المحرر موضوع: انسحبت الدبابات الاميريكية وتركت لنا ركابها  (زيارة 743 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Dr. Muhran Muhran

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 11
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
انسحبت الدبابات الاميريكية وتركت لنا
ركابها
د. مهران موشيخ
النمسا
 
ظهور الفلسفة الماركسية في منتصف القرن التاسع عشر في بريطانيا ساهم بشكل كبير في توجه حشود من المثقفين والعمال والفلاحين الثوريين في اوربا الى تشكيل احزاب سياسية لمقارعة الانظمة الاوتوقراطية، والملكية والقيصرية والامبراطورية والفاشية. على مدى عقود طوال من العمل الحزبي الجاد نجحت الاحزاب، كل من منظوره الحزبي المستند الى المصالح الاقتصادية للشريحة او الطبقة الاجتماعية التي ينتمي اليها بحكم واقعه المعاشي او فلسفته الفكرية، في ارساء اسس تنظيمية جديدة لقيادة الدولة وادارتها مع اعطاء هامش للجماهير للممارسة النشاط السياسي كمتنفس ديمقراطي . لقد تعمق دور ومفهوم الاحزاب اكثر فاكثر بعد الحرب العالمية الاولى ليصبح وجود الحزب والتحزب ضرورة حتمية في حياة الشعوب، بعد ان اصبح الحزب السياسي يمثل المفتاح الذي يحرك ماكنة الدولة لتوفير الحياة الرغيدة اما للغالبية العظمى من الجماهير او لحفنة من الطغاة. لم تخلودولة من دول العالم المعترف بها حاليا من قبل الامم المتحدة في احتوائها لاحزاب من هذين الصنفين الى يومنا هذا.
اما في العراق فان لوحة الخارطة السياسية الحزبية تاسست في اوائل القرن الماضي بعد سقوط الامبراطورية العثمانية وقيام المستعمر البريطاني باحتلال العراق، حيث تاسيس الاحزاب جاء لضرورات فرضتها الظروف الموضوعية للجو السياسي العام عقب سقوط الامبراطورية العثمانية واندلاع الحرب العالمية الاولى ومعاهدة سايكس بيكو وانتصار ثورة اكتوبر البلشفية في روسيا وتكرس نفود المستعمرالبريطاني في العراق والدول العربية من فلسطين الى السعودية واليمن. بادرت بعض النخب الوطنية المثقفة والمتعلمة (بعضهم كان قد عايش واطلع عن كثب على ماهية الاحزاب السياسية ونشاطاتها ودورها في اوربا ومصر) الى تشكيل احزاب سياسية بعد ان تعمقت قناعاتهم بالدور الفاعل والحاسم للاحزاب في تحرير العراق من نير الاستعمارواستلام دفة الحكم في العراق لبناء عراق مزدهريواكب الحضارة العصرية. الصفة المميزة والقاسم المشترك بين جميع هذه الاحزاب التي تاسست انذاك لاول مرة كان .... انها احزاب وطنية عراقية المنشاء وعراقية الارادة وعراقية الهدف، سعت الى انهاء حكم الاستعمار البريطاني عن طريق الكفاح السلمي، وقد اتسعت برامج بعض هذه الاحزاب لاحقا لتشمل ايظا العمل من اجل مكافحة الصهيونية. لقد نجحت هذه الاحزاب في توعية الجماهيروالدفاع عن مصالحها والمطالبة بحقوقها و قيادة العديد من الانتفاضات والوثبات والاضرابات الجماهيرية الواسعة، حيث اشترك فيها جميع ابناء الوطن سواسيا نساء ورجال من عرب واكراد ومسيحيين وصابئة ويهود. لقد انحصر عدد الاحزاب التي تشكلت في العراق في النصف الاول من القرن الماضي باصابع اليد الواحدة، وقد توجت نضالاتها بانهاء الحكم الملكي الاستعماري واعلان الجمهورية. ومن يومها اتخذت عملية التحزب في العراق منعطفا جديدا ودخلت نفق مظلم، حيث ازدهر التعسف والقهر والعنف السياسي باستعمال ابشع اساليب القمع الدموي وارتهن البعض الى احضان العمالة العربية والاجنبية للارتزاق على حساب مستقبل العراق السياسي والاجتماعي والاقتصادي والحضاري، وتم محاربة كل من ينادي بالديمقراطية وهكذا عم في البلاد وعلى امتداد نصف قرن الجهل بثقافة الديمقراطية.
ففي عهد الجمهورية التي تراسها الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم لم يجري اصطفاف حزبي ولم تتطور الاحزاب تنظيميا على اسس اجتماعية ـ اقتصادية سليمة، بسبب قصر عمر الجمهورية وبسبب الارباكات السياسية التي عرقلة مسيرة ثورة 14 تموز، وبسبب المؤامرات التي حاكتها قوى عربية ودولية لاجهاض الجمهورية وحجب وصول اشعاعاتها الثورية الى الدول العربية الاخرى. في فترة الجمهورية، و كما كان الشان في فترة الملكية، لم يتعدى عدد الاحزاب السياسية العراقية 5 الى 6 احزاب فقط . واستمر الحال هكذا لحين انقلاب البعث الدموي عام 1963 حيث ساد الحكم السياسي في العراق وعلى امتداد 40 عاما!، نظام دكتاتوري انفرد في قيادته حزب البعث الشمولي ولوحده بامتياز.
