المحرر موضوع: كيف يجب أن يكون القادة والمسؤولين في المفهوم المسيحي؟  (زيارة 4662 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Al Berwary

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 94
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
كيف يجب أن يكون القادة والمسؤولين في المفهوم المسيحي؟
 الجزء الأول
 بقلم :المهندس نافع شابو البرواري
يقول احد الفلاسفة ( قل لي من هوالقدوة لك اقول لك من أنت) اننا كلنا ومن موقعنا يجب أن نكون قادة بدءاً من العائلة حيث يجب أن يكون في العائلة رأس يقود العائلة كما يُخبرنا الرسول بولص في رسالته الى  مؤمني أفسس(اف5:23 ) .
ومرورا بالمدرسة والجامعة والوظيفة والوزارة انتهاءاً برأس الهرم (رئيس الدولة او الملك في الحكومة المدنية  والراعي او الأسقف والمطران او البطريرك وصولاً الى البابا في القيادة الروحية) ، نقرأ في الكتاب المقدس وصفحات التاريخ أن الناس الذين يشتهون السلطة يفوق دائما عدد من يستطيعون استعمال السلطة بحكمة ، متى حصلوا عليها ،  وبعبارة اخرى ليس كل الذين يريدون الحصول على السلطة من أجل خدمة الآخرين ومن أجل تحقيق حلم مجتمعاتهم ، فهناك من يحبّون القيادة والمجد والشهرة فهم لن يستطيعوا استعمال السلطة بحكمة متى حصلوا عليها ، بل لا تصبح السلطة في أيديهم بل يصبحون هم أسرى في يد السلطة فتستعبدهم السلطة ويعملون على محاربة وانتهاك حقوق الناس بكل الطرق والوسائل للحفاظ على مركزهم وشهرتهم ومجدهم الزائل  . ينطبق عليهم قول ميكافيلي الغاية تبرر الوسيلة ، والأمثلة كثيرة وكتب التاريخ والكتاب المقدس مملوءة بهولاء القادة الذين كانوا سببا لسقوط حضارات او سقوط الشعوب في الوثنية وعبادة الأصنام وانتشار الجهل والتخلف والفساد والأنحطاط الروحي والخلقي في تلك المجتمعات بسب القيادة السيئة وبسبب الأستبداد بالسلطة وقمع حتى شعوبهم من قبل هذه الفئة من القادة.
ان التاريخ يخبرنا عن قادة ازالوا ودمّروا مُدناً وابادوا شعوبا وقتلوا حتى اخوتهم واقرب الناس لهم بسبب الشهوة الى السلطة ولن يوقف تعطش هؤلاء الى السلطة سوى الموت.
وبالمقابل هناك قادة حكماء متفانين من اجل احقاق العدالة والسلام والأمان والأستقرار لشعبهم وللشعوب الاخرى وهم جاهدوا وضحّوا وكافحوا واستشهدوا من اجل  تحقيق امنياتهم واهدافهم الأنسانيّة والأخلاقية والروحية. فالهدف هو الذي يتحكم في تصرفات القائد ، فان كان الهدف هو التمّسك بالسلطة مهما كان الثمن عندها يفسد القائد ، وهو بدوره يفسد الشعب ايضا في جميع فروع الحياة وان كان الهدف خدمة الله وخدمة الشعب فهو يرتقي بالشعب والمجتمع نحو التقدم والرقي في جميع فروع  الحياة ،  يقول كاتب سفر الجامعة  (رأس الحكمة هو مخافة الله) .
هناك على الأقل ثلاثة اغراءآت تواجه القادة حيث الكثيرين يسقطون في واحدة منها على الأقل وهي :
1- القوّة اي التحرر من سلطان الله والأتكال على القوّة الذاتية
لقد سقط الكثيرين في هذا الشرك حتى الملوك العظام والكتاب المقدس يخبرنا عن ملوك بني اسرائيل ومنهم القضاة أمثال ابيمالك (راجع قضاة9:7-15 ) .
