المحرر موضوع: العصافير المهاجرة تعود ... ولكن الى فضاء نقي  (زيارة 1225 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل فوزي الاتروشي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 289
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
العصافير المهاجرة تعود ... ولكن الى فضاء نقي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

                                                                                     فوزي الاتروشي
                                                                                     وكيل وزارة الثقافة


عودة العصافير المهاجرة التي هاجرت عنوة ً وعلى هيئة اسراب لممارسة الحرية وانجاز العمل والابداع في البقاع الاوروبية بعد ان سدت الدكتاتورية سابقاً كل الابواب بوجهها ، نقول ان عودة هذه الكفاءات الثقافية والعلمية مشروع وطني مصيري يجب ان تنخرط فيها اكثر من جهة في الدولة العراقية وان لاتترك كمهمة موكلة الى هذه الوزارة اوتلك . انه مشروع وطني يستحق وقفة وطنية تركز على الغاء الكثير من الاجراءات الادارية المتعبة والمهلكة وتسهيل عملية العودة بحيث تكون في اقصى درجات السلاسة لكي يتشجع الجميع على العودة . ومن جانب اخر فأن العائد عالماً كان او اديباً او فناناً يصطدم بجدار سميك هو افتقار الحكومة العراقية الى منظومة اجراءات توفر بشكل فوري وعاجل السكن والراتب والمخصصات والحاق اطفال العائد بالمدارس وقضية تعديل الشهادة او التحقق من صدورها التي يمضي عليها احياناً مدة (6) اشهر وهذه سابقة لم ولن تحدث في اية دولة مما يجعل الكثير مضطراً على الهجرة المعاكسة .
ان وزارة الهجرة والمهجرين ينبغي ان تلجأ الى ألية تواصل حضارية سريعة للغاية مع الوزارات الاخرى المعنية بجعل عملية العودة سلسة ومغرية وجذابة . والا فأن العكس سوف يحدث وهو احياناً مايحدث الان فعلاً فالقوانين والانظمة والاوامر والتعليمات المتأكلة التي عفا عليها الزمن مازالت هي المتحكمة بمفاصل العمل في وقت نحن بأمس الحاجة الى قرار حاسم من دولة رئيس الوزراء لأجراءات استثنائية لأعادة الكفاءات وهنا يبرز دور وزارة المالية وضرورة حسم موضوع المنحة المخصصة للمثقفين . ان غالبية الذين هاجروا ابان النظام الدكتاتوري انما فعلوا ذلك لأثبات الذات والشخصية والحفاظ على هويتهم الوطنية والعمل من اجل عراق اجمل ومساعدتهم الان للعودة وشغل مواقع مناسبة في مواقع الدولة والادارة ليس منة ولا منحة ولاترفاً وانما هو واجب حتمي لايقبل التأجيل فالوطن الذي يتهاون مع مسألة رحيل وهجرة الادمغة انما يتهاون مع مستقبله وتطوره ونهضته ويتقاعس عن منح حقوق المواطنة لمواطنين هربوا من القمع الى ضفاف الحرية وهم الان مستعدون للعودة الى ضفاف الحرية التي انتعشت بعد التحرير في العراق . ان غالبيتهم يستحقون اضافة الى ذلك الشكر والامتنان لأنهم بقوا على ولائهم للوطن ولم يخضعوا للدكتاتورية وقسم كبير منهم حقق انجازات رفيعة على المستوى العالمي وعدد العراقيين الذين يحصدون الجوائز الادبية والفنية والعلمية يدعو الى الفخر والاعتزاز .
 ان عودة المثقف والعالم العراقي بعد عقود من الزمن تمتع فيها بالحرية والامان والرخاء المادي يستدعي منا وقفة صادقة واجراءات واليات فورية لضمانات حياتية لهم تضمن الكرامة والعيش الكريم والسكن المناسب والعمل المتناغم مع التحصيل العلمي وتوفير اجواء عمل صحية لكي لايصطدم العائد بواقع مر يضطره للعودة المعاكسة . فالعصافير اذ هاجرت خوفاً من الرعود والزوابع التي هدمت اعشاشها لن تعود الا الى سماء صافية وغيوم بيضاء نقية وممطرة وضفاف خضراء .