المحرر موضوع: بيت عراقي  (زيارة 925 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل fatima hassan

  • عضو جديد
  • *
  • مشاركة: 2
    • مشاهدة الملف الشخصي
بيت عراقي
« في: 15:31 29/07/2006 »
بيت عراقي

فاطمة حسن

في محلة القشل المجاور لشارع الكفاح , كان هناك بيت شرقي جميل حيث النوافذ البغدادية القديمة تطل على المحلة , داخل البيت جميل ومريح حيث هناك سبعة غرف تحيط بالطارمة والحوش , التي تتوسطها شجرة عنب . عاش في هذا الدار الحاج حسن وأخوانه . الدار في حياة الحجي ملتقى الكثيرون , حيث يتناقشون في امور عدة , أجتماعية , دينية , سياسية , حيث كان الحجي عضو في الهيئة الأدارية لجمعية الأكراد الفيلين , كما كان للحجي مكتبة شخصية يتبادل فبها الكتب مع اصدقائه وكان معجبا بالأشتراكين .
ليلة عاشوراء كانت مميزه في هذه الدار , حيث الهريسة والسهر الى الصبح , كما كانت قراية النسوان في ليالي رمضان مميزة ايضا , حيث تأتي النسوة من حي الأكراد والأحياء الأخرى لأحياء هذه المراسيم.
في الصيف اعتاد اهل البيت ان يفرشوا الطارمة والحوش , حيث تكون الجلسة بعد نوم الظهيرة محببة الى نفوس ساكني الدار , حيث الشاي والجبن والخبز الحار وأكل الركي , الا أن لعلي , الأبن الثاني للحاج اكلته المفضلة في هذه العصرونية , حيث يثرد الخبز الحار مع السمن البلدي والسكر .
فارق الحاج الحياة في آذار   1959 وبدأت تظهر في البيت بعض التغيرات , حيث انخرط فؤاد الأبن الأكبر في أتحاد الشبيبة , كما ان علي تأثر بخاله ابو علاء وبدأ نشاطه في الحزب الشيوعي العراقي . انها لم تكن بالتغيير السيء بل بالعكس , فقد اضاف ذلك جوا نضاليا لهذا البيت وصار من البيوت الحزبية النشطة في حياة الحزب الشيوعي العراقي , حيث تعقد فيه الأجتماعات ويختفي فيه الكوادر.
في يوم شباط الأسود عام 1963 تحول البيت الى مركز للكثير من المناضلين , حيث تجمع مجموعة من النساء والرجال منهم نسرين ( اخت نوزاد نوري ) , دلال الصابئية , ومن الرجال عباس عباية , ابو حيدر , سالم , خليل وأبو علاء , الذي حضر في اليوم الثاني وآخرون غيرهم . وبدأت المقاومة من مبنى المدرسة القريبة من جامع المصلوب , ( هذه المقاومة جاءت لفك الحصار عن مقاومة عقد الأكراد ) ., اما النساء فقد البستهم الوالدة ملابس سوداء وفوط , وعندما داهم الحرس القومي البيت أكدت لهم الوالدة ان البيت , بيت عزاء  ,وأن الرجال ذهبوا لدفن الميت وهؤلاء النسوة غير قادرات على العودة الى بيوتهن بسبب الأوضاع المضطربة ,

المحصلة لهذه المقاومة التي دامت ثلاثة أيام , اعتقال اثنين ( سالم وخليل ) وهرب بقية المقاومين .
تتولى الأحداث في حياة الحزب الشيوعي العراقي ويتقدم أ بو حيدر في الحزب ويعتقل مرتين , ولكن يبقى البيت , بيت شيوعي , حيث تعقد الأجتماعات على كافة المستويات بعد انخراط عدد من شباب العائلة في الحزب .
عام 1978 وفي الظروف الأولى للعمل السري بدأ أبو حيدر , بالخروج ليلا , ويحدد وقت لرجوعه وقوله ان لم ارجع في الساعة الفلانية فمعنى هذا انني اعتقلت . كانت الوالدة حينها تعاني من روماتيزم في القلب وأكد الأطباء انها قد لا تعيش طويلا , وهذا ما جعل ابو حيدر ان يقبلها في كل مرة يخرج فيها ليلا , ضننا منه انه سوف لن يراها الى الأبد . في ليلة قبل وفاة الوالدة خرج ابو حيدر وتأخر قليلا فما كان من الوالدة والدمع ينهمر من عينيها ان سألت ( هل عاد علي ) ؟ وبعدها دخلت في غيبوبة ولم تحس بوجود علي ساهرا بجوارها طوال تلك الليلة.
عام 1980 قاموا بتهجير العائلة الى ايران بحجة التبعية الأيرانية , علما بأن العديد من اهل البيت ادوا الخدمة العسكرية ومن ضمنهم عمي شعبان .
المصيبة حلت بهذا البيت وخصوصا بعد ان اسكن فيها المنتمين لفرق الأعدام , فتحول البيت الى تقطة تجسس على الحي وعلى شارع الكفاح , وقصة الأب وابنه اللذان اعدما امام دارهما في الحي بحجة تستر الأب على ابنه الهارب من الجيش , قصة ما زالت عالقة في اذهان اهل الحي . اليوم وبعد مرور اكثر من ثلاثة سنوات من الصنم ما زالت هذه الدار بيد هذا المجرم الذي دنس تاريخه النضالي .
ما ذكرته عن هذا البيت ينطبق على الالاف من البيوت ومنها بيوت المهجرين والمهاجرين , ومن المؤسف قوله , ان المجرم الذي استولى على دارنا دخل الأن هو وابنه في سلك الشرطة مما عمق جراحنا وجعلت حصول عودة البيت لنا امرا صعبا , كما يدل ذلك اختراق السيئين لصفوف الشرطة . فأقول يجب ان يجد القانون طريقه الى مثل هؤلاء المجرمين ومعاقبتهم , فتحرير بيت الحجي والاف البيوت الأخرى بأيديكم يا سلطة البرلمان . فنحن بحاجة الى قانون لا يغبن حق احد ويدرس التبعات المترتبة على هذا القانون .

فاطمة حسن [/b] [/size] [/font]