المحرر موضوع: الأمــس واليـــوم وغـــداً  (زيارة 1686 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل bassam hannani

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 481
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الأمــس واليـــوم وغـــداً

اجتمع في محطةٍ للســفر الأمـس واليــوم والغــد وقلمـا يجتمــع مســافروا الرحـلات المختلفــة فـي محطــةٍ واحــدة لتبـادل الأحاديــث وإن حــدث فمـن النــادر اللقــاء ومــن الروعـة يكــون الحديــث:
الأمـس: مـا هــذه الحيــاة؟! لا نكــاد نذكــر شــيئاً يســتحق الذكــر إلا ومعــه دمعـــة كبيــرة!
اليــــوم: ألا تظــن أن الدمــوع هــي معمــوديتنا ودليــل طهارتنـا؟
الغــــد: الدمــوع ليسـت ســوى قطــرات يشـربها الشــحرور مـع حبــات قلوبنــا ليكمــل بتغريــده نشــيد الحيــاة.
الأمــــس: وهــل فــي الحيــاة مــا يســتحق النشـيد؟
اليــــوم: نعــم يا صــاحبي.. إن كـان هنــاك مـا يســتحق النشــيد فهــي الحيــاة ولا شــيء غيــر الحيــاة.
الغــــد: الحــب.. الإنســان هــو الــذي يخلــق الحيــاة مــن الحــب والحــب فــي الحيــاة.
الأمــــس: والمــوت؟ لا تقــل لــي أن الإنســان أوجــدهُ، فكمــا أن الشــوك لا يثمــر عنبــاً كــذلك العنــب غيــر قــادر علــى إعطــاء وإنمــاء الأشــواك.
اليــــوم: لا تنــسَ أن النــور ينبثـق مــن الظلمــة ومــن الشــتاء الربيــع!
الغــتـد: والمــوت ليــس إلاَ المحطــة الأخيــرة فــي حيــاة ومحطــة أولــى مــن حيــاة أُخــرى.
الأمــــس: المــوت أضعــف مــن أضعــف قــوانا، لكنــه يقهــرنا.
اليــــوم: وهــو الــذي يُرجعــنا إلــى عناصــر الطبيعــة ويكمــل سـلسـلة الحيــاة والمــوت.
الغــــد: وهــل تــرانا اجتمعنــا اليـوم لنتحــدث عــن المــوت؟؟
الأمــــس: تُــرى.. مــا الــذي جمعــنا نحــن الثلاثــة بغيــر ميعــاد؟؟
اليــــوم: بالطبــع هــذه المحطــة التــي نجلــس فيــها.
الغــــد: وكــم انقضــى مــن الســنين ونحــن فـي حــلٍ وترحــال وكــم مــن الدهــور مــرتْ دون أن نقــول كلمــة.
الأمــــس: الكلمــة كانــت موجــودة منـذ الأزل واليـوم تجسـدتْ ألفاظاً ومعـانٍ.
اليــــوم: الـذي جمعــنا هــو أن مـا زرعتــه أنـت حصـدتُه أنـا وسـيزرعُه هـو، والفصـول تــزرع بــذار الفصــول.
الغــــد: إذاً.. نحــن لســنا إلاَ  ثـلاث نقــاط فـي بحــر.
اليــــوم: وكــل ثـلاث نقـاط ليسـت علـى اسـتقامة ترسـم دائــرة.
الغــــد: وكــل نقطــة فـي بحــر تحمــل كـل خــواص البحــر.