المحرر موضوع: عُدْ إلى خيمتِكَ، فلا تصلحُ للغةِ العصرِ إهداء: إلى الشَّعب الليبي البطل وإلى كلّ أحرارِ العالم  (زيارة 665 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل صبري يوسـف

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 96
    • مشاهدة الملف الشخصي
عُدْ إلى خيمتِكَ، فلا تصلحُ للغةِ العصرِ
إهداء: إلى الشَّعب الليبي البطل وإلى كلّ أحرارِ العالم

عُدْ إلى خيمتكِ
عُدْ إلى بواديكَ
     إلى أعماقِ الصَّحارى
عُدْ إلى خرافٍ
واسرحْ بها في تخومِ البراري
خيرٌ لكَ أن تفتكَ أطفالاً بوحشيّةٍ
     تضاهي أنيابَ الضواري!

عُدْ إلى خيمتكَ
خيمةُ البدويِّ مفصّلةٌ كالقالبِ عليكَ
لا تنسَ أنَّ طرافةَ نكتكَ بديعةٌ تحتَ الخيامِ
طريفةٌ نكاتكَ على بعضِ البدوِ والحَضَرِ
كم قهقهتُ عالياً
عندما كنتَ في أوجِ "عبقريّتكَ"
تحلِّلُ واقع العرب والعروبة
واقع الشرقِ والغربِ
طارحاً نفسكَ ملكَ الملوكِ
أقوى ملوكِ أفريقيا على إمتدادِ الأدغالِ
كم قهقهتُ عندما قلتَ لسلاطين العربِ
كيف تسمحون رئيساً عربياً يُشنقُ
     في صباحِ العيدِ
ألا تعلموا أن الدورَ آتٍ عليكم
ما هذه النبوّة
ما هذا العمق في تحليل فلسفة الكون
يا مَنْ دستَ في جوفِ ماركس
ونيتشيه وغاندي
يا ماوتسيتونغ العصرِ
هل نسيتَ أنكَ واحدٌ من هؤلاءِ الزعماء؟!

عجباً أرى
تسخرُ من زعماء العروبة
وتطرحُ نفسكَ من أكبر الكبارِ
يا عبقري الكتبِ في طريقةِ الانتشار
كتابُكَ الأخضر يسترخي فوق قمم هيمالايا
ربَّما يرتجف الآنَ من البردِ
     من تفاقمِ لغةِ القحطِ
           في عزِّ الشتاءِ!

كيفَ لملمتَ كل هذه الأفكار وتجاوزتَ دفعةَ واحدة
نظريات الشرقِ والغربِ
وأصبحتَ ملك الملوكِ في إبداعِ أحدث النظرياتِ

عُدْ إلى خيمتكَ وتفرّغ لرياضِ الأطفالِ
أو لسباق الجمالِ
لعلَّك تحقِّقُ معجزةَ المعجزاتِ
ها قد انتصرتَ على مفكِّري الكونِ
ووصلتْ نظريتكَ إلى أقصى بقاع الدنيا
     ثابتةٌ على أركانِ الخيامِ!

أراكَ تهدِّدُ شعبكَ الجبّار دونَ حياءٍ
مركّزاً على إصطلاحِ الجرذانِ
كيف فاتَكَ أن تدرجَ هذه اللغة
     في طيَّاتِ حيثياتِ الكتابِ
كتابُكَ
أشهد أن ابن أنثى لا يستطيع أن يبدعَ هكذا رؤية فتّاكة
كتابُكَ يضاهي برج ايفل من حيث العلوِّ والطغيانِ
     من حيث لامبالاتِكَ بالنَّار والنيرانِ
أراكَ تتحدّى بكلِّ عنجهيةٍ ناطحات السحاب
تتحدّى الفيس بوك وفضائيات الكونِ
 تشرشحُ الفضائياتِ وبلادَ الجوارِ
تنعتُ شبابك بتعاطي المخدَّراتِ
     على أنّهم ثلّة مأجورةٌ من الأشرارِ
هل نسيتَ أنَّ هؤلاء الشبان هم أحفادُ عمر المختار
أحفادُ ثورة الثوراتِ

ما قصّتك مع خشخشاتِ الجرذانِ
هل تحنّ إلى جحورِ البوادي
كي تفرشَ هناك على تخومِ الصحارى
آخر قرائحك في تطويرِ نظرياتِ الكونِ
عُدْ إلى خيمتكَ وتفقّد مخابئ الجرذان
لا تنسَ أن شبابَ العصر يتقنون فنونَ التصوير
فنونَ الكرِّ والفرِّ
     حتى في أعماقِ البراري
يميِّزون جيّداً لغة النفاقِ والتحويرِ
هل نسيتَ أنهم على صلة مع بقاع الدنيا
شبابُ اليوم عمادُ الغدِ الآتي
بركاتٌ منبعثة من هديلِ اليمامِ!

