المحرر موضوع: توحيد الخط السرياني ضرورة علمية وحضارية وقومية  (زيارة 1190 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل نذير حبش

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 61
    • مشاهدة الملف الشخصي
توحيد خط سرياني موحد رسمياً، ضرورة علمية وحضارية وقومية

ألشعب الجاهل ليس العيب في جهله بحد ذاته ، ففي معظم الأحيان لا يكون مسؤولاً عن هذا الجهل، فلا يوجد مجتمع لا يسعى إلى التخلص من الجهل الذي يولد الإنسان فيه ، بما في ذلك القبائل التي نطلق عليها : ألبدائية، فهي في سعي مستمر للحصول على المعرفة! إنما العيب على أؤلئك (النخبة) اللذين يتوهمون أنهم العارفون من هذا المجتمع ، وهم (القادة) له في انتشاله ، وهم الجاهلون فتلك هي مصيبة المصائب.

وصل مجتمعنا ـ عفواً النخبة ـ وأنا لست منهم لهذا أتخذ الشتيمة (فلسفةً) في حياتي ، لكن وفق لغتي الخاصة ، ألسنا في عصر التخصص (وللا إيه)  ؟! خاصة مع اللذين يدعون (إمتلاك المعرفة) ويعاكسون قوانين المنطق، لجهلهم في أكثر الأحيان ، وحبهم لتطبيق قاعدة (خالف تعرف).
وصل مجتمعنا إلى لغة السب والشتم تماهت مع الجانب المناقض لها ، أي لغة الغزل والمديح ، قوة مفردةٍ وشيطنةَ معلومة وتوظيف خطأ أو هفوة هنا وهناك ، هذا من جانب اللغة الراقية (الذَّميّة) ، أما من الجانب الهابط من اللغة فقد فاقت لغة البعض لغة أولاد الحواري المنحلة في العواصم ، لأن العاصمة دائماً ما تجمع النقيضين ، باب لبيع الجسد ، وباب لبيع الكتاب، و (ربما) كانت تلك سبب عظمة العاصمة دائماً ، في معركتهم ، معركة الإقصاء والنيل من بعضهم البعض تحت ذريعة التوحيد ، وهم شعب واحد ونسيج واحد !

كي نكون واحداً ـ من حيث التسمية القومية ـ يجب أن نكون ثلاثاً أو أكثر ! لأن الطبيعي في التسمية القومية هي الكثرة والتشظّي. كلدان آشور سريان و... كي نثبّت حقوقنا القانونية في الدستور ـ للأسف في بلدنا الأصلي ـ لأن هذا يخص الواقع ، قبل أن يولد لك طفل تكون قد هيات له إسماً ذكراً كان أم أنثى ، وقد تستمد التسمية من المدينة أو المهنة إلخ

أما من حيث الحضارة ، فالوحدة الحقيقية هي وحدة الحضارة ، وهذا ما تقوم به الأمم الواعية . ووحدة الحضارة لا تتأتى إلا من خلال وحدة الثقافة ، واللغة (أداة) لبناء تلك الثقافة واللغة آصرة المجتمع. فما الذي يجمع التونسي مع العراقي في جامعة بغداد يدرس الفلسفة دون عناء حاله حال العراقي ، بذات اللغة كتابةً ونطقاً وبذات المعلومة الثقافية والتاريخية !؟!

توحيد اللغة ـ قاموسياً وقلمياً يوحد الأداة التي تسهل على المجتمع للحصول على ثقافة الأمة أينما وجد الشخص ، ثم يبني جسور التواصل بين أفراد المجتمع مع بعضهم البعض. من أجل إحياء هويتنا الثقافية للنهوض بحضارتنا من جديد علينا توحيد (أداة) الثقافة والفكر،  بواسطة توحيد خط سرياني (موحد)  من أجل الكتابة والتدريس الرسمي، وجمع القاموس السرياني من كافة لهجاتنا وتطويع المفردات ـ دون عقد مريضة ـ فالمفردة لا تعرف فلان أو علان . وفي هذا الصدد يجب الأخذ بنظر الإعتبار (إصلاح) الأبجدية السريانية وتكملتها، وفق قوانين علم الصوت ، وجمع (الفونيمات) الأساسية ـ القوية ، الكاملة التحقيق حسب تعبيري الشخصي ، والصائتة ـ (ألأصلية) و (الفرعية) ، حسب تعبير سيبويه وابن جني، كي تستوعب قاموسنا السرياني بكافة لهجاته ، من أجل بناء قاموساً سريانياً موحداً.

وكي يفهم الباحث ورجل الدين والأكاديمي والقاريء العادي ، أن هذا القرار ليس (لي، لك ، له  ـ بالمعنى المطلق للضمير : مذكر ومؤنث) بل للأجيال القادمة التي سوف تشكرنا وتثني على ـ أجدادها ـ آنذاك، بما قاموا به من عمل صائب، وحّدهم وسهل عليهم الأمر.
هذا القرار ، قرار توحيد الخط السرياني في كافة أحاء المعمورة ، وليس في ديانا ودهوك وشقلاوة وسهل نينوىوالقامشلي وعمان وبيروت، ، يؤدي إلى نتائج إيجابية وسلبية. ألنتائج السلبية هي علاجية لابد من تحملها. من هذه النتائج السلبية :

1 ـ ينتج من هذا العمل ترك وراءنا تراث متنوع مكتوب بخطوط عدة. ومعالجة الأمر هو (تحقيق) التراث وترجمته إلى الخط الجديد مع الإحتفاظ بالمخطوط القديم.

