المحرر موضوع: احتفاء مدهش بـ (جواد سليم) تحت (نصب الحرية) !!  (زيارة 1694 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل samir latif kallow

  • عضو مميز متقدم
  • *******
  • مشاركة: 50554
    • MSN مسنجر - samirlati8f@live.dk
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
في ليلة شتائية لم تنسها بغداد
احتفاء مدهش بـ (جواد سليم) تحت (نصب الحرية) !!


عبدالجبار العتابي من بغداد


GMT 0:00:00 2012 الإثنين 30 يناير




28








احتفاء بجواد سليم تحت النصب التذكاري

 
احتفل جمع من العراقيين بشكل غير مسبوق بمناسبة اليوبيل الذهبي لرحيل صاحب اشهر نصب في بغداد والشرق الاوسط "جواد سليم"، في ساحة التحرير بمنطقة الباب الشرقي، الاحتفال أقامته مؤسسة المدى للإعلام والثقافة والفنون بالتعاون مع أمانة بغداد.
 
--------------------------------------------------------------------------------

بغداد: في احتفال غير مسبوق، وفي ساعات مسروقة من الزمن العراقي البخيل بأضوائه ومتعته وطيب اللقاء والاجتماع وفي ليلة ترش البرد، وترتعد منه ومن الريبة والحيرة في مكان خلا من المارة والعابرين والباعة المتجولين، احتفل جمع من العراقيين بمناسبة اليوبيل الذهبي لرحيل صاحب اشهر نصب في بغداد والشرق الاوسط.
 
 تحت نصب الحرية، وفي ليلة من ليالي الانس في بغداد، في ساحة التحرير بمنطقة الباب الشرقي التي هي الطريق المؤدي الى كلواذا، توقف الزمن، توقف تماما ولكنه كان يلوح بيديه الى يوم شتائي من ايام كانون الثاني (يناير) من عام 1961، وسرعان ما اجتمع في تلك الساحة من تلك الساعة المسائية الشتائية افراد كثيرون، كل واحد منهم كان يحمل بين يديه شيئا، وفي روحه شيئا، وفي ذاكرته شيئا، حملوا آلات موسيقية وحملوا وردا وحملوا اوراقا وحملوا صورا وكاميرات وابتسامات، وكلمات كانت تتناثر تحت نصب الحرية حيث كان هنالك يقف في مشهد واضح متألق الفنان (جواد سليم)، كأنه هناك يشير الى تلك البصمات التي تركها على ذلك البرونز، فيتحسسه بأصابعه فيحسه لم يعد باردا، بل انه يتدفأ بحرارة اللقاء، فضاءت الليلة، تناثرت الأضواء في الأمكنة وتصاعدت الوانها فيما كانت الموسيقى تتهادى بجمال انغامها لتحيي صاحب الذكرى، الذي اجتمع الناس هنا ليحيونه تحية الخلود والمحبة والتحدي لكل اشكال الظلام التي تحاول ان تغلف منحوتات النصب المرتفع في الفضاء افقيا مثل لافتة تريد ان تقول لكل الأزمنة ما في النفس العراقية الصميمية.
 
 ما اتحدث عنه.. اهو حتفال كبير في مساء بغداد لمرور نصف قرن على رحيل جواد سليم، الرجل الذي نحت (نصب الحرية) ليظل ابرز رمز لبغداد، والذين احتفلوا هم نخبة من اهل الثقافة والسياسة والفن وعشاق الحياة والفن، الاحتفال.. أقامته مؤسسة المدى للإعلام والثقافة والفنون بالتعاون مع أمانة بغداد، ووجد المحتفلون عيونهم تتطلع الى منحوتات النصب لتتكحل بتلك الوقائع التي كادت تتحرك مع توهجات الاضواء والموسيقى والشعر، ومع عرض سينمائي في الهواء الطلق،عرض لفيلم سينمائي يحمل عنوان (جواد الحرية) استعرض محطات ومسارات الفنان الراحل على الصعيدين الشخصي والفني.