مع سقوط نظام حزب البعث الصدامي على ايدي ( المحرر المحتل ) ظهر في العراق مئات، نعم مئات من الاحزاب والتيارات السياسية، وغالبيتها شكلت كيانات سياسية وائتلافات نيابية لاعداد من الاحزاب لا تعد ولا تحصر. نجهل عدد هذه الاحزاب بسبب قفزاتهم الماراثونية من كتلة الى اخرى وظهور احزاب بين ليلة وضحاها، واضمحلال بعضها قبل ان تتشكل... جرت هذه المهزلة ولا تزال منذ زمن الاحتلال وفق قانون العرض والطلب في سوق الوزارات والنواب والسفارات وتوابعها. وخير مثال هنا على التعددية المفرطة في الكيان السياسي الواحد هو تيار دولة القانون الذي يضم في صفوفه، حسب تصريح احد قادته قبيل ترشيح السيد المالكي لرئاسة الحكومة ، حيث قال... ان المالكي هو المرشح الوحيد لدولة القانون الذي يضم في صفوفه اكثر من 120 كيان سياسي !!!.
اية احزاب هذه؟ من اين اتت ؟وكيف تشكلت؟ اين تكمن عناصر الاختلاف عندهم من حيث الرؤية والمشروع الوطني والبرنامج السياسي؟، ما هي اسس الخلافات الدينية ـ المذهبية داخل الاحزاب الاسلام السياسي (الشيعية منها والسنية) التي تعد بالعشرات ؟، بم تختلف الاطروحة الدينية ـ المذهبية لهذه الاحزاب العربية مع نظيرانها الكوردية والتركمانية؟، بم يتميز البرنامج القومي والوطني للحزب الديمقراطي الكوردستاني عن برنامج الاتحاد الوطني وعن برنامج من انفصل عنه مؤخرا، التغيير؟، ما الذي يحفز كل هذه الاحزاب في الاستماتة من اجل المشاركة في تشكيلة مجلس الوزراء؟، وما الذي يجمعهم سويا تحت قبة البرلمان في ظل غياب منطق المعارضة البرلمانية؟، من المسئول عن الازمة العامة التي تعصف بالبلاد منذ تسع سنوات، الاحزاب ام قادتها ؟، واخيرا هل يصح تسمية هذه التنظيمات بانها احزاب، على غرار الاحزاب التي تشكلت بعد ثورة العشرين، او نظيراتها في العالم الغربي المعاصر؟.
الحـــــــزب
لم تتشكل الاحزاب التي استلمت زمام امور البلاد من (المحتل المحرر) على اساس المصالح الاجتماعية ــ الاقتصادية المشتركة التي تجمع بين افراد ينتمون لنفس الشريحة الاجتماعية في المجتمع او يؤمنون بنفس المنطلقات الفكرية الانسانية، وانما احزاب اصرت على تمسكها بالراية القومية وتحديدا... العربية والكردية والتركمانية، بهذه الخطوة همشت جميعها المشروع الوطني على حساب التعصب القومي " الشوفيني". الاحزاب العربية لم تقف عند هذا الحد بل انحرفت عن المسار الوطني اكثر فاكثر من خلال تشبثها المستميت بالطائفية الدينية ... فظهرت احزاب وتيارات اسلامية شيعية وسنية وسلفية بالعشرات وعددهم مستمر بالنمو!. لم تكتفي الاحزاب الشيعية بالوقوف عند هذا الحد بل تعمقت الهوة بين فصائلها " الشيعية " في اصطفافات حزبية مذهبية ذات مراجع دينية مختلفة تتوزع بين مدينتي النجف والقم المقدستين انطلاقا من الاغواء الشخصية والمصالح الوظيفية لرئيس الحزب والمقربين منه. خير مثال هنا هو حزب الدعوة الاسلامية الذي كان يقوده الجعفري وانفصل عنه ليستلم المالكي رئاسة حزب الدعوة، ويقود العنزي "التيار" الاخر من حزب الدعوة مناصفة مع من انشق عنه وبذلك تكاثر حزب الدعوة بالانشطار الى ان اصبح حاليا اربعة احزاب للدعوة الاسلامية . الاحزاب الاسلامية السنية بدورها لم تستطع الاندماج مع بعضها والانصهار في بودقة سنية واحدة وانما على العكس من ذلك ظاهرة الانسلاخ وتشكل كيانات حزبية اسلامية سنية جديدة من رحم الاحزاب الام ماضية على قدم وساق .
