المحرر موضوع: لمحة في نشأة الدين  (زيارة 2290 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل كامل كوندا

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1207
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
لمحة في نشأة الدين
« في: 02:21 27/05/2006 »
                                         لمحة في نشأة الدين

قبل فترة شاهدت فيلما أفريقيا عرض على شاشة SBS الاسترالية ويتحدث الفيلم عن ملك عظيم ولكنه بإنقطاعه عن الشعب يصبح ديكتاتورا ولا أحد يجرؤ على إنتقاده إلا شخصا واحدا ويطلق عليه العامة إسم المجنون.  ولكن الملك رغم سطوته فهو لا يستطيع أن لا يلبي طلبا للكهنة وأن لا يسمع لهم، ونظرا بأن الكهنة مصالحهم مضمونة فهم لا يتدخلون في كيفية الحكم وأوضاع العامة للمواطنين في ذلك البلد.  محور القصة يدور حول الواقع المرير للعامة وقصة حب لرجل متمرد على الملك ويأتي تمرده لأن الكهنة إختاروا الفتاة (ويدعون بأن التنين الكبير هو إختارها) التي يحبها لتكون ذبيحة لإسكات التنين ولكي لا يغضب على الشعب ويؤذيه ولكي يحفظ الشعب من الويلات والكوارث.  وهذا المتمرد كان جنديا في جيش الملك وعمه هو رئيس قوات وجيش الملك.  وكان هذا العم مؤمنا بالكهنة وحين تم إختيار إبنته قبل سنين طويلة (وقبل أن يعطيه الملك هذا المنصب) لتكون ذبيحة للتنين لم يعارض رغم دموع إبنته وتوسلاتها له ورغم سؤالها بأن يعصب عينيها لئلا ترى التنين وهو يفترسها (وهذا ما لم يفعله وبقي يؤنب ضميره).  إسم البنت الجميلة كان "سيا" (والجدير بالذكر بأن التنين دوما يختار البنات الجميلات).  إحتمت البنت الجميلة عند المجنون الذي رغم طلب الملك لمقابلته وسماعه له لم ينقطع عن التكلم عن الملك وعن الاوضاع المريرة ولكن بإسلوب رمزي.  العم يأمر القبض على إبن أخيه ويدخله السجن ولحسن حظ هذا الاخير إن الكهنة يشككون بالعم ويطلبون من الملك تغييره ويفعل الملك ما طلبوه الكهنة منه.  ويدرك العم إن إخلاصه للدولة والملك لم يخدمه وعليه يأمر بإطلاق سراح إبن أخيه قبل صدور القرار ويهرب معه الى الغابات لتنظيم جيش ليحارب به الملك.  وفي هذه الاثناء يقبضون على الفتاة وتجرى مراسيم التحضير للقربان وتغسل وتؤخذ للكهنة والذين بدورهم سيعطوها للتنين.  أول ما يفعله المتمرد مع عمه هو أن يأخذ المتمرد قوة معه ويجوب الغابة بحثا عن مكان الكهنة السري وحين يجده كان قد فات الاوان فقد إغتصب الكهنة (وعددهم سبعة) الفتاة وكانوا في طريقهم الى قتلها ولكنه يخلصها منهم ويقتلهم (أي الكهنة السبعة) ويرجع الى عمه في الغابة ويطلعه على الحقيقة ويغتم العم ويحزن كثيرا إذ إبنته لم تكن قربانا للتنين وإنما لشهوات الكهنة وقتلوها لكي لا يعرف أحدا بما يفعلوه.  ولكونه سياسيا فيأمر بالتكتم على الموضوع ويقتل الجنود الذين شاركوا إبن أخيه في قتل الكهنة ومعرفة الحقيقة وبذلك ينحسر السر بين العم وإبن أخته والفتاة سيا التي لمرارة إغتصابها ولهول ما رأت وإكتشفته تصاب بصدمة قوية تفقد حيويتها وحدة عقلها.  ويعلن العم بعد السيطرة على المملكة بأن إبن أخيه قتل التنين (وكان تفسيره بعدم البوح بما جرى بأن الشعب سوف لا يؤمن بعدم وجود التنين بعد هذه السنين الطوال وكيف يمكن تكذيب الكهنة الذين يمكنهم الاتصال بالالهة والسبب الاخر كان للسيطرة على المملكة بواسطة إبن أخيه)، وفعلا الشعب يؤمن بهذه الرواية وينصب إبن الاخ ملكا ولكن الفتاة تفقد عقلها تماما إحتجاجا على معالجة الكذب بكذبة أخرى وترى بأن محبها الذي يرغب بالزواج منها يجب أن يطلع الشعب على الحقيقة التي دمرتهم لسنوات طويلة وحينها العم يأمر بقتل الفتاة لأنه يحس بأنها خطر عليهم ولكن إبن أخيه يعارض الفكرة لكونه يحبها ولكن العم يصر على قتلها حرصا على الملوكية فيضطر إبن الاخ ليقتل عمه ولكن الفتاة تصر على موقفها ويأمر الملك الجديد (إبن الاخ) بأخذها الى خارج المدينة لكونها مجنونة. 
بعد مشاهدتي للفيلم تخيلت كيف بدأت الاديان وكيف آمن بها البشر وتطورت لتكون جزئا من حياتنا بحيث يصعب على من يقول شيئا مضادا لها أن لا ينعت بالمجنون. وهناك الكثير من الظواهر في الاديان ورثناها لربما هي كالتي في القصة تلبية لغرائز القيمين على ذلك الدين وفعلا كم من البشر الذين شعروا وإكتشفوا بأن رجال الدين الذين يربطون بين الالهة القديمة أو الالهة السماوية حديثا وبيننا نحن البشر العاديين ما هم إلا نموذجا لهؤلاء الكهنة السبعة الذين إخترعوا قصة التنين، ولكن لم يتسنى لهم قول الحقيقة أو قالوها وكان مصيرهم الجنون أو القتل أو الاهمال، فنحن الان لدينا عشرات القصص لتنين قاسي ويريد الفتك بنا وما علينا إلا إطاعة الكهنة (رجال الدين في كل الاديان) وإلا الويل لنا.   لا أحبذ الاسترسال في هذه النظرة لسببين أولا فالقصة التي أوردتها تعني الكثير وتوضح للقاريء جانبا في تكوين الاديان وثانيا لئلا أكون المجنون الاخير. أترك للقاريء حكمه وتعليقه.

                                                                  كامل كوندا