المحرر موضوع: زواج في الجنة ومظاهرات الغضب ( الجزء الاول)  (زيارة 1035 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل rimon majoun

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 68
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
زواج في الجنة ومظاهرات الغضب ( الجزء الاول )
بقلم ريمون معجون
في الخبر : انه قد قام مجموعة من الرسامين الدانماركيين بعمل رسوم للنبي محمد تصوره بأوضاع مختلفة وبشكل مهين وذلك بدعوة من صحيفة دانماركية كانت قد نشرت مقالة في الصفحة الثالثة عدد 30 سبتمبر 2005 تحت عنوان (وجه محمد) ونشرت مع المقال 12 رسما من بين 40 رسما هي بمثابة وسائل ايضاح  مقترحة لكتاب يتحدث للاطفال عن سيرة الرسول محمد  يحمل عنوان ( القرآن وحياة الرسول محمد ) لمؤلفه الدانماركي (كاري بلوتكن) .                                                                                                     الرسوم - على العموم - كانت عبارة عن قراءة خاطئة ومزيفة حول نظرة النبي  للجنة ولفكره في الجهاد.. الخ , وردا على هذا العمل جرت تظاهرات ضخمة في كل ارجاء العالمين الاسلامي والعربي تندد وتدين وتدعو الغرب الى سن قانون اممي يحرم اهانة الانبياء ويدعو حكومات الغرب ان تقدم الاعتذار .. لمن ؟!                                                              الجديد في الامر مشهدان : الجهة التي دعت الى الجهاد ضد الغرب مع المقاطعة ومن الناحية الاخرى تنادي مثقفو العروبة والاسلام بالقول ان الغضب والهياج ناتج عن اهانة الغرب لمشاعر المسلمين .. ولقد تكررت كلمة اهانة المشاعر على لسان اولئك آلاف المرات حتى تكاد تحسب مشاعرهم قد تربت على الرقة والافراط في الاحاسيس .. ومن جهتي لن ادعهم يرمون السهام علي واترك لقناعتي تقول دائما : طالما ان المتأسلمين مصابون بعاهات كثيرة في عقولهم ونفوسهم فلا احد عاقل يشرفه الانتساب الى هكذا نوع من الكسالى , ولعلي اضيف ردا وتنديدا بتلك الرسومات المقرفة التي ظهرت على الصفحة الدانماركية ما قاله الاعشى في مدح الرسول العليم :                                                                                                                                                                                                                                                                              نبي يرى ما ترون وذكره        أغار لعمري في البلاد وأنجدا                                                                                                                                              له صدقات ما تغب ونائل         وليس غطاء اليوم مانعه غدا   
                                                                                                                                                                    ا
اولا - في حقيقة  ماهية الاهانة ومشاعر المتأسلمين المفرطة  ( النمذجة ): في 6\4\1989وبعد البسملة وافق الازهر الشريف على طباعة كتاب( مسألة صلب المسيح بين الحقيقة والافتراء ) تأليف داعية العصر : احمد ديدات وقال الازهر انه بعد ان قام بفحص ومراجعة الكتاب  رأى  ان ليس فيه ما يتعارض مع العقيدة الاسلامية اوما يمنع من طبعه مؤكدا على ضرورة العناية التامة بكتابة الآيات القرآنية والاحاديث النبوية الشريفة .. بالطبع لم يسأل الازهر نفسه هل اضر