الحركة الكردية المسلحة في اقليم كردستان ومنذ ستينات العام الماضي كان يقودها الحزب الديمقراطي الكردستاني "البارازاني" واحيانا بدعم متواضع من الحزب الشيوعي العراقي. قبل اربعة عقود انفصلت مجموعة عن الحزب الديمقراطي الكوردستاني وشكلوا الاتحاد الوطني الكوردستاني... واليوم وبعد "التحرير" وصل عدد الاحزاب الكوردية حسب علمي الى عشرة وربما اكثر... ما يجلب الانتباه هنا هو ظهور ليس حزب واحد كوردي وانما عدة احزاب كوردية اسلامية !، شخصيا لا استبعد انشطار الاخيرة في مرحلة لاحقة الى احزاب كوردية سنية واخرى شيعية على غرار نظيراتها العربية. اما الاحزاب التركمانية فهي لا تزال تبدي التكاثف والالتفاف حول محور الحقوق القومية للتركمان وبشكل خاص على ساحة كركوك. يبدو ان المحاصرة السياسية الكوردية ـ العربية تلزمهم على تعضيد اللحمة القومية التركمانية في الفترة الحالية
لم ينتهي مفهوم فلسفة التحزب وممارسة العمل الحزبي عند البعض من الكيانات الحزبية التي تحتضن عشرات الاحزاب بالتحاصص الاثني والديني والمذهبي، وانما مفهوم الحزب عندهم اتصف بالقفزات الخاطفة، كما هو حال القفزات البهلوانية في السيرك. حيث نجد من يتنقل من فصيل حزبي الى فصيل اخر في نفس المعسكر(السني او الشيعي) او ينتقل الى معسكر حزبي مغاير كليا (من المعسكر السني الى الشيعي او العكس) والبعض الاخر يستقل من معسكره الحزبي في تشكيلة جديدة ولكنه لا ينفصل عنه!، اما سماع خبر تشكيل فلان الفلاني او مجموعة افراد لحزب جديد بين يوم واخر لم يعد يذهل احدا لان مسالة تشكيل حزب سياسي جديد في العراق اصبح اسهل بكثير من عملية تنظيف العاصمة بغداد من القمامات!.
من عجائب الامورالسياسية والمدهشة في العراق هي تلك الظاهرة التي تنفرد بها الاحزاب العراقية بخلاف جميع الاحزاب العلنية في العالم... الاحزاب العراقية لها تنظيماتها الحزبية في جميع بلدان تواجد (العراقيين) في العالم، اعضائها (عراقيون) يحملون جنسيات تلكم البلدان ومستقرون فيها عقاريا ووظيفيا واجتماعيا، ابنائهم في الجامعات المحلية واحفادهم في المدارس ورياض الاطفال، وغالبية الشبيبة من الجيل الناشئ يجهل لغة الام، والكثيرين منهم يكافحون من اجل سحب افراد عائلاتهم واقاربهم من العراق الى البلدان الغربية التي يستقرون فيها، وتراهم في نفس الوقت (منشغلون) في عقد اجتماعات وندوات حزبية بل وحتى موتمرات حزبية في بلدان تواجدهم، تجد في صفوفهم صراعات وتوافقات تعكس صورة الخارطة الحزبية في الداخل ! ... الا ان وجه الغرابة تنتفي عندما يكتشف المرء بان القسم الاعظم من قادة هذة الاحزاب انفسهم يحملون جنسية هذه البلدان وعوائلهم مستقرة في تلك البلدان الغربية!!. ان من يتمنى عجالة ظهور الامام المهدي المنتظر عليه انتظار ظهوره في بغداد وليس في لندن اوفي السويد او هولندا او في امريكا او كندا. وشعار "وطن حر وشعب سعيد" اطلق قبل 80 عاما للجماهير في العراق وليس للعراقيين في السويد او المانيا. يقينا لا توجد في المانيا او في النمسا او السويد اراضي يتنازع عليها التحالف الكوردستاني
على نقيض جميع الاحزاب السياسية المتواجدة في العالم تنفرد الاحزاب العراقية بان تشكيلها( باستثناء البعض القليل) لا يتطلب امتلاك نظام يحدد الهوية السياسية للحزب وشروط العضوية وهيكلية القيادة والكادر الحزبي والصحافة الحزبية وطبيعة نشاط خلاياها الحزبية وشروط انعقاد المؤتمرات والكونفرنسات الحزبية...الخ وانما يكفي ان يتفق بضعة افراد فيما بينهم على ارضية مصالح شخصية مشتركة يجهلها الشارع السياسي ويقوم احدهم بالاعلان عن تشكيل الحزب الجديد والمشاركة في الانتخابات البرلمانية ليس ببرامجها وانما بصور مرجعياتها الدينية!،او بمباركة بعض شيوخ العشائر والقبائل. البعض من هذه الاحزاب قد تتسامى بعد فترة قصيرة قبل ان يسمع الشارع بولادته!.اي حزب سياسي هذا الذي صيرورته رهن بالدعم المالي الخارجي وبالسلاح الميليشياتي كما هو حال حزب الله في لبنان , والخوثيين في اليمن وحركة الشباب في الصومال وشقيقاتها في العراق؟.
