المحرر موضوع: هل انا قومي؟  (زيارة 1541 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل تيري بطرس

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1326
  • الجنس: ذكر
  • الضربة التي لا تقتلك تقويك
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
هل انا قومي؟
« في: 16:19 28/04/2006 »
هل انا قومي ؟
الانتماء السياسي والايديولوجي  وبضمنه الانتماء القومي هو خيار من حق الانسان الواعي والقادر والبالغ ان يختاره بملئ حريته، الانتماء القومي يتداخل فيه امران اساسيا وهما الولادة والخيار، تلعب ولادة الفرد في اسرة ما دورا محوريا في المشاعر القومية، فالانسان بطبعه ميال لما تعود عليه، فمثلا توضيحيا اننا في العراق ما كنا متعودين على وضع  اللبن فوق الطماطة ، اعتقد انه لو كنا شاهدنا شخص يفعل ذلك لقلنا انه مجنون او مخربط، برغم من نعتنا لشخص يتلائم مع كل حدث بانه مثل الطماطة، ولذا فعند حضوري الى المانيا وفي دعوة من سيدة المانيا جارة لنا عملت لنا عشاء المانيا وكان من ضمنه سلاطة الطماطة مخلوطة باللبن وبعد ان انتهينا من الاكل سألتني  عن رأي بالاكل وبالسلاطة فقلت ان السلاطة طيبة ولكن لا تعمليها مرة ثانية، برغم من انني الان متعود على وضع اللبن على الطماطة وصار لي شيئا عاديا.
اذا التعود يلعب دورا كبيرا في الشعور بالانتماء القومي، فنحن في اسرنا نتعود على ماكل ومشارب ونكات وقصص واحاديث وامثال ولغة وايحاءات معينة، ويكون لنا معها ارتباط وجداني، ولذا فان كل ما يرتبط باصحاب هذه اللغة والامثال والحكايات التي ندعي ملكيتها او المشاركة في ملكيتها يكون جاذبا لنا ولعل التاريخ يلعب ايضا دورا كبيرا في تنمية الشعور بالانتماء لقوم محدد او للقوم الذي تعلمنا من اسرنا اننا ننتمي اليه، ويكون التاريخ القومي على الاغلب ناصعا ومليئا بالانجازات والمفاخر والبطولات، كل ما قلته اعلاه يخلق امر مهم اخر وهو  المصالح المشتركة والقرابات المشتركة وهلم جر من المشتركات التي لا تنتهي.
اما الخيار في الانتماء القومي فهو خيار الانسان الواعي، ولا اضن ان انسان يغير او يتلبس انتماء قوميا جديدا الا لتعرضة لمغريات مصلحية او تحوطا للمستقبل او وهو الشائع في بلداننا خوفا من التعرض للاضطها، فيقر الانسان الاصرار على التماهي مع الاكثريات للانصهار فيها وهذا النوع من الناس يكاد ان يكون الاكثر تعصبا لانتمائه الجديد من ابناء القومية الاصليين.
في عام 1977 وكنت في البصرة جنديا، قال لي صديقي اننا نحن القوميين قالها بالسورث (ܐܘܡܬܢܝ̈ܐ ) غضبت عليه كثيرا، ليس لانني ما كنت احب امتي، بل لاعتقادي ان من يحق له ان ينعت بانه قومي هو من قدم التضحيات الجسام لامته، وكان اهمها الحياة اي ان القومي بنظري كان من استشهد لاجل امته ومبادئها او لاجل تجسيد حقوقها.
كانت نظرة رومانسية للعمل القومي هي التي توجهني اكثر مما هو الواقع والحقيقة، فالحقيقة ان الامم تحتاج لابناءها الاحياء اكثر مما تحتاج للشهداء، فالشهيد ورغم تبجيلنا له الا انه سيبقى في اطار التبجيل ولن ينتج شيئا جديدا للامة، لا ابناء ولا قيم ولا نظريات ولا اي شئ اخر.
وفي اطار هذا الانتماء القومي وهذا الارتباط الذي اضفنا له صفة المقدس وكل ما يتعلق بهذا الانتماء، صرنا نعيش المبادئ السامية في واقع يتطلب منا ان نتحاور ان نتقاتل ان نتكاذب ان ندعي ما لا نملك وهذه كلها لا ارتباط بها مع المقدس الا التبشير الرومانسي الذي قمنا به وتصورنا ان العمل القومي يقف عند حدوده.
سقت هذه المقدمة لرغبتي الرد على من يحاول تجريد الناس من وعيها ومن هويتها بجرة قلم لان هؤلاء الناس لا يتفقون معهم في امر ما وليس في امور اخرى وقد يكون المتفق عليه اكثر من المختلف الا انهم وانسياقا من رغبتهم او وعيهم بانهم يمتلكون الحقيقة وحدهم يخونون كل من لا يتفق معهم في اصغر الشؤون والامور.