الكتاب المذكور بمشاعر غير المسلمين ام لا .. بل عندما مهر بختمه وامضائه على الطبعة العربية لم يأبه ولا للحظة بمشاعر المسيحيين في الدول العربية والاسلامية .. ونحن لا نقول بمشاعر اهل الغرب فهؤلاء يكرهون المسيحية كما يكرهون الاسلام وأي دين آخر ولو تمادى المسلمون اكثر لاصدروا فرمانا يعمل على تحريم الاسلام برمته كتابا وعقيدة وتعليما وهو لا يأبه لكل عراضات المتأسلمين وفانتازيا الدعاة كائنا من كانوا .                                                                                                                              وحين نشرت احدى الصحف السويدية قبل اربع سنوات رسما للمسيح على شكل سكسويل قام المشرقيون من السريان والاشوريين بمظاهرة احتجاج  ومعهم مطاليب وتدابير  - كما يفعل اليوم جماهير المليار - ردهم السويديون على اعقابهم قائلين لهم : هذه بلادنا والصحيفة تعبر عن رأيها واياكم ان تقوموا بأي عمل مخل بالقوانين .. لقد اخترت كتاب احمد ديدات على سبيل المثال لا الحصر لكي أبين للقارئ الموضوعي مدى الضرر الذي يحدثه المسلمون لاخوانهم المسيحيين , .. اساءة للمشاعر .. تجريح للمقدسات .. هتك للاعراف وتهشيم لاواصر الاخوة .. فمن ياترى يأخذ بـ ( ثأر ) هؤلاء .. ويصيح : اين سيوفكم البتارة , اليس فيكم كرامة ونخوة وديدات يهين مقدساتكم والازهر يباركه ...؟! ومن ياترى يقول لهؤلاء الذين يمتلؤون رقة ومشاعرا هل راجعتم الاهانات التي توجهونها - بمناسبة وبغير مناسبة - لاخوانكم من الاديان الاخرى , ما هو حجمها وكم تبلغ ضخامتها وهل رأيتم اليوم القذى في عيون الآخرين ولم تروا الخشبة في عيونكم .. تعال - أخي القارئ - نتصفح هذا الكتاب الذي وقع بين يدي .. وحكّم ضميرك .. تعال الى كلمة سواء  :
                   يقع الكتاب في 87  صفحة في الطبعة الانكليزية و103في الطبعة العربية ويتألف بمجمله من 218 صفحة يدخل من ضمنها مقدمة للمترجم , وهو صادر عن دار الاعتصام بالقاهرة والكتاب حاليا يجول بين ايادي الكثيرين من المسلمين في العاصمة السويدية وتقوم احدى الجمعيات الخيرية الاسلامية بالتحاضر الدعوي ( التبشيري ) فيه .. اول ما يطالعك في هذا الكتاب ( الصفحة 30) وجود مترادفتين من جنسين مختلفين من الكائنات : المسيح والبطة ..                                                                    يرسم ديدات بالكلمات و بسخرية نادرة - وهو يقرأ الانجيل - المسيح جالسا كبطة قابعة في زاوية في الخفاء     ويعلق على تلك الصورة التشبيهية قائلا للمسيح المنسوخ : هيا استعد للجهاد .. لم تظل جالسا مسكينا , لن تنفعك نصيحتك لتلاميذك - لحواريك - ان تديروا الخد الايسر .. لابد من سيف !! هيا الى السلاح .. الى السلاح ..استعد , استعد للجهاد ..                       لو اخذ اي منا هذه المفردات التي انسابت على لسان الشيخ ديدات الى الفنان القدير علي فرزات وقال له : ارسم لنا هذا المشهد ,لقام و رسم على الفور لوحة رائعة تظهر  المسيح ذليلا وقد تحول واستحال شكل بطة قابعة في زاوية ميتة  يرتجف خوفا ورعبا على مصيره المحتوم , ولرسم لنا في الزاوية سيفا وقنبلة مع كتابة نصيحة ديدات : يا مسيح .. ياجبان .. خذ السيف والقنبلة وقل : حي على الجهاد .. ولا ننس للحظة  أخذ تواقيع الازهر ومجلس بحوثه على مصير ذلك الاله الجبان  .. تعالوا لنجري مقاربة مع اثثنتي عشرة لوحة للنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم رسمها فنانو الكاريكتير الدانماركيون في احدى الصفحات الداخلية  - الا يتماهى عمل الشيخ الجليل مع صاحبة الجلالة (صحيفة جيلاندس بوسطن) الدانمركية , ماالفرق بين اخلاق هذا الداعية الاسلامي الذي عمل من المسيح على شكل بطة وبين صحيفة اخترعت رسوما اقلها ان محمدا قد البس عقله قنبلة .. ..