المحرر موضوع: الأم وأبناؤها الثلاثة  (زيارة 719 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل طاهر أبلحد

  • مراسل عنكاوا كوم
  • عضو فعال جدا
  • **
  • مشاركة: 362
  • الجنس: ذكر
  • إن لم تثور وتخاطر يمكنك اتباع الروتين، فهو قاتل!!
    • مشاهدة الملف الشخصي
الأم وأبناؤها الثلاثة
« في: 02:19 07/01/2010 »
الأم وأبناؤها الثلاثة
بقلم : حبيب حنونا
 
كثرت في الأونة الأخيرة على الساحة القومية مناقشات ومساجلات بين رعايا الكنائس الثلاثة (الكنيسة  الكلدانية وكنيسة المشرق الأشورية والكنيسة السريانية ) من الكتاب والمؤرخين والمفكرين والأدباء ورجالات الكنيسة حول المسألة القومية وبالأخص التسمية القومية دون ان يصلوا الى نتيجة تقرب وجهات النظر فيما بينهم ، فلو تصفحنا المقالات المنشورة في وسائل الأعلام من جرائد ومجلات وكتب وصفحات الأنترنيت ، وتتابعنا الندوات والمحاضرات التي أقيمت على الساحة الوطنية والمهجرية خلال العقدين الأخيرين والتي تتمحور حول التسمية القومية والجذور الأثنية لرعايا الكنائس الثلاثة  لأدركنا مدى الحيرة والتخبط التي تعانيه هذة الأمة مما أختلطت عليها الأسماء والمسميات ، حتى كاد الكثير من أبنائها يفقدون الثقة بمدى صحة وحقيقة انتمائهم القومي والعرقي ، نتيجة لتقاطع وتناقض الأفكار والأجتهادات التي يقدمها كل طرف .

مفهوم القومية : كان مفهوم القومية حسب النظرية الكلاسيكية القديمة يحدده إطار " الوطن " ، والتي تعني " المكان الذي يولد ويترعرع المرء فيه " ، فكان يتم تعريف القوم بأنهم " مجموعة من البشر تسكن في منطقة جغرافية محددة " ويتسمون بإسم تلك المنطقة ،  إلا ان النزعة القومية على أساس عرقي أو إثني بحسب ما يراه بعض علماء الأجتماع قد برزت وإستفحلت بقوة في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي عندما بدأت بعض الشعوب ذات الخصوصية العرقية أو الأثنية أو الدينية تنتفض ضد الأمبراطورية العثمانية وتنادي بإستقلالها ككيان قومي متميز عن بقية أجزاء الأمبراطورية . إذ لم يكن مفهوم القومية قبل القرن التاسع عشر ذات دلالة عرقية أو إثنية .
يقول عالم الأجتماع البريطاني أنتوني د. سميث (Smith Antony D  )  أن مفهوم القومية ، هو موضوع معقد وشائك ، بسبب تشابك و تداخل العناصر والعوامل المكونة للهوية القومية ، منها العامل الجغرافي وعوامل التاريخ واللغة والتراث ، إضافة  الى " الأثنية " التي ترتبط بالعناصر البيولوجية ( رابطة الدم والأنساب ) والسوسيولوجية (التقاليد والأعراف)  ، فتضع الأنسان ضمن حدود الأنغلاق العرقي ( بتجذره التاريخي والتقليدي بما يكتنفه خليط من الأصالة والأساطير)  والتقوقع الأجتماعي والثقافي ، أما عامل الدين وتفرعاته المذهبية وعلاقته بهوية الأنسان وإنتمائه  القومي ، فهو عامل معقد وغامض في الغالب  . أن عامل الدين بلاشك هو من العوامل القوية التي تعطي للجماعات الدينية مصادر قوة وتلاحم وتجاذب مع بعضها البعض ،  وقد يكون عاملا  في التباعد والتنافر بين الجماعات التي لها نفس التاريخ واللغة والتراث غير انها تختلف في المذهب رغم إنتمائها لنفس الديانة   وقد يساعد لاحقاً في تحول هذه الجماعة إلى كيان قومي منفصل أساسه المذهب ليس إلا وهذا هو العامل الذي أدى الى الفرقة والتشرذم  بين رعايا الكنائس المشرقية الثلاثة . سوف لن أدخل في حيثيات وتفاصيل تاريخ الأطراف الثلاثة (الأشوريون ، الكلدان ، السريان ) بل أعطي الخلاصة الموجزة لما يؤمن به كل طرف فيما يخص المسألة القومية.


