المحرر موضوع: 9 نيسان: قراءة اخرى في الزلزال  (زيارة 1266 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عبدالمنعم الاعسم

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 788
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
9 نيسان: قراءة اخرى في الزلزال

عبدالمنعم الاعسم
[13-04-2006
aalassam@hotmail.com

لم نكن لنتصور يوما بان الحدث العراقي دخل كزلزال في التاريخ المعاصر، ليس فقط بالمعنى السياسي او العسكري، انما على صعيد جميع علوم الاستراتيجيا والمستقبليات وجميع المدارس والعناوين ذات الصلة بالتاريخ، وربما تتبيّن دلالته الدراماتيكية، اكثر ما تتبين، في تاثيرها على العقول والافكار المعنية بمصائر العالم، حين شق التاسع من نيسان منظومات التفكير، واخترق النصوص والمقدسات والاستنتاجات، واحال الكثير من النظريات الى التقاعد، واحيى العديد من الايديولوجيات من تحت الارض، واجبر علماء الى مراجعة استنتاجاتهم، ومفكرين الى تدقيق تأملاتهم، وسياسيين الى تصويب مواقفهم وتصريحاتهم، حتى ان هذا الحدث العراقي، بمقدماته ونتائجه، اصبح مدخلا استخدمه هنري كيسنجر في اعادة النظر بحقبة تاريخية عاصفة من التاريخ الامريكي.
لنتأمل تراجع فرانسيس فوكوياما، صاحب كتاب (نهاية التاريخ) عن نظريته المثيرة حول انتصار الفضائل الغربية الناجزة بسقوط جدار برلين، الى الكشف في كتابه الجديد (امريكا عند مفترق الطرق) عن التحديات الجدية التي يواجهها الغرب بعد حرب العراق مؤكدا بأن إدارة الرئيس بوش، وفي الاستعداد للهجوم لازاحة صدام حسين من السلطة في العراق، بالغت في تصوير الخطر من خلال الربط بين ثنائية التيارات الجهادية الإرهابية وأسلحة الدمار الشامل، ومثل هذا الربط هو الذي أنتج فكرة الضربة الاستباقية والحرب الوقائية، بدلاً من سياسات تقليدية كانت قائمة على الاحتواء والردع، وفي هذا التصور انحاز فوكوياما ضد الكاتب الأميركي تشارلز كروثهامر الذي بالغ في تصوير أبعاد الخطر الجهادي، ولصالح الفرنسيين جيل كيبل وأوليفر روي، القائلان إن هذا التطرف الجهادي ليس إنتاجا إسلاميا صرفا، وان بعض جذوره تكمن في إرث اللاعدالة في العلاقات الدولية.
وبصرف النظر عن خطأ أو صواب هذه المطالعات الفكرية، فان الطابع الجدي المعملي للاستنتاجات المطروحة، على المستوى العالمي، يعكس امرا في غاية الاهمية، هو ان الحدث العراقي، خرج من حدود التبسيط والعجالة الى التأمل العميق والمسؤولية، باشتراك عقل العالم كله ومؤسساته ومعاهده ودوائر انتاجه وحركته، كما يعكس، من جانب آخر، فقر الدراسات العراقية الميدانية بهذا الصدد، وهي الاكثر اتصالا ومعايشة لهذا الحدث. اما المنتوج العربي العقلي فانه سقط في مستنقع التكرار والشعارات والخرافة، ووقف عاجزا عن استيعاب ما يحدث في العراق، ولعل تصريح الرئيس المصري، منذ ايام حول ولاء شيعة العراق لايران هو العنوان العريض لهذا التخبط.
الزلزال العراقي، باختصار، اكبر من عملية سقوط نظام متوحش، وابعد اثرا من فقدان السيادة الوطنية، واخطر من حرب يشنها الارهاب العالمي ومناصروه في المنطقة على عملية التغيير في العراق..انه سؤال مركب يهم البشرية كلها: مَن يتحمل نتائج ما حدث؟ وكيف يمكن اطفاء هذا الحريق؟.
ــــــــــــــــــــــ
..وكلام مفيد
ـــــــــــــــــــــ
“التقليد عصا العميان”.
ابن رشد [/b] [/size] [/font]