ففي الصراع التسمياوي الذي ابتلينا به (مرة بفتح ومرة بضم الالف) كان كل من سمع مصطلحا يحاول ادخاله في مقالة، فنرى الهويات القومية المتعددة لقومية وامة واحدة، ونرى ان لا احد من الكتبة الفطاحل حاول تفسير كلمة الهوية، ولكن الكل مستعجل لكي ينطح من يراه غريمه او عدوه اللدود، فيحاول اطلاق كلمات ومصطلحات قد لا يتطلبها المقال.
 وبعد المقالة الاخيرة لي تلقيت بعض الردود التي تجردني من انتمائي القومي او تخونني لمجرد انني طرحت ما عرفته من الحقائق وحاولت تحليل الامور والتصرفات والادعاءات التي قيلت والتي تقال. وموقفي معروف انني اقف بالضد لكل من تسوله نفسه تدمير مؤسسات شعبنا، سواء من اتفقت مع قيادتها او مدبرها او لم اتفق، لانني اعتقد ان هذه المؤسسة بنيت بمال شعبنا وعلينا تطويرها لا هدمها، لانني كم شاهد من مصاعب وكم من الوقت والمال رأيته يصرف من اجل بناء مؤسسة اعتقد مؤسسوها ان شعبنا بحاجة اليها، ورأيت ان بعض هذه المؤسسات تهدم بليلة وضحاها ودون ان اي كلمة اسف ( وغالبا من قبل من يدعي الدفاع عن الامة والحيض عن شرفها)، وياما بكينا مؤسسات هدمناها بكل عنجهية وتعصب اعمى.
قد اكون متفق مع نيافة مار باوي في ان الكنيسة الشرقية بحاجة الى تطوير واصلاح، واعتقد ان اغلب رجال الكنيسة من قداسة البطريرك وغبطة المطارنة ونيافة الاساقفة والمهتمين يعتقدون بضرورة تطوير الكنيسة، والكنيسة ادخلت الكثير من الامور التي جعلتها تعيش، ولكنني لست مع نيافته في اما ان يقبلوا ما يطرحه او انه سيعمل بحسب ما يرتأيه، نعم من حقة ان يخرج من الكنيسة وان يؤسس لنفسه كنيسة اخرى، ولكن بعد ايقافه من المجمع السنهاديقي لا يحق له اخلاقيا التكلم باسم الكنيسة، لان هذه الكنيسة بالغالبية المطلقة لقادتها رفضت طروحاته، او رفضت هذه الطروحات زمنيا، ووفرت لنيافته مخرجا مشرفا كان سيمكنه من اظهار قدراته التنظيمية والادارية والايمانية، الا ان خياره الذي رسى عليه  فيه الكثير من علامات الاستفهام، وهذه العلامات تم توضيحها اكثر من مرة.
قد اكون متفق مع البعض في حقهم لتأيد نيافته ولكن هل من الضروري ان يكون التأيد بهذه الصفاقة والسوقية والاكاذيب، التي لا تترك مجال لالتقاط الانفاس والتفكير مليا بمخارج مشرفة وحلول تتلائم مع قدسية قرارات المجلس السنهاديقي وموقع قداسة البطريرك؟
لدي ومع كل هذا الوقت الذي امضيته ولا ادعي الانجازات، الا انني كشخص كنت وخلال اكثر من ثلاثون عاما في الصف القومي حتى من كنت اختلف معهم ما كان لديهم ولم يتمكنوا في يوم من الايام من الانتقاص من التزامي القومي والوطني، ولكن الانتماء ومحبة والرغبة في عمل كل ما هو خير وانجاز للامة والشعب شئ والتصرفات الرعناء التي نراها والتي رأيناها شئ اخر، فانا لا اتمكن من الايمان بان محاولة قتل ولو شخص واحد من ابناء امتي مهما كان خلافي معه على انه عمل قومي وخصوصا لو كان هذا الشخص محسوبا على التيار القومي، وانا ومهما كان التزامي القومي قويا، لا اتمكن من الايمان ان هدم مؤسسات شعبنا بكل سهولة وخفة ولا مسؤولية ان كان فيها اصلا مسؤولية هو عمل قومي.
وانا لا اتمكن من ان  احسب ما حصل كل هذه السنين عملا قوميا وانا ارى بأم عيني كل المحاولات الجارية لحصر القرار القومي بيد حفنة من الاشخاص ممن لا يدركون الا النظر الى مستقبلهم الشخصي والعمل من اجل استمرارية التمتع بمصالحهم مهما كانت الخسائر التي تلحق بالامة ووحدتها، وصراع التسمياوي لم يكن ليكون بهذه الحدة، وكان يمكن التخفيف من تأثيراته السلبية كثيرا لو ادرنا صراعنا السياسي في اطار مطبخ متكامل الادوات وليس بقرارات عشوائية تصدر من سلطة تحسب نفسها فوق الاخطاء والمحاسبة.