الأشوريون :
 ان غالبية ابناء ورجالات كنيسة المشرق الأشورية – وربما جميعهم - يعتبرون أنفسهم وبضمنهم رعايا الكنيسة الكلدانية ورعايا الكنيسة السريانية بشقيها الأرثوذكسي والكاثوليكي  الورثة الشرعيين للأشوريين التاريخيين ، ويتنكرون بالمطلق للتسمية الكلدانية ولا يقرون بوجود الكلدان أصلا ، لا بل يدعون ان الكلدان قد انصهروا وذابوا في الموجات القادمة الى العراق وبالأخص العربية منها في مطاوي القرن السابع الميلادي ، ولم يبق منهم أثر . وان ما يطلق عليهم الكلدان حاليا هم في حقيقة الأمر (أشوريون على العقيدة الكاثوليكية )  ، وما تسميتهم الحالية لا تعدوا كونها تسمية كنسية ومذهبية محضة ولا علاقة لكلدان اليوم بالكلدان التاريخيين اطلاقا ، هذا ما يؤمن به غالبية الأشوريين وخاصة المهتمين بالقضايا القومية . أما نظرتهم عن السريان فهي لا تختلف عن نظرتهم للكلدان ،  فهم أشوريون أيضا  لأن التسمية السريانية متجذرة لغويا عن التسمية الأشورية .

الكلدان :
 أما الطرف الكلداني فهولا يقل تزمتا وتمسكا بتسميته الكلدانية عن الطرف الأشوري . ويؤمنون بانهم قوم تاريخي عريق في القدم ، كانت لهم دولة وحضارة وإمبراطورية في القرن السابع قبل الميلاد عاصمتها ( بابل )  شملت الشرق الأوسط . فتسميتهم " الكلدانية " تسمية قومية وليست تسمية مذهبية ،  لأنه ليس هناك بين المذاهب المسيحية مذهب إسمه " المذهب الكلداني" فهناك الكاثوليكي والأرثوذكسي والبروتستاني ، .... ألخ . وللكلدان رغم خصوصيتهم ، لا يتنكرون للأشورية بل يقرون بوجود الأشوريين  ، و يؤمنون بأن الكلدان و الأشوريين هما شطران لأمة واحدة  والكلدان هو الشطر الأكبر ، وهم يعتزون بتسميتهم  كون أول كنيسة نهرينينة قد  تاسست في أرضهم التاريخية -  في كوخي (ساليق قطيسفون) خليفة مدينة بابل العاصمة الكلدانية . وما تسمية كنيستهم بالكنيسة الكلدانية وبطريركهم ببطريرك بابل إلا إستحضارا لتاريخ بابل ومجدها العظيم  ،  وأن تسميتهم المستديمة لقرون عديدة ، قد ترسخت في وعيهم وعقولهم ، وأصبحت أمرا واقعا ، وجزءا لا يتجزأ من هويتهم الشخصية التي أصبحوا بها يعرفون . أما الرئاسة الكنسية الكلدانية قد أكدت تمسكها بالقومية الكلدانية رسميا في بيانها الصادر إثر انعقاد مجمع الأساقفة الكلدان في مدينة عنكاوا – أربيل في الفترة من 28 نيسان لغاية 5 أيار 2009 والتي طالبت من حكومة إقليم كردستان العراق إدراج " الكلدانية " كقومية مستقلة ، مشددين على تمسك الأساقفة الراسخ بقوميتهم الكلدانية وحقوقهم المشروعة بموجب المادة 125 من الدستور العراقي الأتحادي .

