المحرر موضوع: أكيتـو عيد كلــداني ام آشـوري ؟ (مقال منقول)  (زيارة 3075 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل د. دنحا طوبيا كوركيس

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 145
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
المقال منقول والعهدة على الكاتب.

أكيتـو عيد كلــداني ام آشـوري ؟

الدكتور : إياد يونس


في المقدمة أقول ان هذا العيد هو عيد عراقي اصيل تمتد جذوره في اعماق التاريخ العراقي ، والى اليوم تتفرع اغصانه وتتفتح ازهاره في مخيال الفكر العراقي فنحتفل في عيد الشجرة وعيد نوروز وعيد سري صال (Sare Sal ) أي عيد رأس السنة لأخوتنا اليزيديين وذلك في الأربعاء الأول من شهر نيسان من كل سنة ، وها هو شعبنا يعيد ذكريات الأحتفال بمختلف تسمياته ، لقد كان الأحتفال ببداية العام في نيسان ويصادف في الأعتدال الربيعي ، الى ان اصبح التقويم الغريغوري قيد الأستعمال فانتقل راس السنة من نيسان الى الأول من يناير كانون الثاني من كل عام
أكيتو في مصطلح أكيتو يكتب ماجد عبدالله الشمس في الحضارة والميثولوجيا في العراق القديم : ان الأستعراض الحرفي في كلمة آ ـ كي ـ تي تعني الأرض ، أما تي فبمعنى يقرب او يستنزل وبهذا يكون المعنى محل استنزال المطر ويبدو ان الطقوس كانت تجري خريفية في الأصل ما دام البذار.
كما ان الأحتفال بأكيتو وبالسومرية أكيتي يمثل احدى المناسبتين ( اكيتو وزاكموك ) كان الوسط جنوبيون يحتفلون بهما منذ عهد الكلدان الأوائل في اريدو 5300 ق . م  وقد اعتمدوا الأعتدال الخريفي زاكموك الذي يتم فيه جمع التمور كبداية للسنة بكلا الأعتدالين الربيعي والخريفي وعن اسم أكيتو يقول فتوحي : ان التسمية قديمة جداً ومشتقة من (أكيتي شي كور كو a-ki-ti-se-gur-ku ) وهو عيد جز الصوف الذي كان يحتفل به ما بين شهري آذار ونيسان ، وكان يعني عند العامة عيد رأس السنة الجديدة ايضاً ... ويحتفل في مدينة اور اولاً ثم في مدينة نيبور ، وبعد هيمنة العموريين المنحدرين عن الكلدان الأوائل لازمته صفة عيد بداية السنة أي رأس السنة البابلية القديمة (Resh Shattim ) فصار أكيتو الأحتفال الرسمي الوحيد الخاص برأس السنة الجديدة القراءات في البداية نستفيد من مقدمة المؤرخ العراقي طه باقر في مقدمته لتاريخ حضارة العراق يكتب ان الملك نبوخذنصر عندما بنى السور الثاني ( لبابل ) لتعزيز قدرة المدينة الدفاعية ، ومن البنايات الضخمة بين السورين كانت واحدة وهي قصره الصيفي ، اما البناية الضخمة الثانية فيرجح كانت المعبد المخصص لأعياد راس السنة المسمى بالبابلية ( بيت أكيتو Bit Akitu ) ويضيف : .. وباب عشتار الضخم مكون من مدخلين أي انه مدخل مزدوج حيث مواكب اعياد راس السنة ( 12 يوم الأولى من شهر نيسان ) كانت تسير من منطقة معبد مردوخ ( أي ـ ساكلا ) وتجتاز باب عشتار شمالاً الى حيث المعبد المخصص لهذه الأحتفالات أي ( بيت أكيتو ) و أكيتو في بابل كان يقام سنوياً احتفال ديني يسمى احتفال اكيتو ، الذي كان يلغى فقط عنما تكون