ان اي انجاز تحقق كان بفضل التضحيات الجسام التي قدمها شعبنا، واغلب هذه التضحيات ذهبت اليوم سدى لان من استلم دفة ادارة الامور، حسب ان القيادة معقودة له وليس من حق اي كان ان يحاسبه، مستعملا التضحيات والشهداء، وكأنها تكفي لتحقيق الانجازات وتكفي شهادة لحسن السيرة والسلوك.
اليوم الامة ليست بحاجة لطبالين، لان صدام كان يمتلك اكبر زمرة من الطبالين يتوزعون من الخليج الى المحيط لا بل زرع الكثيرين منهم في اوربا وامريكا، واليوم الامة او بعض الاطراف يجب ان لا تتباهي بكثرة المنتمين، فالبعثيين ولمدة اكثر من ثلاثون عاما كانوا الاكثر عددا لحد ان البعض قدرهم بخمسة ملايين. الامة الواعية والمقتدرة والقابلة للحياة بحاجة لابناء بررة، بمعنى من يقدر على الكلام وقول الحقيقة مهما كانت مرة، لانه باخفاء الامور والاخطاء لن نحل الاشكالات ولن تتقدم الامة ولن تحضى بحقوقها المشروعة، بل ستتراكم الامور وتستفحل لحد استحالة ايجاد الدواء للداء.
ان الذين يحسبون القوميين هم فقط من يوالي فصيل سياسي واحد واغلبهم ممن يعيش في بلدان الاغتراب، فهم كذبة ودجالون لانهم كلهم اقروا بان التعددية والنظام الديمقراطي لهم هو الافضل، وهذا مذكور في اوراق لجوئهم او ملفات نيلهم للجنسياتهم الجديدة، ولكنهم يريدون التعامي عن الحقيقة باصطناع واقع يرتضونه لانفسهم ولكي يقولوا اننا انجزنا ما علينا، او تهربا من الحقيقة القاتمة والتي بينتها وما هو قائم الان من اعادة اعمار القرى التي لم يعمر فصيلهم منها شيئا حقيقيا رغم كل الدعم والتطبيل والتزمير كل هذه السنوات.
ان الفصيل السياسي الذي لم يتوقف يوما من ادخال شعبنا في معارك وهمية، يعبر عن ثقافة التنظيمات الشمولية التي ما كانت تقبل الحقيقة الا من فم الرفيق السكرتير العام او  القائد الملهم، فمعارك الفصيل ابتدأت بالاترنايي (توضيحا قلت ان الكثيرين تعلموا من تجربة الاترنايي، بمعنى انهم لم يعودوا يخافون من البقرة المقدسة بعد ان انكشف المستوروهذا ما فعله الاترنايي كل هذه السنين فقد قالوا ما اعتقدوه دائما) وانتقلت الى الحزب الكلداني وتحولت الى الاكراد وخلالها البرت يلدا وفوزي الحريرو سركون داديشو وتلفزيون عشتار ومار دنخا ومار عمانوئيل دلي واخراوليس اخيرا الاستاذ سركيس اغاحان الذي سألت يوما السيد يونادم كنا عنه لانني شخصيا لم اعرفه او التقيه فقال انه احد افضل الشحصيات القومية، لانه في حينها كان يقدم المساندة والدعم لحزب السيد يونادم ويؤمن له الاتصال بقيادة البارتي والقائمة تطول.
الالتزام القومي، ليس تبعية وليس عبودية وليس العيش في الاحلام او الاوهام الوردية، بل هو مواجه الحقائق والوقائع، ولانصار الفصيل السياسي الذي المته كلمات مقالتي السابقة، اقول لو ضغطتم على قيادة فصيلكم السياسي منذ ان ابتدأ صراخنا وانينا وشكوانا بالارتفاع، لكان لفصيلكم ولقضيتنا ولواقعنا شأنا اخر، ولكنكم فظلتم ورغم كل التكذيبات التي تتدفق من الوطن على دعم كل مايقال لكم من قبل هذه القيادة والدفاع عنه.
ان اكون قوميا او لا فهذا لن يكون هبة من احد، انا الوحيد ومن خلال الممارسة ساوضحه وارسخه، اليوم ليس مطلوبا ان ادافع عن هل انا قومي ام لا، بل المطلوب ممن صدق الاكاذيب المتتالية والتي كشفها الزمن ان يقول لمن روج لها لماذا كان كل هذا الحقد الذي زرعتموه في الامة وضد ابناءها وفصائلها؟ وياليت الشهدائ يعودون من قبورهم، ولكن المتاجرين بدمهم يدركون انهم لن يعودوا.[/size][/font][/b][/size]

ܬܝܪܝ ܟܢܘ ܦܛܪܘܤ