السريان :  
يختلف رعايا الكنيسة السريانية بنظرتهم القومية عن نظرة الكلدان والأشوريين بإنتمائهم القومي ، فالكلدان والأشوريون يؤمنون بأنتمائهم الى دول كانت قائمة فى التاريخ ( الكلدانية والأشورية) ، أما السريان فهذه النظرة غير موجودة لديهم ، فلا يربطون تسميتهم بكيان أو دولة سريانية قائمة – بالمعنى الحصري - في زمن سابق على غرار الكلدان والأشوريين ، وهم  في هذا متشظون بأرائهم ،  فهناك من يؤمن بإنهم " أراميون " لأن كنيستهم ( كنيسة أنطاكيا ) نشأت في منطقة كان فيها الأراميون يشكلون الغالبية العظمى ،  والشطر الآخر يؤمن بأنهم " اراميون سريان " لأن التسمية السريانية أطلقت على الأراميين بعد إعتناقهم المسيحية  وآخرون بأنهم " أشوريون " لكون التسمية السريانية متجذرة لغويا عن " أشور" . وقد شكلت التسمية السريانية وتفسيراتها اللغوية ضبابية وعدم وضوح الرؤية لدى الكثيرين منهم  فإختلفت فيها الأراء ، ولكل طرف أسانيد تاريخية يدعم نظرته القومية . فالذين يؤمنون بأنهم أراميون يستندون على ما ورد في كتابات بعض من مؤرخيهم أمثال  (مار أفرام السرياني ) الذي قال في تفسيره لسفر التكوين بأن (السريان ينحدرون من الأراميين)  ، وهذا ما قاله (يعقوب الرهاوي) (المتوفي عام 708 م ) بأن السريان هم (أراميون)  (د. أسعد صوما " السريان واللغة السريانية " )  . أما المستشرق الألماني ثيودور نولدكه ( 1836 – 1930) فيقول أن لفظة (السريان) مشتقة من " أشور" إلا أنه يؤكد في نفس الوقت في بحثه " التسميات اللغوية الكلاسيكية  " المنشور باللغة الألمانية في برلين عام 1871 ص 460 : بأن " السريان هم من الأراميين " مما يرمي بتحليله أن السريان شريحة من شرائح الأراميين الذين إعتنقوا المسيحية ، فإذن حسب نظرية نولدكه أن السريانية تسمية حديثة ظهرت بعد ظهور المسيحية ، غير أن هذا يناقض ما ورد في مدونات المؤرخ والفيلسوف اليوناني بوسيدونيوس ( Posidonius )  ( 135 – 51 ق م ) من مواليد مدينة أفاميا على نهر العاص (سوريا الحالية)   قبل العهد المسيحي ، حيث ورد في كتابه المسمى " ملاحظات بوسيدونيوس " طبعة كامبردج لعام 1988 الجزء الثاني ص 955 و956  يقول : " يطلق السريان على أنفسهم إسم الأراميين " ، وكذلك ما دونه المؤرخ والجغرافي الشهير سترابو ( Strabo ) ( 63 ق م – 24 م ) في الكتاب الأول من مجلده الضخم  " الجغرافية " الفصل 34 ، حيث يقول : " إن الذين نطلق عليهم نحن اليونان إسم السريان ، فإنهم يسمون أنفسهم بالأراميين " . وهنا يجب أن نقف عند رأي هذين المؤرخين بوسيدونيوس وسترابو وكلاهما ولدا قبل العهد المسيحي الذين أكدا أن التسمية السريانية كانت متداولة في زمنيهما ، وأن أقوالهم تدحض النظرية القائلة أن التسمية السريانية ولدت مع المسيحية ، فالمقصود بكلمة " اسوريان أو السريان " التي وردت في مؤلفاتهم ، لا تعني كما يفسرها  البعض من دعاة السريانية "  بالسريان " ، بل المقصود بها " الأشوريون " ليس إلا ، وذلك لإنعدام حرف " الشين " في اللغة اليونانية ، ولأن شمال شرق سوريا الحالية كان حتى في زمن هذين المؤرخين – أي بعد سقوط الدولة الأشورية بستة قرون - يعرف لدى اليونان بإقليم ( أثور) أو (أسور) حسب اللفظة اليونانية ، فتصويبا للمقصود ما قاله المؤرخ بوسيدونيوس  نستطيع القول : " يطلق الأشوريون على أنفسهم إسم الأراميين " وتصويبا لقول سترابو نقول  " أن الذين نطلق عليهم نحن اليونان إسم الأشوريين فإنهم يسمون أنفسهم بالأراميين " ، وهنا يظهر الأشكال والضبابية ، هل كان المقصود حسب نظر المؤرخين اليونان (بالأشورية)  أنتماءا وطنيا و(بالأرامية)  إنتماءا قوميا ؟ .
 غير أن الترابط بين التسميتين " الأرامية والسريانية " أخذت في التداول لاحقا لدى بعض المؤلفين السريان فالبطريرك السرياني مار أفرام برصوم ( 1887 – 1957 ) يقترح في كتابه " في إسم الأمة السريانية " طبعة 1952  تسمية الكنيسة السريانية " بالكنيسة السريانية الأرامية " وتسمية الشعب السرياني " بالسرياني الأرامي " وتسمية اللغة " بالسريانية الأرامية " .
 أما البطريرك الحالي مار زكا عيواص الأول في كتابه " كنيسة أنطاكيا عبر العصور " طبعة حلب 1981 ص 9 يقول : " اللغة السريانية هي اللغة الآرامية ذاتها، والآراميون هم السريان انفسهم ، وقد أخطأ من فصل بين الآراميين والسريان " ، غير أن مار زكا وبعد ما يقارب من ربع قرن كان له رأي آخر مخالف تماما ، وذهب أبعد من ذلك كثيرا فإعتبر السريان " عربا " ففي مقال له نشر في صحيفة " النهار" البيروتية يوم 12 حزيران 2005  تحت عنوان " الإسلام والمسيحية: تكامل تاريخي في بناء الحضارة العربية" أعتبر جميع السريان عرب مسيحيين، وقال:" إننا نحتاج اليوم كمسلمين ومسيحيين الى بث الوعي القومي والاقتداء بالآباء الميامين الذين سفك دمهم على أرض الوطن العربي يوم حرروه من غاصبيه، وعبر الأجيال ذادوا عن حياضه " ثم يواصل تاكيده هذا فيقول:" وكان المسلمون والمسيحيون في خندق واحد، كما أنهم سعوا الى حماية الحضارة العربية وسلموها إلينا أمانة في أعناقنا لنصونها كحدقة العين، ودمهم يجري في عروقنا" ويضيف مؤكدا:" فنحن شعب عربي واحد، فلنوطد الوحدة الوطنية في الوطن العربي كله لنرفع راية العروبة عالياً ". وكان البطريرك عيواص قد أعلن سابقا أن يسوع المسيح هو عربي سوري وليس يهوديا .وهناك من يؤمن بأن الكلدان والأشوريون هم " سريانا " ، يقول الدكتورأسعد صوما المتخصص بتاريخ السريان في مقالة له على الأنترنيت " كلنا سريان بالولادة "  : " ان اتباع الغالبية الكلدانية والاقلية الاشورية يدركون في قرارة نفسهم بانهم ايضاً "سريان" مثل بقية السريان، انهم "سريان" بلغتهم الأم قبل ان يتسموا كلداناً أو آشوريين. وهل هناك لغة أهم من لغة الأم؟  "


