المحرر موضوع: حلم  (زيارة 629 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل كاجو كاجو

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 17
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
حلم
« في: 14:35 03/04/2009 »
حلم

    منتفضاً على عتمة قبو بارد ، لملمت أطرافي ، استقمت عارياً ، صعدت سلالم ، ثمة أجفان لا ترف لحارس متضخم الجثة ، يسدّ علي منافذ النور والهواء ، امتشقت سيفي ، فتوارى مذعوراً .. غادرت المحرس الرطب .. تدافعت أمام الباب حشود هائلة ، بعيون غائرة ، أطفئ فيها النور ، تستنكر عريي ، تتوعد بالويل ، وتعترض سبيلي ، تقدمت بلا وجل ، اخترقت الحشود ، مشيت إلى فضاء رحبٍ ، يظلل سهلاً مشمساً ، يفضي إلى تلةٍ ناهدةٍ . في البعد القصي ، هناك .. على القمة .. ثمة منزلٍ ، مفَّوفٍ بقوس قزح ، أُعد لي قبل بداية الدهور ، لأستقر فيه بعد انقضاء الأزمنة ، مطلاً على الأكوان ، بلا نوافذ أو أبواب ، مشرّعاً على النجوم ، تغيب تخومه في السماء الفضية ، طريقه مظللٌ بأغصان السنديان ، مرصّع بحجر اليشب والياقوت ، يحف به الزنبق والاقحوان .
     تقدمت الجموع المندهشة .. واكبني سرب حمام وفراشات بيض ، وهدهد يتقافز على الدرب ، وبرفقة ملاك مجنح مشيت بخفة ، كان الطريق يجري تحت قدماي . حين بلغت شرفة مسكني الأبدي ، تناهت إلي همهمات وعويل ، التفت خلفي ، كان الحشد مسمّراً عند أسفل السفح ، يئن مثقلاً بجسده الأرضي . طالما هزأوا بي حين دعوتهم لنبذ التخمة واستبدال وجباتهم بالرقص والصلاة ، فوسموني بالجنون والعتهِ ، نبذوني وسفّهوا آلهتي ، ورموا علي الحَرَم .
     أحببتهم رغم قسوة قلوبهم ، غفرت لهم هفواتهم ، وصلّيت من أجلهم .
     الآن لم يعد في يدي حيلة .. تفاقمت حيرتي .. واختلطت علي الأمور ، هل ألج داري .. راحتي الأبدية .. حصاد آلامي وثمرة أتعابي وانتظاري ؟! أيقتضي العدل أن أتخلى عنهم ؟ ألست مديناً لهم ؟! هل كنت قادراً على الظفر بهذا المجد ، لو لم يكونوا هم موضوع محبتي ؟! وبدون تلك المحبة ، هل كان لجسدي السقيم أن يصعد إلى هنا ؟! هل كان متاحاً لي أن أبلغ هذا المقام دون اضطهادهم لي واستخفافهم بي ؟ كيف أهرب منهم وأنا مدين لهم ؟ أيستحق الراحة من لم يبريء ذمته تجاه المحسنين إليه ؟!..
     عدت أدراجي .. التحقت بالحشد .. تماهيت فيه ..
     استيقظت باكراً ، احتفيت بصباح مزهر .. استقبلت شعاعاً يداهم غرفتي .. تطلعت من النافذة ..
     كان الواقع الحي ، أجمل من الحلم ـ وليس كما يقال ـ حين نكتشف الزاوية الصحيحة للنظر إلى الأشياء .
1 نيسان 2009