المحرر موضوع: مذكرات بيشمركة / 30 قلعة دوين المقابلة لقرية رزكة  (زيارة 2287 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سعيد الياس شابو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 253
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
مذكرات بيشمركة / 30
قلعة دوين المقابلة
لقرية رزكة

سعيد الياس شابو/كامران                                                                                  
2012 .1. 24                                                                               
 
تمتاز كوردستان العراق بالمناطق التأريخية ، حالها .. حال المناطق الكوردستانية الاخرى في دول الجوار !!!! ، وقلعة دوين الشامخة هي إحدى المعالم المنسية في ربوع كوردستان ، ولو لا برنامج الطريق ( ريكا ) الذي يقدم عبر شاشة زاكروس تي في لبعض المناطق التأريخية والشرح المرضي ، لتجاهل الكثيرون من سرد الحقائق وتبيان صحتها وحسب الدراسات التأريخية المثبتة في كتب المؤرخين وأحاديث المعمرين والملمين بتلك الأحداث المتغيرة نتيجة الحروب والغزوات وتغير الحقائق التأريخية والمصدرية . و                                                                                               
تمتاز القلعة القديمة والأترية .. بعلوها على مرتفع جبلي  يقابل قرية رزكة وقرية ( رزكة ) هي الأخرى تمتاز بموقعها الجغرافي الحصين وكثافة بساتينها النسبية وخاصة ( الرمان ) ، فأما طيبة أهلها .. فحالهم حال أهل القرى الأخرى . والقلعة التأريخية الحصينة المهدمة والباقية آثارها و تشهد للقاصي والداني ، ومعالم القلعة يشهد على ما تحمل أهل المنطقة من أعباء ودمار و حروب وغزوات ، وبناء القلعة الهندسي لهو شاهد آخر على وجود الحظارة في المنطقة ودخول تلك الحظارة وحكامها في دوامة الصراع والقتال ، وليست القلعة الوحيدة في المنطقة ...بل هناك قلاع أخرى تبتعد عنها بعض الشيء ، وتقترب من جبل بيرمام ومدينة أربيل .
 
وبعد مكوث لساعات في قرية ( كراو ) والتي هي الأخرى قريبة نوعا ما من قرية رزكة والقلعة الشامخة وطلب المقسوم من الخبز والماء وما يمتلك الفلاح القروي الفقير الحال من المواد الغذائية المتوفرة عندهم ، ومدى استعداده للتجاوب معنا أو بالأحرى مدى ارتباطه الروحي مع البيشمركة وفهمه لطبيعة تلك الحياة الصعبة والمعقدة !!
وقبل منتصف الليل غادرنا قرية كراو متوجهين الى قرية رزكة المحاذية ، وفي تلك القرية المطلة على الوادي العميق .... وتشعر بنشوة الانتصار لكون القرية تقع على مرتفع  مرتبط بجبل شامخ يبتعد عن القرية من طرف الشرق ، وتقع قرية (سه ر كه ند ) سركند الخيلانية على بعد كيلومترين تقريبا من قرية رزكة .
رحب بنا في قرية رزكة وهي قرية الفقيد الراحل المناضل مام علي رزكيي  ، لكون أهل القرية يتعاطفون مع مفارز البيشمركة بشكل عام .... أي الكل متعاطفين معنا  من  الشيخ الكبير إمام القرية  وحتى الى أصغر طفل ، رجالا ونساءا ، الله يرحمك أم كاظم ( كازو ) وهي أخت الرفيق مام علي  رزكة ، وهي صاحبة لدكان صغير .. فيه البعض من المواد يمكن الافادة منها ، لكون السوبرماركتات معزلة !! المهم بعد مكوثنا لسويعات أخذنا الفراش المقسوم وصعدنا لمدة عشر دقائق بإتجاه الجبل المطل على رزكة ، ويمتاز بقطوعه وعلوه ولونه الكستنائي الجميل . وفي حوالي الساعة الرابعة صباحا ....  تركنا المرتفع ، متجهين نحو القلعة لنمكث فيها حتى الغروب دون أية حركة ! ما عدى الحراسة المتناوبة في الموقع الاستراتيجي من ثلاث أطراف ، والطرف الآخر من الخلف يعلو جبل مرتبط بسلاسل جبلية  ومرتفعات تنتهي نهايتها في جبل سورك المطل على بلدة شقلاوة الحبيبة .
 