اسلام ضد من .. انه الاسلام في الاسر وهنا دعني استعير توصيف الصادق النيهوم . ولكي لا يتهمني القارئ بتفعيل جزئية على حساب جهد الداعية الاسلامي , مما يمنعني من انتهاج صحيح للاستدلال , ساسوق سيل من الاهانات التي وردت في هذا الكتاب ففي الصفحة (54) يقول : * لو كان يسوع يابانيا بدل ان يكون يهوديا لكان من المؤكد ان ينتحر بطريقة ( الهاري كاري ) بدل من أن يتحمل زيغ وعدم اخلاص أتباعه *                                                                                                                            وفي ( ص62 ) : *لم يفتح فاه - يقصد المسيح -
 كشاة تساق الى الذبح وكنعجة صامتة امام جازريها * ان طبيعة المسيح كانت تطلب الدم والنار .. لقد اخطأ يسوع في الحساب (ص44)
لا يليق به ان يتباكى .. هو استاذ التكتيك (36ص) ان قبر المسيح يصلح لأن يكون مأوى يسعد اي واحد من سكان الاحياء الشعبية للاقامة فيه كمسكن له , عندما ذهب اليهود الى بيلاطس في اليوم التالي قالوا له مر بضبط القبر الى اليوم الثالث لئلا .. كانوا يريدون غلق الحظيرة على الحصان  -المسيح - بعد ان نجحوا في ادخاله اليها *(ص92) .. يرافق يسوع اثنين من تلاميذه ويتسامر معهم لمسافة خمسة اميال دون ان يتعرفوا عليه - ويعلق ديدات : ياله من فن متقن !!  - وعندما تعرفوا عليه اختفى عن انظارهم فهل لعب يسوع لعبة الحاوي الهندي بالحبل * (ص104) .. يقول المسيح لمريم المجدلية : لا تلمسيني  - ويعلق ديدات قائلا ولم لا ؟ هل هو حزمة مكهربة او مولد كهربي لو تلمسه تصعق * (ص102).. ماذا دها اخوتنا المسيحيين ؟! يقول يسوع انه ليس للروح لحم وعظام , ويقولون للروح لحم وعظام ! سل بالله عليك أي الطرفين كاذب * (ص138) .. وفي الصفحة 39 يقول : * ان الممثل الشخصي لله - ويقصد المسيح - قد كان حريصا ألا يموت * وفي الصفحة 52 يستعرض ديدات عظمة محمد باعتراف الغرب ويجري مقارنة بينه وبين المسيح حيث يظهر المسيح من * ابأس الرسل حظا* ..الخ من هذه الاهانات والشتائم والقذف والذم لشخص يتعبده اكثر من مليار ونصف من البشر غالبيتهم الساحقة تخلصت من اميتها وكسلها  .. لشخص يقول اتباعه انه -اي المسيح - هو الله وقد ظهر في الجسد  .. فيما الشيخ ديدات يسخر منه ويصفه بالكاذب والبائس وحصان وبطة وشاة مذبوحة ومهرج هندي يجيد الفن باتقان وممثل شخصي لله  ومحرك كهربائي  .
وتعال لنر ماذا يقول شيخنا الجليل في تلاميذ المسيح والقديسين :
في الصفحة 46 يعرفنا الشيخ ديدات على القديس مرقس ويقول انه من اوائل من دونوا الانجيل دون خجل او وجل * وفي الصفحة 108 يعرفنا ايضا على بولس الرسول قائلا * الذي نصب نفسه حواريا ثالث عشر ليسوع * وفي الصفحة 42 يسمعنا ديدات حديثا فظا في جميع تلاميذ المسيح ويقول بالحرف * ان الحواريين كانوا قد اكلوا كثيرا وشربوا خمورا فأتخمتهم الأطعمة واسكرتهم الخمر , خصوصا ان الطعام والخمر كانا هما كل ما في البيت * ولا ينس ان يصفهم في الصفحة 32  وبعبارات ركيكة ووضيعة انهم * جميعا معروفين بالبأس والارهاب * وهم - في الصفحة 50 - يتصفون * بالغدر الجبان *  .. لايوجد في تاريخ العالم - يتابع في الصفحة 52 - مثل هذا الخذلان المتخاذل والخيانة , لقد لقي عيسى عليه السلام استجابة هي اضعف التجاوب من حواريه* و* نعرف من رواة الانجيل ان وجوه القوم كانت تتحرق شوقا الى ملاقاة يسوع , بالضبط كما يحدث خلال فيلم مثير تعلو خلاله صيحات : هيا .. اسرع .. اسرع * (ص 68 )
