اهلنا المندائيون يستغيثون
نشرت مفوضية حماية المندائيون نداء استغاثة ودعوة للمساعدة للخروج من واقع مؤلم يهدد ليس حياة بضع مندائي بل يهدد وجود المندائيين كلهم في العراق وذلك لتعرضهم لضغوط واعتداءت واغتصاب، ان ما يستشف من النداء ان هنالك خطر كبير يتعرضون له اهلنا المندائيون وقد لا يصرحون به بشكل علني الا انه واضح من قراءة المنشور يمكنكم الاطلاع عليه على
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,43338.0 . ان هناك تهديد ديني وفرض امر واقع لتغيير المعتقد بالقوة.
المندائيون اصحاب احد اقدم المعتقدات الدينية في العراق ويمتد وجودهم الى المنطقة المجاورة في ايران منطقة اهواز و مهما كان رأينا بالدين المندائي وهنا اود التصريح بانني لست مختصا به لكي افتي او اكتب الكثير عنه ، الا ان الحس الانساني قبل الوطني يدفعنا لكي نتعاطف وندعوا الاخرين لمد يد العون والمساعدة لهم فالمطلوب وطنيا وخصوصا في العراق اقامة تكتل حزبي واسع ويضم نخب اجتماعية مرموقة ندعوه تكتل الدفاع عن المندائيين لكي نحقق لهم الامان المنشود، فالمندائيون المعروفون بمسالمتهم لا يهددون احد بشئ ولا دينيا فحتى دينهم ليس تبشيريا، لكي يخاف الاخرين منه، ان هذه الفئة العراقية الاصيلة قدمت للوطن الكثير وخدمته في اصعب الظروف رغم تعرضها للاضطهادات المتتالية، ان هذه الطائفة الكريمة والتي تحمل في لغتها وتراثها ودينها اصالة العراق منذ اقدم الازمنة، مطلوب اليوم ان يهرع كل العراقيين للدفاع والذود عنهم امام الهجمات العنصرية البربرية . ان فقدان هذه الطائفة لا يعني فقدان حق لمواطن بل يعني فقدان تواصل العراق مع ماضيه الناصع، هذا الماضي الذي يخافه من دخل علينا وفرض قيمه بالقوة ولا يزال، بل هو تدمير لعراق نتمناه عراق السلام والمحبة والتسامح والتعدد، فاي تعدد نريده دون وجود المندائيين؟.
ان الحكومة العراقية مطلوبة ان تدرك خطورة الامر وتأخذه بجدية تامة فما يحدث للمندائيين، وهم فئة اصيلة واساسية من شعب العراق، يمكن ان يستشف منه ماذا سينتظر الاخرين، لو لا سمح الله نجحت خطط من يحاول الاعتداء على احد الاجزاء الاكثر التصاقا بالعراق التربة والتاريخ.
ان حكومة تسمع استغاثة فئة عراقية ولا تستغيثها لهي حكومة باطلة حكومة لا تؤمن باي من مبادئ حقوق الانسان التي ناضل شعب العراق من اجلها وقدم الكثير الكثر لاجل هذه المبادئ، ومن بين من ضحوا واستشهدوا لاجل ذلك الكثير من اخوتنا المندائيين، ان عدم التحري والاستعلام عن مصدر التهديد هو مشاركة في الجرم والعملية الجرمية، من قبل حافظ القانون التي هي الحكومة واجهزتها، واذا كان باعتقاد البعض ان المندائيين ممكن لهم ان ينتظروا لحين التخلص من الاخطار الاخرى، فهذا اعتقاد كاذب فالمظلوم يعتقد ان الثانية دهرا، والخائف لا يسأل الانتظار لان ما يداهمه خطر كبير وجلل قد لا يكلفه حياة انسانية واحدة بل ميزة وتراث وايمان فئة واسعة فهل ان رئاسة الوزراء والحكومة على دراية بالامر الحاصل ام انها في خبر كان.
اننا اذ نشارك اهلنا المندائيين في نداء استغاثتهم، فاننا نتطلع الى قيادات العراق كله، وقيادة اقليم كردستان ومجلس النواب ومجلس القضاء الاعلى وكبار رجال الدين وكل الاحزاب السياسية ان تقوم بعمل موحد ومشترك لاجل ازالة المخاوف الحقيقة التي تجعل طائفة كاملة توجه نداء استغاثة في العراق، وان يتم الكشف الواضح والصريح عن معاناتهم الحقيقية ومن يتسبب بها.
ان الاستجابة للنداء المنشور لا يعتبر في اي شريعة كانت تدخلا في الشؤون الداخلية، ان مواطنينا المنائيين يتعرضون وحسب المنشور الى ابشع انتهاك لحقوق الانسان، والامم المتخضرة قد اجازت التجاوز على السيادة الوطنية في حالة الانتهاك الفاضح لحقوق الانسان او تعرض فئة ما شكل من اشكال ابادة الجنس البشري، وما يشكو منه مواطنينا المندائيين هو احد اشكال الابادة الجماعية للمنادئئن في ظل الاتكال على ضعف قوة القانون والاهتمام المنصب على العاصمة والفئات والطوائف الاكبر ومشاكلهما.