عشية الانتخابات البرلمانية الاولى عام 2005 اعلن " الدكتور" علي الدباغ والمحامية مريم الريس عن تشكيل حزب ساهموا في الانتخابات ولم يحصلا على اصوات تذكر ورجعا الاثنين الى مواصلة وظيفتهما في الحكومة كناطقين باسمها، علما ان الشارع السياسي، حتى في المنطقة الخضراء، يجهل لحد الان مفردات وماهية ومصير هذا الحزب!. في مقابلة تلفزيونية (بعد استلام المالكي دفة الحكم من الجعفري) جرى استفسار السيد علي الدباغ عن خلفيات موقعه القيادي ــ كعضو في المكتب السياسي في حزب الفضيلة وهو مؤسس ورئيس حزب اخر؟، اجاب قائلا "موقعي في حزب الفضيلة كعضو في المكتب السياسي هو مكرمة قدمها لي مرجعية الحزب سماحة الشيخ اليعقوبي" !!!. هل يجوز ان يؤمن انسان في ان واحد بايديولوجيتين مختلفتين، وينضوي في الحزبين المختلفين في مرجعية هاتين الايديولوجيتين وفي نفس الوقت هوايضا الناطق الرسمي لحكومة رئيسها رئيس حزب اخر؟
رئيس جمهورية العراق يمتلك صفة فريدة من نوعها من بين 192 دولة متمثلة في الامم المتحدة ،فالسيد الطالباني هو الوحيد من بين رؤساء الجمهورية في العالم الذي في ظل نظام رئاسي برلماني وتعددية الاحزاب يحتفظ بموقعه الحزبي بل ويمارس مهمته رئيسا للحزب بموازاة ذلك يمارس مهمته كرئيس جمهورية لحكومة بتعددية حزبية!، هذه الازدواجية المتناقضة في المنصبين تقود بالضرورة الى ازدواجية في موقفه وفي قراراته، اللذان حتما ينصبان وبانحياز مطلق لصالح الاتحاد الوطني الكوردستاني، وهوالحزب الذي اسسه و يقوده مام جلال نفسه منذ 35 عاما. ولا ننسى هنا بان السيد رئيس جمهورية العراق ورئيس حزب الاتحاد الوطني الكوردستاني هو ايضا في نفس الوقت عضو قيادي في حركة سياسية دولية لا يمت العراق بها اية صلة، انها الاشتراكية الدولية في اوروبا، التي تعكزالطالباني عليها، ولا يزال، في تهربه من المصادقة على حكم الشعب باعدام صدام وحاشيته وبقية الارهابيين!.
ان هلامية اطروحة التحزب، والاستخفاف من المبادئ الاولية للاعراف السياسية، ومحاولات السياسيين المتحزبين، الاستهزاء بذهنية الجماهير والتلاعب بمقدراتهم، مهزلة يندب لها جبين من يحمل هوية المواطنة العراقية. لم يعد بمقدوراي طرف سياسي او فرد من تضليل الجماهيربعد ان ذاقت الاخيرة منهم الامرين على امتداد العقود الماضية وفي السنوات الثمان الاخيرة تحديدا .
في العالم الغربي المعاصرلا يجوز، تاسيس روضة جديدة للاطفال الا اذا توفرت الشروط التي يحددها قانون تاسيس رياض الاطفال.... ترى متى سيصحى سياسيي حكومة الشراكة الوطنية التي تقودها دولة القانون من سباتهم ليسنوا قانونا لتشكيل الاحزاب؟، لنرى عندئذ كم حزب سيصفى على خشبة مسرح الاحزاب. هل هناك من يجرأ الى ايعاز سبب عدم تشريع قانون الاحزاب الى فلول صدام والقاعدة والسلفيين والى اجندات اجنبية ؟، الاحزاب السائدة لن تسمح بتشريع قانون للاحزاب لان التشريع سيؤدي حتما الى انتهاء صيرورتها
الا ان صدور قانون تشكيل الاحزاب سوف لن يكون بمقدوره انهاء الفوضى السياسية، ولن تقضي على قانون شريعة الغاب السائدة في البلاد، بسبب تشكل قوة سياسية ـ اجتماعية جديدة، كفؤة عسكريا ومستعدة للقتال وذات غطاء شرعي وتتمتع بدعم وتاييد جميع الاحزاب المتصارعة، هذه القوة الهجينة والدخيلة على مفهوم الدولة العصرية الموئسساتية الدستورية، هي... العشائر

السياســـــــــــة
السياسة وعاء يضم مجموعة من العلوم الاجتماعية والاقتصادية والعسكرية والفلسفية وعلوم النفس البشري وتاريخ شعوب العالم، والسياسي هوذلك الرجل الذي يمتلك الادارة والقدرة على تكثيف وتقطير هذه العلوم في بودقة واستخلاص الزبدة منها وعلى ضوءها يضع برنامج ستراتيجي ويرسم السياسة العامة للحزب والدولة. وعليه يقتضي المنطق العلمي وجوب قيادة الحزب من قبل شخص يكون ملما بهذه العلوم ومحنكا بها ومتمكنا في تحمل مسئولية الادارة السياسية. الادارة السياسية للدولة او الحكومة او حتى الحزب هي بحد ذاتها علم غالبا ما يتحكم فيه عنصر الموهبة الشخصية ايضا، الكاريزما كما يسميها البعض. القيادة علم وفن لان وظيفة القائد هو احكام القبضة على زمام جميع امور الدولة والتحكم السليم في تحريك خيوط اللعبة دون الافراط بهذا العنصر او ذاك، تماما كما هو الحال في مسرح الدمى للاطفال. للقائد السياسي مجال محدد للمراوغة السياسية ولا يحق له الخروج عن نطاقه، وبعكسه يسقط مثلما يسقط البهلوان في السيرك عند سيره على حبل مشدود بين قطبين، مثلما سقط بالامس في مزبلة التاريخ زين العابدين ومبارك والقذافي... والاسد المنهار.