 أجواء الاحتفال بجواد سليم

 
كانت الموسيقى غير اعتيادية، قدمتها الفرقة السيمفونية العراقية الوطنية، بقيادة المايسترو محمد أمين عزت، واعتقد اها للمرة الاولى في تاريخها تنزل الى الباب الشرقي لتطربه وتسمعه ما لم يسمعه من قبل، واستطاعت ان تزيل كل بقايا الصخب اليومي وتغسل بالعزف التعب المترامي على عواتق المكان، فكانت الموسيقى تتعالى تنادي بإسم صاحب الذكرى، وتلامس منحوتاته التي لامستها كفاه من قبل، وكانت الاشارة واضحة وطيبة من الفرقة وعازفيها الرائعون حينما عزفوا مقطوعة (فوك النا خل فوك)، والمعروفة شعبيا بإسم الأغنية التي غناها ناظم الغزالي (فوك النخل فوك) !!.
 
 ولم يغب الشعر بل كان حاضرا وبقوة تجلت في تلك القصيدة التي كتبها الشاعر العراقي الراحل عبد الأمير الحصيري ( 1942- 1978) بحق جواد سليم،قصيدة (يا باسل الحزن)، قام بإلقائها الفنانان سامي قفطان وعواطف نعيم، تلك القصيدة (البائية) التي تتألف من (مائة وخمسة وثلاثين) بيتاً من الشعر العمودي:

 فضت نوافذها عن وجهك الحقب
  غابا.. فواكهه الاشواق والعجب
  غابا ازاهر بكر اللون سندسه
  وخضر اشجاره الالواح والنصب
 يا سروة الفن هذا بعض ما حفلت
  به غصون على جبيك تنتصب
  جواد من صفوة فيها ابيح لها
 مما تشاء من الالهام تنتهب
  خلدّت شعبك تياهاً بملحمة
 للنصر تحضن فيها رأسه الشهب
  جواد ليس رثاء ما يفيض به
 قلبي ولكنه الاجلال يحتسبُ
  ياراهب الفن لم تصرفه مغرية
 عنه ولم تغتصب حبه الرتبُ
  يا باسل الحزن لو مست نفوسهم
  الحمقاء ريشتك العصماء ما نكبوا
  يا باسل الحزن قبر انت تسكنه
  قي قمة الدهر والتاريخ مرتهب
 
 وبين كل هذا، الموسيقى والشعر والجمال والأضواء التي تمطر في المكان، كان الجميع يبتهجون، كأنهم ينظرون ليل بغداد لأول مرة وهناك الكثيرون لم يأتوا الى المكان منذ امد بعيد، ليس في الليل لا.. بل في النهار، اذ ان سطوة الخوف من مظاهر العنف لا سيما في الأماكن المكتظة هي ما يدفع الناس الى الابتعاد، فكان المحتفلون يشعرون بالابتهاج كأنهم في مكان ليس عراقيا، انهم يتحفلون بأنفسهم على مرأى من النصب الجميل وعلى ارضية الشارع الذي لا يخلو من السيارات والصخب، لكنه الآن مختلف، يقول الناقد التشكيلي صلاح عباس الذي قال انه جاء من مدينة الحلة للاحتفال بجواد سليم: يا لها من ليلة تعبق براحة الفنون والوفاء، ولكن للأسف لا يوجد في العراق تقليد للاحتفاء بالفنانين والرموز الفنية، ولكن هذه الاحتفالية كانت شيئا اخر، جاءت تعبيرا خالصا عن مكانة الفنان جواد سليم ودوره المؤثر في مسار الفن العراقي الحديث وما تركه من ارث فني وثقافي، وهذا نصب الحرية شاهد بروعته، وها انت تشاهد الجميع يلتقي هنا تحت جدارية نصب الحرية في ساحة التحرير.
 





