المحرر موضوع: أيــــــــام ثقافيــــــــة في كوردستـــــــان رسالة حب وتلاقح وتضامن  (زيارة 658 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل فوزي الاتروشي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 289
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
أيــــــــام ثقافيــــــــة في كوردستـــــــان
رسالة حب وتلاقح وتضامن
                                                                                              فوزي الاتروشي
                                                                                             وكيل وزارة الثقافة

الحنين والشوق الى مدن كوردستان العراق لم يعد حالة فردية فكل زائر الى هذه التضاريس المغسولة بالماء والشلالات المتدفقة ابداً والحافلة بالشجر والثمر يعود منها مشبعاً بالحب وبنزعة الشوق لتكرار الزيارة . واذا كانت الطبيعة اصلاً قد حبتها كل زينتها وجمالها واناقتها فأن العمران والبناء والتواصــــل مع كل جديد في العالم اصبح يضفي عليها الكثيرمن بشائر الخير والعافية . هذا ماخرجنا به انا وزميلاتي وزملائي المثقفين والفنانين خلال الايام الثقافية التي نظمناها بأسم وزارة الثقافة في مدينتي العمادية ودهوك في الايام (26-29 /6 2009) ولان العواصف الترابية كانت في بغداد تلك الايام في اوجها فقد زدنا تعلقاً بالبقاء هناك ونحن ننعم برذاذ المطر وبالنسيم العليل الحامل لبشائر الحب ونحن متنقلين بين الطرق الملتوية  وينابيع الماء. كانت مهمتنا طبعاً اكثر من سياحية فقد كان البرنامج حافلاً بالغناء والموسيقى والفن التشكيلي ومحاضرات جادة حول ثقافة اللاعنف والتسامح والمجتمع المدني .ففي العمادية  وعلى الهواء الطلق ابدعت فرقة (عشتار) النسوية وفرقة (انغام الرافدين) في نقل رسالة تواصل وتلاقح ثقافية بين العرب والكورد على ارض كانت قبل انتفاضة ربيع عام 1991 واحدة من اكثر مناطق العالم بؤساً والان صارت بؤرة الاشعاع في العراق..ووجدنا اضافة الى الترحاب والضيافة المتميزة مزيداً من التناغم مع الفن القادم من بغداد الى اعالي الجبال وهويعني ان لالغة تسبق معجم الموسيقى في خلق ارضية للتلاقي وابتكار ثقافة عامرة بالوئام وبعيدة عن كل تصحر وجفاف وعدوانية ثقافة الارهاب والقتل والتدمير. وفي المركز الثقافي لجامعة دهوك وهو بالمناسبة  صرح عمراني متطور جداً، صدحت الانغام مجددا ًباللغتين العربية والكردية وقدم عرض تشكيلي جميل والقت الشاعرة الكوردية (بريزاد شعبان) مقاطع شعرية مكتنزة بالتحدي والامل والتفاؤل بمستقبل منطقة تفخر بجبالها وتزدهر بمعاول البناء بعد ان كانت معاول الهدم والتدمير ابان النظام الدكتاتوري تفني فيها الزرع والضرع وتردم الينابيع بالرمل وتقطع الشجر وكم كانت دموعي متحفزة للتدفق وانا اقف على قبور جدي وابي وجدتي وهي الان في اتروش في العراء بعد ان كانت المنطقة غابة صفصاف تعانق الارض وتمنحها الظلال وحباً اخضر بقدر اخضرار قلب ابي الذي راح وتركته الجميلة لدينا حب الناس والوطن الذي راح فداء له ابان انطلاقة الثورة الكوردية عام 1961.عدنا من كردستان بعد ايام خضراء وفرت للوفد الثقافي والفني فرصة مثمرة للتعرف على واقع الاقليم بحلته الجديدة والتنمية العمرانية والثقافية والاجتماعية التي ينعم بها الان .فالنشاط الابداعي والثقافي والتغييرات الاجتماعية التي تستجد هناك ملفته للنظرالى حد ان القادم اليها من بغداد ومدن العراق الاخرى يكاد لايصدق عينيه ، وهنا يبرز بوضوح لا لبس فيه الفارق بين ان نبني ثقافة عراقية ذات لون وبعد واتجاه ولغة واحدة مفروضة عنوة وبالحديد والنار كما فعل النظام البـــــــائد لغاية عام 1991 (بالنسبة لكوردستان)وبين ان نرتكن للواقع ونبشر بثقافات عراقية بقدر  تلاوين الشعب العراقي ومن ثم ننسج من مشتركات هذه الثقافات الثقافة الوطنية العراقية ، ومن هذه الفكرة التي زكتها الحياة وتجارب الشعوب ننطلق لبناء الدولة الحديثة على اسس التعددية السياسية والادارية بعد كل ماعانيناه جميعاً من الدولة المركزية الغريبة عن الحضارة الراهنة وعن منطق العصر، لذا فان دعوات التمركز والقبضة الحديدية والتغني بقوة الدولة كلها ستنحدر بنا مجدداً الى الحزب الواحد والشخص الواحد والزعامة المشخصنة وهذا سيدخلنا مجدداً الى دهاليز مظلمة . ان الانطلاقة الحالية للاقليم تجربة شاخصة للعيان مفادها ان الفيدرالية هو الاسلوب الانجح لادارة شعب متعدد قومياً ودينياً سياسياً.
هذه قناعة خرج بها الجميع معي في الوفد الثقافي الى اقليم كوردستان .