يخطأ من ينعت السياسة (بالمطلق) بانها عاهرة او انها فن الممكنات ... نعم يمكن تشبيه السياسة بالعاهرة ( وفق القيم الاجتماعية البالية للنصف الاول من القرن الماضي) عند عدم ثباتها وتمايلها وعندما تناقض نفسها بنفسها في اللحظة الحاسمة لاتخاذ القرار، في هذه الحالات فقط يحق تشبيه السياسة بالعاهرة التي ترمي بنفسها من حضن رجل(دولة جارة) الى اخر بدافع المال فقط وليس بدافع عاطفة الحب ... نعم يمكن نعت السياسة على انها فن الممكنات لوجوب اخضاعها احيانا الى متطلبات مرحلة انية لانقاذ الكل من خلال القبول بالافراط مؤقتا بجزء بسيط من الحقوق، الا انه في كلا الحالتين يرفض رفضا قاطعا ان تجري المطاوعة السياسية او الفكرية على حساب الثوابت المبدأية. ان جوهر سياسة الاحزاب او الحكومات لا بد ان تكون ثوابت لا يجوز الحياد عنها او تجاوزها ...اذا ما كانت السياسات الوطنية هذه قد رسمت وخططت حقا ببعد ستراتيجي لمصلحة البلد والجماهير الغفيرة وليس ادعاء.
اما تذبذب المواقف وغياب الرؤية الواضحة والتردد في تحديد المواقف السياسية فهو دليل على غياب المنهجية ، وهو سلوك مرفوض، انه سمة وصفة ملازمة للاحزاب الانتهازية المنتشرة في العراق (وما اكثرها ) التي قادت البلاد الى الفوضى والتخبط في المشاكل الاجتماعية ـ الاقتصادية، واوقعته في مطبات امنية سياسية وحروب محلية اتخذت احيانا طابع الحرب الاهلية بسبب اخطاء سياسية نفذها سياسيون فاشلون، اما عمدا تحقيقا لماربهم الخاصة، او بسبب جهلهم لعلم السياسة، وفي كلا الحالتين بسبب تسلم رجال الدين وليس التكنوقراط، المنافقين وليس الوطنيين، زمام امور البلاد.
من هنا نقول لا غرابة في ان يكون هناك تعددية وتشعب وفوضى سياسية في الموقف الزئبقي داخل الحزب الواحد او بين الاحزاب وداخل الحكومة من موضوعة الاقاليم والثروة النفطية وكركوك وغيرها، لكون نصوص الدستور والتي اصدرته الاطراف المتخاصمة كتب من قبل بعضهم عمدا ببارود قنابل موقتة وبسبق الاصرار، والبعض الاخر وقع على النص المطروح اما جهلا بالامور.. اولامبالاة ..اومغررا.. او مجبورا. اين تقف الاحزاب ببرامجها السياسية من اطروحة الاقاليم الساخنة التي بدات تهدد استقرارالبلد ووحدته ؟، وهل تمتلك جميع الاحزاب برنامجا واضحا وصريحا ومعلنا اقرته مؤتمراتهم وكونفرنساتهم الحزبية من موضوعة الاقاليم على سبيل المثال؟، ولماذا لا تعرض الاحزاب برامجها الى العلن ليطلع الشعب على الثوابت في المواقف المصيرية؟ . القيادي في حزب الدعوة النائب سامي العسكري صرح بالامس قائلا "لا يوجد في العراق مقومات تشكيل اقاليم"!، من حقنا هنا ان نسال النائب سامي العسكري هل سبق لك ان قرات دستورجمهورية العراق الاتحادي الموحد ؟. لماذا تلتزم الاحزاب والحكومة جانب الصمت وتتخذ موقف المتفرج تجاه القصف المستمر لمناطقنا الحدودية من قبل تركيا وايران ومنذ سنين؟، وفي نفس الوقت تتدخل وبوقاحة في الشأن الداخلى للبحرين؟، ما هو وصفنا او نعتنا للحزب او للحكومة التي تبيح ايران وكويت بالنهب المستمر لثروتنا النفطية، والى متى ؟. اين هو الموقف السياسي لـ 325 نائبا يفترض كونهم نواب الشعب من هذا الانتهاك الصارخ للسيادة ونهب ثروة الشعب؟. متى سيستيقظ الحس الانساني للاحزاب وللحكومة وللنواب لانهاء جريمة ابادة حقوق المراة، والدفاع عنها وعن الطفولة الضائعة والكهرباء الغائبة.