الكلدوأشورية:
أما المنادون بالكلدوأشورية ، فهم يرمون في ذلك الى أيجاد صيغة توافقية قد ترضي نسبة كبيرة من أبناء الأمة ،   فبالمفهوم التاريخي أن هذه التسمية لا اساس لها ، فلم يكن هناك دولة بالمفهوم السيادي والسياسي لا قديما و لاحديثا بمسمى " الدولة الكلدانية الأشورية " ولكن للضرورة أحكام من أجل إيجاد آصرة موحدة  تجمع مجموعتين أو أكثر  ذات صفات مشتركة في اللغة والثقافة وألتقاليد و تعيش ضمن منطقة جغرافية واحدة أو مناطق متجاورة ولخلق أرضية مشتركة لوحدتهم وتؤازرهم في ظل إنعدام السبل في لم شملهم في تسمية منفردة .
 فالتسمية هي تسمية توافقية ليست إلا . ولكن مع هذا ليست حديثة العهد بل هي وليدة الأضطهادات التي طالت رعايا الكنائس الأشورية والكلدانية والسريانية قبيل وأثناء الحرب العالمية الأولى ، وكان اول من أطلقها هو المطران الشهيد مار أدي شير (1867 – 1915 ) في تسمية كتابه " تاريخ كلدو و أثور " المطبوع عام 1913 م  . يقول أدي شير في مقدمة الكتاب – الجزء الأول  : " ان سكان الجزيرة واثور والعراق على اختلاف مذاهبهم هم كلدان اثوريون جنسا ووطنا ، وقد دعوتهم كلدانا واثوريين لان هذين الشعبين هما في الاصل شعب واحد نظرا الى الديانه والعوائد والشرائع والاداب والصنائع . فضلا عن ان اسم الكلدان والاثوريين اطلق دون تمييز على شعب واحد في التواريخ القديمة اذ كانت الدولتان تتضامان غالبا فتصبحان دولة واحدة ، ولا عبرة للحروب المتواصلة بينهما فان بين اسبارطة واثينه ايضا كانت حروب متواترة وهذا لايمنعهما من ان تكونا ملة واحدة فان لسانهما كان واحدا وكذلك قل عن عوائدهما .." – المطران أدي شير إستشهد يوم 17 حزيران 1915 م  وقصة إستشهاده معروفة .
كما إستعملها الجنرال أغا بطرس (1887 – 1932 ) في تسمية كتيبته القتالية بالكلدوأشورية ضد القوات التركية في الحرب العالمية الأولى (1914 – 1918 ) . وفي عام 1920 بدأت فرنسا بإستعمال تسمية " الكلدوأشورية " بصيغتها الفرنسية ( Assyro-Chaldeens ) وقد ورت تلك التسمية  في تقريرالجنرال غورو (General Gouraud) المعنون  (La Question Assyro-chaldeene – etudes es notes” 1920-21, p. 12, 17-19 ) وكان ذلك بطلب من رؤساء الكنيسة الكلدانية والكنائس الكاثوليكية في سوريا ولبنان ، مما إضطر حلفاء فرنسا من الأشوريين الى إستعمالها لكسب ود باريس وروما في المؤتمرات الدولية


