المحرر موضوع: الحركة الاشورية والبريسترويكا  (زيارة 1368 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Wadii Batti Hanna

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 243
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الحركة الاشورية والبريسترويكا
الدكتور وديع بتي حنا
wadeebatti@hotmail.com

كان سقوط نظام الحزب الواحد في العراق مناسبة لشيوع نظام التعدد الى الحد الذي اصبحت فيه الساحة السياسية العراقية مُتخمة بالتشكيلات والكيانات والدكاكين والاكشاك حيث كانت الانتخابات الاولى والثانية برهانا ناطقا على ذلك من خلال مشاركة المئات منها في قوائم انتخابية مستقلة او في قوائم ائتلافية.. وعندما بدأ نظام المحاصصة والتمثيل الطائفي والقومي يمثل ركنا اساسيا في البناء العمودي والافقي لنظام مابعد السقوط انتعش سوق الكيانات السياسية الطائفية بدرجة كبيرة حيث يعتقد اصحابها بامكانية الوصول السريع الى الهدف من خلال دغدغة مشاعر قومية وطائفية ضيقة. هذا لاينفي وجود كيانات و احزاب سياسية ليست وليدة لسقوط النظام متمثلة في اطراف المعارضة العراقية السابقة.

ليس خافيا ان الحركة الاشورية في العراق تشكل التنظيم السياسي الاقوى والاكبر والاقدم على صعيد التنظيمات السياسية المسيحية حيث تعتبر رسميا احد فصائل المعارضة العراقية السابقة كما اخذ هذا التنظيم دور تمثيل المسيحيين في العراق في مؤسسات و وزارات مابعد سقوط النظام وتتعامل معه او تنظر اليه بهذه الزاوية معظم الاطراف الرئيسية الاخرى ذات الدور الفعال في اللعبة السياسية العراقية. إلا ان الحقيقة الواقعة تكمن في ان الحركة الاشورية لم تتمكن لحد الان في احداث بصمة مؤثرة من خلال دور سياسي فعال يتناسب مع القدرات الثقافية والفكرية والعلمية الكبيرة التي يمتلكها شعبنا السيحي في العراق. لايمكن ان نلقي اللوم فقط على الحركة الاشورية في هذا بل يجب الاعتراف ان اطرافا خارجية فعلت فعلها ولاتزال تمارس نفس الدور السلبي عندما دفعت نفسها وكل الاطراف السياسية الاخرى الى مايصح ان يُطلق عليه ( بمستنقع التسمية ) الذي ادى الى تشرذم الجهد السياسي المسيحي من الداخل وفقدانه لاحترام وتقدير الخارج. لقد تمكنت تلك الاطراف وللاسف الشديد من ان تسحب قدم الحركة الاشورية الى هذا المستنقع وتركتها تأخذ مساحة منه وتتعامل معها معاملة الند للند في الوقت الذي كان المفروض بالحركة الاشورية ان تتجنب هذه المصيدة وتترفع عن الدخول في مساجلات ومعارك مع اطراف ذات اهداف مشبوهة بل كان الاجدر بها ان تبقى خارج ذلك المستنقع وتستنهض همة كل الخيرين والمخلصين من ابناء شعبنا لتحجيم ذلك المستنقع وهوفي مهده .

الان يجب ان نعترف ان الاطراف المؤذية لوحدة شعبنا قد استطاعت ان تحدث شرخا كبيرا في إذكائها لروح التفرقة والتشتت حيث نعلم جميعا ان الهدم والتخريب اسهل بكثير من البناء , فعدة كيلوغرامات من الديناميت كافية لتحيل  ركاما الاف الاطنان من البناء , ولان العملية السياسية في العراق لازالت في مرحلة التبلور ومن ابرز سماتها الراهنة هي محاولة كل طرف او شريحة قومية او دينية الى تسجيل نفسها وبالتالي الجماهير التي تُمثلها في موقع متقدم في ورقة ( الطابو ) للدولة الجديدة. ولايمكن ان يتحقق هذا دون ممثل قوي يستند الى قاعدة جماهيرية عريضة و ان الحركة الاشورية تمثل في المرحلة الراهنة التنظيم الاكثر قدرة للقيام بهذا الدور اذا توفرت لهذه الحركة فرصة المراجعة النقدية لعمل المرحلة السابقة من خلال حساب دقيق للحقل والبيدر ووضع الية شجاعة لانقلاب داخلي فيها يجعلها قادرة لتحمل مسؤوليتها التاريخية .

لقد كان الاكراد مثلا والاشوريون ايضا من الذين انتموا الى حزب البعث يجدون صعوبة كبيرة في الرد على من يتوجه اليهم بالسؤال عن معنى انتمائهم لحزب عربي ( من خلال اسمه قبل كل شئ ) بينما هم في الخلفية القومية غير ذلك . ان قيادة الحركة الاشورية تقع في وهم كبير اذا إعتقدت ان الكتابات المغرضة لم تفعل فعلها في دغدغة النزعة القومية الضيقة في اوساط شعبنا بمختلف شرائحه الكلدانية والاشورية والسريانية. لا احد ينكر ان النخبة المثقفة في اوساط شعبنا تتعامل مع هذه الكتابات بالطريقة التي تستحقها وهي رميها في سلة المهملات لكن الكيان السياسي صاحب المسؤولية التاريخية لايمكن ان يكون كيان النخبة فقط. ترى ماذا يمنع ان تقوم الحركة الاشورية ببرنامج شامل ( للبريسترويكا ) لتظهر بشكل جديد يلبي حاجات المرحلة ترى فيه شرائح اخرى من ابناء شعبنا نفسها اكثر قربا من هذه الحركة كما يضيق هذا الشكل الجديد الخناق على كل الاقلام والافواه التي استطابت لعبة المتاجرة بمصير شعبنا. ان الحركة الاشورية في اقدامها على هذه الخطوة الشجاعة في ان تُقدم نفسها بحلة جديدة, شكلا وتركيبا , إسما وفي انفتاح التمثيل على مستوى القيادة والكوادر, انما تؤكد حيويتها كحركة سياسية ذات قدرة على التناغم مع الواقع وتغيراته وحاجاته , وهي بذلك بالتأكيد لاتصطدم مع فكرها واهدافها المعلنة كونها حركة وِجدت للنضال من اجل حقوق وامال شعبنا المسيحي في العراق على اختلاف خلفياته وليس الاشوريين فيه فقط.

ان نظام المحاصصة والمخاصصة في العراق سيعمِر طويلا بعد ان امتد هذا النظام الى ادق شعيراتنا المؤسساتية فهاهو مجلس السريان في قرية صغيرة هي برطلة قد تم بناءه على اسس هذا النظام , الثلثان من الاردوذكس والثلث من الكاثوليك , وقس على ذلك في مختلف المجالات وفي كافة انحاء العراق, لذلك فان الطريق الوحيد امام شعبنا لممارسة دوره يتمثل في استيعابه للدروس التي يُقدمها الاخرون والمتجسدة في وحدة ورص الصفوف وخلق تمثيل قوي له في المؤسسات الوطنية.
تُرى هل تنتبه الحركة الاشورية لهذا وتفعل شيئا لحسم لعبة جر الحبل في دور شعبنا المسيحي في العراق فلايمكن لهذه اللعبة الخطيرة ان تستمر الى اجل غير مسمى.[/b][/size][/font]