نقول لهواة السياسة، المنافقين منهم والمتملقين، والمراهقين، والدجالين .. ان السياسة ارقى من ان تسمى من قبل جاهل في العلوم السياسية معمما كان او غيره، على ان السياسة هي فن الممكنات لا ظوابط لها ولا احكام، وان السياسة لا تعرف الصداقة وانما المصالح. نقول لهم... لن تفلحوا بهذه التصريحات السطحية تغطية عجزكم وفشلكم في الاداء السياسي ولا تبرير تخبطاتكم السياسية والحزبية في مستوى الدولة والحكومة والتحالفات السياسية. نقول لكم ."اعط القوس باريها"، كرديا كان او من الصابئة المندائيين، مسيحيا كان اوعربيا او ازيديا...ولا تعط ولا تبيع رئاسة كتلة سياسيه او الحقيبة الوزارية او المقعد النيابي او المهام الدبلوماسية الى معمم او ابن الرئيس او الى المنتسبين لعوائل امبراطورية المنطقة الخضراء " المستنقع العفن للمحاصصة" ، فالنتيجة ستكون حتما الفشل الذريع ولن يستفيد من العملية سوى عائلته والحاشية المقربة منه شخصيا. لهذا السبب بالذات نجدهم في صراع دموي فيما بينهم حول الكعكة نجدهم مرشحين ومستهدفين ومشاريع قتل دائمية عبرالسيارات المفخخة وكواتم الصوت قبل غيرهم. للاطلاع على نماذج من الامثلة البشعة، والادلة الدامغة لانحطاط وانعدام الخلق السياسي لدى غالبيتهم لا يتطلب سوى مشاهدة جلسات ما يسمى بمجلس نواب الشعب، التي تنعقد بين فينة واخرى لتشريع قوانين حيوية كان اخرها قانون منع التدخين في الاماكن العامة في بلد تعداده 30 مليون، بلد لا يزال منذ سنتين يبحث عن شخصين لتعينهم وزيرين للدفاع والداخلية!
ان السياسة والقائد السياسي تحديدا سادتي الكرام هو من يفرض نفسه دون دعم خارجي وبمعزل عن انتماءه القومي او الديني او المذهبي او خلفيته الاستيطانية في البلد المعني، بل انه ذاك الذي يثبت وجوده اكثر من غيره من خلال عطائه الثمين وانتاجه الوفير وكفائته العالية وقدرته المتميزة في ادارة دفة البلاد والعباد ... طفل مسلم هاجر مع والدية من افريقيا الى العالم الغربي المسيحي وافلح خلال فترة زمنية قياسية، وهو لا يزال في منتصف الاربعينات من العمر، ان يفوز اكثر اصوات الناخبين ليصبح رئيس دولة تتصدر دول منظومة العولمة وتتحكم بامورالعديد من الدول ومستقبلها ومنها العراق ... انه الرئيس الامريكي باراك اوباما.
بسبب القصف الهمجي النازي والمعارك الطاحنة التي جرت في هنغاريا اثناء الحرب العالمية الثانية تشردت الاف العوائل وهجرت موطنها، ابن احد هذه العوائل الهنغارية التي هجرت البلاد واستقرت بمحظ الصدفة في فرنسا هو اليوم رئيسها ـ ساركوزي، ذلك الذي لعب دورا متميزا في الاسراع في اسقاط القذافي ومنشعل الان بمهمة الاسراع في اسقاط عائلة الاسد، يقينا يمتلك اسم المرشح القادم للرحيل في قائمة الحكام البيادق. اين انتم اذن من السياسة؟.
الديـــــــــــــن
ان نزول اول وحي الهي، على الانبياء جاء قبل ولادة المسيح عليه السلام بمئات السنين، وبعد مرورستة قرون على انتشار الديانة المسيحية التي اجتازت البحر وآمن بها سكان القارة الاوربية نزل وحي الدين الاسلامي على النبي محمد (ص). وكان مضمون الوحي الالهي في المرات الثلاث عبارة عن رسائل الهية الى الاقوام القاطنة في مصروفلسطين وبلاد الرافدين والشام ومصر وجنوب الجزيرة العربية تحديدا، تدعوهم الى التحلي بروح المحبة والاخاء، التسامح والعفو والمغفرة، وتبني قيم انسانية نبيلة بدء من طاعة الوالدين واحترام المسنين والعطف على الفقراء ومساعدة المحتاجين والتعاون معا لمصلحة الكل، ونكران الذات ونبذ الكذب والتحايل والدجل والخيانة، النهى عن السمسرة والامتناع عن السرقة والاعتداء والقتل، والايمان بالله. لقد اوصت تعاليم الاديان السماوية الثلاث الحنيفة الانشغال والعمل بامور الحياة الدنيوية ستة ايام في الاسبوع وتخصيص اليوم السابع للراحة والسجود لله الواحد القهار. لقد وعد الله سبحانه وتعالى العباد المسالمين والمتمسكين بوصاياه وبتعاليم الرسل والانبياء، اولئك الذين يلتزمون بمبادئ الدين ولا يحيدون عنها، وعدهم بضيافة دائمة في جنات الخلد، وحذرالجناة الذين لا يتمسكون بقيم الدين الحنيف وتعاليم الرسل الثلاث، اولئك الفاسدين والمنافقين والدجالين والمشاغبين والقتلة حذرهم من ان الجحيم سيكون مصيرهم في الآخرة.
