المحرر موضوع: الانتخابات المبكرة مخرجا للأزمة  (زيارة 645 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل الحزب الشيوعي العراقي

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1291
    • مشاهدة الملف الشخصي
الانتخابات المبكرة مخرجا للأزمة



رائد فهمي
ثمة اجماع في آراء السياسيين والمراقبين على ان البلاد تمر بازمة سياسية عميقة تنعكس آثارها على الأوضاع الأمنية والأداء الحكومي، والذي بدوره يتسبب في تردي مستوى الخدمات الأساسية واشاعة التذمر والاستياء في اوساط شعبية متزايدة. وهناك من يذهب به التحليل والتقييم، وأنا منهم، ليقول أنها ازمة حكم ونظام المحاصصة. فضآلة المنجز الخدمي، وهشاشة الوضع الأمني، وترهل وعدم كفاءة الجهاز التنفيذي، واستشراء الفساد وتحوله إلى شبكة اخطبوطية، وغيرها من العلل التي يعاني منها نظامنا السياسي، لا تنحصراسبابها بمسؤولية القائمين على الحكم، بل ترجع إلى اسس ومنطق تشكيل حكومة المحاصصة، إذ هي عاجزة عن بلورة الرؤى  المشتركة والمنسجمة التي تتطلبها عملية بناء وإدارة الدولة. واصبح جلياً ايضاً، ان نظام المحاصصة ينتج فساداً ويعيد انتاجه باستمرار.
وجميع هذه النقائص كانت ماثلة في حكومات المحاصصة السابقة، ولكن تفاقمت شدتها لتبلغ مرحلة الأزمة في حكومة “الشراكة”. ولم  يكن كل ذلك دونما صلة سببية بمجريات انتخابات آذار 2010 ، لاسيما التعديلات غير العادلة واللادستورية على قانونها. فالاصطفافات والتوازنات التي افرزتها الانتخابات، عقًدت عملية الوصول إلى التوافقات السياسية الضرورية لتشكيل الحكومة واتخاذ القرارت الستراتيحية المستحقة، لاسيما بشأن موضوع تمديد تواجد القوات الأمريكية. ها قد مضى خمسة عشر شهراً على الانتخابات، والحكومة ما زالت ناقصة التشكيل وهي ما كانت لترى النور اصلاً لولا مبادرة السيد البارزاني والتوافق الأقليمي – الأمريكي الذي ساندها وشكّل ضغطاً دفع القوى النافذة المتحاصصة لتشكيل الحكومة.
واثبت الفرقاء المشاركون في الحكومة أنهم ليسوا جادين في “شراكتهم” وغير راغبين، أو قادرين، على تجاوز مصالحهم الذاتية وتقديم التنازلات المتقابلة الضرورية لتحقيق التوافق.. بل ان التطورات اخذت منحى التردي المتواصل في العلاقات ما بين القوائم الأساسية التي بلغت اوجها بعد احداث الجمعة 10 حزيران وخطاب علاوي، ما يجعل عملية اعادة ترميم العلاقة بينهما عصية جداً وضعيفة الاحتمال.وتلعب التراشقات الاعلامية والصراعات بين الأطراف “المتشاركة” في السلطة دوراً سلبياً مباشراً في تراجع الوضع الأمني الذي تدهور بالمقارنة مع عام 2009، وهو ما اكده رئيس الوزراء. والأخطر من ذلك، أن تدفع هذه الانقسامات والاستعصاءات التي تنجم عنها، إلى احتقان طائفي يساعد الوضع العربي المضطرب ودور بعض القوى والمجموعات على تأجيجه.. فيما تزايدت عمليات الاغتيال والارهاب وهو أمر لا يمكن إلاَ ان يدعو للقلق والحذر وضرورة البحث عن مخارج سلمية وديمقراطية للأزمة.   
في ظل هذه الآوضاع المأزومة وبعض الاحتمالات المقلقة والخطرة التي تنطوي عليها، تصبح الانتخابات المبكرة افضل الحلول الدستورية والسلمية لتجنيب شعبنا مخاطر ان تسير البلاد إلى أوضاع شبه مشلولة في احسن الأحوال  ولا يجوز استبعاد احتمال الانزلاق إلى حلول لادستورية، ولا سلمية.
المبادرة الحسنة النية لرئيس الجمهورية لحل الأزمة سوف لا توفر في احسن الأحوال الا حلاً مؤقتاً. أما حل حكومة الأغلبية، فهو وان لم يكن مستحيلاً، صعب التحقيق ولا يخرج عملياً عن منطق المحاصصة فضلاً عن انه قد يؤدي إلى زيادة التوترات في البلاد.
الانتخابات المبكرة ليست حلاً سحرياً، ولكنها توفر الفرصة للشعب، مصدر السلطات، ليقول كلمته ويجدد خياراته في ضوء ما استخلصه من التجربة، شريطة أن يجري تنظيمها بقانون انتخابات جديد عادل وان يعاد تشكيل مفوضية الانتخابات وهذه العملية تتطلب بضعة شهور.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جريدة "الصباح" ص 12
الثلاثاء 5/7/2011