وشاؤول الملك وحتى سليمان الحكيم اتكل على قوّة التحالف مع الشعوب الوثنية دون الأتكال على قوة الله فسقط هو وشعبه في شرك الوثنية وكان ذلك سبباً لأنقسام مملكة الشعب الأسرائيلي الى مملكتين الشمالية (اسرائيل ) والجنوبية (يهوذا) وساد الفساد والأنقسامات وعبادة الأوثان بين المملكتين وهذا ما نقرأه في سفري الملوك الأول والثاني من الكتاب المقدس.
2- الّلذة
 ان الأنغماس في الشهوات الجسدية وحب السلطة والمال وكل الأمجاد  الزائلة سبب   رئيسي لسقوط الكثيرين من القادة وحتى الأنبياء (امثال النبي بلعام ) .
3- المدح والشهرة
 هذه الشهوة تقود الانسان الى الكبرياء والكتاب المقدس يخبرنا ان الكبرياء هي منبع الشر والخطيئة ، والأنسان الذي يحب الشهرة والمدح يصاب بداء الأنانية وحب الذات وقد يقوده ذلك الى تدمير الذات وقتل وسفك الدم حتى لأقرب الناس إليه ويخبرنا الكتاب المقدس(والتاريخ)  حالات قادة ورؤساء دينيين وملوك  وقعوا على الأقل في واحدة من الأغراءآت أعلاه .
وفي انجيل البشير متى الأصحاح الرابع (التجربة في البرية) ، يخبرنا ان الرب يسوع المسيح حاول الشيطان أن يجرّبه في الأغراءآت الثلاثة أعلاه ولكن الرب يسوع المسيح انتصر وهزم الشيطان وكان الرب يستشهد بالكتاب المقدس ليدحظ  كل مغريات الشيطان .
ان الرب يسوع المسيح لم ياتي الى العالم ليكسب جاهاً أوسلطة سياسية ، لكن بالحري جاء ليخدم ويشفي ويتألم مع المتألمين ويبكي دموعا من أجل خرافه الظالة واخيرا يضحي بحياته من اجل البشرية جمعاء وهذا هو الحب الحقيقي لقائد احب شعبه وبرهن هذه المحبة بالتضحية حتى الموت حتى نحيا نحن(هكذا أحب الله العالم  حتى وهب ابنه الأوحد ، فلا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية) (يوحنا 3:16  ) .
يسوع المسيح كان شفوقا عادلا وصالحا وخادما وملكا على قلوب الناس قبل ان يكون ملكا على الكون والخليقة كلها يقول الرب على لسان النبي أشعيا( أقود العميان في طريق يجهلونها وفي مسالك لا عهد لهم بها ، واجعل الظلمة نورا أمامهم والطرقات المعّوجة مستقيمة ) ، (اشعيا  42:16 ) .  فهل قادتنا يهتمون  بالسلطة  ام الخضوع لله وتحت قيادة الروح القدس؟
أو هل يهتمون بالسياسة أم الخدمة؟ هل همّهُم العطاء أم الأخذ ؟
هل هم يكتفون بالكلام فقط أم يطبقون القول بالفعل؟
وهل يُركزوا على المسيح ام على ذواتهم؟
 هنا نعرف من هو القائد الصالح  ومن هو القائد الطالح .
هكذا على القادة والمسؤولين عليهم ان يستنجدوا بكلام الله  والروح القدس ليكون لهم سلاحا يستطيعون به محاربة  كل الشهوات والأغراءآت التي قد تقودهم الى السقوط في فخ الشيطان  عندما يكونون قادة ومسؤولين لشعبهم.
فالقائد الصالح المثالي ، عليه أن يستمد حكمته ومعلوماته وقراراته ومنهجه من ثلاثة مصادر رئيسية هي :
1-  الكتاب المقدس ليكون له دستور حياة ومرجع كل القرارات والقوانين فهو مليئ بالعبر والدروس والحكم . يقول كاتب المزمور(سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي) .
2- ان يتخذ من الرب يسوع المسيح قدوة وقائد وصديق وملهم له في جميع القرارات الصعبة التي يجب أن يتخذها القائد فيسوع المسيح هو المرجع والمشير والدليل  والراعي الصالح  وهو خارطة الطريق لكل من يريد الأرشاد والتعلم لقيادة الآخرين( أنا الراعي الصالح ، والراعي الصالح يُضحي بحياته في سبيل الخراف) (يوحنا 11: 10 ) .