ان نعزي الامر الى الفلتان الامني فهذا نوع من الهروب من الواقع ومن الرغبة في ايجاد حل لمشكلة ان لم تحل اليوم فغدا قد يكون الحل قد تأخر كثيرا وفيه سيأتي الدور على الازيدية والمسيحيين، وبعد ذلك تصفيات في داخل الدين الواحد ومن ثم تصفيات داخل الطائفة الواحدة فهذا ما يعلمه لنا الدرس المستمد من تجارب الامم التي تركت للغرائز لكي تفلت من عقالها وسمحت للكره وللحقد لكي يسطير على مجريات الامور وادخلت القانون في مجمدة اين منها مجمدات الطبيعية في القطبين.
على مؤسسات المجتمع المدني التحرك وبسرعة من اجل تحريم الاعتداء على الناس بسبب معتقدهم الديني والسياسي والقومي، فمادامت كل المنظمات تؤمن بالتعددية، فيجب ان تتكاتف من اجل القضاء على كل من يعمل من اجل اشاعة الدين الواحد والحزب الواحد والرأي الواحد، ان من يحاول الاعتداء على شخص بسبب معتقده الديني يجب ان يتم تجريمه باقسى عقوبة ممكنة فكيف على من يحاول الاعتداء على طائفة كريمة واصيلة ومسالمة مثل اهلنا المندائيين!
ان نداء اهلنا المندائيين يضعنا كلنا، كل العراقيين امام مراة نفسنا، امام حقيقة ما نريده وما نرغبه، امام المستقبل الذي سينتظرنا او الذي نريده ان ينتظرنا، فترك الامور على الغارب كما يقال يعني اننا لا نريد ان نبني مستقبلا مستقرا مستقبلا يتمتع الانسان فيه بالكرامة، لان كرامة المجموع من كرامة الفرد، واذا كنا نرى ونسمع اليوم صراخ اهلنا ولا نبادر الى ايجاد حل لهم، فغدا لناظره قريب، ومع الاسف انه لن يكون غدا مشرقا بل كله سواد في سواد وبكاء وعويل وظلم واضطهاد ومزيد من القتلى والمفقودين والمهجرين والمهاجرين.
من الواضح ورغم ملاحظاتنا على الدستور العراقي، انه اي الدستور فيه ضمانات كافية لحماية الانسان ومعتقده، ومن الواضح ان البرلمان العراقي مؤتمن عل تطبيق الدستور الجاري، ومن الواضح ان مجلس القضاء الاعلى مناط به ليس حماية استقلال القضاء فقط، بل العمل على تطبيق بنود الدستور وخصوصا في حالة كالتي اطلعنا عليها وهي تهديد طائفة اساسية من طوائف شعبنا العراقي في وجودها، اذا الدستور العراقي يكفل القيام يكل الخطوات اللازمة لازالة التهديد الذي يطال المندائيين، تبقى هناك قوة الحكومة العراقية التي تدير الاجهزة التنفيذية وبضمنها جهاز الشرطة والجيش، انه من الواضح لحد الان ليس لدينا حكومة قوية بما فيه الكفاية في ظل الانتشار الواسع للسلاح وفي ظل الايادي الكثيرة التي تحرك مجموعات بشعارات تكفيرية، حيث يمكن لفتوى من رجل دين جاهل ان تفعل فعلها في تهييج البسطاء وممن يرتزق من امثال هذه الامور، اي فرض الخاوات مقابل توفير الحماية وهو نظير الشارعي البلطجي للجزية السيئة الصيت.
ان سكوت الفعاليات السياسية والشعبية ومنظمات المجتمع المدني عن ما يحيق باهلنا المندائيين معناه انتظار حد السيف لكي يصل الى الرقبة التالية والامر ليس ببعيد عن الرقبة التالية فقد شاهدنا نماذج منها في الاعتداء على المسيحيين والازيدية وما يديرونه من محالات العمل سواء كانت حلال ام حرام من وجهة نظر الفاعل، ان لم يتكاتف المجتمع من اجل ازالة حالة الاعتداء والتهديد الذي يطال اهلنا المندائيين، هذا يعني ان المجتمع لم يتعلم من تجربة صدام شيئا، والا فليعلم الجميع ان ما اقترفه صدام بشعب العراق وبابنائة وببيئته واقوامه قد لا يحسب شيئا امام المستقبل الذي ينتظرنا لو تركنا الامور لكي تسير بهوى ورغبة من يهدد اخوتنا المندائيين.
ان المجتمع الحي ليس من بكى على من فقدهم، بل المجتمع الحي هو الذي يدراء الاخطار قبل وقوعها، وان يتحصن ضدها من قبل استفحالها وان لا يرتضى ظلم جزء منه من قبل اجزاء اخرى، لان بالموافقة على ذلك فالمجتمع يبصم على صك وفاته وتحوله الى مجتمع قاحل لا ينبت جديدا ولن نقول خيرا.[/size][/font][/b]