المحرر موضوع: إنسحاب القوات الأمريكية وتداعياتها على شعبنا  (زيارة 1006 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل داود برنو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 139
    • مشاهدة الملف الشخصي
إنسحاب القوات الأمريكية وتداعياتها على شعبنا

إن جميع الدلائل تشير بأن الأوضاع السياسية والأمنية والأقتصادية في العراق تسير نحو الأسوأ ولأسباب عديدة,في مقدمتها ,الصراع المتفاقم القائم بين الكتلة العراقية بزعامة الدكتور أياد علاوي, وكتلة دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء السيد نوري المالكي,وهما يحملان آيدولوجيتين متناقضتين وعلى الرغم من الكراهية التي يتبادلانها يحتاج كل واحد منهما للآخر.

كذلك أن الإتفاقية الأمنية بين العراق وأميركا أوشكت على نهايتها, ولكن الأمريكان يحاولون تمديدها, لإستكمال تأهيل الجيش وقوات الأمن العراقية بالشكل المطلوب, أو ربما لأهداف أخرى تتعلق بمصالح أميركا في المنطقة. بينما بعض الكتل السياسية ترفض ذلك بشكل قاطع وفي مقدمتهم, التيار الصدري وبعض المرجعيات الدينية من كلا الطرفين.وفي هذه الحالة سيشتد الصراع بين الكتل والتيارات السياسية فيما بينها لتقاطع المصالح وإختلاف الرؤية حول هذه الإتفاقية, ومما يزيد الطين بلة, فإن بعض الدول الأقليمية تتدخل بشكل أو بآخر في تحريض بعض القادة السياسيين ورجال الدين العراقيين لرفض بقاء القوات الأمريكية في العراق مهما كانت الأسباب والمبررات.

وحسب رؤيتي الشخصية الى أحد الإحتمالين, الأول : من المرجح تمديد الإتفاقية الأمنية وبقاء القوات الأمريكية الى ما بعد الإنتخابات البرلمانية  القادمة في العراق على أقل تقدير, مع تحديد عدد القوات وصنوفهم ومهامهم والمناطق التي يعملون فيها, ومن مصلحة العراق الموافقة على تمديد الإتفاقية لكي لا نقع في الفراغ الأمني, ولكي لا تعود الفوضى الى الوضع الداخلي مرةً ثانية, أتمنى أن لا أكون مخطئآ.
أما الأحتمال الثاني فيمكن أن يتحقق إذا تبنته المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف المتمثلة بالسيد السيستاني وبدعم من إيران وبعض شيوخ الخليج الذين يضمرون كل الحقد والكراهية لشعب العراق, ويسعون بشتى الطرق والوسائل لإضعافه وتشتيته وتقسيمه,وهم يشتركون مع العدو الأسرائيلي بنفس الهدف, كما إشتركت إيران بشكل غير مباشر مع أميركا في الإطاحة بنظام صدام في العراق, ونظام ملا عمر في أفغانستان وتحققت مصلحة الطرفين المتناقضين في هذه الحالة.

إن الأوضاع الحالية في العراق مضطربة ولا تزال غير مستقرة سياسيآ وأمنيآ,كما أن القوات المسلحة العراقية بكافة صنوفها وإختصاصاتها غير جاهزة لملء الفراغ الأمني الذي ستتركه القوات الأمريكية بعد الإنسحاب, وهذا بشهادة  وزيري الدفاع والداخلية السابقين ورئيس أركان الجيش العراقي الحالي الفريق أول الركن بابكر زيباري, بالإضافة الى رئيس الجمهورية السيد الطالباني وآخرين, وهؤلاء هم ذوي العلاقة والإختصاص بهذا الموضوع, وعلى عاتقهم تقع مسؤولية توفيرالأمن والإستقرار في البلاد.
بتاريخ 28- 7 – 2011  مساءً شاهدت برنامج على قناة الفيحاء وفيه السيدة ناهدة .. عضو مجلس النواب العراقي عن القائمة العراقية تقول " على الشعب العراقي عدم الإعتماد على الحكومة الحالية أو مجلس النواب في توفير الأمن والإستقرار لهم, وعليهم الإعتماد على أنفسهم ". نستنتج من هذا أن الوضع في العراق قد دخل في مرحلة جديدة من النفوذ الخارجي.
 