عُدْ إلى خيمتكَ ولا تقلق
فكتابكَ قد جابَ أقاصي الأرضِ
وخطابُكَ خطابُ زمنٍ ولا كلَّ الأزمانِ 
زمانُ العجبِ وما بعدَ العجبِ العجابِ
كأنه يراهنُ على منافسةٍ كبرى
مع حداثةِ اليومِ وما بعدَ اليومِ
مع أحدث الحداثاتِ
خطابكُ أحدث ما تمخّض من عباقرة الكونِ
خطابٌ محصَّنٌ من كلِّ الأطرافِ باصطلاحاتِ الجرذانِ
خطابٌ يضاهي خطابات البيت الأبيضِ والأسودِ وكلَّ الألوانِ
يضاهي رؤى زعاماتِ الشرقِ والغربِ
خطابكَ يضاهي فلاسفة العصرِ
يزلزلُ عروشَ السلاطينِ
ألستَ القائل أنا "المجد"
أنا "الصخرة الصمّاء"
مبروكٌ عليكَ تقعُّرات التخلّف والغرورِ 
أيها " المجدُ" المزلزل براءة الأطفال
أيّها "المجد" المخلخِل طموحَ الشبَّان
عُد إلى خيمتكَ
قبلَ أن يقتنصَكَ هديرُ الرجال! 

خيمتكَ تزدادُ اهتزازاً
     في وجهِ هديرِ الحريّة
     في وجهِ بشائر الأطفالِ
خيمةٌ تفاقمَ عليها غبارُ التحجُّرِ
غبارُ نظرياتٍ محشّوة بفقاعاتِ القهقهاتِ
عُدْ إلى خيمتكِ
قبلَ أن تتهشّم فوقَ رؤوسِ الخرافِ
ينتظرُك قطيعُ الأغنامِ بفارغِ الصبرِ
كي يجترّ حشوةََ اخضرارِ النظرياتِ
عُدْ إلى بداوتكَ لعلّكَ تفهمُ
أن الصحراءَ تمشّطُ الروحَ من أعتى الترّهاتِ
عُدْ إلى الصحراءِ
لعلَّكَ تعرفُ أصالةَ الفقراءِ
لعلَّكَ تهتدي إلى حكمةِ العقلاءِ

عُدْ إلى صحرائكِ
ولا تلتفتْ إلى عقودِكَ الصمّاء
عقودٌ من الزمن
وأنتَ تقودُ البلادَ إلى أقصى أقاصي القحطِ

عُدْ إلى خيمتكَ
     إلى نظرياتكَ المخشّبة في تحدّي الكونِ
عُدْ إلى رشدِكَ
إلى لغةٍ يصدِّقها إنسانٌ واحد على وجهِ الدُّنيا
عُدْ إلى خيمتكَ وتفرّغ لكتابةِ قصصِكَ المكتظّة
     بهلوساتٍ لا يضاهيها أخرفُ التخاريفِ
عُدْ إلى بدويَّتِكَ وتحدّى نفسكَ مرةً واحدة
وتذكّرْ أن البدويَّ صافٍ مثل بكورةِ الصَّحارى
تذكّرْ أنَّك خِنْتَ عهدَ البداوةِ
خِنْتَ صفاءَ الصحارى
خنتَ أصول مَنْ ترعرعَ تحتَ الخيامِ

عُدْ إلى خيمتكَ وتذكَّرْ أنَّكَ لا تصلحُ لِلُغةِ العصرِ
ولا تصلحُ لِلُغةِ البداوةِ
لأنكَ نكرْتَ البداوةََََ
وضللتَ بعيداً عن حضارةِ العصرِ

عُدْ إلى خيمتكِ وابحثْ عن أصولِ الجذورِ
لعلّك تكتشفُ بنفسكَ أنكَ تخاطبُ الهواءَ
ونظرياتك محفورةٌ على الرَّملِ
ها قد هبّتِ الأمواجُ
تجرفُها إلى أعماقِ القاعِ

عُدْ إلى خيمتكَ
أيّها البدوي الخارج عن أعرافِ القبيلةِ
أيها الخارج عن أعرافِ البلادِ
عُدْ إلى خيمتِكَ
 واترك العبادَ يعمِّرون البلادَ
رؤاكَ شائخة للغايةِ
واخضرارُ كتابك يزدادُ اصفراراً

عُدْ إلى خيمتكَ وتفرّغْ لكتابةِ كتابٍ جديدٍ
تركّزُ فيه على ما بعدَ الهلوساتِ
كتابٌ تجسّدُ فيه نظريات القحطِ
تلخِّص فيه قباحةَ القباحاتِ
رؤاكَ مشروخةٌ للغايةِ
يا سيدَّ القمعِ والظلمِ
يا ملكَ الأدغالِ والترّهاتِ!
... ..... ..... ..... ...!

ستوكهولم: 24. 2. 2011
صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
sabriyousef1@hotmail.com