2 ـ ألجيل الحاضر الذي يستخدم أحد الخطوط وإحدى اللهجات المغايرة للخط الجديد ـ المفترض تبنيه ـ تتضرر قليلاً ويمكنها بقليل من الجهد التحول والإستعاب الخط الجديد.

3 ـ تستجد حاجة جديدة لبناء خط تقني جديد (كومبيوتري) ، إعتماده وتعميمه.

4 ـ ألخطوط الباقية سوف تبقى في مجال الفن والمهتمين بالفن.

ألإيجابيات

1 ـ بناء أداة واحدة (موحِدة) للفكر والثقافة موحدة للمجتمع من أجل النهوض بالحضارة السريانية الواحدة تحت تسميات متنوعة مشرفة.

2 ـ أللغة الواحدة تؤدي إلى توحيد حقيقي للأمة ، قاللغة الإنكليزية لا تقل أهمية بالنسبة لقوة الولايات المتحدة من تقدمها التقني والعلمي.

3 ـ باب واحد يستطيعيع الباحث الأجنبي الدخول من خلاله لدراسة حضارتنا دون عناء ومشقة.

ألرافض لتوحيد اللغة السريانية والخط الواحد ، هو إما شخص تحركه دوافع سياسية ضيقة ، أو لا يفقه بعد العلاقة الجدلية القائمة في جدول الضرب، أم أن العقدة تصرخ فينا !! فالمقدمة المنطقية تقول : إذا انطلقنا من مقدمة صادقة نصل إلى نتيجة صادقة . توحيد أداة الفكر والثقافة وتوحيد اللغة توحدنا ـ أكثر من الدين  والكنيسة ـ وتمكننا من عملية التخاطب الفكري والروحي ، مع بعضنا البعض وقراءة نتاجاتنا الفكرية والأدبية، من أي مقدم كنا وأينما كنا في هذا العالم. تعاملت في العراق بسهولة مع المعارف من دهوك وعنكاوة وألقوش وتلسقف إلا مع أهل ديانا كنت أحتاج إلى مترجم.

ألجانب المعارض (الشاعر والأستاذ روبين شموئيل) يجزم بعدم جدوى العملية متخطياً القوانين العلمية كافة ، ويقر بأن العملية لا تخدم لغتنا ! يقول (( أنا شخصياً لم ولن أشارك ...))، ثم يترك الجانب العلمي ويأخذ الأمر من الناحية السياسية ، فينقد الجانب (المقدِّم) للمشروع ، ويتناسي المشروع ، فيعتقد أن الهدف ليس علمي لغوي بل ((هو لغرض دعائي إعلامي وليس علمي لغوي)). لا يمكن أن نجد ما يبرر هذا الإعتقاد طالما المشروع يأخذ طريقه إلى التنفيذ العملي. أما طبيعة الجهة التي قدمت المشروع ليس بذات أهمية ، فعلينا مناقشة المشروع (في ذاته) من الناحية العلمية ، بغض النظر عن جهة وطبيعة تلك الجهة التي قدمت المشروع. فقط يمكننا أن نتكلم عن الجهة التي يُخوّل لها حق تنفيذ المشروع  ـ بعد الموافقة المبدأية ـ فهنا يمكننا تفهم الأمر فيجب أن يناط أمر التنفيذ بعلماء اللغة والمؤسسات  الرسمية. ولا بد من التفريق ما بين جهة (التنفيذ) العلمي و (إدارة) المشروع.
علينا تقديم الشكر لأتحاد الكتاب والأدباء اللذين قدموا هكذا مشروع ، وليس النيل منهم كونهم ، حد زعم الأستاذ  ((ثلة من حديثي العهد بالإتحاد ومن خارج زمن الإبداع)).

توحيد خط سرياني واحد للكتابة والتدريس بشكل رسمي ، ضرورة علمية وحضارية وواجب قومي، من أجل بناء حضارتنا ومصلحة ألأجيال القادمة. وإصلاح هذا الخط وتطويعه ببناء أبجدية كاملة من (الفونيمات) (الأصلية) الأساسية ، كي تستوعب كل نتاجنا القديم والآتي. ألأحرف المتحولة الستة يجب نحت أو إختيار ما يناسبها من الخط ، وليس بالضرورة أن تكون أبجديتنا ثماني وعشرون ، أقل أو أكثر ، حرفاً ، بل ما يحدده علماء الصوت ويجدونه ضرورياً وبناء خط (قلم) واحد. ثم بناء (تجميع) قاموسنا السرياني الكامل ، وجعله أداة علمية فاعلة بيد الأجيال. تحقيق وترجمة التراث بكامله إلى الخط المتفق عليه والمبني الجديد، مع الإحتفاظ بالتراث القديم للجيل ، الذي مازال  يستخدمه.

نذير حبش
20 - 07 - 2006