في حالة إنسحاب القوات الأمريكية, هناك مخاوف وخشية من تفجير الأوضاع كما حصل في عام  2006 – 2007  وعودة الأقتتال الطائفي بين الميليشيات بهدف السيطرة على المواقع والمنافع التي يحصلون عليها من الدولة ومن الشعب, وإن الأطراف المتصارعة جميعها متكافئة الى حَدِ ما وتمتلك من الأسلحة والأموال والأمور اللوجستية ما فيه الكفاية لإستمرار هذا الصراع,  بالإضافة الى هذا فإن الدول الأقليمية المجاورة هي التي تؤجج هذا الصراع وتعطيه الدعم والتمويل والشرعية.

أما شعبنا الكلداني السرياني الآشوري المسالم يشعر بقلق بالغ, وتنتابه هواجس مرعبة من خلال الواقع القائم وفي خضم هذه الظروف التي يمر بها عراقنا, إن شعبنا بدون سلاح, وبدون ميليشيات, وبدون قوة الحماية يمكن الإعتماد عليها,وكون الحكومة ضعيفة ومخترقة وليس لها أي خطة طوارئ لحماية المسيحيين العزل في حالة إنفلات الأمن وإنتشار الفوضى في البلاد, ولاسيما في بغداد والموصل والبصرة.ومن خلال تجربتنا المريرة مع الحكومات السابقة والحالية جميعهم كانوا يتعاملون مع نتائج الأحداث المؤلمة كردً فعل وليس مع أسبابها وظروفها وجذورها  لتجنب وقوع تلك الحوادث المفجعة التي أدت الى قتل وتهجير أكثر من نصف من أبناء شعبنا خارج الوطن, وأصبح التفكير شائعآ بأن الحكومة غير قادرة لتأمين الحماية لشعبنا أثناء الأزمات.
 
نناشد ممثلي شعبنا في البرلمان العراقي جميعهم بمن فيهم نوابنا الخمسة في أقليم كردستان أن يركزوا على المزيد من إهتماماتهم للبحث مع المسؤولين في الحكومة العراقية عن الخطط والوسائل والآلية الضرورية لحماية شعبنا في الظروف الطارئة والإستثنائية لما قد ينجم عنه إنسحاب القوات الأمريكية, والفراغ الأمني الذي ستتركه تلك القوات, ولخلق الأمل في نفوس أبناء شعبنا, كي لا تثبط معنوياتهم وعزائمهم,إنهم الأمل الوحيد الذي يرنو اليه شعبنا ويعقدون عليهم آمالهم لأنهم الجهة الشرعية الوحيدة التي يحق لها المطالبة بحقوقنا,وهذا ما أكده السيد أسامة النجيفي لدى لقائه مع أبناء شعبنا في ولاية مشيكان. ومن مهامهم الرئيسية توفير الأمن والأستقرار لشعبنا إسوةُ بالمكونات القومية الأخرى من الشعب العراقي,وعليهم أن لاينتظروا من الآخرين أن يقرروا مصيرنا,هذه هي مسؤوليتهم ومن صميم واجباتهم, كما أن الحكومة لحد الآن وبعد مضي ثمانِ سنوات ليس لها رؤية واضحة تجاه شعبنا, ولم يقوموا بأي عمل إيجابي ذي قيمة تجاه قضيتنا وحقوقنا القومية المشروعة في وطننا العراق الحبيب.
إن الإنسحاب الأمريكي سيزيد من حجم التحديات التي تواجهنا, ويشكل تهديدآ خطيرآ ومباشرآ للمكونات القومية الصغيرة في هذا البلد الذي تنتشر فيه التوترات والخصومات العرقية والطائفية, ولكن لا بُدً من الصمود والتصدي لها مهما بلغت التضحيات, وأن المهمة صعبة ومعقدة وشاقة ينبغي أن تكون بمستوى الخطر الذي يواجهنا, ويجب أن تستمر جهودنا حتى تحقيق أهدافنا.
داود برنو     مشيكان -  30- 7- 2011