العراقيون توافدوا للاحتفال بجواد سليم

 
فيما قالت الناشطة في حقوق الانسان السيدة هناء ادور: هذا احتفاء يستحقه جواد سليم،جواد.. الذي لا يزال خالدا وهو يمنحنا قيمة اكبر من اجل النضال ومن اجل الحرية، وهذا الاحتفال الجميل.. أفق واسع وأمل كبير، افق لشعبنا.. فلا بد أن يتحرر وينال الحرية وهو يستحق الحرية.. وهناك شباب يدافعون من اجل ذلك، وهذه الأجيال التي جاءت من بعد جواد سليم متوالدة، ودافعها الأول هي الحرية، هذا النصب.. هو رمز من رموز بغداد الساحرة ليس نضاليا فقط، وإنما رمز جمالي وتاريخي وهو يمثل الأمل لشعبنا ولبلدنا المليء بالحزن.
 
 
 اما الاعلامي عماد جاسم فقال: بغداد ستكون اكثر اشراقا بغيابهم وحضورنا بارواحنا المحلقة في سموات جواد سليم وفائق حسن، جواد سليم رمز التمدن يرنو بفرح من خلال نصبه العملاق الى الموسيقين في امسية بغدادية، فرفعنا ايادي التحية والانتصار لارادة الفرح تحت نصب حريتنا المنشودة اننا عشاق الحياة.
 
 والراحل.. المحتفى بذكراه هو جواد بن محمد بن سليم بن علي بن عبدالقادر الخالدي الموصلي (1921 - 1961)، يعتبر من أشهر النحاتين في تاريخ العراق الحديث، ولد في انقرة لأبوين عراقيين، واشتهرت عائلتة بالرسم فقد كان والده الحاج سليم وأخوته سعاد ونزار ونزيهة كلهم فنانين تشكيليين، وكان في طفولته يصنع من الطين تماثيل تحاكي لعب الأطفال، ولقد أكمل دراسته الابتدائية والثانوية في بغداد.
 
 نال وهو بعمر 11 عاما الجائزة الفضية في النحت في أول معرض للفنون في بغداد سنة 1931. وأرسل في بعثة إلى فرنسا حيث درس النحت في باريس عام 1938-1939م، وكذلك في روما عام 1939-1940 وفي لندن عام 1946-1949 ورأس قسم النحت في معهد الفنون الجميلة في بغداد حتى وفاته، وكان يجيد اللغة الإنكليزية والإيطالية والفرنسية والتركية إضافة إلى لغته العربية، وكان يحب الموسيقى والشعر والمقام العراقي، أسس جماعة بغداد للفن الحديث مع الفنان شاكر حسن آل سعيد، والفنان محمد غني حكمت، كما إنّه أحد مؤسسي جمعية التشكيليين العراقيين. وضع عبر بحثه الفني المتواصل أسس مدرسة عراقية في الفن الحديث فاز نصبه(السجين السياسي المجهول) بالجائزة الثانية في مسابقة نحت عالمية وكان المشترك الوحيد من الشرق الأوسط وتحتفظ الأمم المتحدة لنموذج مصغر من البرونز لهذا النصب، وفي 1959 شارك مع المعماري رفعت الجادرجي والنحات محمد غني حكمت في تحقيق نصب الحرية القائم في ساحة التحرير ببغداد وهو من أهم النصب الفنية في الشرق الأوسط، ولجسامة المهمة ومشقة تنفيذ هذا العمل الهائل ففد تعرض إلى نوبة قلبية شديدة أودت بحياته في 23 كانون الثاني يناير عام 1961م، الموافق 6شعبان 1380هـ، وشيع بموكب مهيب ودفن في مقبرة الخيزران في الأعظمية.

 
 
http://www.elaph.com/Web/Culture/2012/1/712950.html
مرحبا بك في منتديات



www.ankawa.com