لقد انتشرت الديانة الاسلامية خلال ألف وستمائة سنة الماضية لتصل الى اقاصي العالم، وخلال هذه الفترة ظهرت العديد من المدارس الدينية والحوزات العلمية وتعددت الاجتهادات في تفسير العديد من آيآت القران الكريم، والتركيزعلى البعض منها وحجب التبشيربالبعض الاخر. الا ان الغريب في الامر هو ظهور مفاجئ لطبقة سياسية ــ دينية قي العراق غداة (السقوط ـ التحريرـ الاحتلال) تضمن مجاميع لا تعد ولا تحصى من شخصيات "مدنية" ذوي منابع وانتماءات متباينة ومتشعبة للفكرالديني، اجتمعت كل منها في تنظيمات حزبية دينية تتصارع فيما بينها تناحريا، بممارسة ابشع انواع الذبح والقتل باستعمال الاسلحة الفتاكة عبر جناح عسكري متدرب على حرب العصابات "ميليشيات"...الغريب في الامر ان هذه الاحزاب وقادتها يحملون متباهين هويات دينية وباسماء وانتماءات مذهبية اسلامية. مشاريع هذه الاحزاب الدينية وسلوكها وممارساتها لا تنم ولا تحمل هموم الترابط الروحي مع ملكوت السماء، فهم لا يدعون الى السير في هدى تعاليم الدين الحنيف وتربية النفس البشرية بقيم واخلاق ووصايا الله.... وانما الامور الدنيوية للبلاد هي التي استقطبت وتستقطب جل اهتماماتها ونشاطاتها اليومية من قبيل تشكيل الاقاليم ... وتنظيرالديمقراطية التوافقية، اصبحوا خبراء في شوؤن الطاقة وقانون النفط والغاز، يتبادلون التهم في شرعنة الفساد الاداري والمالي، وسرقة النفط، والوقوف وراء المفخخات والتفجيرات وكواتم الصوت للاغتيالات، واسقاطات سياسية الخ. لقد حولت هذه الاحزاب خطب الجمعة الى بلاغات سياسية، اذ يتناول امام الجمعة في خطبته موقف حزبه السياسي من قرارات مجلس الوزراء.. والنواب.. والقضاء.. والصحوات...الخ، يحذرهذه الجهة وينتقد تلك، ويتدخل في شئون الحكومة العراقية ويقيم الموقف السياسي لدول الجوار، وتبقى لغة الموعظة " السياسية" هذه دائما مشبعة بنبرة العداء الطائفي ومحذرا بالعواقب وانهيار الوضع الامني!. بسبب هذه الممارسات الهجينة والغريبة لرجال الدين المتحزبين في دور العبادة، اطلق البعض عليهم تسمية احزاب الاسلام السياسي . الا ان تضارب المصالح المادية الذاتية لنخب هذا الاسلام السياسي ادى الى انشطاره والى تعمق واتساع الهوة بين مكوناتها، ادى الى ظهور اتجاهات تفاضلية (حداثوية!) منها على سبيل المثال، المعتدل والمحافظ والمتعصب والمتطرف والسلفي والصوفي والصفوي...الخ. نتسائل هنا، اهي مناهج جديده في الدين الاسلامي من نتاج مدارس جديدة للاجتهاد... اهومفهوم جديد للدين الاسلامي؟، اهي صياغة جديدة للدين الاسلامي؟، هل هي قرائة جديدة للدين الاسلامي؟، كيف تفسرالملحمة الانسانية التي اطلقها وتصدرها رئيس احد احزاب الدعوة في العراق وفي نفس الوقت رئيس تحالف شيعة العراق، ابراهيم الجعفري الذي اغرق البرلمان بدموعه على اثر سقوط عدد من الشهداء(الشيعة) في البحرين، في حين نراه واحزابه ملتزمين الصمت امام سقوط الاف الشهداء(السنة) في سورية؟ . ان تعددية احزاب الاسلام السياسي ما هو الا انتهاك وتجاوز وخرق للقيم السماوية الربانية التي شرعت الدين الاسلامي في كتاب واحد يحمل اسم القرآن (الكريم)، ان تاسيس عشرات الاحزاب الاسلامية المحلية والاقليمية والدولية ما هو الا خروج عن صراط الدين الاسلامي الحنيف والاختفاء تحت يافطته المقدسة للمتاجرة بتعاليمه . دينكم ديناركم ، نسائكم قبلتكم ... هذا ما قاله الامام علي ابن ابي طالب عليه السلام لكل من ينتحل صفة المؤمن ويستغل الدين لتحقيق مآربه الشخصية. الدين الاسلامي، شانه في ذلك شان جميع الاديان السماوية، هو سلوك وممارسة وليست عمائم وخطب واطلاق اللحى.
