المحرر موضوع: هل نعتذر من صدام؟  (زيارة 1032 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عدنان حســـين

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 669
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
هل نعتذر من صدام؟
« في: 12:59 29/01/2012 »
شناشيل

هل نعتذر من صدام؟

عدنان حسين

يتعين علينا، نحن الذين عملنا عقوداً من الزمن  في صفوف المعارضة المناهضة لنظام صدام حسين، ان نتقدم بسلسلة طويلة من الاعتذارات الى صدام نفسه وهو في القبر، والى افراد عائلته ألأحياء ولأموات، والى حزب البعث ومسؤولي أجهزة الأمن والمخابرات والوزراء وسائر المسؤولين في النظام السابق.
هذه الإعتذارات أصبحت لازمة بعدما تبيّن لنا ان المنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان، كـ "أمنستي إنترناشنال" و"هيومان رايتس ووتش"، لا تعمل بدقة وتقاريرها غير موضوعية.
كنا، معارضو صدام، ننتظر بلهفة تقارير هذه المنظمات ونستخدمها في نشاطاتنا السياسية والاعلامية ضد صدام وعائلته وحزب البعث ومسؤولي النظام السابق للتأكيد باننا شعب مضطهد ومقموع  ومعرض للفناء على يد نظام دكتاتوري شمولي مستبد ومتهور.
شخصيا تابعت بمثابرة طوال أكثر من عشرين سنة تقارير منظمات حقوق الانسان الدولية وأوليتها اهتماماً استثنائياً في النشر في المجلات والصحف التي عملت فيها في لبنان وقبرص وسوريا وبريطانيا. ولطالما كتبت المقالات المؤسسة على المعلومات التي تضمنتها تلك التقارير. والواقع ان القوى السياسيةالمعارضة لنظام صدام جميعاً نشرت تلك التقارير في صحفها ومطبوعاتها لتعزيز موقفها المعارض للنظام وتأكيد وجهة نظرها السلبية تجاهه.
أكثر من هذا اننا كنا نرى ان تلك التقارير لا تقول الحقيقة كاملة التي نعرفها عن نظام صدام وممارساته القمعية، وكنا عندما نلتقي مسؤولي هذه المنظمات ونمرر لهم هكذا ملاحظة يجيبوننا بانهم ينشرون الوقائع والمعلومات التي يتثبتون منها ويهملون ما لا تتوفر الدلائل القاطعة عليه حفاظا على صدقية المنظمة وتقاريرها.
والآن فان حكومتنا التي يحتل أغلب مقاعدها معارضون سابقون ( بعض المقاعد مُنحت لمن يمكن وصفهم بالصداميين الذي يعملون في الواقع على إجهاض انتقال العراق الى النظام الديمقراطي وعلى إحياء النظام الصدامي) .. هذه الحكومة تقول لنا الآن بالفم الملآن ان تقارير المنظمات التي كانت في يوم ما حائطنا الوحيد، غير صادقة!
وكلام الحكومة هذا يصدر تعقيباً على آخر تقرير لـ "هيومان رايتس ووتش" قالت فيه ان  "العراق ينزلق سريعاً إلى الحكم الاستبدادي مع إساءة قواته الأمنية إلى المتظاهرين ومضايقتها للصحفيين، رغم تطمينات الحكومة الأميركية بأنها ساعدت على تهيئة نظام ديمقراطي مستقر، فالواقع يقول إن العراق في طور بدايات الدولة البوليسية"، كما جاء على لسان  سارة لي ويتسون المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط في المنظمة وهي تُقدّم التقرير الأسبوع الماضي.
الحكومة اعتبرت على لسان وزير حقوق الانسان ان "عدم الدقة كانت سمة في هذا التقرير كونه لم يستند الى وقائع حقيقية"، وانه "غير موضوعي"، وان المنظمة  تستقي " معلوماتها من جهات إعلامية وسياسية تحاول تسييس ملف حقوق الانسان" ملمحة الى امكانية استخدام اطراف امريكية ملف حقوق الانسان العراقي "لأغراض انتخابية".
 والحكومة حكمت أيضاً على لسان مستشارها الإعلامي بان التقرير مكتوب بناء على "شهادات من جهة واحدة"، نافية وجود تعذيب للمعتقلين أو قمع وملاحقة للصحفيين، وانه لا توجد  سوى "انتهاكات فردية نستنكرها بشدة ونعمل على وضع حد لها في أقرب وقت".(اشهدوا على هذا!).
كلام حكومتنا يشبه تماماً ما كان يقوله نظام صدام رداً على تقارير منظمات حقوق الانسان التي كنّا نحن معارضي نظام صدام، وبيننا رئيس الحكومة الحالية والمتحدثون باسمها ومعظم وزرائها، نستند اليها في دعايتنا ضد ذلك النظام.
اذا كانت هذه المنظمات غير صادقة وغير موضوعية وغير دقيقة في تقاريرها، فلا بدّ انها كانت كذلك في زمن النظام السابق .. هل يتعين علينا أن نعتذر الى صدام وعائلته وأركان نظامه وحزب البعث لاننا حاربناهم بسلاح فاسد؟

adnan.h@almadapaper.net