المحرر موضوع: ثلاثية الانتقام - التأميم والسم الأسود والسحت الحرام !! ( الحلقة الثالثة )  (زيارة 838 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل كفاح محمود كريـم

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 666
    • مشاهدة الملف الشخصي
ثلاثية الانتقام
التأميم والسم الأسود والسحت الحرام !!
( الحلقة الثالثة )
[/size][/color]




كفاح محمود كريم
Kmk_info@yahoo.com

         

          لقد جاء قرار السيطرة على الثروة النفطية في حزيران 1972 على خلفية سحق القوى الوطنية في البلاد والاستفراد كليا بالنظام السياسي من خلال لعبة مافيوية وميكافيلية معقدة تخللتها تحالفات تكتيكية مع تلك القوى التي كانت تندفع إليها حرصا على مصالح البلاد العليا وخشية من حمامات دماء جديدة يروح ضحيتها الآلاف من البشر، إلا إن ذلك لم يكن يهم قيادة النظام بل ولم يك جزء من أجندته التي أعدها لمرحلة ما بعد إنجاز    السيطرة على الثروة الرئيسية في البلاد.
        ولكي تكون العملية ذات بعد عسكري فقد هيأ النظام معاهدة للصداقة والتضامن والدفاع المشترك بينه وبين الاتحاد السوفييتي، وأقنع الشيوعيون العراقيون بالتحالف في جبهة وطنية وقومية في تموز 1973 للتصدي ومقارعة الإمبريالية التي أمم نفطها، وخصوصا انه أوحى لهم وللسوفييت بتنفيذ برامجهم الاشتراكية في البناء الاقتصادي والاجتماعي من خلال جملة التغييرات السطحية والهامشية التي أنجزها وبأدوات وقيادات قروية متخلفة وبائسة وسطحية في فهمها لمعطيات ما يجري من كوادر حزبه في كافة المجالات والقطاعات التي شملتها تلك التغييرات، ويتذكر العراقيون تلك الجمعيات والاتحادات والنقابات التي شكلها النظام في تلك الفترة وأوهم الكثير من الذين تعاملوا معه انه ينتهج نهجا اشتراكيا قابلا للتطوير كما كان يبرر الكثير ممن تحالفوا معه.
      ومن جهة أخرى نجح النظام في إقناع قيادات شيوعية معينة بأهمية إسقاط قيادة الحزب الديمقراطي الكوردستاني وإنهاء حركته القومية التحررية واحتوائها من خلال تثقيف أعضاء وكوادر الحزبين المتحالفين على رجعية وعشائرية القيادة الكوردية وعدم ملأمتها للتطورات الاشتراكية في العراق، وكانت البداية عملية الخرق لقيادة الحزب الديمقراطي الكوردستاني من خلال إحداث انشقاق ومن ثم دعمه وتهيأته لمرحلة ما بعد 1974 التي اتفق عليها منذ توقيع اتفاقية آذار 1970 وهي السنوات الانتقالية الأربع التي يفترض أن ينجز فيها التطبيع في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والجغرافية، ويصاغ إلى دستور دائم ومؤسسات دستورية وفصل للسلطات الثلاث بما يعزز الديمقراطية للعراق والتي كانت هدفا استراتيجيا من أهداف الثورة الكوردية إلى جانب الحكم الذاتي لإقليم كوردستان.
     ولم يمض أكثر من ثمانية أشهر على تحالف النظام مع قيادة الشيوعيين ألا وكان التحالف الفضفاض مع الديمقراطي الكوردستاني قد بدأ بالتمزق والانهيار حسب الخطة التي وضعها النظام وفرض فيها مشروعا بائسا لقانون الحكم الذاتي ومؤسساته المفرغة من محتواها الدستوري والديمقراطي، والبدء بتهيئة القوى المضادة للثورة الكوردية مما عرف بالجحوش في كوردستان وفرسان صلاح الدين لدى النظام، وهم مجاميع من المرتزقة والانتهازيين ورجال العداوات العشائرية والمصالح الشخصية والذين احتواهم النظام وجعلهم ممثلين عن شعب كوردستان، إضافة إلى تصنيعه مجموعة حركات وأحزاب في دوائر مخابراته ممن انشقوا أو استسلموا لأرادته واستنساخ حزب ديمقراطي كوردستاني كما حصل مع المنشق هاشم عقراوي وأمثاله من أحزاب أخرى بما يشوه الحركة الوطنية وممثليها من الأحزاب والجمعيات العراقية وتحويلها إلى تكوينات كارتونية هزيلة تأتمر بأوامر من مراتب دنيا في مديرية الأمن العامة أو المخابرات.
    بهذه العقلية التامرية والتخريبية بنى النظام السابق علاقاته مع حركات وطنية عراقية أصيلة ومناضلة ولها تاريخ مليء بالتضحية والمقاومة من اجل عراق متحضر وديمقراطي، بحيث لم تنجو أي حركة أو حزب عراقي مهما كانت توجهاته من تشويهات النظام ومحاولاته التدميرية لتلك الحركات والأحزاب، ولم يكتف بذلك فقاد حملة ضد الشخصيات العلمية والأدبية والثقافية والاقتصادية من العلماء والنخب التي لا تنتمي إلى فكره وتوجهاته السياسية والاجتماعية، وخيرها بين الاحتواء وبين الاغتيال أو الهروب من الوطن، بهذا التوجه والعقيدة السياسية أراد النظام أن يقنع الآخرين بأن سيطرته على الثروة النفطية إنما هي خطوة اقتصادية لبناء عراق جديد على أنقاض فعالياته السياسية الأصيلة ومكوناته الأساسية ورجالاته المبدعين.
    ونتيجة لتلك الحبكة المعقدة من الوسائل والغايات المليئة بالتآمر والانتقام وعقلية الاستبداد والتفرد بكل شيء وسحق كل القوى الوطنية أو مسخها والتنازل عن أكثر الثوابت خطورة كما حصل في اتفاقية الجزائر مع الحكومة الإيرانية آنذاك ولاحقا مع حكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية بعد أكثر من ثلاثة عشر عاما، ومع الحكومة التركية في سابقة لا مثيل لها في العلاقات الدولية، منح على أثرها القوات التركية فرصة التوغل واحتلال أراضي عراقية في إقليم كوردستان، وتناغما مع أهداف ومصالح دولة عظمى كان يتهمها النظام بالإمبريالية والصهيونية على طول الخط رغم تعاملاته المعروفة مع دوائرها الاستراتيجية منذ انقلابه في شباط 1963 على عبدالكريم قاسم وحتى قبيل سقوطه في نيسان 2003، تم سحق الثورة الكوردية في آذار 1975 بتآمر معروف وتحالف مشبوه اشتركت فيه إلى جانب النظام، إيران الشاه وجزائر بومدين وبمباركة من القوتين الأعظم في العالم ناهيك عن القوى الوطنية التي تورطت معه في هذا السلوك وأصبحت فيما بعد الضحية التالية.
           وللبحث صلة...
 
                                                     
    [/b]