا فن ليست حضارة"، وهو   أحد مكونات السواء البشري، والرقي الإنساني، والكمال الآدمي. ويقول الكاتب الروسي الرائع تولستوي عن وصفه للفن بشكل عام انه تلك الاضاءة  القوية المعبرة عن الكم الهائل من الرقي والخير الانساني التي يضمرها الفن لناسه,وكانه مكافاءة السماء لاصحاب الظمائر الحية وبالنتيجة هو حب الاخرين ........كل الاخرين.
وتاتي مسرحية اعداء الارض لمخرجها ومهندس هذه التجربة الاخراجية الاخ والصديق الاستاذ هيثم ابونا الذي عرفته قبل اكثر من 14 عام عندما حضرت مناقشة اطروحتة لنيل شهادة الماجستير في اكاديمية الفنون الجميلة /بغداد في الاخراج السينمائي واجتيازه لامتحان التخرج بتفوق وحينها تحدثتنا عن الغد والمستقبل من خلال تواصله مع هذا الفن الجميل والراقي وخاصة ان المخرج هيثم ابونا ملئ بالتفاؤل ونظرته الى المستقبل وبناء الانسان من خلال مسرحه الواقعي الجاد والملتزم  وخاصة عندما تاتي المسرحية من فكرة انسانية تعود بالخير على عقول الناس وقلوبهم وترتقي بالذوق العام وتزيد من انسانيتهم,وتضاعف فيهم الاحساس بالجمال والحق والخير.وكلما تضمنت المسرحية طرحا لمشاكل الناس العاديين او تضمنت نقدا لواقع اليم كلما اقتربت هذه المسرحية من النجاح. هكذا كانت مسرحية  اعداء الارض التي تناولت لقطات من حياة شعبنا  من داخل الوطن( العراق) وكيف اراد الارهاب ان يخطف بيوتنا وارضنا, قيمنا وسعادتنا وحتى انسانيتنا. مبروك  لكم جميعا هذا العمل الابداعي فبرغم الامكانيات المتواضعة وقلة توفر التجهيزات وحداثة التجربة لدى معظم العاملين والممثلين فقد كان العمل ناجحا ومبهرا  وقد تفوقتم على انفسكم وقد كان ذلك واضحا من ردود الافعال لكل من شاهدوا هذا العمل الابداعي. شكرا لفريق العمل ومزيدا من التالق ونحن متاكدين من الخزين الفني والابداعي للاخ هيثم ابونا وكما قال هيكل :" بفضل الفن تتاح لنا القدرة على أن نكون الشهود المحزونين على الفظائع كافة وعلى أن نحس بالأهوال، والمخاوف جميعا فعلا كان عملك هذا فرصة لمن شاهده كي يكونوا شهودا على الفضائع والاهوال التي مر بها بلدنا العزيز العراق,  ونتوقع تجارب ابداعية قادمة لهذه الفرقة فرقة شيرا وايضا نقدم الشكر لكل المساهمين في انجاح هذا العمل ممثلين وفنيين واعلاميين ولايسعنا ذكر كل الاسماء المشاركة والتي سبقني في نشرها الاخ الاستاذ نزار ملاخا مشكورا ونتمنى من فرقة شيرا في المستقبل القريب بان توسع قاعد العروض لتشمل ابناء شعبنا في جميع دول الاغتراب وايضا على القنوات الفضائية التي تمثل ابناء شعبنا ,الالتفات الى الاعمال والنتاجات الابداعية لمثقفينا في كل مكان من خلال الدعم والتصوير ومن ثم عرضها ليتسنى للكثير منهم الاطلاع على مثل هذه التجارب الابداعية ولديمومة قنواة الاتصال والتواصل.

د.عامر ملوكا
استاذ جامعي
ملبورن/استراليا