بالتأكيد الممنوعات العديدة كانت تفرض علينا وخاصة الحديث عن مواقع الاختفاء والطريق المسلوك وعمل الشاي واشعال النار وترك الحراسات والغوص في النوم ونسيان الحاجيات الشخصية والحديث عن المتاعب وتمديد الأرجل وترك السلاح بعيدا عن موقع الجلوس وحتى عند تناول الوجبة المقسومة من الجبن القروي المسماة ب ( الجاجي ) المخزون في الجلود الحيوانية لتبقى لمدة أكثر من نصف سنة وهي مالحة وعسيرة الهظم ! وممكن أن تبقى لمدة أيام  خارج مكان حفظها وهي لا تفسد ..!! لكونها هي أصلا فاسدة !! وكيف تفسد تلك المادة ونسبة الملوحة فيها حوالي عشرة بالمئة ؟ !!!!!!!!!! ، والله لو تكون عندي في الوقت الحاظر قليلا من تلك الجبنة التأريخية لأحمد ربي وأشكره . الله يساعد الفلاحين القرويين لما قدموه للبيشمركة لسنوات وسنوات منسية  وأصبحت في زمن كان والنسيان المتعمد !!
أتذكركم أيها الطيبون في كل أحاديثي وعند الضرورة ولابد من أن نكون أوفياء في يوم من الأيام ونزوركم ونتذكر تلك الأيام العصيبة لمن بقى في الحياة ، ورحم الله كل من غادرنا الى عالم الحق ، وترك البصمات النظيفة في صفحات التأريخ المنسي !
وفي المساء وبعد أن أصبحت الرؤية من بعيد .. عديمة التشخيص والرؤية .. فتسرسحنا بإتجاه القرية من جديد ومع تناول العشاء توزعنا اثنان اثنان في البيوت الكريمة السخية والتي تقدم الينا ما يمتلكون من القسمة القروية والتي لا تمتلك الثلاجات ولا الكهرباء !! الله يساعدكم يا فلاحيننا وقروينا الكرام .. ومن المفروض أن تخصص حكومة الأقليم من نسبة ال 17 /% من حصة الأقليم من ميزانية العراق الفدرالي ،،،،،، أن تخصص من ميزانية الأقليم بنسبة 17 % الى قرى كوردستان وذلك مكافئة لما قاموا به من تقديم العون  والمؤن ومساعدة وايواء البيشمركة لمدة عقدين من الزمن !!
 
وبعد تناول الوجبة المسائية وأخذ الخبز السفري وما يتوفر من المادة الأخرى لتشرك الخبز والماء من تكون وجبة كاملة الدسم ! ذهبنا الى نفس المكان الذي كنا نعتبره بمثابة ( الفندق ) أوتيل خمس نجوم !!!!! ، وكالعادة في الصباح الباكر جدا جدا نهضنا وتركنا الفراش في مكانه بعد أن علمو بمكان المنام ، أي عليهم أن يجلبوا في الصباح الفراش وذلك لكي لا يعلمون بمكان توجهنا منطقيا !!
 
لم نكن نترك المجال لأي كان من أن يعلم بتوجهاتنا المسيرية والاختفائية .. تحسبا لحسابات المتوقعة عسكريا ، لكون السلطة أستنفرت وأصبحت تبحث عن كل صغيرة وكبيرة !! وصلتنا المعلومات بأن في بلدة شقلاوة تتحدث الأجهزة الأمنية والمخابراتية المعنية لجمع المعلومات بخصوص مفرزتنا وقبلها كان التقدم من محاور عديدة ظنا من السلطة بأننا سنقع في الفخ العسكري المخابراتي المجحفل من الجيش والجاش ، تميزت السلطة القمعية في العراق من إشراك الأطراف العديدة بجمع المعلومات عبر التشكيلات والتنظيمات الأخطبوطية والتي كانت السلطة الدكتاتورية تنفق الكثير من المال العراقي لخلق عدة كاملة ومتكاملة بغية توصيل الخبر الدقيق ومن أكثر من مصدر !!! مثلا .. كانت هناك البطالة المقنعة والتي تقدر بعشرات الآلاف .. تم تعينهم برواتب دون المستوى بحيث تربط القسم الأكبر إن لم يكن جلهم بالتنظيمات الحزبية والأجهزة الأمنية والمنظمات المهنية ،،، وذلك ظنا منها أي السلطة بأن يمكن للفرد أن يخضع في حال استلامه المبلغ المقر شهريا ، وعلى سبيل المثال وليس الحصر .. كانت هناك ملاكات دون الاستحقاق .. في المساجد والدوائر الزراعية والمدارس وغيرها من الدوائر مسجلين دون أن يعملوا شيء يقبضون رواتب شهرية . المهم .. القسم الأكبر من المختارية مرتبطون بالمعسكرات والأجهزة الأمنية ، ومجبورين أن يوصولون الخبر بالسرعة الممكنة !! وحتى المختارية كانوا يحسبون ألف حساب في حال التأخر في تقديم الاخبارية الكاملة ... سواء عبر الاتصال المباشر أو الاجهزة اللاسلكية أو الاشارات المتفق عليها كرفع الفانوس وانزاله أو اللايتات ( التورجات ) وأخيرا عبر وسطائهم ، وحتى القسم من رعاة الماشية هي الاخرى تمتلك أجهزة الاتصال وتربط تلك الأجهزة في القسم الأسفل من بطن فحل الغنم والمسمى في اللغة الكوردية ( بران ) . ويستخدم ذلك الجهاز عند الحاجة والطلب !! يالها من بدع شيطانية و جهنمية تستخدم بالضد من نذروا أنفسهم للدفاع عن الشعب والوطن .
 