ولنتابع خلاصة رأي الشيخ ديدات في انجيل المسيحيين , اسمعه يقول في الصفحة 68 مايلي: * ثمة اختلافا اثيما في الانجيل , كتأثيمنا لامرأة متلبسة بالزنا * ويصف المؤمنين الذين يؤمنون بكلام المسيح الوارد في انجيلهم قائلا ص110 : * وأمثال هؤلاء الناس هم ضحايا هلوستهم وأمراضهم النفسية ربما نتيجة مشاهدتهم افلام السينما والتلفاز ..*  نعم * كانت مملكة يسوع مملكة روحية وكانت رياسته لها كي ينقذ امته من الرذيلة والانحلال *
اما عن مفسري الانجيل فهم مصابون - كما ورد في الصفحة 50 بـ* الافتتان بالخسة والعار وكل منهم ذكورا واناثا لن تعوذهم الحيلة كي ينسبوا خطاياهم وآثامهم وفسوقهم وسكرهم وعربدتهم الى هذا المشجب - يقصد صلب المسيح - ويبدو ان الانسان يلزمه ان يكون من حثالة البشر ليكون عضوا في زمرة الذين ولدوا من جديد *
لا ينس الشيخ المبجل احمد ديدات في الختام ان ينصح القارئ قائلاا ( ص 124 ) : * ان الله يعطيك الفرصة في هذا اليوم - ايها القارئ الكريم - في هذا العصر ان تخلّص الذهن المسيحي من أوهامه *  ثم ينطق بالحكمة التالية :
(( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ))- سورة البقرة 120 - ويعلق ديدات فوق تلك الاقتطاعة من الآية بقوله : لا يخرج الأمر عن احد اثنين : اما تغيرهم او يغيرونك , ولو شئت السلام السلام , فعليك بالاسلام *
وبدوري اقول لا أدري اية قوة خارقة اعطت الطاقة والحكمة لهذا الرجل الالمعي - ديدات - حين عملت منه رجلا سياسيا يفضل اليهود على المسيحية بحيث ينبري للدفاع عنهم بهذه الجرأة غير المسبوقة عند اقرانه من المتأسلمين , اسمعه يقول حرفيا وفي الصفحة ( 24) ولا تندهش رجاء : * لقد كان العالم المسيحي يضطهد ويطارد ويقتل ابناء عمومتنا اليهود على مدى حوالي الفي عام , بسبب جريمة قتل لم يرتكبوها . هل هي شروع في قتل ؟.. يجوز لكنها ليست جريمة قتل , وبتخليصنا اليهود من جريمة قتل لم يرتكبوها , فاننا نسحب الهواء من شراع أصحاب الاناجيل , في المعركة الدائرة حول قلوب وعقول البشر تجد توهم الصلب هو الورقة الوحيدة التي يلعب بها المسيحيون . حرره من هيامه وشغفه بها تكون قد حررت العالم الاسلامي من هوس العدوان التبشيري . * ( انتهى الاقتباس ) .                                                                                                                                                     اهلا بالشيخ ديدات انه يقترح على المسلمين حلفا اسلاميا  بينه وبين ابناء عمومته اليهود في مواجهة المسيحيين - الاسم المحدث من النصارى -  اه , لو يسمعك حسن نصر الله او سامي ابو زهري او خالد ابو الرب لشطفك قطعا قطعا .. لكن ما علينا  , هم ايضا لا يقرؤون الا ما يكتبونه لاتباعهم وحسبي الله ونعم الوكيل . 
عزيزي القارئ , اياك ان تظن اننا نطالب الشيخ ديدات ان يصمت .. ان جميع رؤاه في الصلب وموت المسيح نحترمها ولكن دون ان نتبناها فالرجل لديه مطالعاته القلقة حول هذه المسألة .. لكن الذي لا يحترم تلك الاهانات والبزاءات والاوصاف السوقية والقدح والتشهير واللمز والهمزوالسباب والشتائم وهي بالطبع موجودة بكثرة أيضا في خطب الجمعة للدعاة وصغار الكتبة .