الخلاصة :
 الجميل في الأمر الكل يعترف بأنهم " أخوة " (كلدان وسريان وأشور)  إلا إنهم في خلاف فيما بينهم ، فقصتهم تشبه قصة تلك الأم التي ولدت أبناءها الثلاثة الذين فرقتهم الأقدار فإختلفوا فيما بينهم  ، رغم أنهم خرجوا من نفس الرحم ، تنفسوا نفس الهواء ، شربوا من نفس الماء ،   ماء دجلة والفرات ، عاشوا في نفس البيت – بيث نهرين – تكلموا نفس اللسان ، إعتنقوا نفس العقيدة قديما وحديثا ،  أرتفعوا بالمجد معا فكانوا دولا وعروشا وأسيادا ، غدر بهم الزمان فسقطوا من عليائهم وتشتتوا ، فطالهم السيف معا فلم يفرق بينهم ، رغم كل ما يجمعهم إلا أنهم مختلفون بتسمية والدتهم ، فأحدهم يدعوها " أم أشور " والآخر " أم كلدو " والآخر يصر على إنها " أم سريان " كما أن بعض الأحفاد ذهب أبعد من ذلك بتسمية أمه ، فهي لا كلدانية ولا أشورية ولا سريانيا بل هي " أرامية " والآخر يقول إنها " عربية " ومن يدري في قادم الأزمان ماذا سوف تكون الطروحات والتسميات ؟ . إذا بقى للأبناء الثلاثة من وجود في أرض الأجداد في العقود القادمة .

أليس من المنطق والعقل أيها الأخوة أن ( نتحد ) بتسمية موحدة  قبل أن يزال أثرنا وأثارنا وأن نترحم على امنا ، لوشاءت الأقدار أن تبعث حية – إذا صح التعبير – لبكت دما لا دمعا على ما نحن عليه من التشتت والفرقة والتباعد .


حبيب حنونا
habibhannona@hotmail.com
---------------------------------------------------------------------------
مستل من كتاب " الكلدان والمسألة القومية " لصاحب المقال - حقوق الطبع محفوظة