المحرر موضوع: نحو ثورة في الكنيستين الكلدانية والسريانية  (زيارة 2524 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل تيري بطرس

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1326
  • الجنس: ذكر
  • الضربة التي لا تقتلك تقويك
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
نحو ثورة في الكنيستين الكلدانية والسريانية
في عام 1979 حاول نظام البعث العفلقي فرض تدريس تفسير القرأن على كافة الطلبة وبضمنهم الطلبة المسيحيين بحجة جعلهم يجيدون العربية، طبعا الكتاب كان مقررا لجميع الطلبة فرضا، ولذا فقد قبل (بضم القاف وكسر الباء) بحملة احتجاجات وانقطاعات عن الدراسة شملت الطلبة والطالبات وخصوصا في مدارس بغداد في مناطق الدورة والصناعة وبغداد الجديدة، وكان يقود هذه الحملة الشبيبة الكنسية وخصوصا في كنائس مار كيوركيس في الدورة ومار عوديشو في الصناعة ومارت مريم في النعيرية، وكان البارز في هذه الحملة دور الفتيات الاشوريات في التحريض على عدم استلام مثل هذه الكتب وفي حالة فرضها عليهن رميها والانقطاع عن الدراسة وخصوصا في الدروس الخاصة بالدين وتفسير القرأن، ولا زلت اتذكر اسم فتاة اسمها سمر البازي التي كانت تتسلق جدران مدارس الفتيات لكي تلتقي بهن وتحثهن على الالتزام بالتعليمات.
كان الشباب في هذه الحملة بدون معين الا الوعي والاخلاص ونكران الذات ولكن الله لا يترك عبده بدون معين بل سيرسل له من يقف الى جانبه، ولذا فموقف قداسة البطريرك المرحوم مار بولص شيخو، كان خير معين عندما ساند هذه الحملة بمقابلته لوزير النظام طارق عزيز وتأنيبه له وتهديده بان الامر غير مقبول وستتطور الامور بما لا تحمد عقباه، وهكذا تراجع النظام عن خطوته هذه التي كانت الغاية منها التاثير في الاطفال لتغيير معتقدهم الديني في الطريق لتعريبهم بالكامل، وقد حمل وزير الاوقاف حينها المسؤولية واعفي من منصبه.
وفي خضم هذه الاحداث يقال ان قداسته زار الكنيسة الموجودة في شارع فلسطين واعتقد ان اسمها كنيسة العذراء سيدة القلب الاقدس وعندما شاهد القداس وكل الصلوات تتلوا بالعربية قال اويلاه سنضيع او بهذا المعنى ابدى امتعاضه.
من محاسن الاعلام انه يريك بعض الحقائق وان لم يكن يقصد ذلك، وهذه من محاسن قناة عشتار عندما نقلت لنا في بداية بثها قداديس لجميع كنائس شعبنا، وكذالك مقابلات مع رجال الدين والعلمانيين او العوائل من ابناء شعبنا، ويا هول ما راينا، لقد كانت اغلب القداديس باللغة العربية وكانت اغلب احاديث رجال الدين باللغة العربية وكانت اغلب احاديث العوائل بالعربية ونحن هنا بخصوص قداديس الكنيسة الكلدانية والسريانية عدا القداس الذي قدمه مار ربان اسقف اربيل في عنكاوا.
قد يقول قائل وانك تكتب بالعربية، ولكنني اكتب لادراكي انه ليس لدينا قراء بالسرياينة ولكن اغلبنا يفهم السريانية وخصوصا البشطتا (ܦܫܛܬܐ) او السوادية(ܣܘܕܝܬܐ) اي المحكية ولا نقول السبريتا(ܣܦܪܝܬܐ) اي الادبية، وهنا يتبادر الى ذهني ما مر به العرب فرغم ان لغة دواوينهم ابان السلطنة العثمانية كانت التركيةـ الا ان التركية كانت تكتب باحرف عربية اي ان كل العرب المتعلمين كانوا يتمكنون من قرأة المكتوب وفهمه ان كتب بالعربية لمعرفتهم بالاحرف العربية، وبقت مسألة المصطلحات التي تم حلها تدريجيا، بعكسنا نحن فالذي يريد قراءة السريانية عليه تعلم حروفها.