ان البراهين والحقائق التي نستند اليها لكشف هشاشة انتماءات احزاب الاسلام السياسي الى فلسفة الدين السماوي التوحيدي وزيف ولاءاتهم الى المذاهب الدينية كثيرة وكثيرة جدا، كيف نفسرمثلا تشكيل لجنة مشتركة في عام 2011 من الوقف السني والوقف الشيعي لاسترجاع المساجد والجوامع (دورعبادة الله) التي استحوذ عليها (سرقها) كلا الوقفين من الوقف الاخرقبل اربعة سنين بعيد تفجير مرقدي الامامين العسكريين في سامراء؟!!!. بم وكيف يمكن تبرير التزوير والاحتيال والمتاجرة والرشاوي في توزيع حصص الحجيج الفائزين والمستحقين في حج بيت الله الحرام؟، انه عار ما بعده عار في جبين القائمين بها والساكتين عنها.
صرح اثنين من المؤمنين القياديين من حزبين اسلاميين غداة وصولهما المكة المكرمة لاداء فريضة الحج لمراسل فضائية العراقية وهما جالسين في جانب من الحرم المقدس ومرتدين ملابس الحجيج استنكارهما لمسالة اعلان الاقاليم التي تقف ورائها فلول صدام، وباركا موقف المالكي من هذه المسالة... الخ من تنظيرات سياسية وكانهم في محفل دردشة سياسية في البرلمان او حملة انتخابات... متناسين من انهم متواجدين في الحرم الشريف لاداء فريضة الحج، وليس لغرض المناقشة والتعليق على موضوعة الاقاليم وتبريرالاعتقالات العشوائية في محافظة الانبار، واقصاء تدريسيين من الجامعة...الخ !. يبدو ان السيدين المعنيين، الدكتوران الحاجان لا يفرقون بين قبة البرلمان في المنطقة الخضراء و قبة الحرم الشريف في المكة المكرمة ، فالاثنتين سيان ... المهم عدسة كاميرا وظهور على الفضائية وترويج الـ انا .
 
بعد هذا العرض السريع والمكثف لواقع الحياة السياسية في العراق وطبيعة تشكيلاته الحزبية ومنظومة المؤسسات الدينية فيها، يتجلى لاي باحث مستقل مسلح بالادوات العلمية الاكاديمية المنطقية للتحليل، من ان المحتل الامريكي وحلفائه نجحوا خلال السنوات الخمس ـ الست الاولى من غزوهم العراق في استكمال تدميرالمتبقى من عهد الطاغية صدام. لقد نجحوا بامتياز تدميرالبنية الفوقية للقيم الاجتماعية ـ الانسانية ـ الفكرية ـ الحضارية بذريعة ارساء الديمقراطية. وعلى اطلاله افلحوا في غرس بنية تحتية لدولة تتحكم في مصيرها عصابات (احزاب)، مسلحيها بين الحين والاخر يعتبرون خارجين عن القانون (مرتزقة)، وقبيل مغادرة قطعاتهم العراق تم اعادة تاسيس مرجعيات قضائية ومحاكم من تراث قريش ( القبائل والفصل العشائري ) الى جانب تدميرجذري لكيانات المؤسسة العسكرية والامنية، واخيرا وليس آخرا استحوذوا الرئة التي يتنفس منها العراقيين ... الثروة النفطية. لقد اضمحل صيرورة الوجه الحضاري للعراق الذي كان واعدا بمواصلة النمو والتطور والازدهار، وتم الاستيعاظ عن ما انقرض بمنافقين جهلة، ظلاميين قتلة، راسمالهم الفكري عمامة ولحية ومحبس شذر!.
انقل اليك عزيزي القارئ جملة من مقابلة تلفزيونية اجرتها اليوم (السبت المصادف 4 كانون الثاني 2012 ) فضائية العراقية الشبة الرسمية مع رئيس التيار السلفي ـ رئيس هيئة افتاء اهل السنة والجماعة في العراق... ساله الصحفي المحاور
من هم الكفار في نظر تياركم السلفي؟، وجاء ضمن الاجابة .... بالنسبة لنا المسيحيون واليهود واصحاب الديانات الاخرى كفار، لانهم لم يدخلوا الاسلام!!!. صرح قبل ايام السيد نوري المالكي رئيس مجلس الوزراء ورئيس حزب الدعوة (احد الاحزاب الاسلامية الشيعية العريقة في العراق) ترحيبه بقرار التيار السلفي في الدخول في العملية السياسية. فالتيار السلفي اذن الذي يكفر مليون عراقي من مسيحيين وصابئة وازيديين امام عدسة تلفزيون تسيطر عليه حزب الدعوة، يحتضنهم حزب الدعوة في العملية السياسية وعلى لسان رئيسه نوري المالكي!، وربما قد وعدهم بوزارة في حكومة الشراكة الوطنية !.
يا لبؤسكم
يا لتعاستنا
عذرا للشهداء اللذين حاربوا نظام صدام.
ويا اسفاه للضحايا التي احترقت وقودا لاحتفاء الحكومة بيوم الوفاء .
د. مهران موشيخ
النمسا
6 شباط 2012