ولو دققنا النظر في اسباب غضب المسلمين والمتأسلمين لرأيناها تقوم على ذات المعيار والنمطية والتوجه الاخلاقي واللغة السلبية والاستفزاز ولوجدناها لا تختلف في شئ عن تلك التي تروج لثقافة الاساءات والسوقيات .. ومن هنا كان لزاما على العاقلين ان يصارحوا انفسهم وبكل موضوعية في الكشف عن حقيقة هؤلاء المسيئين من كلا الجانبين ولعل هيئة علماء مسلمي العالم تبقى مسؤولة عن عدم صدور موقف حازم وحاسم تجاه العنف والارهاب فهم حين يشحذون همم الشباب المسلم يعمدون وفي شكل ميكانيكي الى تجريد الظرف الملتهب عن حياة الناس الروحية بحيث يبدو الجهاد وكأن له عنوانا وحيدا وهو المحاربة دون ان يكون نضالا وكفاحا من اجل النهضة والتغيير ..
كما ان في الجانب الآخر ثمة قوى تحمل منهجا ترغب في عودة البشرية الى الغاء قوانين الديمقراطية والرفاه الاجتماعي من اجل فرض قوانين طوارئ على الشعوب وعلينا ان ننتبه الى ان التيارين كلاهما يحمل بين ظهرانيه بذور فتاكة تبيد الجنس البشري .. اذن لا فرق بين المتأسلمين والنازية الجديدة .
ثانيا وجهة نظر اخرى في الرسوم المسيئة لشخص محمد :
ان طرفي الاثارة في الموضوع هما الصحافة الموجهة والجماهير الموجهة  وبلاشك ان شخص النبي محمدا قد خلق موضوعا فيه من الفعل ورد الفعل ما يؤكد على فجوة واسعة بين ثقافتين خلافيتين حيال هذه الشخصية الفذة ولاشك ان الذي جعل هاتين الثقافتين متصارعتين بهذه الدرجة من الوتيرة هو اتفاق المسلمين والغرب على منهج واحد في قراءتهما للتاريخ وماالصراع بينهما في حقيقة الامرالا على  ما هوعدم اختلافهما حول هذا المنهج المشترك بينهما بالذات , فالتاريخ عند كليهما هو تاريخ مشاهيرهم وليس تاريخا اتاحته الحياة وظروفها.. لنقرأ التاريخ الاسلامي انه يبدأ من محمد والصحابة والخلافة بأنواعها الراشدية والزبيرية والاموية والعباسية والفاطمية وينتهي بالتركية , يستقبل المسلم الحياة - في الغالب - على سيرة محمد بمرويات ابن هشام وبحكايا مسلم والبخاري وما يتخللها من الاسرائيليات ولا يرى في سيرة الرسول الكريم الا غزواته ونسائه وسيفه وبردته ولا يرى في الصحابة الا وهم يتسابقون الذكريات على محمد, ثم تبدأ سيرة المسلم مع الحكم فاذا به يستمع الى أحاديث المؤامرات والدسائس والحروب المعلنة والخفية بين خليفة وخليفة  وسلطان وسلطان حين تصل الى القتل ودس السم والعزل وما يجري في المخادع.. وتصل المحاكمات العقلية عند المسلم الى اختزال كل ظرف تاريخي بعنوان صغير تسقطه الحجة والمنطق فعلى سبيل المثال يروي لنا التاريخ ان الخليفة عمر بن عبد العزيز كان عادلا وفي تفاصيلهم انه كان عادلا لانه ينتسب الى جده الفاروق عمر بن الخطاب ويمكن للمسلم ان يعتبره بكل سرور الخليفة الراشدي الخامس ويستطرد المسلم انه في عهده لم تكن ثمة بطالة لدرجة ان اموال الزكاة ما كان لاحد ان يحتاجها فقد كانت تمر من يد الى يد والمسلم لا يستقبلها كان يقول في قريرة نفسه لعل اخي افرض بها مني فيحولها اليه وذاك يقول مثل الاول فيحولها للاخر حتى ترجع الى بيت المال من جديد .. وعندما يطرح مسلم القرن الحادي والعشرين هذه الحكاية على انسان عاقل يستوقفه ليقول له ولكن كم عمر خلافة ذاك الخليفة الخارق وهل استمر العدل على نفس الوتيرة عند خليفة المسلمين التالي .. تصور كيف ستكون حالة صاحبنا وهو يجيب فاما تكون اجابته لا اعرف !؟