الأوضاع السياسية مضطربة .. وقد اخذ تجلات بلاسر فيما بعد يد الأله مردوخ أي رافقه في احتفالات السنة الجديدة ( أكيتو ) في ( بابل ) ومنح الملكية على بلاد بابل ، وهي وظيفة لم يتقلدها أي ملك آشوري لأكثر من اربعة قرون واحد الأحتفالات التي نسمع عنه كثيراً كان يسمى أكيتو ... ويترجم غالباُ عيد رأس السنة .. أن الأحتفال اصبح كذلك في مديتة بابل في الأول من نيسان وكان يعقد في الأيام الأولى من الشهر الأول من السنة ... وقد ضم في بابل تلاوة قصة الخلقة بأكملها .. الخ وعن الحياة اليومية في بلاد بابل وآشور و اكيتو :كان اهم الأعياد عيد رأس السنة في شهر نيسان وأضيف الى هذا العيد تمجيد الأله مردوخ فيحتفل بمآثر التي دفعته الى مقامه الجليل بين الآلهة . ويستمر عيد السنة الجديدة في (بابل ) اثني عشرة يوماً ... كان العيد يضم احتفالاً بعودة مردوخ الى الحياة فيتحول الحزن الى فرح ثم يسير مجموع الآلهة برفقة الموكب الى المعبد خارج المدينة ، والذي يعرف باسم أكيتو وهو الأسم الذي يطلق على المعبد ايضاً ، في هذه الأحتفالات تجري نوع خاص من المسرحيات التي تصور ملحمة كلكامش ، ومنها ايضاً نداء الآلهة الى مردوخ لكي يكون بطلهم في مقاومة تيامات أو كاوس كما تصور النصر الذي أحرزه وتنصيبه رئيساً لمجمع الآلهة وإداء اهم الواجبات الرئيسة وبخاصة تثبيت مصائد مدينة بابل و إذا استثنينا الأله اشور من المعتقدات الآشورية فإن الأشوريين كان لهم نفس المعتقدات الكلدانية البابلية ، اما سائر آلهتهم كنابو ، إله الحكمة ، وعشتار ( أشتار ) إله الحب ، فهي آلهة بابل غير ان ذلك لم يجعل الآشوري يحتذي بالبابلي فيدع النفسية الثقافية تتغلب على نفسيته الحربية . ومن المسلم به ان الآشوري اقتبس أدبه واستمد دينه ولكن بشئ من الصعوبة والبطء من جيرانه ابناء عمه البابليين وهذا ليس غريباً إذ ان اصل الآشوريين من سهل شنعار ومن المعتقد ان القائد الكبير آشور جد الآشوريين قد هاجر هو ايضاً من شنعار وحل في طقوس الأحتفال بأكيتو في الأحتفال برأس السنة ( الأكيتو) يجري الزواج المقدس بين الملك ممثلاً الأله تموز وكاهنة تمثل عشتار ، وتعود نصوص هذا الزواج الى عصر اور الثالثة ويمثل هذا الزواج محاكاة طقوسية لزواج ربة الخصب أينانا من تموز . لقد كان العيد يستغرق 12 يوماً ويبدأ في نيسان حيث يرمز الى الصراع بين القوى الطبيعية وانتصار العناصر المولدة للحياة في الربيع ، وممثلة في انتصار اله الخير الممثل بالأله مردوخ على قوى الشر الممثلة في تيامة .
في الأيام الأربعة الأولى من الأحتفال تخصص لتقديم الأضاحي ويقوم الكاهن الأعلى ( الشيشكال بوضع ثوب جديد على تمثال مردوخ ، وينتهي اليوم الرابع بأن يقوم الكاهن الأعلى بقراءة اسطورة الخلق البابلية بلحن شجي مؤثر .
في اليوم الخامس يدخل الملك الى معبد مردوخ برفقة الكاهن الأعلى ، ويقوم هذا بخلع التاج وشارات الملك وهو في حضرة الأله مردوخ ، ويقرأ الملك اعترافه فيقول