3- قيادة الروح القدس فهو المحامي والمرشد والمدافع  عن الحق والعدالة والسلام والحرية ( اذا كان الروح يقودكم ، فلستم  أنتم في حكم الشريعة)(غلاطية 5:18 ) . وهو سلاح به يستطيع القائد الدفاع عن الحق والأيمان والعدالة ، فالقائد (المؤمن ) يجب أن يكون ممتلئ بالروح القدس
والأفتقار للقيادة الروحية  يدفع للدمار(1ملوك 22:52,53 ) .
ان الكنائس تنموعندما يديرها أناس يقودهم الروح القدس ، سواء كانوا علمانيين أم رعاة و يخبرنا الكتاب المقدس ( العهد القديم) في سفر الملوك الأول  كيف أنّ مملكة متّحدة تحت حكم داود الملك وهو أكثر الملوك ولاءً لله في تاريخ اسرائيل ، قد انتهت  بمملكة منقسمة  وبموت  اخاب اخر الملوك ، لقد نسي الشعب الأعتراف  بالله قائدهم الأعلى وعيّنوا لهم قادة من البشر لم يعترفوا بقائدهم الأعلى(الله) فتحوّل فعل الشّر كطريق  للحياة  فتحولت مملكة اسرائيل الى خراب كما نقرأ في الكتاب المقدس .
الرب يسوع المسيح يقول لنا ( أنا هو الطريق والحق والحياة)(يوحنا 14:6 ) .
هل نحن مسيحيي العراق سنتبع خارطة طريقنا وهو الرب يسوع المسيح أم نتبع شهواتنا للسلطة والشهرة والقوّة والّلذة  والأنقسامات والتفكك وعدم وضوح الرؤية فنسقط في فخ الشيطان كما سقط بني اسرائيل قبل مئات السنيين؟
ان القادة الروحيين  الذين  يقودون شعبهم الى الهلاك  والضياع والجهل بمعرفة الله سيحاسبهم الرب يسوع المسيح حسابا شديدا لانهم لم يلتزموا بالمسؤولية في قيادتهم فهلكوا وأهلكوا شعبهم معهم. فالكنائس تنمو  عندما يديرها اناس يقودهم الروح القدس  سواء كانوا علمانيين أم رعاة (اعمال 23: 14) .
 فسيادة الروح القدس على حياة القائد او الراعي او المسؤول ينتج أثماراً وهي :المحبة والفرح والسلام وطول البال واللطف والصلاح والأمانة والوداعة وضبط النفس وهذه كلها مطلوبة للقيادة الروحية وحتى القيادة المدنية .
 معلمنا الرسول بولس يركز على ثلاثة صفات  للقائد المسيحي الناجح وهي: 1- الحكمة 2- القوّة 3- المحبّة (2تيموثاوس1:7 ) .
ان هذه السجايا موجودة في الرب يسوع المسيح ، لذلك الوسيلة الوحيدة لغرسها فينا هي أن تتحد حياتنا بحياته.
الكتاب المقدس  يريد من القادة الطاعة ، والطاعة تحتاج الى التضحية ، الله يريد من القادة والمسؤولين خدمته وخدمة اخوتهم  فيصبحون اداة لله ليستخدمهم لخير الناس ، قد يظنّ البعض ان المرحلة التي نمر بها نحن مسيحيي العراق هي مرحلة  قد تبعدنا عن ايماننا وحياتنا المسيحية بسبب الأضطهادات والآلام  ولكن يجب أن نتذكر انّ  الآلام جعلت من الرب يسوح المسيح  أكمل رئيس(قائد)(عبرانيين 2:10 ) .
ان من عرف الألم واختبره يقدر أن يمد يده بوداعة وبدون حساسية الى المتألمين ،
ومن ظلم يستطيع اكثر من غيره أن يدافع عن المظلومين والمسحوقين والمُهمشين ،
ومن اُضطهد يعرف كيف يدافع عن المضطهدين ،
وا لى اللقاء في الجزء الثاني
دمتم تحت حماية الرب