نعم ايها الاخوة لقد غزتنا العربية في عقر دارنا، او في اخر او اهم معقل من معاقل الحفاظ على احد اهم ميزة لنا الا وهي اللغة التي نتناقلها منذ الاف السنين، دون ان يقف رجال الكنيسة ولو لحظة امام تساؤل مشروع ما هم فاعلون؟، هل حقا ان ورثة مار توما اودو ومار يعقوب اوجين منا وادي شير يكونوا بهذه اللا ابالية تجاه احدى اهم ما ورثناه عن اباءنا واجدادنا، وهل حقا ان الانسان كان بحاجة لهذه النقلة التي تكاد تدمر كل اواصر الانسان مع تاريخه لا بل مع اخية المحتفظ بلغته ويمارس التكلم بها وبشكل عادي رغم تقديمه الضرائب الباهضة من اجل ذلك، اما كان بوسع الاخرين المحافظة على لغتهم وممارسة التكلم بها وسماع القداس والتراتيل والسوغياتا والعونياتا بها، مالذي فعله اباء الكنيستين باتباعهما، الم يجعلوهم يتغربون عن محيطهم الحقيقي وعن موطنهم الحقيقهم وعن تاريخهم الحقيقي، اليس من حقنا اليوم دعوتهم لاطلاق ثورة في الكنيستين والعودة الى لغتهما الاصلية لغة الشعب اللغة السريانية الجميلة، الا يساعد العودة الي لغتنا الجميلة عملية التقريب بين مكونات شعبنا المختلفة، ماذا سيدور بمخيلة السامع لهذه القداديس وهي تقال وتتلو بلغة ليست لغة الام بل تعمل من اجل نسيان لغة الام والمساعدة على صهرنا في البوتقة العربية التي لم تفد للمورانة عندما تخلوا عن لغتهم لصالح العربية اي شئ، فالعرب لم يعتببروهم الا مجموعة من المسيحيين الانعزاليين رغم كل الخدمات التي قدموها للعرب والعروبة وللاسلام والمسلمين، وها هم اليوم بعد قرنين يحاولون العودة الى لغتهم.
الم يشعروا بالاستصغار مع المعذرة الا انها الحقيقة امام شمامسة كنيسة المشرق بتقويميها وهم يتكلمون ويقدسون بالسريانية رغم كل فقر الكنيستين ورغم كونهما كنيستيبن لاتمتلكان حلفاء ولا قوى عالمية مساندة، الا رعيتهما المسكينة الا ان الكنيستين كانتا في هذا المجال على الاقل عند حسن الظن بهما فحافظتا على لغته الشعب وطورتاها واعادت تجديد اللغة السوادية(ܣܘܕܝܬܐ) بتطعيمها بشكل سلسل بالكلمات المشتقة من السبريتا(ܣܦܪܝܬܐ). 
ان اللغة ملك الشعب وهي احد ميزاته وعناصر فخره، والاهتمام بها وتطويرها وتوريثها لابناءنا ليس تعصب ولا شوفينية بل هو واجب قومي وانساني، فالدول المتقدمة في مجال الحقوق والحريات تساعد الاقليات القومية ليس فقط التي هي من ابناء وطنها بل المهاجرة  ايضا لكي تقوم بتدريس لغتها وتطوير هذه اللغة باعتباره ارثا انسانيا واجب الاهتمام به، اما ما فعلته الكنيستان وخصوصا في العراق فانني لا اجد كلمات لوصفه، لانه حقا امر شنيع وفضيع ان تساهم الكنيستان بسابق تصميم على ترك لغة الشعب المحكية والمكتوبة ايضا لصالح اللغة العربية وبدوافع مصلحية قصيرة النظر.
ان ابناء واباء الكنيستان المتنورين مطالبين اليوم باتخاذ خطوات جادة وحقيقية لاعادة الاعتبار للغة الام، لا بل يجدر بنا القول انهم مطالبون بالاقدام على ثورة حقيقية داخل الكنيسة لاعادة الاعتبار للغتنا الجميلة، ولاعادة الاعتبار لتراثنا الغني ولاعادة الاعتبار لميزتنا في اننا نتكلم او ندعي اننا نتكلم بلغة السيد المسيح، او باحدى لهجاتها، او انه مجدا لاسمه تكلم بلغتنا التي تكلم بها اهل الجليل، لان اصل اهل الجليل كان من نينوى كما يقول البعض.
انه من المعيب ان نرى اليوم جامعات ومدارس ودول تحاول مد يد المساعدة لكي تبقى هذه اللغة حية، وان نرى ابناءها يتركونها لصالح لغة اخرى وهي العربية، علما ان تعلم العربية ليس عائقا، بل ان من يجيد او يتكلم لغه الام يمكنه ان يتعلم لغة اخرى بيسر اكثر.
ان اللغة السريانية (السورث) هي ملكنا جميعا وهي ارثنا المشترك وهي حافظة للتراث والتاريخ الذي تركه لنا اجدادنا، ومن حقنا ان ندافع عنها ونعمل من اجل تطورها وليس من اجل طمر او ازالة كل اثر لها. ان ما تقترفه الكنيسة الكدانية والسريانية وخصوصا في العراق هو امر مجحف بحق هذه اللغة وبحق الشعب الذي يمتلكها وبحق وحدته المعرضة للتفكك بسبب عدم دراية الكثيرين لهذه اللغة ولتاريخها وتاريخ الشعب الذي تكلمها وطورها ونشرها، حتى كادت تكون لغة عالمية في زمن ما.
انني ارى من واجبي ورغم عدم انتمائي لاي من الكنيستين ان انبه اباء الكنيستين الى الجريمة المقترفة بحق لغتنا والتي ارى انها تتم (سواء كانت) بعلمهم او بدون علمهم ولكن السكوت عنها يعني اكثر من ذلك يعني انها تتم بتصميم وتخطيط مسبق ومتعمد.
ملاحظة( كتبت هذه المقالة خلال الاسبوع الفائت، واردت تأخير نشرها الا ان استباق السيد صبري ايشو نشر مقالته التي هي  بنفس المضمون اجبرني لنشرها دعما لموقفه هذا)[/size][/font][/b]
ܬܝܪܝ ܟܢܘ ܦܛܪܘܤ