لم أذنب يا سيد البلدان ولم اكن مهملاً لألوهيتك ، ولم اخرب بابل ولم اسبب لها الهوان . .. ويجيبه الكاهن :لا تخف ولا تحزن ، إن مردوخ سيسمع صلاتك ويوسع سلطانك ويعلي من شأن ملكوتيتك وينصرك على أعدائك ومناوئيك .. الطريف في هذه الطقوس ان الكاهن يدنو من الملك ويصفعه على وجهه ويفرك أذنيه ويرجع له ما انتزعه من شاراته ، كما ان الضربة كلما كانت قوية فتوجع الملك الى الحد الذي تدمع معها عينا الملك ، كان ذلك فألاً حسناً للسنة القادمة ... ويكون الناس في خارج المعبد في قلق كبير حيث يعتقدون ان الأله مردوخ اسير في العالم السفلي ، وإن بقي ملكهم مجرداً من صفته الرسمية فإنهم باقين دون سلطة ..
في اليوم السادس يأتي الأله نبو لتخليص والده مردوخ من اسره في عالم الأموات ، وينزل نبو خلال إقامته في مدينة بابل في معبد الأيساكيلا . ثم ترد الى بابل الهة المدن الأخرى مثل نفر الوركاء كيش ... في اليوم السابع تمثيلية تصور موت مردوخ وعروجه الى السماء حيث يجرح الأله ثم يموت ويخرج الناس الى الشوارع يبكون مفتشين عنه وتسود الفوضى بين الناس في اليوم الثامن تدب الحياة في الأله مردوخ بعد انتصاره على تيامة .. وفي اليوم التاسع يقف الناس بهدوء في الخارج فتسير تماثيل الآلهة في استعراض كبير من معبد الايساكيلا مارة بشارع الموكب ثم باب عشتار وتعبر نهر الفرات الى الى معبد أكيتو ...في اليوم العاشر يحتفل الأله مردوخ مع الآلهة الأخرى لانتصاره ، وتقام وليمة خاصة في هذه المناسبة في معبد اكيتو ويعود بعدها مردوخ الى معبده للأقتران بعروسه وهو الزواج المقدس الذي يمثل فيه مردوخ وزوجته في المخدع بأعلى الزقورة . في اليوم الحادي عشر تعود الآلهة للأجتماع في معبد الأيساكيلا لتأكيد آجال البشر وفي اليوم الثاني عشر تعود الآلهة الى معابدها في مدنها ( للمزيد راجع ماجد عبدالله الشمس في الحضارة والميثولوجيا
نأتي الى المفيد من الكلام ان التاريخ يجعل من مناسبة اكيتو تقليد عراقي مركزه مدينة بابل ، ويحتفل به العراقيون القدماء ومنهم الآشوريون ، حيث كان تماثيل آلهتم تتوجه في هذا العيد الى بابل ثم تعود الى مدنها بعد الأحتفال ، أي ان الأحتفال كان اساسه بابلي كلداني ، لكن كما هي العادة فإن الماكنة الأعلامية الآشورية الحديثة تحاول أشورة كل ثقافة شعبنا ، تجعل من هذه المناسبة عيداً آشورياً خالصاً ، ويبح صوت الكلدانيين الذين رفضوا شخصيتهم وهويتهم الكلدانية ، وسَحَرهم بريق الفكر القومي الآشوري وهم يصيحون ان هذه المناسبة هي ( على الأقل ) مناسبة بابلية آشورية ، او كلدو اشورية ، الا ان صيحاتهم لا تلقى صدى في الجانب الآشوري المتعصب الذي يصر ان المناسبة هي اشورية صرفة .
ان الأحتفال بعيد رأس السنة في شهر نيسان ثقافة عراقية جذورها كلدانية بابلية عراقية وكل العراقيين من عرب وأكراد وكلدان وتركمان وآشوريين وسريان ويزيدية وشبك وصابئة وأرمن كلهم مدعوون للأحتفال بهذا العيد العراقي الأصيل ليمثل رمز انبثاق الربيع العراقي في الأستقرار والمحبة السلام والوئام .

منقول للفائدة العامة من:
http://iyadyounessarqyology.jeeran.com/archive/2008/5/[/size
]