او يجيب اعتقد ان خلافته لم تتجاوز السنتين ونيف كما تحدثنا كتب التاريخ وعن الخليفة التالى يجيب انه لم يكن هكذا .. ابناء القرن العشرين يسألون دائما ودائما يتسائلون ولا تستطيع ان تتهرب من اجاباتهم وتنساب الاسئلة : كم عدد سكان دولة الخليفة ومن الذي يجبي الاموال ومن هم الذين يزكون وكم عدد الذين يشملهم الزكاة وما هي اوضاعهم الاجتماعية وكم هو حجمهم والى اي منطقة ينتمون ..الخ وعندما يعرف ابناء القرن الحادي والعشرين ان فترة السنتين والنصف لايمكن ان تعمل رخاء على بقعة كبيرة وشعب كثير وجيش ضخم ..الخ يقرر ان يصمت لانه يعرف ان الذي قرأ التاريخ بهذه الذهنية ووفق هذا المنهج ليس بامكانه ان يكون مؤهلا لتقبل منتجات القرن الحادي والعشرين وابتكاراته ..لا يستطيع ان يستوعب هذا الكم والكيف الهائل الذي تنتجه العقول المبدعة ..للأسف الأسيف هذا هو الموروث الثقافي السائد في العالم الرابع حتى الآن ..
لكن القلة القليلة هي التي تقرأ التاريخ في شكل آخر يخالف السائد .. اليك -عزيزي القارئ - هذه الجزئية .. ايها العقلاء ..سأحدثكم عن الرسول محمد .. انه نتاج القبيلة والعشيرة حيث البداوة والأنفة والعصبية وحب الذات ومن هنا كانت انطلاقته . لقد عالج حياة ابناء جلدته معالجة موضوعية , فكان واقعيا حين انطلق  بهم ومن افكارهم يشذبها ويهذبها شيئا فشيئا لقد الهمه الله في كل خطوة كان يخطوها , فعلا صيته ليس في قومه فحسب بل في سائر الاقوام .. لقد كان يراجع كل ما يفعله فاذا به حسن يفعل.. يخطو خطوتان الى الوراء وخطوة الى الامام فاذا به حسن يفعل .. آخى بين الاقوام وانشأ فوق هذا البناء حزبا دعاه حزب الله استعمل القوة دفاعا عن المستضعفين لكنها لم تكن مبدءا في حياته انه يرى الحياة كفاح وعمل وجهاد , وان الانسان لايكره على شئ لايرومه, وهكذا حول قومه الى امة تفعل الخير بعد ان رمت وراءها عاداتها القبيحة وافعالها الشريرة ..الخ الخ واذا اردت مني ايها القارئ الكريم ان استرسل لكتبت لك بهذه اللغة الايجابية معالم مهمة في حياة النبي محمد بدل الحكايات والاساطير التي احيكت حوله فاضعفته بدل ان تقويه .. هل هذه الكلمات تفقده عظمته ؟ بالقطع لا .. لقد فعل الغرب بالمسيح هكذا متسامحا سمحا لينا عارفا حكيما محبا وجرده من كل ما علق به من بدع وكهانه وسحر وما شابه, ولا يهمتا ان كانت للمسيح حياة مغايرة قد عايشها ..لقد جاء المسيح على شاكلة الله لانه جزء من مخلوقاته فلم لا يأتي محمد على شاكلة الله حليما تقيا عارفا ومسالما ومتسامحا , اليس دينه دين السماحة .. ام يقولها اتباعه لفظا والباقي لشئ آخر .. اذا كانوا هم كذلك , فوالله لهم المنافقون .. هل هم فعلا منافقون ؟ الجواب نعم .. ومن هم ؟ الجواب انهم المتأسلمون وليس المسلمون ..
يجب ان نتذكر انه مالم ندرس الحياة المادية والنشاط الذهني ومفردات الظروف المعيشية وتفاعلات الحياة بوصفها عملية مستمرة تنتج الاشياء والبشر فتتنوع الاشياء وتتميز البشرلما كان ثمة تاريخ حقيقي لصانعي الاحداث ومنهم الرسول محمد . (يتبع..)           
.