من الصعب من أن أتناول الموضوع من جميع أوجهه .. لكون الموضوع شائك ومقزز ومقرف ومدان من أن المفرزة البطلة راضية في النوم على الأرض وبدون فراش وبدون طعام وبدون استحمام وبدون دواء وعلاج وبدون ماء وكهرباء ونكران الذات والتحمل بدون أن يكون لك الحق من أن تنام ليلة هنيئة ! ولا يحق لك من النظر بعيون الشعراء والفنانين التشكيلين ، ولا يحق لك من أن تشكو من الارهاق والتعب وسوء التغذية !!! وعليك أن تتحدث لمدة ساعة أو ساعتين وأكثر في السياسة المرتبة وربط القظايا وتحليلها وأن تجيد العادات والتقاليد القروية  ... وجل هذا يقول بعالي صوته ..... سأخبر عليكم ! وفي حال عدم تقديم الاخبارية .... فسيخبر غيري ! وأنا سأذهب في ستين داهية ! سيشتكون أهل القرية بما فيها ال---- ! . وكان الأوفى بالنسبة لنا  .. هو القمل ( كمل ) والذي لا يفارقنا أبدا !
 
طيب يا أهلنا الكرام .. أنتم محقين بالاخبارية ولكن اصبروا حتى أن نخرج ومن ثم خابروا ،،، كان هذا حديثنا في حوالي عشرين قرية في المنطقة التي أشتاق اليها في الوقت الحاضر .
 
خرجنا من قرية رزكة الحبيبة والتي ساعدتنا كثيرا في ذلك الوقت العصيب وتحملت الكثير من أجلنا ، وبالرغم من عصابة الوقت إلا أن أهل القرية أوونا في مفردات كثيرة وليس أهل رزكة لوحدهم بل قرى كثيرة في المنطقة . وفي العتمة ... تركنا أفرشتنا في المكان وكنا نحسب في حال التقدم الصباحي المبكر .. من أن لا تكون اللزمة من قبل أهل القرية بأنهم متعاونين معنا ! وبالرغم من وجود جامع مرتب في القرية إلا أننا نفضل المبيت في العراء ... لكون حتى الحيوانات تفضل المبيت في الهواء الطلق وبشرط أن يكون مسيج ومحميا من الذئاب ، ونحن عكسهم تماما أي عكس الحيوانات !!
 
غادرنا الموقع والكل نيام ومن المحتمل القسم منهم أي الاخوة القرويون الطيبون  قد استيقظ على حلم مخيف ومرعب لكون الانصار البيشمركة يتواجدون في قريتهم وفي حال التقدم .. ستباد القرية عن بكرة أبيها وسيحرق الأخظر مع اليابس !! وستكون القصة مفرحة عند البعض الآخر !! ولكن نحن أي مفرزتنا توجهت الى السهل القريب نحو قرية ( سور سوره ) ولكن قبل وصول القرية ثمة وادي يمكن الاختفاء في تعرجاته ومطباته ومن الصعب المسير فيه لكونه لا يقع على الطريق وفيه أماكن اختفاء تصلح كثيرا لإختفاء أكثر من مفرزة وهو بعيد عن أنظار الحكومة وقواتها المجحفلة .
 
وكالعادة مكثنا في الوادي الى أن أغربت الشمس وتلاش ضوئها الحزين المسائي ... ونعتبر العتمة والظلام في صالحنا و تكون زمام الامور بيدنا ونحن سيد الساحة ونتحرك على ضوء الوضعية المتاحة لنا والخطة المرسومة والالتزام الكلي بالتوجيهات التي تصدر من قبل مكتب المفرزة .
من ضمن الممنوعات التي كنا نكرهها ... الدخان ! الذي يكشفنا  وهو النقطة الدالة على انه تواجد البشر في الموقع ! وهذا ما لا نحبذه ... فإذن حرام علينا الشاي طول النهار !!
 
وبعد حوالي ساعة من المسير والوصول الى قرية سورسوره ، رحب بنا من قبل صاحب الدار الكبير والقرية التابعة له الأخ الفاضل أكرم آغا ورجاله وعياله ، فأي ترحيب وقد تغيرت نظرتنا بعض الشيء على البعض من الآغوات ، هناك سواره آغا ساعدنا وهنا أكرم آغا رحب بنا بدون أي احتراز وأي حساب ، وبعد العشاء ونيل قسطا من الراحة وأخذ السفري معنا ، وكانت وجبة العشاء دسمة بحيث تكون المعنويات قد ترتفع بعض الشيء  ويمكن من المواصلة في السير الى مسافات أكبر ، وعدنا أدراجنا الى المنطقة التي فيها السلسلة والمرتفعات الشبه الجبلية والتي تفصل قرى بابجيجك وكراو ورزكه .