المحرر موضوع: شكراَ لتموز وعبـد الكريـم ...  (زيارة 594 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل حسن حاتم المذكور

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 562
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
شكراَ لتموز وعبـد الكريـم ...
   

حسن حاتم المذكور
نعـم : نشكر ... ونشكـر ... ونشكــــر ..

يومها جدتي وانـا ــ في بيئـة مـن الخرائب والعجائب والبؤس يطلق عليه تجاوزا اسم ( مدينـة ) الشاكريـه كنـا نسكن داخل تنور مغلق ( غرفـه ) تنافسنا على ملكيتـها بعض العقارب ومليشيات ليليـة مـن القمل والبرغوث وأسباب الأوبئـة ’ ورغم الصراع الدموي فالكل يمتلك حق الأقامـة وتواصل الحياة المشتركة  .
المقدم عبد الكريم قاسم وفي معسكر اقامتـه كان يفكر في الموضوع ــ الحل ــ ولم نعلم انذاك حجـم الوليد داخل رحم المجتمع العراقي ولماذا اختار عبد الكريم ان يتحمل مسؤولية القابلة لأخراجه الى النور’ تمت الولادة ’ ولم نعلم نحـن المقيمين في مقبرة الشاكريـة ’ ان ثمـة تمـوز ولد مـن اجلنـا .
بيانات وقرارات واجراءات وهلاهل شعبيـة ترحب بذلك الوليـد ’ كنا لا نفهما جيداً لكننـا نحسها ونفرح بهـا .
الثورة وزعيمهـا كانا يسابقان الزمـن مـن اجل فقراء الناس ’ حينها شاهدت الجموع ذهاباً واياباً والفرح يخلع الكآبـة عـن الوجوه الحزينـة ’ تحمل حاجاتها وتغادر قبورها وتترك بؤسهـا ’ كنت وجدتي وخالي ــ وحشر مع الناس عيـد ــ ننقل امتعتنـا ونودع محميـة الحشرات والأوبئـة .
لم اطيل ’ لقد وجدت نفسي وجدتي وعائلتي كغيرنا نجلس على قطعـة ارض عليها ثلاثـة غـرف كل منها تمتلك عدد من الشبابيـك وحديقـة في وسط الدار وشجـرة تين واخـرى للبرتقال ونخلـة فتيـة ومكـان يتسع لزراعـة الخضروات  كنا نطلق على هذا الكيان الجديد  ( الحوش او البيت ) يقع على شارع يستطيع الهواء الطلق ان يتجول فيـه ويمتلك حريـة الدخول الى غرفنـا والخروج منهـا حاملاً معـه زفيراً ملوثاً بقهر الزمن الأغبر .
علمنا ان الرجل الذي منحنا كل ذلك وغير واقعنـا واعاد الينا شيئاً مـن افراحنا ’ كان لا يملك قطعـة ارض وبيت مثلنـا سوى غرفـة في مقر عملـه لا يمتلكها .
كانت مدينـة الثورة حيث ولـد في بيوتهـا ونشأ في شوارعها ومدارسها وملاعبهـا المتواضعـة جيل مـن الكتاب والشعراء والفنانين والرياضيين وكذلك المناضلين والشهداء .
كانت 14 / تموز / 1958 ثـورة من اجل الفقراء على عموم البلاد وكان عبد الكريم قاسم قائدها ’ احبوه الفقراء وتوهموه رسولاً لأمير المؤمنين ومكملاً لمسيرة الحسين عليهما السلام وشاهدوه يسكن القمـر بعد استشهاده ’ هكذا هـم فقراء العراق يبالغون حـد التطرف في الحب والولاء لمـن ينصفهم .
قوى الظلام وزمر الرذيلـة مـن قوميين واسلاميين ومغامرين عملاء تجمعوا كالأوحال في قطـار الردة ’ في صبيحـة 08 / شباط 1963 الأسود ’ اجتاحوا كالطاعون الملعون شوارع وسماء بغداد في وقت كان الزعيم مشغولاً بالتخطيط لأنجاوات وطنيـة اكثر مـن اجل العراق ’ الأراذل وبدعم دولي وعروبي واسلامي استطاعوا ان يغدروا بالزعيم ويغتالوا الثورة ويذبحوا انجازاتهـا ’ لكن جذورها ابت الا ان تتواصل في الوجدان العراقي تعبر عن ذاتهـا وتكرار مظاهرها ردود افعال وطنيـة ووعي يتناسل في حركـة المجتمع يعيد صياغة وتجديد اجيالاً مـن الوعـي والكوادر الوطنيـة والمنظمات الفتيـة الرافضـة للواقـع غيـر التموزي .
مدينـة الثورة الرمز الخالد للعلاقـة الروحيـة والأنسانيـة والوطنيـة بين عبد الكريم قاسم وفقراء الناس فيها ’ استمرت وفيـة لوالدها الزعيم ويتمتـه الطاهرة .
اغتصبهـا صدام البعث والبسها اسمـه المعيب ’ لكنها لم تتزوجـه وتركت اسمها امانـه في ضمير الملايين مـن فقراء العراق ’ اعاد اغتصابها مقتدى الصدر في زواج متعـة وفرض عليها اسم عائلتـه بمنطق الراجمات وكاتمات الصوت ’ لكنها رفضتـه مغتصبـاً ’ واستمرت يتيمـة الزعيم تحمل اسمها التموزي وتعيد تطهير ثيابهـا مـن لعاب المغتصبين اللؤمـاء .
انهـا مدينـة الثورة ومثلما رفضت ان تكون مغتصبـة على سرير بيان رقـم واحد ’ سترفض ان تتبول على ’ ثوبهـا مليشيات التيـار ’وسينتصر لهـا ويستعيد هويتهـا التاريخ التموزي .
الثـورة مدينتنـا وشرف مولدنـا وذاكرة شهدائنـا ’ فيهـا تكونت شخصيتنا واكتملت مواهبنـا التي لا يمكن لهـا ان تكون كما هي مـن خارج ارضيتهـا واجوائهـا .
البعض ( مـع شديد الأسف ) مـن ابنائها لا يستوعبون الأمر ’ ومثلمـا رقصوا في حفلـة اغتصابها الصدامي الأول ’ يرقصون الآن في حفلـة اغتصابهـا المليشياتي ’ ويهنئون المغتصب زوجاً شرعياً لجدتهم الطاهرة ويتيمـة زعيمهـم ’ انهم احفاد غيـر اوفيـاء .
غـداً في 14 / تموز / 2009 ستكرر قلوب الملايين مـن اوفيـاء العراق احتفالاتها في عيدها الوطني وقـد لا يشاركها البعض مـن الهجين الحكومي ’ ومـن داخلـه وخارجـه قـد يسيئون كالعادة الى مشاعر الناس وذاكرة الوطـن ’ لكن تمـوز عبـد الكريم سيبقى عيداً وطنيـاً لتأكيـد القيم الحضاريـة لعراق الملايين .
ايهـا الشهيد الخالد عبد الكريم قاسم ’ كنت الخيـر وكانـوا الشر ’ زرعت الخيـر ’ وزرعوا الشر’ اختفيت خيراً في دجلـة وشربتك الأمهات ورضعتك الأجيال وانت الآن خيراً في دمائهـا ’ وبين الشر والخيـر يحتدم الآن الصراع وستنتصر تموزاً للخير والمحبـة والأمـن والسلام والمساواة  .
شكراً تموز وشكراً عبد الكريـم .
12 / تموز / 2009