المحرر موضوع: هندوراس والسودان.. قمتان وقراران..!؟  (زيارة 676 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل باقر الفضلي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 495
    • مشاهدة الملف الشخصي
هندوراس والسودان.. قمتان وقراران..!؟

باقر الفضلي


ومن غرائب الأمور أن تتلاقى الصدف والأحداث، وتتنافر المقاصد والأغراض..

ففي أقصى غرب الكرة الأرضية، "علقت منظمة الدول الامريكية يوم السبت عضوية (هندوراس) بعدما رفضت حكومتها المؤقتة، ان تعيد الى السلطة الرئيس المخلوع مانويل زيلايا الذي أطيح به في إنقلاب قبل إسبوع." (1)


وفي شمال القارة الأفريقية: " تَبنى قادة الاتحاد الافريقي في اجتماعهم في ليبيا يوم الجمعة قرارا بأنهم لن يتعاونوا مع المحكمة الجنائية الدولية وأمر القبض الصادر بحق البشير وتسليمه." (2)

قراران ومفارقتان؛ أن يُخلع رئيسُ دولة منتخب في إنقلاب عسكري، وأن يُنصب آخر بقرار الإنقلابيين، فتتنادى بقية دول القارة للمطالبة بعودته الى منصبه كرئيس منتخب، وتقرر تعليق عضوية دولته في منظمتها طالما ظلت تحت سلطة الإنقلابيين..!؟

في الوقت الذي يسعى فيه، قادة دول أخرى، وفي قارة أخرى، الى تثبيت "شرعية" رئيس دولة من دولهم، وهو الذي أقدم في 30 يونيو/حزيران 1989، ومجموعة من الضباط، في انقلاب عسكري، على الإطاحة بالحكومة المنتخبة بطريقة ديموقراطية برئاسة الصادق المهدي، ويتنادون الى دعم وضعه المتهاوي وتثبيته. والأنكى من كل ذلك، أنه ملاحق الآن من قبل المحكمة الجنائية الدولية، لإتهامه بإرتكاب جرائم حرب وجرائم إبادة ضد الانسانية..!؟

حدثان تعاصرا في الزمن وتنافرا في الهدف؛ فمن مناصر للتقاليد الديمقراطية ومطالب بإعادتها في دولة (الهندوراس)، وآخر مناصر للدكتاتورية ومكافح من أجل بقائها وديمومتها، حتى لو أبادت شعوباً بأكملها..!؟

 فإذا فهم المرء الحدث الأول، فكيف يتسنى له فهم أو تفسير الحدث الثاني؛ القاضي بالوقوف في مواجهة تنفيذ قرار المحكمة الجنائية الدولية،  والذي " يتم فيه دعم شخص مطلوب ومتهم بإرتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، لما فيه ما يقوض مصداقية دول أعضاء في إتفاقية روما ومصداقية الإتحاد الأفريقي كله." حسب رويتر.

لقد أخفقت ولا زالت، الكثير من حكومات دول العالم الثالث، وبالذات منها الدول النفطية مثل بعض الدول الأفريقية، وعلى رأسها دول الشمال الأفريقي وفي مقدمتها ليبيا والسودان، أخفقت حكومات هذه الدول في موقفها من الديمقراطية كنهج في الحكم، وأستمرأت حلاوة الحكم على حساب قهر وإستبداد شعوبها، طمعاً في ثروات بلدانها، حتى باتت ترى في أنظمة حكمها الإستبدادية الدكتاتورية، الوسيلة الوحيدة لضمان تدفق ثرواتها من دولارات النفط، ولا يهمها بعد ذلك، حتى لو تطلب الأمر إبادة كل شعب (الفور) أوغيره عن بكرة أبيهم، كما يحصل اليوم في السودان، ولذلك فلا وجه للغرابة بعد ذلك، أن يأتي قرار قادة الإتحاد الأفريقي مسانداً وداعماً للرئيس السوداني في موقفه من قرار المحكمة الجنائية الدولية ..!؟

فالموقف المناصر للرئيس السوداني عمر حسن البشير من قبل قادة الإتحاد الأفريقي وهو في حالة الإتهام، لا يمثل من قبل هؤلاء القادة إلا نكوصاً عن إلتزاماتهم امام مؤسسات المجتمع الدولي، ومنها (المحكمة الجنائية الدولية) التي تأسست عام 2002 والمختصة بالنظر بجرائم الإبادة البشرية، التي إعتبرتها الأمم المتحدة (جريمة دولية) ووافقت عليها بالإجماع عام/1948 ، ومن ضمن الدول التي صادقت عليها، دول شمال إفريقيا العربية، ومنها (ليبيا) و(المغرب) و( تونس)، الأعضاء في الإتحاد الأفريقي، الذي يضم 53 دولة فيما عدا المغرب.
 
فالرئيس السوداني عمر البشير، ليس فقط رئيساً لدولة السودان، ولكنه في عين الوقت الشخص الوحيد الذي يتحكم بالثروة النفطية في السودان، إذ ليس بمستطاعة أي من المنقبين والباحثين عن النفط في السودان، القيام بذلك دون تصريح من قبله وبإذنه. وعلى الشركات الأجنبية، كي تحصل على حق التنقيب عن النفط في السودان، لا بد عليها، أن تبني كونسورتيوم مع شركة الدولة السودانية للنفط المعروفة بإسم (سودابت) (Sudapet)..! (*)

فأرباح النفط نفسها بعد أن يذهب قسم منها الى خزينة الدولة وبدوره يوزع على العسكر، وقسمها الآخر، بعد أن يتم غسلها ويعاد تحويلها الى نقود دموية نظيفة ، يتم من خلاله تمويل الحرب والإبادة الجماعية، ما دفع المحكمة الجنائية الدولية الى إتخاذ الإجراءات القانونية بحق البشير والقاء القبض عليه حيثما يكون ومحاكمته..!؟

 جرى ذلك لإرتباطه بالحالة المزرية التي يعيشها الشعب السوداني، في ظل بحيرات النفط المنهوبة ، وما يدور بسببها من صراع دموي، أتى على الأخضر واليابس، حيث يتعرض سكان تلك المناطق النفطية للتهجير والإبادة الجماعية ، كي تنعم أخيراً الطبقة الطفيلية بقيادة سلطتها الدكتاتورية، وعلى رأسها البشير وطغمته العسكرية الحاكمة، حيث بات النفط السوداني اليوم يشكل، القاعدة الرئيسة والإستراتيجية للطغمة الحاكمة في السودان، وعلى أرباحه تبني هذه الطغمة أسس ودعائم إمبراطوريتها الدكتاتورية..!؟ 
   
ومع ذلك فإن هذا لم يمنع البشير وشركات النفط العالمية، ومنها شركات أوروبية وصينية وماليزية وهندية، من التعامل المشترك معه، رغم سيل الإنتقادات الموجهة لدولها لتعلق الأمر بحقوق الإنسان..!؟

__________________________________________________
(1)   http://ara.reuters.com/article/worldNews/idARACAE56405P20090705
(2)   http://ara.reuters.com/article/topNews/idARACAE5630E220090704?sp=trueالسودان/   
(*)     http://www.alsahafa.info/news/index.php?type=3&id=2147486814